• الموقع : مؤسسة التقى الثقافية .
        • القسم : البيع (1438-1439هـ) .
              • الموضوع : 218- هل اسماء المعاملات موضوعة للصحيح او الاعم ؟ واصالة الصحة في العقود - العناوين العشرة: الوجود والعدم، الصحة و الفساد، الحسن والقبح، الكمال والنقص، التمام والنقص .

218- هل اسماء المعاملات موضوعة للصحيح او الاعم ؟ واصالة الصحة في العقود - العناوين العشرة: الوجود والعدم، الصحة و الفساد، الحسن والقبح، الكمال والنقص، التمام والنقص

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم

(218)

 

هل العقود حقيقة في الصحيح أو الأعم؟ وهل الأصل فيها الصحة أو الفساد؟

هل ألفاظ المعاملات بالمعنى الأعم (الشامل للعقود والإيقاعات) موضوعة للصحيح منها أو للأعم فإن كانت موضوعة للصحيح منها فإطلاقها على الفاسد مجاز ولا يصح التمسك بإطلاق ما وردت ألفاظها فيها باعتبارها موضوعاً للحكم الشرعي، لنفي ما شك في مدخليته في صحتها، وإلا كان حقيقة، وقبل تحقيق الحال في ذلك لا بد من الإشارة إلى مطالب:

هل هذه المسألة أصولية أم من القواعد الفقهية؟

الأول: ان هذه المسألة هل هي من القواعد الفقهية أو من المسائل الأصولية؟ أو غير ذلك؟ الأمر مرتهن بالمختار من الضوابط في الفارق بين المسألتين وهي ثمانية حسبما استقرأناه في أول مبحث قاعدة الإلزام على الخلاف فيها، ونكتفي اليوم بالإشارة إلى احدها وسنذكر غيرها غداً بإذن الله تعالى وهو الفارق بين المسألة الفقهية والأصولية والقواعد الفقهية بحسب نطاقها واطرادها وامتدادها وعمومها لكل أبواب الفقه أو اختصاصها ببعضه، وهو ان المسألة الأصولية هي ما كانت مطردة منتجةً في كافة أبواب الفقه فكانت سيّالة عامة النفع بدءً من الطهارة وحتى الديات من غير فرق في ذلك بين الدليل كخبر الثقة والأصل كالبراءة فانها تجري في الفقه كله.

واما المسألة الفقهية فهي خاصة ببعضِ بابٍ من الأبواب أو إحدى مصاديقه كوجوب جلسة الاستراحة مثلاً والدليل عليها.

وأما القاعدة الفقهية فهي أمر بينهما أي ما كانت نافعة في عدة من الكتب أو الأبواب الفقهية.

وعلى حسب هذا الضابط فان هذه المسألة تكون من القواعد الفقهية: أي مسألة أصالة الصحة أو الفساد في العقود من حيث الشك في شرطية أمر أو جزئيته وقيديته أو مانعيته لا من حيث الشك في المصداق الخاص من حيث الصحة والفساد بعد الفراغ عن تحديد الشروط وغيرها، اما مبحث ان أسماء المعاملات هل هي موضوعة للصحيح منها أو للأعم، فهي من المبادئ التصديقية لذلك، فلا بد من التفريق بين المسألتين، وقد حققنا ذلك في بعض المباحث فراجع([1]).

تسلسل بحث  الشيخ في البيع

الثاني: ان الشيخ (قدس سره) ابتدأ كتاب البيع بذكر تعريفاته والمناقشة فيها، وضمنّها بحثاً عن الحقوق وصحة المعاوضة عليها ونقلها وانتقالها أو إسقاطها وشبه ذلك، كما ضمنّها فوارق البيع عن مثل الهبة المعوضة والصلح وشبهها مما كان تمليكاً بعوض، ثم انتقل إلى كلام الشهيد في ان البيع وسائر العقود حقيقة في الصحيح لا الأعم فهي مجاز في الفاسد وذلك كتمهيدٍ لتحقيق انه كيف يمكن التمسك بإطلاقات أدلة البيع وغيرها لنفي كل ما شك في شرطيته فيه أو كونه قيداً أو جزءاً أو مانعاً.

كلام الشهيد: العقود حقيقة في الصحيح منها فقط

قال الشيخ: (ثمّ إنّ الشهيد الثاني نصّ في «كتاب اليمين» من المسالك على أنّ عقد البيع وغيره من العقود حقيقة في الصحيح، مجاز في الفاسد؛ لوجود خواصّ الحقيقة والمجاز كالتبادر وصحّة السلب. قال: ومِن ثَمّ حُمل الإقرار به عليه، حتى لو ادّعى إرادة الفاسد لم يسمع إجماعاً، ولو كان مشتركاً بين الصحيح والفاسد لَـقُبِل تفسيره بأحدهما كغيره من الألفاظ المشتركة، وانقسامه إلى الصحيح والفاسد أعمّ من الحقيقة، انتهى.

و قال الشهيد الأوّل في قواعده: الماهيّات الجعليّة كالصلاة والصوم وسائر العقود لا تطلق على الفاسد إلّا الحجّ؛ لوجوب المضيّ فيه، انتهى. وظاهره إرادة الإطلاق الحقيقي)([2]).

