• الموقع : مؤسسة التقى الثقافية .
        • القسم : التعارض - التعادل والترجيح (1437-1438هـ) .
              • الموضوع : 238- تمرين: نسبة أدلة حجية مطلق الظن مع ادلة حجية الظنون الخاصة ـ قاعدة جديدة (قبح العقاب بلا بيان ممن مِن شأنه البيان) ونسبتها مع اصالة الحظر .

238- تمرين: نسبة أدلة حجية مطلق الظن مع ادلة حجية الظنون الخاصة ـ قاعدة جديدة (قبح العقاب بلا بيان ممن مِن شأنه البيان) ونسبتها مع اصالة الحظر

 
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
مباحث التعارض: (التعادل والترجيح وغيرهما)
(238)
 
بحث تطبيقي – تمريني:
 
ولتمرين الطلاب الأفاضل على استخراج النسبة بين الأدلة والأصول أو الأدلة والأدلة أو الأصول والأصول نطرح السؤال التالي وهو:
 
النسبة بين أدلة حجية مطلق الظن مع الظنون الخاصة
 
ما هي النسبة بين الأدلة الدالة على حجية مطلق الظن والدالة على حجية الظنون الخاصة؟ فقد يجاب باختلاف لسانها فيجب ملاحظة كل منها على حِدة، فلنحدد السؤال بـ: ما هي النسبة بين ما دل على حجية خبر الثقة كـ(فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ)([1]) و(فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ)([2]) و( إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا)([3]) وبين دليل حسن ترجيح الراجح بل وجوبه وقبح ترجيح المرجوح بل حرمته الدال على حجية مطلق الظن من أي طريق حصل وبأية مرتبة كان إذ يدور الأمر بين إتباعه أو الوهم لأنه طرفه اللازم له ولا ريب في تعين الراجح لدى الدوران فيما كان المتعلق الوجوب أو الحرمة، فقد يجاب عن ذلك بانهما مثبتان ولا يقيد أحدهما الآخر – على مبنى معروف – ولكن لا يفي ذلك بالجواب عن آية السؤال والنبأ إذ ظاهر الآيتين ان الغاية أو الملاك هو العلم أو التبين فما الجواب؟ ثم ما نسبة دليل حجية الظن المطلق الآنف مع ما فيه الحصر مثل قول الرسول (صلى الله عليه وآله): "إِنَّمَا أَقْضِي بَيْنَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ وَالْأَيْمَانِ وَبَعْضُكُمْ أَلْحَنُ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ فَأَيُّمَا رَجُلٍ قَطَعْتُ لَهُ مِنْ مَالِ أَخِيهِ شَيْئاً فَإِنَّمَا قَطَعْتُ لَهُ بِهِ قِطْعَةً مِنَ النَّارِ"([4]) وهل يجدي الجواب بان الحصر إضافي بدليل القضاء بالإقرار واليد مثلاً أو لا بد من جواب آخر؟
 
بحث تطبيقي آخر: قاعدة (قبح العقاب بلا بيان ممن مِن شأنه البيان)
 
سبق البحث عن قاعدة قبح العقاب بلا بيان ونسبتها مع أصل الحظر أو الإباحة، وهنا نضيف بحثاً تطبيقياً آخر يجب التدبر فيه لتحديد النسبة بين الطرفين وهل هي الورود أو الحكومة أو التخصيص أو غير ذلك، وهو:
 
قواعد البراءة الثلاث
 
ان المعروف قاعدتان: قاعدة (قبح العقاب بلا بيان) العقلية وقاعدة (رفع ما لا يعلمون) النقلية، ولكن هنالك قاعدة ثالثة متوسطة بينهما وهي من المستقلات العقلية غير المحضة أو فقل من غير المستقلات العقلية وليست كالأولى من المستقلات العقلية المحضة ولا كالثانية من النقليات المحضة([5]) وهي ما يمكننا التعبير عنه بقاعدة (قبح العقاب بلا بيان ممن مِن شأنه البيان) ولنعبر عنها بقاعدة البراءة الثالثة في مقابل العقلية التي لنا أن نعبر عنها بالأولى والنقلية التي نعبر عنها بالثانية.
 
