• الموقع : مؤسسة التقى الثقافية .
        • القسم : التعارض - التعادل والترجيح (1437-1438هـ) .
              • الموضوع : 243- بحث عن الحكم الولوي (الولائي) اقسامه، فوارقه عن الحكم الثانوي ونسبته الى الاحكام الاولية: الحكومة او التخصيص او؟ .

243- بحث عن الحكم الولوي (الولائي) اقسامه، فوارقه عن الحكم الثانوي ونسبته الى الاحكام الاولية: الحكومة او التخصيص او؟

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
مباحث التعارض: (التعادل والترجيح وغيرهما)
(
243)


التحقيق في نسبة الأحكام الولوية للأحكام الأولية الثانوية


وتحقيق الحال في نسبة الأحكام الولوية للأحكام الأولية والثانوية، وانها التخصيص أو الحكومة أو الجمع العرفي أو غيرها، متوقف على تحقيق الحال في الحكم الولوي وذلك في ضمن مطالب:

أقسام الحكم


الأول: ان الأحكام تنقسم إلى حكم أولي واقعي وحكم ثانوي وحكم واقعي ثانوي وحكم ظاهري وحكم وَلَوِي:
 

الحكم الأولي الواقعي والثانوي


والحكم الأولي الواقعي: ما جعل على الموضوع والعنوان بما هو هو([1]).
والحكم الثانوي: ما جعل على الموضوع بما هو مقيد بعنوان طارئ عليه كالاضطرار والإكراه والضرورة والحرج والعسر ومختلف جهات الأهم الواردة على المهم.
والحكم الظاهري: ما كان موضوعه الشك والجهل، فلم يجعل الحكم الظاهري على الموضوع بما هو هو ولا بما هو مقيد بأمر، بل انه إذا جهل حكمه فانه في مرتبة الظاهر محكوم بالبراءة أو الاحتياط أو الاستصحاب أو التخيير حسب مواردها.
 

الحكم الواقعي الثانوي


والحكم الواقعي الثانوي: كموارد قاعدتي الإلزام والإمضاء فان طلاق العامي من غير إشهاد باطل واقعاً وكذا إذا كان في طهر المواقعة أو كان فاقداً لسائر الشروط، لكن الشرع حكم بصحته ورتب عليه آثار الصحة الواقعية إذ للغير أن يتزوجها، فليس حكماً ظاهرياً إذ ليس موضوعه ولا ظرفه الشك بل اننا نعلم بفقده الشرائط وانه باطل واقعاً تبعاً لذلك، لكنه نافذ في حق من دان بمذهبهم واقعاً وتبين منه زوجته ثبوتاً لكنه مع ذلك ليس واقعياً أوّلياً إذ هو فاقد لملاكه وليس الأوّلي إلا واجد الملاك والشروط فهو واقعي ثانوي.
والحاصل: انه حكم مجعول على العنوان بما هو منسوب إلى أناس خاصين وهم من دان بمذهبهم وكذا من دان ببعض الأديان وهم أهل الكتاب، ونظيره التقية في الجملة.
 

الحكم الوَلَوِي


والحكم الولائي: وهو الصادر من المولى بما له من منصب الولاية، بشروطها وشروطه([2])، كولاية الحاكم الشرعي على طلاق الممتنع عن طلاقها إضراراً بها، بشروطه، وكحكم الأب في دائرة الغبطة على أولاده غير البالغين([3]).
وهو ليس حكماً ظاهرياً إذ ليس موضوعه الشك بل ولا ظرفه([4]) ولوجود ملاك له في الواقع([5]) عكس الظاهري، كما ليس حكماً أوّلياً كما اتضح من تعريفه، واما انه حكم ثانوي أو لا فسيأتي.
 

