• الموقع : مؤسسة التقى الثقافية .
        • القسم : التعارض - التعادل والترجيح (1437-1438هـ) .
              • الموضوع : 244- فوارق الحكم الولوي عن الحكم الثانوي والمناقشات .

244- فوارق الحكم الولوي عن الحكم الثانوي والمناقشات

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
مباحث التعارض: (التعادل والترجيح وغيرهما)
(
244)


المناقشة: الوَلَوِي والثانوي كلاهما إما شخصي أو نوعي


ولكن يرد على الفرق الثالث بين الحكم الوَلَوِي والثانوي ان كلّاً من الحكم الوَلَوِي والحكم الثانوي قد يكون شخصياً مصبّه الشخص فيدور الحكم مدار وجود الملاك في الشخص وجوداً وعدماً وتكون الواسطة حينئذٍ واسطة في العروض والحيثية تقييدية، وقد يكون نوعياً مصبّه النوع فلا يدور مداره وتكون الواسطة واسطة في الثبوت لا العروض والحيثية تعليلية لا تقييدية.
فالوَلَوِي الشخصي: كنصب زيد قيِّماً على هذا الطفل لقدرته أو كفاءته فإذا فقدها سقط عن القيمومة.
والنوعي: كحكمه في الشؤون العامة من باب سنّ القانون، كما سبق مثاله.
والثانوي الشخصي: كـ(لا ضرر) الشخصي في الصوم.
والثانوي النوعي: كـ(لا ضرر) النوعي، الموجب للحظر على الجميع، فانه وإن لم يتحقق الملاك في شخص مّا لكنه يشمله الحكم، نعم لا يحكم به إلا الولي ولايةً كالفقيه فعدول المؤمنين إن قلنا بولايته وإلا فالعدول مباشرة كي لا تبقى مصلحة ملزِمةٌ معطلةً فتأمل([1]).
 

قد يكون مستند الوَلَوِي المنصب، عكس الثانوي


ومنها: ان الحكم الوَلَوِي قد يكون مستنداً إلى مصلحة أو مفسدة شخصية أو إلى مصلحة أو مفسدة عامة، وقد يكون لمجرد انه ولي له المنصب شرط عدم المفسدة فهو كمالك الدار له ان يتصرف فيها كما يشاء بفارق ان تصرفه غير مشروط بعدم المفسدة إلا إذا عُدّ إسرافاً أو تبذيراً أما تصرف حاكم الشرع ومطلق الولي فمشروط بعدم المفسدة وقد نشترط المصلحة وقد لا نشترط على الرأيين، فعلى عدم الاشتراط فهو شق ثالث.
أما الحكم الثانوي فهو من النوعين الأولين فقط على التوسعة كما سبق دون الثالث.
 

الحكم الوَلَوِي جزئي والثانوي كلي، والمناقشة


ومنها: ما قيل من ان الحكم الولوي جزئي اما الثانوي فكلي؛ فان الثانوي كـ"لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ فِي الْإِسْلَامِ"([2]) وهو كلي وأما الوَلَوِي فحكمه بالهلال أو طلاق هذه الزوجة مثلاً وهو جزئي.
لكنه غير تام إذ الوَلَوِي قد يكون جزئياً كما سبق، وقد يكون كليّا كما في "عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ وَ زُرَارَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عليه السلام) أَنَّهُمَا سَأَلَاهُ عَنْ أَكْلِ لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) عَنْهَا وَعَنْ أَكْلِهَا يَوْمَ خَيْبَرَ وَإِنَّمَا نَهَى عَنْ أَكْلِهَا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ لِأَنَّهَا كَانَتْ حَمُولَةَ النَّاسِ وَإِنَّمَا الْحَرَامُ مَا حَرَّمَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي الْقُرْآنِ"([3]) وكما في حكم الإمام علي (عليه السلام) بالزكاة على الخيل العتاق دينارين وعلى البراذين ديناراً وحكم الإمام الجواد (عليه السلام) بالخمس في إحدى السنين مرتين، فانها أحكام كلية وليست جزئية.
 

الحكم الوَلَوِي إجرائي عكس الثانوي، والمناقشة


ومنها: ما قيل من ان الحكم الوَلَوِي إجرائي عكس الثانوي.
ويتضح بطلانه من الجواب السابق فان الوَلَوِي على قسمين اجرائي وغيره وقد اتضحت أمثلته مما سبق، والكلي منه وإن كان يدعو للامتثال والاجراء فانه ليس بإجرائي بذاته فان القضية الحقيقية كذلك ولا تسمى بالاجرائية فانتبه.
الوَلَوِي موضوعي والثانوي محمولي، والمناقشة
ومنها: ما قيل من ان الحكم الوَلَوِي موضوعي والثانوي محمولي حكمي.
وهو باطل كسوابقه؛ إذ منه الموضوعي كمثال الهلال والطلاق ومنه المحمولي كأمثلة الخمس والزكاة والنهي عن أكل الحمر السابقة وكحكمه بوجوب الجهاد أو حرمة المعاهدة الدولية الكذائية أو شبه ذلك.
 

