• الموقع : مؤسسة التقى الثقافية .
        • القسم : التعارض - التعادل والترجيح (1437-1438هـ) .
              • الموضوع : 229- ثمرة اخرى لكون الاستصحاب والاحتياط اصلاً او امارة: الحكومة على الامارية والورود على كونها اصلاً .

229- ثمرة اخرى لكون الاستصحاب والاحتياط اصلاً او امارة: الحكومة على الامارية والورود على كونها اصلاً

 
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
مباحث التعارض: (التعادل والترجيح وغيرهما)
(229)
 
ثمرة أخرى في (الاحتياط) على كونه أصلاً أو أمارة
 
وهناك ثمرات أخرى تترتب على كون الاحتياط أصلاً أو أمارة:
فمنها: ان الأمارات، كخبر الثقة، واردة على الاحتياط بناء على كونه أمارة، ولكنها حاكمة عليه بناء على كونه أصلاً.
 
الأمارات حاكمة على الاحتياط بناء على كونه أصلاً
 
أما الحكومة بناء على كونه أصلاً، فلأن موضوعه ومجراه هو الشك الذي لا كشف فيه أصلاً، حسبما صرح به الشيخ في مجاري الأصول من أن موضوعها الشك وهو لا كشف فيه أبداً، كما سبق نقل كلامه، ومن الواضح ان خبر الثقة لا يزيل هذا الموضوع حقيقةً بل حكماً وهو معنى الحكومة؛ لوضوح([1]) انه مع تحقق العلم الإجمالي والشك في المكلف به فان الشك في المكلف به لا يزول حقيقة مع قيام خبر الثقة على ان قطرة الدم وقعت في الإناء الأول مثلاً أو لم تقع في الإناء الثاني؛ فإن الظن بأحد الطرفين لا يزيل الشك الأعم من الوهم فيبقى العلم الإجمالي والشك في كلا الطرفين على حاله حقيقة لكنه ينحل حكماً فالانحلال حكمي لا حقيقي، والشك لا يرتفع من أي طرف إلا بالعلم التفصيلي المخرج له من أطراف العلم الإجمالي.
 
الأمارات واردة على الاحتياط بناء على كونه أمارة
 
واما الورود بناء على كونه أمارة فلأن قوام الأمارية بالكاشفية ولو الضعيفة، فموضوع الاحتياط، بناء عليها، ليس الشك الصرف بل الشك المقيد بكونه ذا كاشفية ولو ضعيفة لكونه أحد طرفي العلم الإجمالي فهذا الشك هو المنجِّز لا الصرف وهو الموضوع لا المطلق، ومن البيّن انه مع قيام خبر الثقة لا يبقى موضوع للاحتياط المنجز إذ الاحتياط المنجز ليس موضوعه الشك المطلق بل المقيد بقيد الكاشفية وكاشفيته تزول بقيام الخبر على الخلاف فيكون وارداً عليه([2]).
ويدل على ان موضوع الاحتياط ليس الشك المطلق ان الاحتياط في الشبهة غير المحصورة غير لازم وان العلم الإجمالي غير منجز حينئذٍ مع بداهة أن الشك في كافة الأطراف موجود وإن كان ضعيفاً فانه مقترن بالعلم الإجمالي، وحيث قد يتوهم ان ضعف الاحتمال حينئذٍ هو الوجه في عدم التنجيز([3])، فالأولى التمثيل بما إذا كان أحد الطرفين خارج محل الابتلاء، فمنه يظهر ان موضوع الاحتياط ليس الشك الواقع في أطراف العلم الإجمالي فقط بل بقيود أخرى: منها ان لا تكون الشبهة محصورة ولا يكون الاحتمال موهوماً، ومنها أن تكون الأطراف محل الابتلاء، ومنها ما هو محل البحث في المقام وهو أن لا تقوم حجة على الخلاف.
وبعبارة أخرى: الكلام عن الاحتياط المنجز وليس عن الاحتياط المطلق وموضوعه ينتفي حقيقة بمجيء خبر الثقة لكن بعناية التعبد، وهذا معنى الورود.
لكن ذلك مبنى على أن يكون عدم الحجة على الخلاف جزء المقتضي وجزء الموضوع، إذ لو اعتبر مانعاً لكانت الحجة حاكمة لا واردة، فتأمل([4]).
والأولى: أن يقال: ان موضوع وجوب الاحتياط الموجب للتنجز عقلاً، والذي لا يعلم ان غيره كذلك لأن الدليل لبّي، هو (الشك الكاشف كشفاً مكافئاً لقسيمه) ومع قيام الخبر على أحد الطرفين تنتفي المكافأة وإن بقي أصل الشك مع نوع كشف، إذ ليس هذا هو الموضوع بل ذاك وقد زال حقيقة بالخبر فهو وارد عليه إذاً. فتأمل([5])
 
ثمرة أخرى في (الاستصحاب) على كونه أمارة أو أصلاً
 
كما هنالك ثمرات أخرى تترتب على كون الاستصحاب أمارة أو أصلاً:
ومنها: ان الظن الشخصي بالخلاف وارد على الاستصحاب بناء على كونه أمارة لكنه حاكم عليه بناء على كونه أصلاً:
 