تلخيص الوالد لكلام الشيخ

ولخصّ السيد الوالد البحث تبعاً للميرزا النائيني بقوله: (ثم ان الشهيد الثاني (قدس سره) جعل العقود حقيقةً في الصحيح مجازاً في الفاسد، وقد تبع بذلك الشهيد الأول (قدس سره) وظاهرهما أن الأمر كذلك في الإيقاعات.

وأورد عليهما الشيخ (قدس سره) وغيره تبعاً لصاحب الحاشية بأن ذلك اعتراف بالحقيقة الشرعية والمشهور عدمها؛ حيث ان المعاملات امضائيات، ويستلزم عدم صحة التمسك بالعمومات والإطلاقات في موارد الشك لأنه يكون من التمسك بالعام في الشبهة المصداقية مع أن العلماء يتمسكون بهما فيها)([3]).

الطوارئ العشرة على المعاملات

الثالث: ان الطوارئ على المعاملات هي عشرة: الوجود والعدم، والصحة والبطلان، والتمام والنقص، والكمال والنقص، والحسن والقبح.

والبحث دائر بين العناوين الأربع الأولى دون الأخيرات. توضيحه:

انه تارة يشك في وجود البيع وعدمه لا في صحته أو فساده بعد الفراغ عن وجوده، وذلك كما لو باع الغاصب المال المغصوب فهل هو بيع أم لا؟ أي هل وجد البيع أم لا بل هو مجرد صورة بيع، أو هو بيع لكنه فاسد؟ وكذلك لو باع حق الاختصاص أو سائر الحقوق كحق الطبع أو حق القصاص؛ إذ وقع الخلاف في صحة بيع الحقوق مطلقاً وعدمها مطلقاً أو التفصيل كما فصلناه في بحث الحقوق، وكذلك الحال في بيع الفضولي أو بيع ما لا يتمول لِقِلّته أو لخِسّته، وكذا لو أوقع طلاق الثلاث بناء على القول ببطلان إذ فيه قولان: البطلان أو وقوعه طلقةً واحد حسب الروايات المختلفة في ذلك، فيقع البحث في انه وجد البيع أو لا هذا على مبنى؟ وعلى مبنى آخر انه قد وجد لكن هل هو صحيح أو باطل فاسد؟.

وتارة أخرى يشك في صحة البيع وفساده بعد الفراغ عن وجوده([4]) كبيع المصحف للكافر أو البيع المعلق غير المنجز، وكالأمثلة السابقة أو بعضها.

وتارة ثالثة يكون البحث عن التمام والنقص، فمثلاً: لو ظهر ان بعض المبيع ليس ملكاً للبائع([5]) فهو ناقص فللمشتري خيار تبعض الصفقة، أو لو فقد شرطاً مصرحاً به أو مبنياً عليه العقد فله خيار تخلف الشرط، وهما من آثار العقد الناقص.

ورابعةً يكون البحث عن الكمال والنقص، كبيعه أرخص وتوفيته المكاييل، فانه أكمل من بيعه بقيمته أو بالأغلى منها، أو بيعه وهو على وضوء، والأول كمال ذاتي أي ذاتي للعقد، والثاني كمال عرضي.

وخامسةً يكون البحث عن الحُسن والقبح: كمعاملة الادنين فانها مكروهة قبيحة، وقد يمثل له بالقصاب والخياط إن قيل بكراهة نفس المعاملة لا مجرد كراهة اتخاذها حرفة.

وهذه العناوين بعضها فقهية ككل ما تضمن حكماً شرعاً حتى الاستحباب أو الكراهة، وبعضها أخلاقية ترتبط بكتاب العشرة كبعض مراتب كمال العقود، وللبحث صلة بإذن الله تعالى.

وصلى الله على محمد وآله الطاهرين

 

قال الإمام الرضا عليه السلام: ((انَّ لِكُلِّ امامٍ عَهْداً في عُنُقِ أوْلِيائِه‌ وَشيعَتِه‌ وَانَّ مِنْ تَمامِ الْوَفاءِ بِالْعَهْدِ زِيارَةُ قُبُورِهِمْ فَمَنْ زارَهُمْ رَغْبَةً فى زِيارَتِهِمْ وَتَصْديقاً بِما رَغِبُوا فيهِ كانَ أَئِمَّتُهُمْ شُفَعائَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ)) من لا يحضره الفقيه: ج2 ص577.

([1]) كتاب المبادئ التصورية والتصديقية للفقه والأصول.

([2]) الشيخ الانصاري، كتاب المكاسب، الناشر: نشر آرموس (اسماعيليان)، قم، ج1 ص240.

([3]) السيد محمد الحسيني الشيرازي، الفقه/ البيع، ص41 -42.

([4]) وذلك مبني على وضعه للأعم كما لا يخفى.

([5]) لكونه ملكاً للغير أو لكونه مما لا يصح بيعه كالوقف.

 


  • المصدر : http://www.m-alshirazi.com/subject.php?id=2836
  • تاريخ إضافة الموضوع : الاحد 1 صفر 1439هـ
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 15