• الموقع : مؤسسة التقى الثقافية .
        • القسم : التعارض - التعادل والترجيح (1438-1439هـ) .
              • الموضوع : 251- تفصيل ورود الامارات على الاصول 1- ورود الامارة على الاستصحاب 2- ورود الامارة على التخيير .

251- تفصيل ورود الامارات على الاصول 1- ورود الامارة على الاستصحاب 2- ورود الامارة على التخيير

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
مباحث التعارض: (التعادل والترجيح وغيرهما)
(251)


أولاً: ورود الإمارة على أصل الاستصحاب
وقد سبق البحث عن ذلك مفصلاً وملخصه مع إضافة، أن الأمر مبتنٍ على المعنى المراد من الشك في صحاح زرارة مثل قوله عليه السلام (فَلَيْسَ يَنْبَغِي لَكَ أَنْ تَنْقُضَ الْيَقِينَ بِالشَّكِّ أَبَدا)[1] إذ يحتمل في (الشك) أحد الأمور التالية: (الحيرة) كما صار إليه الشيخ أو (الجهل) أو (عدم الحجة) أي (باللاحجة)
 وكل منها يحتمل فيه أن يكون متعلَّقُه: الحكم أو الوظيفة أو الدليل[2] ، أو يقال بأنه أعم من الثلاثة لأن حذف المتعلق يفيد العموم.
كما يحتمل أن يكون المراد من الشك: (الشك العقلي) أو (العرفي) أو (النفسي) بأن يفسر بالحالة النفسية الخاصة.
ولعل ظاهر الشك أو منصرَفه لأن اطلاقه هو الشك العقلي، وظاهر الحيرة أو منصرفها هو الحيرة النفسية، والأصح: أن ظاهر كلا اللفظين (الشك والحيرة) هو العرفي، والعقلي قد يكون عرفياً وقد لا يكون، أما العرفي فإن أريد به العرف العام وكان منشؤه الفطرة كان عقلياً وإلا كانت النسبة من وجه، وقد فصلنا الكلام عن فطرية بناء العقلاء والاحتمالات الاخرى في المنشأ في بنائهم في بحث عقد الخلو فراجع.
والتحقيق: ان الشك أخذ موضوعاً في الرواية فلا وجه لتفسيره بغيره ثم إدارة البحث والأحكام مداره وقد فصلنا ذلك سابقاً فتدبر.
ومن الواضح ان (الشك في الحكم الواقعي) لا يرتفع حقيقة بمجئ الامارة الظنية فالامارة حاكمة عليه[3]، اما (الشك  في الحجة) فيرتفع حقيقة بمجيئها اذ الفرض قطعية حجيتها وان كانت دلالتها ظنية ، كما سبق ، فالامارة واردة عليه، وأما (الشك في الوظيفة) فسيظهر حاله مما سيأتي.
 كما ان الشك العقلي لا يرتفع بمجئ الامارة عكس الشك العرفي فعلى الاول الامارة الحاكمة عليه وعلى الثاني واردة
هذا كله في الأصل النقلي ، وأما العقلي (أو العقلائي) فالموضوع أعم من الجهل والحيرة وغيرهما إذ لا فرق في الغلبة التي هي منشأ الظن النوعي بالبقاء، بين ذلك كله حتى لو فرض عدم القول بمساواتها فكيف لو قيل بها أو بالترادف.
ثم انه لا فرق في ذلك كله بين القول بأن الاستصحاب اصل محض أو اصل تنزيلي أو أمارة، فانه على كل التقادير محكوم او مورود عليه.
 

ثانياً: ورود الأمارة على أصل التخيير
وملخص القول هو: أن  (الأمارة) ترفع (التحير في الحجة) واقعاً، فهي واردة على أصل التخيير، وترفع (التحير في الحكم)[4]  تنزيلاً فهي حاكمة، وأما (التحير في الوظيفة) فلا مجال له إلا بعد فقد الأمارة فمع وجود الأمارة لا تصل النوبة للشك في الوظيفة كي تكون الأمارة رافعة لها أما للحكومة والورود
إلا أن يقال: إنه إذا جهل الحكم فقد جهل الوظيفة بالتبع، فحيث أزالت الأمارة الجهل بالحكم (حكومة أو وروداً) أزالت الجهل بالوظيفة قهراً، فكانت من باب السالبة بانتفاء الموضوع، ولكن حيث كان المزيل (وهو الامارة) بعناية التعبد ، كان من الورود.
وقد يقال إن (الأمارة) متقدمة على (التحير في الوظيفة) بالتخريج ، والتخريج هو كما سبق: (أن يزيل أحد الدليلين موضوع الدليل الآخر حقيقةً ، تكوينا وفرقه عن (الورود) أن الورود (يزيل موضوع الآخر حقيقة، تعبداً).
وعليه: فلابد في التخريج من ان يكون الدليل قطعياً.
وأما فرقه عن (التخصص) فهو: أن التخصص خروج (فلم يكن داخلاً حتى يخرج) أما التخريج فإخراج للموضوع حقيقة بعد ان كان داخلاً، والمقام كذلك[5]، فتأمل.[6]
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
=================
عَنْ الإمام أَبِي جَعْفَرٍ (عليه السلام) قَالَ: (إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَعْلَمَ أَنَّ فِيكَ خَيْراً فَانْظُرْ إِلَى قَلْبِكَ فَإِنْ كَانَ يُحِبُّ أَهْلَ طَاعَةِ اللَّهِ وَ يُبْغِضُ أَهْلَ مَعْصِيَتِهِ فَفِيكَ خَيْرٌ وَ اللَّهُ يُحِبُّكَ وَ إِنْ كَانَ يُبْغِضُ أَهْلَ طَاعَةِ اللَّهِ وَ يُحِبُّ أَهْلَ مَعْصِيَتِهِ فَلَيْسَ فِيكَ خَيْرٌ وَ اللَّهُ يُبْغِضُكَ وَ الْمَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ)[7]
.................................................................
 

[1] - تهذيب ‏الأحكام  : (ج 1 ، ص 422)
[2] - أي فاحترت في الحكم أو في دليله أو في الوظيفة، أو جهلت ...
[3] - الاستصحاب .
[4] - أي الحكم الواقعي.
[5] - وقد مضى في الدرس (44) وغيره تفصيل الكلام عن التخريج فراجع.
[6] -  اذ الفرض ان الامارة ظنية السند او الدلالة فتقدمها حينئذٍ بالورود لا التخريج ، ولعله يأتي غداً مزيد توضيح.
[7] - الكافي : (ج 2 ، ص 127-128)

 


  • المصدر : http://www.m-alshirazi.com/subject.php?id=2770
  • تاريخ إضافة الموضوع : السبت 3 ذي الحجة 1438هـ
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 14