الفرق بين قاعدة البراءة العقلية وقاعدة البراءة الثالثة
 
وتوضيحها: ان البيان في قاعدة قبح العقاب بلا بيان العقلية المحضة، أعم من البيان العقلي والنقلي إذ لا فرق في حجج المولى إذا كانت مبيِّنة للحكم بين كونها عقلية أو نقلية فيقبح العقاب مع عدمهما معاً (عدم البيان العقلي والنقلي) ويحسن مع وجود أحدهما فانه بيان والفرض ان العقل حجة من باطن كما الشرع حجة من ظاهر.
وأما لو جرى دأب المولى وديدنه على البيان النقلي لكل حكم عقلياً كان أم لا بأن التزم بان يبين لنا نقلياً كل حكم ملزِم صادر منه وبأن لا يكتفي باستقلال العقل به وحكمه به، كما لعله صريح عدد من الروايات كقول الرسول (صلى الله عليه وآله) في حجة الوداع فقال: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ وَاللَّهِ مَا مِنْ شَيْ‏ءٍ يُقَرِّبُكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ وَيُبَاعِدُكُمْ مِنَ النَّارِ إِلَّا وَقَدْ أَمَرْتُكُمْ بِهِ وَمَا مِنْ شَيْ‏ءٍ يُقَرِّبُكُمْ مِنَ النَّارِ وَيُبَاعِدُكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ إِلَّا وَقَدْ نَهَيْتُكُمْ عَنْهُ أَلَا وَإِنَّ الرُّوحَ الْأَمِينَ نَفَثَ فِي رُوعِي أَنَّهُ لَنْ تَمُوتَ نَفْسٌ حَتَّى تَسْتَكْمِلَ رِزْقَهَا فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ وَلَا يَحْمِلْ أَحَدَكُمْ اسْتِبْطَاءُ شَيْ‏ءٍ مِنَ الرِّزْقِ أَنْ يَطْلُبَهُ بِغَيْرِ حِلِّهِ فَإِنَّهُ لَا يُدْرَكُ مَا عِنْدَ اللَّهِ إِلَّا بِطَاعَتِهِ"([6]) وكما لعله ظاهر قوله تعالى: (وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً)([7]) فان ظاهره – على مبنىً – هو رفع الله تعالى العقاب حتى عن مخالفة المستقلات العقلية([8]) لظهور الآية في الامتنان والامتنان هو في عدم عذابه تعالى الناس على مخالفة ما وصل عقلاً – تفصيلاً أو إجمالاً – إلا إذا أوصله نقلاً بالرسول، أما ما لم يصل عقلاً فكيف يعقل ان يعاقب عليه الله تعالى ليمتنّ علينا بانه لا يعاقب عليه إلا إذا بعث الرسول؟
والحاصل: ان (وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً) بهذه القرينة العقلية وبظهور كونه في مقام الامتنان دليل على ان العذاب مرفوع عن الأحكام العقلية مادام لم تصل بالرسول والنقل.
فإذا ثبت ذلك وقلنا به كانت هي الدليل على القاعدة الثالثة وهي (قبح العقاب بلا بيان ممن مِن شأنه البيان) أي البيان النقلي فهي أخص مطلقاً من قاعدة البراءة الأولى، فإذا كان شأنه – بالتزامه – البيان النقلي لكل واجب أو محرم حتى المستقلات، كما نشاهد ذلك خارجاً حيث وردت آيات أو روايات في كافة المستقلات العقلية، فلو لم يرد منه بيان نقلي فرضاً في مستقل عقلي دلّ ذلك على انه تعالى رفع العقاب عنه وإن كان محظوراً عقلاً، فبناء على تمامية ذلك – وتدبروا وتفكروا في صحته من عدمها – فما هي نسبة قاعدة البراءة الثالثة إلى أصالة الحظر العقلية الأولية المستندة إلى حق المملكة أو حق المملوكية الذاتية أو شبه ذلك؟
والجواب: هو انه لا شك في تقدمها عليها([9]) لكن هل للورود أو للحكومة أو للتخصيص.
 
