• الموقع : مؤسسة التقى الثقافية .
        • القسم : التعارض - التعادل والترجيح (1437-1438هـ) .
              • الموضوع : 228- تفصيل وجه حجية بعض الظنون الشخصية على الانفتاح 1ـ في المرجحات غير المنصوصة 2ـ لدى الدوران ـ والضابط في الظن الشخصي والنوعي .

228- تفصيل وجه حجية بعض الظنون الشخصية على الانفتاح 1ـ في المرجحات غير المنصوصة 2ـ لدى الدوران ـ والضابط في الظن الشخصي والنوعي

 
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
مباحث التعارض: (التعادل والترجيح وغيرهما)
(228)
 
حجية الظن لا تستلزم خروجه عن كونه ظناً شخصياً
 
ويتضح كون الترجيح بالمرجحات غير المنصوصة (وكذلك ما سيأتي من الترجيح لدى الدروان بين المحذورين) من الظنون الشخصية وإن اعتبرت حجة في الصورتين، بالرجوع إلى الضابط في كون الظن شخصياً أو نوعياً؛ إذ به يتضح ان حجية ظن هي أعم من كونه ظناً نوعياً بل قد يكون مع كونه ظناً شخصياً حجة، فنقول: الضابط هو أحد أمرين:
 
الضابط في كون الظن شخصياً أو نوعياً:
1- الشخصي ما لم يدل دليل على حجيته بخصوصه
 
الأول: ان الظن الشخصي هو ما لم يدل دليل على حجيته بخصوصه والنوعي ما دل الدليل على حجيته بخصوصه، فخبر الثقة حجة على الانفتاح من باب الظن النوعي لدلالة الأدلة الخاصة([1]) عليه بخصوصه، واما على الانسداد فانه حجة كذلك لكنه لا يعبر عنه بالظن النوعي لعدم دلالة دليل على حجيته بخصوصه بل ان حجيته هي مفاد دليل الانسداد العام وهو يفيد حجية الظن المطلق أي كل ظن فينطبق فيما ينطبق على خبر الثقة.
وعليه: فلا فرق بين الانفتاح والانسداد من حيث حجية خبر الثقة، إنما الفرق في أمرين: الأول: ما مضى، والثاني: انه على الانفتاح يعدّ رؤية ولذا كان علمياً اما على الانسداد فالأمر بالعكس إذ يقال حيث لا علم ولا علمي ولا رؤية فليكن الظن حجة.
وبعبارة أخرى: دليل الحجية على الانفتاح يفيد تنزيله منزلة العلم وتتميم الكشف، اما على الانسداد فان هذا الدليل العام لا يفيد التنزيل ولا تتميم الكشف، بل الاتباع لمجرد انه راجح وان ترجيح المرجوح قبيح.
 
تطبيق الضابط على المرجحات غير المنصوصة
 
وفي المقام، فان دليل الترجيح بالمرجحات غير المنصوصة، على ما ذهب إليه الشيخ، هو دليل عام يفيد الترجيح بمطلق المرجح لا بهذا بخصوصه وذاك بخصوصه كما كان الحال في الشهرة ومخالفة العامة وحكامهم أو موافقة الكتاب وغير ذلك؛ فان دليل الشيخ على التعدي هو أمور كلها عامة ومنه استناده إلى قول رسول الله (صلى الله عليه وآله) "دَعْ مَا يُرِيبُكَ إِلَى مَا لَا يُرِيبُكَ"([2]) بدعوى ان المراد الريب واللاريب الإضافي فكل ما([3]) لا ريب فيه يرجح على ما فيه الريب، وهو كما ترى كلي عام ينطبق على مختلف أنواع الظنون فيشمل، بعمومه الترجيح، بالافصحية وباعلائية الإسناد والنقل باللفظ مقابل النقل بالمضمون والاضبطية وشبهها، وليس دليلاً خاصاً باحدها دالاً عليه بخصوصه.
 