الحكم الوَلَوِي مؤقت


نعم الصحيح ان يقال: بان الحكم الوَلَوِي مؤقت عكس الحكم الأولي والقضايا الحقيقية ولو كانت المصلحة والمفسدة فيه دائمة، بنظر الشارع، لوجب ان يحكم فيه بنحو القضية الحقيقية لا أن يوكل أمرها للفقيه، فهو على هذا يشارك الحكم الثانوي في انه مؤقت إذ الثانوي يدور مدار بقاء الاضطرار أو الحرج أو الضرر أو شبه ذلك، وكذلك الحكم الوَلَوِي.
ومنه يظهر ان تقنين الأحكام الوَلَوِية كأحكام دائمة وإقرارها في الدستور أو في القانون الأساسي باعتبارها أحكاماً ثابتة، كالضريبة والحدود والجواز والجنسية واشتراط ان يكون رئيس الجمهورية أو الوزراء أو النواب، في البلد الإسلامي، من قومية معينة، ونظائر ذلك، خطأ فادح بل حرام بيّن ظاهر فانه من أظهر مصاديق الحكم بغير ما أنزل الله وقد قال تعالى: (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْكَافِرُونَ) و(وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ) و(وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ) ([4])
وقد فصلنا ذلك في موضع آخر.
 

تقسيم حكم الحاكم إلى حكم كاشف وحكم وَلَوِي


ثم ان بعضهم قسّم الحكم الوَلَوِي إلى قسمين:
الأول: الحكم الكاشف. والثاني: الحكم الوَلَوِي.
ومثّل للأول بحكم الحاكم بالهلال فانه مستند إلى كشفه للواقع من طريق من الطرق، ومثّل للثاني بحكم الفقيه بالجهاد إذ انه لا يستند إلى محض كاشفيته بل هو منشأ للواقع وصانع له.
وفرّع على ذلك ان حكم الفقيه الكاشف لا ينفذ إذا علم خطأه أو خطأ مستنده، أما حكمه الوَلَوِي فانه ينفذ حتى إذا علم خطأه أو خطأ مستنده كما لو علم بخطأ الفقيه في تشخيصه ان الظروف ظروف جهاد وأن الدولة الفلانية معادية تهمّ بالهجوم لو لم نبادرها بالهجوم الوقائي، فان على العامي الانقياد والالتزام، بل حتى على سائر الفقهاء، وعلّله بان تسويغ مخالفته إيقاع في مفسدة أعظم إذ لو جوزّنا مخالفته للمكلف إذا علم خطأه للزم ضعف جيش الإسلام وانكساره ومفاسده أعظم من مفاسد الامتثال لحكم الفقيه وإن أخطأ في تشخيص الموضوع وأحرزنا خطأه أو خطأ مستنده بالعلم.
والحاصل: ان المصلحة النوعية المزاحمة تقتضي الانقياد وإن كان فيه في حد ذاته المفسدة.
لكن هذا التقسيم باطل كالمفرّع عليه، وسيأتي ما فيه إضافة إلى انه مخالف للإجماع أو المشهور شهرة عظيمة إذ اطلقوا انه إذا علم خطأه أو خطأ مستنده لم ينفذ حكمه، بإذن الله تعالى.  

وصلى الله على محمد وآله الطاهرين

=======================


قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): "عَلَامَةُ النَّاصِحِ فَأَرْبَعَةٌ: يَقْضِي بِالْحَقِّ وَيُعْطِي الْحَقَّ مِنْ نَفْسِهِ، وَيَرْضَى لِلنَّاسِ مَا يَرْضَاهُ لِنَفْسِهِ، وَلَا يَعْتَدِي عَلَى أَحَدٍ" تحف العقول عن آل الرسول (صلى الله عليه وآله): ص18.

.............................................................

 

([1]) لجهات: منها: انه عاد للولاية النوعية. وفيه: انه مستندها وليس بها، ومنها: انه مع تشخيص المكلف للضرر النوعي فانه لا يحتاج إلى إعمال ولاية وحكم من أحدٍ. وكلاهما مورد نقاش وبحث وأخذ ورد متروك لمظانه.
([2]) ابن أبي جمهور الاحسائي، عوالي اللآلئ، دار سيد الشهداء (عليه السلام) - قم، 1405هـ، ج1 ص220.
([3]) ثقة الإسلام الكليني، الكافي، عدد الأجزاء: 8، دار الكتب الإسلامية – طهران، ج6 ص245.
([4]) سورة المائدة: آية 44-45-47.
 


  • المصدر : http://www.m-alshirazi.com/subject.php?id=2693
  • تاريخ إضافة الموضوع : الاثنين 18 شعبان 1438هـ
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 14