هل الورود والحكومة بين أدلة القواعد أو بينها بأنفسها؟
 
فقد يقال بان اللازم الرجوع إلى دليل قاعدة قبح العقاب بلا بيان الثالثة لنحدد نسبته مع أصالة الحظر لا نفس القاعدة الثالثة، ولعله يجيء بحث كليّ ذلك لاحقاً من ان الورود والحكومة وشبههما هل هو بين الأمارة والأمارة الأخرى أو الأصل الآخر أو بين دليل الأمارة الأولى والأمارة الثانية أو الأصل الثاني.
وعلى أي فلو نقلنا البحث إلى دليل قاعدة البراءة الثالث ولنفرضه الآن (وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً) فهل نسبته مع أصالة الحظر المستندة إلى مثل حق المملكة أو حق المملوكية الذاتية أو حق الطاعة، وما نسبته إلى أصالة الحظر المستندة إلى وجوب دفع الضرر المحتمل؟ الحكومة أو الورود أو التخصيص أو غير ذلك؟
 
هل تجري الحكومة والورود في الأحكام الولوية والناسخة وشبهها؟
 
وتحقيق الجواب يعتمد على تنقيح بحث مبنوي آخر وهو ان الحكومة والورود وأشباهها هل تجري في الأدلة الدالة على الأحكام الولوية (الولائية) كإيجاب الإمام الجواد (عليه السلام) الخمس في سنة مرتين على شيعته وإيجاب الإمام علي (عليه السلام) الزكاة على الخيل العتاق دينارين والبراذين ديناراً وشبه ذلك؟ وهل تجري في الأدلة الناسخة لدليل آخر؟
وبعبارة أخرى: هل يعبر عن الحكم الولائي أو الناسخ بالحاكم أو الوارد أو غيرهما؟
وفيما نحن فيه فان الآية تفيد بظاهرها رفع العقاب لا رفع الحكم فهل يندرج ذلك في دائرة الحكومة أو الورود أو التخصيص أو ما أشبه؟ أم ان هذه العناوين خاصة بما يرفع الحكم ولو بلسان الناظرية أو شبه ذلك؟
فهذا بحث عام هام ينبغي تحقيق حاله وهو بعبارة أخرى: ما هو إطار وحدّ هذه العناوين وهل هي خاصة بما استثنى حكماً أو أزال موضوعاً كـ(لا شك لكثير الشك) فانه استثنى حكماً ودل على ان الموضوع منقسم إلى قسمين حدوثاً: الشك من الإنسان العادي وحكمه كذا ومن كثير الشك وحكمه كذا وإن كان الدال عليهما إثباتاً دليلان بلسانين وقد وردا متدرجين، أو انها تعم غير ذلك أيضاً مما المقام منه؟ فتدبروا وفكروا حتى البحث القادم.
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
======================
 
قال الإمام الصادق (عليه السلام): "إِنَّ الْعَمَلَ الصَّالِحَ ليَذهَب إِلَى الْجَنَّةِ فَيُمَهِّدُ لِصَاحِبِهِ كَمَا يَبْعَثُ الرَّجُلُ غُلَامَهُ فَيُفْرِشُ لَهُ ثُمَّ قَرَأَ (وَمَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلأَنفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ)([10])  "
الأمالي (للمفيد): ص195.
..................................................
 
 

  • المصدر : http://www.m-alshirazi.com/subject.php?id=2670
  • تاريخ إضافة الموضوع : الاربعاء 6 شعبان 1438هـ
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 14