• الموقع : مؤسسة التقى الثقافية .
        • القسم : خارج الأصول (التزاحم) .
              • الموضوع : 7- ان كان الامر بالمتضدين دائما 1- اذا علم عجزه عن الاهم 2- واذا علم عصيانه ــــ تصوير الوجه امكان الامر بالضدين حتى على تقدير عدم العصيان الاهم .

7- ان كان الامر بالمتضدين دائما 1- اذا علم عجزه عن الاهم 2- واذا علم عصيانه ــــ تصوير الوجه امكان الامر بالضدين حتى على تقدير عدم العصيان الاهم

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم

مباحث التزاحم

(7)

 

لغوية الأمر بالمهم مع قدرة المكلفين على الأهم

والحاصل: انه إنما يلغو الأمر بأحد المتعلَّقين([1]) مما كان لكل منهما الملاك مع اجتماع شروط ثلاثة:

الأول: ان يكون أحدهما أهم. الثاني: ان يعجز المكلف عن الجمع بينهما. الثالث: ان يكون كافة المكلفين قادرين على الأهم؛ فانه مع ذلك كيف يمكن أن يصدر الأمر بالمهم بناء على الامتناعي؟ فعليه يعود التزاحم في هذه الصورة إلى التعارض لكذب الأمر بالمهم حينئذٍ.

المناقشة: لا لغوية إذا علم المولى بانبعاث العبد عن الأمر المهم خاصة

ولكن قد يناقش ذلك: بان الأمر بالمهم والحال هذه ليس لغواً على إطلاقه وذلك فيما إذا علم المولى أو احتمل عصيان بعض المكلفين للأهم وانه لو لم يأمره بالمهم لما امتثله أيضاً فيكون قد فات على المولى غرضان ملزمان: غرض الأهم (وليس المولى هو السبب في تفويته بل عصيان العبد هو السبب لذا يستحق بذلك العقاب)، وغرض المهم وقد فوّته المولى بعدم أمره به فهو السبب([2]) في تضييعه إذ علم ان العبد سينبعث إليه لو أمر به.

لا يقال: كيف ينبعث العبد عن المهم ولا ينبعث عن الأهم؟ إذ يقال: ان عدم انبعاثه عن الأمر الأهم وانبعاثه عن المهم، أمر ممكن وواقع بل كثير الوقوع وذلك بحسب أغراض المكلف نفسه أو أهوائه وشهواته، وذلك كما لو كان عدواً شخصياً للغريق الأهم فرغم أمر المولى بإنقاذه إلا انه لا يمتثل لكنه لو علم بالأمر بالمهم (إنقاذ الغريق العادي) لامتثل مما لو لم يأمره به لما فعل. ومن الأمثلة المبتلى بها: ما لو أمره بالجهاد (الأهم) لعصى ولو أمره بالمهم (كالصوم المزاحم للجهاد أو بناء المسجد مثلاً) لفعل أو لو أمره بالإنفاق على زوجته لعصى ولو أمره بالإنفاق على والديه لفعل (في فرض قدرته على الإنفاق اما عليهما أو عليهما فقط).

والحاصل: ان المولى إذا لاحظ اغراضه الملزمة وكان المهم ملزماً في حد ذاته وجب عليه الأمر به إذا رأى عبده يطيع خصوص هذا الأمر وإن عصى الأمر الأهم.

واما إشكال انه كيف يجمع المولى بين الأمر بالضدين فله أجوبة منها: ان الممتنع هو الأمر بكل منهما بشرط شيء وليس الأمر بكل منهما لا بشرط، وبعبارة أخرى: فرق بين الأمر بالجمع بين الضدين وبين الأمر بالضدين؛ فان الأمر بالجمع بينهما محال دون الأمر بهما، وسيأتي له مزيد توضيح بإذن الله تعالى.

الترتب بناء على الإمكان، ليس من التعارض

واما الترتب بناء على إمكانه وانه يصح ان يأمر المولى بالمهم معلقاً على عصيان الأهم أو على العزم على عصيانه، بأن يقول له في أول وقت الصلاة: أزِل النجاسة فإن عصيت أو إن عزمت على العصيان فصلِّ، فانه لا مجال للريب في كونه من التزاحم وانه ليس من التعارض بوجهٍ؛ فانه وإن صح انه إذا أتى بالأهم فلا أمر يتوجه إليه بالمهم، لكن ذلك لعدم إطلاق أمر المهم وعدم شموله لهذه الصورة لا لعدم وجود ملاك له ولا لكذبه سنداً، واما إذا عصى الأمر بالأهم فالأمر بالمهم ثابت حينئذٍ([3]) من غير فرق بين أن نقول ببقاء الأمر بالأهم أيضاً كما هو الصحيح إذ الأمر لا يسقطه العصيان (إلا إذا سلب العصيانُ القدرةَ أو سبّب زوال الموضوع فانه يخرج عن محل البحث إذ الكلام ان العصيان بما هو هو مع استجماع الأمر سائر الشرائط ومنها القدرة وحفظ الموضوع، ليس من مسقطات الأمر) أو ان نقول بعدم بقائه حينئذٍ، وعلى أي فمع بقاء الأمر بالأهم حين العصيان فكلا الأمرين ثابت فلا تكاذب ومع زوال الأمر بالأهم فلا تكاذب سندياً أيضاً إذ إطلاقه هو المنحسر فقط.