2- الشخصي: القائم بالأشخاص، لا النوع
 
الثاني: الظن الشخصي هو الظن القائم بالأشخاص والمنوط بكل شخص شخص والذي اعتبر حجة بما هو كذلك، دون القائم بالنوع والمنوط بهم لا بالأشخاص والذي جعل حجة لقيامه بالنوع، فالظن الشخصي عكس النوعي بالذات وان جمعهما جامع الحجية.
والنسبة بينهما هي من وجه، نظير الضرر الشخصي والنوعي فقد يكون زيد كشخص متضرراً أو واقعاً في حرج من الصوم في هذا اليوم أو المكان ولا يكون النوع كذلك وقد يكون الأمر بالعكس. وفي المقام: قد يكون خبر الفاسق أو هذا الفاسق موجباً لاطمئنان هذا الشخص دون النوع، وقد يكون خبر الثقة أو هذا الثقة غير موجب لوثوق هذا الشخص وإن كان موجباً لوثوق النوع.
والحاصل: ان ما كان ملاك حجيته النوع كان ظناً نوعياً وما كان ملاك حجيته الشخص كان ظناً شخصياً.
وأما المرجحات غير المنصوصة فانها ليست حجة إذا كانت قائمة بأنفسها ولكنها حجة إذا قامت بأحد الخبرين المتعارضين بدلالة الدليل العام، الذي ذكره الشيخ بناء على تماميته، لا الخاص؛ فانه لو وصل خبر فصيح أو على درجة جيدة من الفصاحة، مرسلاً فانه لا يدخله في دائرة الوثاقة([4]) ولا يكون به موثقاً.
لكن الفصاحة لو اتصف بها أحد الخبرين المتعارضين، مرجحة له على الآخر، حسب الشيخ، فهي من الظنون الشخصية على الضابط الأول([5]) لكن في خصوص باب التعارض دون غيره.
والحاصل: ان المرجحات غير المنصوصة تعتبر حجة في ضمن تعارض الخبرين لدليل "دَعْ مَا يُرِيبُكَ..." العام وشبهه ولا تعتبر استقلالاً وبما هي هي حجة.
 
حجية الظنون الشخصية في باب الاحتياط
 
إذا اتضح ذلك اتضح حال باب الاحتياط وحجية الظنون الشخصية في احد طرفيه، فانه توهم ان الظن الشخصي حيث كان شخصياً لم يكن حجة فكيف يتقدم على العلم الإجمالي الحجة؟ أو كيف يمنع انعقاده أو يحله مع انه ليس بحجة؟
لكنه توهم باطل إذ ظهر مما سبق ان الظن الشخصي بأحد الطرفين وإن كان غير حجة لو انفرد وكان قائماً بنفسه مستقلاً، لكنه حجة، بالدليل العام، إذا تعلق بأحد طرفي العلم الإجمالي في بعض الصور:
 
صور ثلاث لما كان الظن الشخصي فيه حجة في أطراف العلم الإجمالي
 
ومنها: ما لو دار الأمر بين التعيين والتخيير في مقام الامتثال.
منها: ما لو دار بينهما في مقام تعلق الأمر فان الظن الشخصي بأحد الطرفين حينئذٍ حجة موجب لتنجّز هذا أو معذريته دون ذاك.
ومثاله: ما لو سقط في البحر جسمان أحدهما نبي والآخر شخص عادي وهو غير قادر على إنقاذهما معاً وظن ظناً شخصياً بان هذا هو النبي فانه يجب إنقاذه تعييناً، فهذا الظن الشخصي حيث قام بأحد طرفي العلم الإجمالي كان حجة بمعنى لزوم الإتباع.
وكذا لو عَلِقَ في الدار المنهدمة بزلزال أو غيره شخصان أحدهما مؤمن والآخر حربي أو كان الآخر ميتاً، فظن ظناً شخصياً بأن هذا هو المؤمن أو هو الحي، فانه يجب إنقاذه ويحرم إنقاذ الآخر، ولو أنقذه فبانَ غيره([6]) كان معذوراً عكس ما لو أنقذ الآخر.
ومنها: الظن الشخصي في دوران الأمر بين المحذورين في مقام الحجية كما سبق من مثال الأعلم وشبهه.
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
=====================
 
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): "نَوِّرُوا بُيُوتَكُمْ بِتِلَاوَةِ الْقُرْآنِ وَلَا تَتَّخِذُوهَا قُبُوراً كَمَا فَعَلَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى صَلَّوْا فِي الْكَنَائِسِ وَالْبِيَعِ وَعَطَّلُوا بُيُوتَهُمْ فَإِنَّ الْبَيْتَ إِذَا كَثُرَ فِيهِ تِلَاوَةُ الْقُرْآنِ كَثُرَ خَيْرُهُ وَاتَّسَعَ أَهْلُهُ وَأَضَاءَ لِأَهْلِ السَّمَاءِ كَمَا تُضِي‏ءُ نُجُومُ السَّمَاءِ لِأَهْلِ الدُّنْيَا"
الكافي: ج2 ص610.
.................................................
 
 

  • المصدر : http://www.m-alshirazi.com/subject.php?id=2631
  • تاريخ إضافة الموضوع : الاثنين 12 رجب 1438هـ
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 14