أقسام الحكم الوَلَوِي


الثاني: الحكم الولائي على أقسام: فانه إما على الأنفس وإما على الأشياء أو الأموال.
والأول: كولاية الأب على تربية أولاده وولاية الحاكم على السفيه والمجنون.
والثاني: كولاية الأب على أموال أولاده في إطار الغبطة كما سبق وولاية الولي على الوقف أو الوصي على الوصية أو الحاكم على أموال المحجور عليه لِسَفَهٍ أو فَلَسٍ.
كما انه ينقسم بتقسيم آخر إلى الولاية في شأن أو شخص خاص كهذا الطفل أو هذا الوقف، أو على شأن عام كحكم الحاكم الشرعي بالهلال أو حكمه على عموم الناس إذا قلنا بولاية الفقيه العامة بحدودها، ويندرج فيما سبق ولاية الحاكم والقاضي على إجراء الحدود والتعزيرات وشبهها.
وله تقسيمات أخرى لا يهمنا التعرض لها الآن([6]).
 

مشتركات الحكم الوَلَوِي مع الحكم الثانوي


الثالث: ان الحكم الولوي يشترك مع الحكم الثانوي في أن كليهما حكم واقعي وليس ظاهرياً، وأن لكليهما ملاكاً، وانهما مندرجان في باب التزاحم مع العناوين الأولية: إذ الضرر مثلاً مزاحم لمصلحة وجوب الصوم، وملاك حكم الحاكم بطلاق زوجة المضارّ مزاحم لملاك ولاية الزوج على الطلاق لكنه مزاحم أقوى يغلبه ويتقدم عليه، أما الحكم الظاهري فلا ملاك ثبوتياً له لذا لا يعد مزاحماً للحكم الواقعي ولا الثانوي، بل هو إما منجز أو معذر.
 

دعوى ان الوَلَوِي أخص مطلقاً من الثانوي


الرابع: انه قيل بان الحكم الوَلَوِي أخص مطلقاً من الحكم الثانوي، إذ ليس حكم الحاكم الشرعي بلا ملاكٍ، بل انه يلاحظ العناوين الثانوية الطارئة على الموضوعات فيحكم عليها تبعاً لذلك بخلاف حكمها الواقعي الأولي، كحكمه على المالك ببيع داره لمصلحة طريق المسلمين أو حكمه على خلاف "النَّاسَ مُسَلَّطُونَ عَلَى أَمْوَالِهِمْ"([7]) بالضريبة على شيء معين لأجل محدد، وعليه: فالحكم الولوي مخصص للحكم الأولي وليس حاكماً.
لكن الصحيح ان النسبة هي من وجه أو هي التباين وذلك لوجود فوارق كثيرة بين الحكمين: الولوي والظاهري كما سيأتي.
 

فوارق الحكم الوَلَوِي عن الحكم الثانوي


الخامس: الفوارق بين الحكم الولوي والثانوي كثيرة:
 

الوَلَوي إنشاء والثانوي إخبار


ومنها: ان الحكم الولوي إنشاء والحكم الثانوي من الفقيه، لا الشارع، إخبار.
توضيحه: ان الحكم الأولي والثانوي كليهما من إنشاءات الشارع لكنهما من إخبارات الفقيه فان الفقيه مخبِر وليس مُنشأ إذ ليس بيده التشريع بل هو مستنبط للحكم الشرعي والاستنباط إخبار عن حدس، والحاصل: انه بقوله مثلاً (تجب جلسة الاستراحة) مخبرٌ عن نظر الشارع الأقدس لا انه بما هو مولى يوجبها مُعمِلاً مقام مولويته.
أما الحكم الولوي فهو إنشاء من الفقيه لذا ينفذ حتى على سائر الفقهاء (إلا إذا علموا خطأه أو خطأ مستنده).
وعليه: فلو أخبر الفقيه عن الهلال كان كغيره من عامة الناس فانه لا حجية حينئذٍ لقوله إلا إذا أورث العلم أو الاطمئنان أو انضم إليه شاهد عادل آخر، أما لو حكم به نَفَذ دون الشرطين وأشباههما.
 