الفرق بين عدم انعقاد الإطلاق للعام وعدم انعقاده للمهم

ومنه يظهر الفرق بين عدم انعقاد الإطلاق في العام المبتلى بالمخصص أو العام من وجه المبتلى بالحاكم، وبين عدم انعقاد الإطلاق لأمر المهم قبل عصيانه للأهم أو مع عزمه على عصيانه (أو حتى بعده على الامتناع) فان عدم انعقاد الإطلاق في المتعارضين لعدم الملاك في أحدهما (ويكفي عدم إحرازه) مع انه قد يكون قادراً على كليهما وعدم انعقاد الإطلاق في المتزاحمين إذا كان أحدهما أهم هو مع وجود الملاك في كليهما وان الحكم لم يشمل هذا المكلف لعجزه وعدم قدرته، وان التعارض يعود للتكاذب والتزاحم يعود للتدافع نظراً لعدم قدرة العبد على الجمع بينهما دون تكاذب بينهما.

التقارن: إمكان توجه الأمر للمهم في عرض الأمر بالأهم

وهذا مسلك ثالث يفوق مسلك الترتب في مدعاه: إذ:

الامتناعي يقول: لا أمر بالمهم أبداً حتى مع عصيان الأهم (وانما الأمر به مع العجز عن خصوص الأهم إذ القدرة شرط التكليف عقلاً).

والامكاني يقول: ان الأمر بالمهم ثابت بعد عصيان الأهم، وفي طوله.

أما مسلك التقارن فيرى: ان الأمر بالمهم ثابت في عرض الأمر بالأهم لا في طوله، أي حتى قبل عصيان الأهم وقبل العزم على عصيانه فانه يتوجه للمكلف أمران: أمر بالأهم وأمر بالمهم؛ وذلك نظراً لكون كل منهما حاملاً للغرض والمصلحة الملزمة، فيقتضي ذلك إنشاء الحكم على طبقها لكن بفارق ان المصلحة الملزمة للأهم أقوى جداً من المصلحة الملزمة للمهم، ولأجل هذا الفارق كان تركه للأهم مما يستوجب عليه العقاب إذ فوّت فارق المصلحة الملزمة بين الأهم والمهم ولم يكن تركه للمهم مما يستوجب العقاب إذ ربح بامتثاله المصلحة الأقوى، وتركه للمهم الموجب لتفويت مصلحته ليس باختياري ليعاقب عليه إذ الفرض عدم قدرته على امتثاله مع امتثال الأهم.

والحاصل: ان تفويت المصلحة الملزمة بالحد الأدنى (الثابتة في المهم والأهم) بتركهما معاً، اختياري يستحق عليه العقاب، وكذا تفويت المصلحة العليا (الثابتة في الأهم) اختياري يستحق عليه العقاب لفرض قدرته على الإتيان بالأهم فلو فعل الأهم أحرز المصلحتين العليا وبضمنها الدنيا ولو فعل المهم حاز الدنيا دون العليا فاستحق العقاب على تفويت العليا.

وبذلك اتضح الفرق بين هذا الوجه (التقارن) وبين القول بإمكان الترتب فان هذا الوجه يذهب إلى وجود الأمرين (الأمر بالأهم والمهم) فعلاً في عرض الآخر وحتى قبل عصيانه واما القول بإمكان الترتب فيرى ثبوت الأمر بالمهم في طول الأمر بالأهم وبعد عصيانه.

الإشكال بان الأمر بالأهم يقتضي النهي عن ضده الخاص (المهم)

لا يقال: الأمر بالشيء يقتضي النهي عن ضده الخاص فالأمر بالأهم يقتضي النهي عن المهم فكيف يكون مأموراً به والحال هذه؟ وكيف يكون فعله طاعة وامتثالاً؟.

الجواب: أولاً بنفي الاقتضاء

إذ يقال: أولاً: الأمر بالشيء لا يقتضي النهي عن ضده الخاص، على ما حُقق في محله.

ثانياً: سلّمنا، لكنه غير ضار كما سيأتي غداً بإذن الله تعالى.

 

وصلى الله على محمد وآله الطاهرين

 

عن أبي حمزة الثمالي قال: قال لي أبو عبد الله عليه السلام:  ) أُغد عالما أو متعلما أو أحب أهل العلم، ولا تكن رابعا فتهلك ببغضهم (

 ‌الكافي، ط الإسلامية: ج1 ص34.

([1]) أو فقل (يلغو الأمر بالمهم من المتعلقين) وعليه فلا حاجة للشرط الأول لأنه مستدرك ومستبطن فيه.

([2]) أي جزء السبب أو هو العلة المعدة، لوضوح ان السبب هو إهمال المكلف وإطاعته أهواءه مثلاً إلا ان عدم أمر المولى قد يكون علة معدّة.

([3]) حسب من يرى إمكان الترتب.

 


  • المصدر : http://www.m-alshirazi.com/subject.php?id=2869
  • تاريخ إضافة الموضوع : الثلاثاء 2/ ربيع الاول/ 1439هـ
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 15