الظن الشخصي بالخلاف وارد على الاستصحاب بناء على كونه امارة
 
بناء على كون الاستصحاب أمارة، فلأن حجيته حينئذٍ تكون من باب بناء العقلاء، وبناؤهم على حجيته إنما هو فيما إذا لم يقم الظن الشخصي على الخلاف ولا أقل من عدم معلومية بنائهم على الاستصحاب حينئذٍ، فعدم الظن الشخصي، كالنوعي، على الخلاف جزء موضوعه فإذا قام الظن الشخصي على الخلاف انتفى موضوع الاستصحاب حقيقة، وهو الورود إذ كان بعناية التعبد.
أو يقال: لأن حجيته([6]) إنما هي بقيد كاشفية مجراه وموضوعه ولو الضعيفة ومع قيام الظن الشخصي على الخلاف لا كاشفية له أبداً فليس جزء الموضوع وهو الكشف موجوداً، والظن الشخصي هو المزيل له، فهو وارد، وذلك كله مبني على تركب موضوع الاستصحاب من ثلاث أمور (الشك الملحوظ فيه الحالة السابقة مع كونه كاشفاً ولو ضعيفاً)([7]).
 
وهو حاكم إذا كان حجة، على الاستصحاب بناء على كونه أصلاً
 
وأما الحكومة بناء على كون الاستصحاب أصلاً فللاطلاق الدليل النقلي لأن مثل قوله (عليه السلام): "لِأَنَّكَ كُنْتَ عَلَى يَقِينٍ مِنْ طَهَارَتِكَ ثُمَّ شَكَكْتَ فَلَيْسَ يَنْبَغِي لَكَ أَنْ تَنْقُضَ الْيَقِينَ بِالشَّكِّ أَبَداً"([8]) يفيد التعبد بالاستصحاب، على حسب مسلك الشيخ، لا لجهة كاشفيته عن الواقع كما لا يختلف من جهة التعبد وجود الظن الشخصي على الخلاف وعدمه فكلا القيدين منتفٍ بإطلاق الرواية فلا يكون الظن الشخصي بالخلاف وارداً بل ولا حاكماً ولا متقدماً مطلقاً ، اللهم إلا إذا دل دليل مطلق على حجية الظنون المطلقة، كدليل الانسداد أو غيره، فان الظن الشخصي يكون حاكماً على الاستصحاب لا وارداً إذ لم يُزِل موضوعه حقيقة لأنه، على التعبد والاستناد إلى النقل، ليس موضوعه مركباً من أمرين ثانيهما عدم الظن الشخصي بالخلاف ولا مقيداً به ليكون وارداً؛ نظراً لإطلاق الصحاح الثلاث ونفيها لأي قيد ومنه قيد وجود الظن الشخصي على الخلاف سواء أكان معتبراً بدليل عام كالانسداد أو لا. فغاية ما يفيده دليل حجية الظن الشخصي، على فرض القول به، حكومته على الاستصحاب لا وروده عليه. فتأمل وتدبر. وللبحث صلة.
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
====================
 
  "رُوِيَ عَنْ أَبِي هَاشِمٍ الْجَعْفَرِيِّ أَنَّهُ قَالَ: أَصَابَتْنِي ضِيقَةٌ شَدِيدَةٌ فَصِرْتُ إِلَى أَبِي الْحَسَنِ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ (عليهم السلام) فَاسْتَأْذَنْتُ عَلَيْهِ فَأَذِنَ لِي، فَلَمَّا جَلَسْتُ قَالَ: يَا أَبَا هَاشِمٍ! أَيُّ نِعَمِ اللَّهِ عَلَيْكَ تُرِيدُ أَنْ تُؤَدِّيَ شُكْرَهَا؟ قَالَ أَبُو هَاشِمٍ: فَوَجَمْتُ فَلَمْ أَدْرِ مَا أَقُولُ لَهُ، فَابْتَدَأَنِي (عليه السلام) فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ رَزَقَكَ الْإِيمَانَ فَحَرَّمَ بِهِ بَدَنَكَ عَلَى النَّارِ، وَرَزَقَكَ الْعَافِيَةَ فَأَعَانَكَ عَلَى الطَّاعَةِ، وَرَزَقَكَ الْقُنُوعَ فَصَانَكَ عَنِ التَّبَذُّلِ. يَا أَبَا هَاشِمٍ! إِنَّمَا ابْتَدَأْتُكَ بِهَذَا، لِأَنِّي ظَنَنْتُ أَنَّكَ تُرِيدُ أَنْ تَشْكُوَ لِي مَنْ فَعَلَ بِكَ هَذَا، قَدْ أَمَرْتُ لَكَ بِمِائَةِ دِينَارٍ فَخُذْهَا" من لا يحضره الفقيه: ج4 ص401.
.............................................
 
 

  • المصدر : http://www.m-alshirazi.com/subject.php?id=2634
  • تاريخ إضافة الموضوع : الثلاثاء 13 رجب 1438هـ
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 14