الوَلَوي بيد الفقيه والثانوي موكل للمكلف


ومنها: ما سبق من (فان الحكم الولوي مستند إلى الإمام، ثم إلى الفقيه على حسب القول بدرجات ولايته، أما الحكم الثانوي فموكَلٌ للمكلف)([8]) والمراد من (موكل للمكلف) ان تشخيصه موكل إليه، والمراد من (مستند إلى الإمام فالفقيه) ان إنشاءه مستند إليه أي انه هو الـمُنشأ له.
 

الثانوي حيثيته تقييدية والوَلَوي حيثيته تعليلية


ومنها: ما سبق من (ثم ان الحكم الثانوي يستند إلى حيثية تقييدية في المتعلَّق كالضرر للصوم، عكس الحكم الولوي فانه قائم بما للمولى من مقام السيادة والمولوية غاية الأمر ان ما في المتعلق من الجهات التي يلاحظها هي حيثية تعليلية لاصداره الحكم الولائي لا تقييدية)([9]).
وتوضيحه: ان الحيثية التقييدية هي ما دار الحكم مدارها وجوداً وعدماً وكانت من الواسطة في العروض واما التعليلية فلا يدور الحكم مدارها وجوداً وعدماً بل كانت من الواسطة في الثبوت، ويشهد لذلك ان الحكم الولوي في الشأن العام ملزم ونافذ حتى على من لا يشمله ملاكه فهو نوعي عكس الضرر الذي هو شخصي وملاكه ضرر الشخص من عدمه لا النوع.
وبعبارة أخرى: حكمه الولوي في الشأن العام من باب سنّ القانون فينفد على فاقد الملاك أيضاً ولذا يُمنع مثلاً من التجوال في الشوارع إذا فَرَضَ الفقيهُ الجامع للشرائط حظر التجول توقّياً مثلاً من نواصب إرهابيين يخشى أن يدهموا المدينة أو يقوموا بتفجيرات أو اغتيالات أو نحوها، فان الكل يمنع من التجوال وان كان مقطوعاً بانه ليس منهم، نعم الحكم الولوي الشخصي أي ما كان في الشأن الخاص على الشخص نفسه هو كالحكم الثانوي يدور مدار تحقق الملاك في الشخص نفسه. فتأمل([10]) وللبحث صلة بإذن الله تعالى.
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
=====================


قال الإمام الكاظم (عليه السلام): "مَنْ أَحَبَّ الدُّنْيَا ذَهَبَ خَوْفُ الْآخِرَةِ مِنْ قَلْبِهِ، وَمَا أُوتِيَ عَبْدٌ عِلْماً فَازْدَادَ لِلدُّنْيَا حُبّاً إِلَّا ازْدَادَ مِنَ اللَّهِ بُعْداً وَازْدَادَ اللَّهُ عَلَيْهِ غَضَباً"
تحف العقول عن آل الرسول (صلى الله عليه وآله): 399.

............................................................

([1]) أي مع كونه جامعاً للشروط فـ(بما هو هو) مقابل الحيثية التقييدية في الحكم الثانوي وليس مقابل الشروط أو عدم الموانع.
([2]) شروط الولاية وشروط صدور الحكم من المولى.
([3]) أو في دائرة عدم المفسدة، على الرأيين.
([4]) إلا في الجملة، فتدبر.
([5]) أو كونه قائماً بالولي، ولعله يأتي بيانه.
([6]) وسيأتي احدها حسب ما ادعاه البعض من انه كاشف أو ولوي، على بطلانه.
([7]) ابن أبي جمهور الاحسائي، عوالي اللآلئ، دار سيد الشهداء (عليه السلام) - قم، 1405هـ، ج1 ص222.
([8]) الدرس (242).
([9]) المصدر.
([10]) سيأتي وجهه بإذن الله تعالى.
 


  • المصدر : http://www.m-alshirazi.com/subject.php?id=2686
  • تاريخ إضافة الموضوع : الاحد 17 شعبان 1438هـ
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 14