• الموقع : مؤسسة التقى الثقافية .
        • القسم : التعارض - التعادل والترجيح (1437-1438هـ) .
              • الموضوع : 225- مناقشة مع الشيخ في قوله (لا كشف في الشك اصلاً فلا يعقل ان يُعتبر) ومناقشة اخرى في تقسيمه الثلاثي .

225- مناقشة مع الشيخ في قوله (لا كشف في الشك اصلاً فلا يعقل ان يُعتبر) ومناقشة اخرى في تقسيمه الثلاثي

 
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
مباحث التعارض: (التعادل والترجيح وغيرهما)
(225)
 
4- الاحتمال في العنوان والمحصِّل
 
الرابع: الاحتمال المرجوح لدى الشك في العنوان والمحصل، فانه إذا تعلق الأمر بعنوانٍ، كالتطّهر على ما ذكره الشيخ، وجب الإتيان بمحصِّله ولو المحتمل أي كلما احتملت مدخليته في تحصيله أو فقل كان ذا مدخلية ولو احتمالية، وجب تحصيله؛ إذ به يحرَز تحقق العنوان المأمور به ومع عدمه لا إحراز، والاشتغال اليقيني بالعنوان يقتضي الامتثال اليقيني بإتيان كافة ما يحتمل كونه محصِّلاً له أو ذا مدخلية في تحصيله، فقد ترتب الأثر([1]) على الاحتمال وإن كان موهوماً، كما له الكاشفية عن تحقق العنوان حينئذٍ وحصوله.
 
5- الاحتمال لدى احتمال الغرض الملزم
 
الخامس: الاحتمال المرجوح كلما علم بالغرض وشك في محصِّله، نظير ما سبق في الرابع لكن مع فارق ان العنوان هنالك وقع متعلَّقاً للأمر عكس الخامس، وذلك بناء على ان أغراض المولى الملزمة لازمة التحصيل وإن لم يأمر بها لغفلةٍ أو عجز أو مانع أو شبه ذلك.
والأمر كذلك لو احتمل وجود غرض للمولى ملزم، فانه منجِّز حينئذٍ.
 
الإشكال بان موضوع الاحتياط هو الشك المقيد
 
ثالثاً: سلمنا المبنى والبناء لكن موضوع الاحتياط هو الشك المقيد لا الشك المطلق، والشك المقيد بكونه شكاً في المكلف به وعلماً بالتكليف، كاشف إجمالي كما سبق وسيأتي.
 
تقسيم الشيخ الثلاثي: فاما ان يحصل له القطع أو الظن أو الشك
 
ثم انه اتضح مما سبق وجه الإشكال في تقسيم الشيخ الثلاثي بقوله في أول الرسائل:
(اعلم: أن المكلف إذا التفت إلى حكم شرعي، فإما أن يحصل له الشك فيه، أو القطع، أو الظن. فإن حصل له الشك، فالمرجع فيه هي القواعد الشرعية الثابتة للشاك في مقام العمل، وتسمى بـ " الأصول العملية "، وهي منحصرة في أربعة)([2]).
فانه يرد عليه:
 
المناقشة: الأصح هو التقسيم الخماسي
 
أولاً: ان المفروض ان يقسم الشك إلى قسمين.
ثانياً: ان يقسم الظن أيضاً إلى قسمين:
وذلك بأن يقول (فاما ان يحصل له الشك المطلق فيه أو الشك المقيد) وان يقول: (أو الظن النوعي أو الشخصي) أو (الظن القوي أو الضعيف) وذلك لوجهين:
الأول: ان الحالات الوجدانية للمكلف هي هذه الخمسة([3]) وليست الثلاثة فقط.
الثاني: وهو العمدة: ان هذا التقسيم قد بنى عليه مباحث الأصول الآتية بأجمعها، وحيث ان الغرض من علم الأصول هو معرفة الحجج في الفقه وتمهيد القواعد الممكّنة من إستنباط الحكم الشرعي الفرعي الكلي الإلهي من الأدلة التفصيلية، وموضوعه هو (الحجة المشتركة القريبة في الفقه) على المختار أو (الأدلة الأربعة من حيث الدليلية، أو: بما هي هي) على الخلاف بين صاحبي الفصول والقوانين، وجب في التقسيم ان يندرج كل ما هو موضوع أو مجرى لحجة من الحجج([4]) مما كان في مرتبة واحدة وان يذكر على حياله، وحيث كانت مراتب الحجج([5]) خمساً لا ثلاثاً وجب ان يفصل التقسيم إليها دون الثلاثة.
وذلك لما اتضح من أنَّ الشك المطلق هو موضوع الأصل البحت وانه لا كاشفية فيه أبداً، وأنَّ الشك المقيد (اي موضوع الاستصحاب وهو الشك الملحوظ فيه الحالة السابقة وموضوع الاحتياط وهو الشك في المكلف به مع العلم بالتكليف) كاشف عن الحكم الواقعي في الجملة وليس جهلاً محضاً لكنه بمرتبة أدنى من مرتبة الامارات، وأنَّ الظن الشخصي غير حجة على الانفتاح وحجة على الانسداد، وأن الظن النوعي حجة على الانفتاح والانسداد، وأن العلم حجة ذاتية، فالأقسام خمسة إذاً.
 
نقاش مع الشيخ ودفاع
 
وبهذا البيان اتضح ورود الإشكال على الشيخ، وانه لا يصح الجواب بان تقسيمه إنما كان بلحاظ حالات المكلف في حد ذاته ولم يكن بلحاظها مع حكم الشارع بالاعتبار وعدمه؛ إذ هذا الجواب تام على من أشكل على الشيخ بان الظن قسمين اما معتبر أو غير معتبر فكان يلزم عليه ان يربِّع الأقسام، فأجيب بان تقسيمه بلحاظ حالات المكلف نفسه ابتداءً وهي ثلاثة، وليس بلحاظها منسوبة للشارع وانه اعتبر أو لا كي تربَّع.
لكنه غير وارد علينا إذ قد ربّعنا بل خمّسنا الأقسام بلحاظ حالات المكلف نفسه بما هي هي، وقبل ان ينالها اعتبار الشارع وعدمه ثم أوضحنا ان للحالات الخمسة الثبوتية خمسة أنواع من حكم الشارع من حيث الاعتبار وعدمه ومن حيث درجات الحجية والاعتبار. هذا.
وستأتي إشكالات أخرى على عبارته الآنفة الذكر، غداً بإذن الله تعالى.
 
مناقشة مع الشيخ: الشك المطلق لا كشف فيه لا المقيد
 
وقد اتضح بما مضى عدم تمامية ما ذكره في أول المقصد الثالث وبنى عليه مباحثه بقوله: (وقد عرفت: أن القطع حجة في نفسه لا بجعل جاعل، والظن يمكن أن يعتبر في متعلقه([6])، لأنه كاشف عنه ظنا، لكن العمل به والاعتماد عليه في الشرعيات موقوف على وقوع التعبد به شرعا، وهو غير واقع إلا في الجملة)([7]) ثم قال: (وأما الشك، فلما لم يكن فيه كشف أصلا لم يعقل أن يعتبر، فلو ورد في مورده حكم شرعي - كأن يقول: الواقعة المشكوكة حكمها كذا - كان حكما ظاهريا، لكونه مقابلا للحكم الواقعي المشكوك بالفرض)([8]).
إذ بانَ مما مضى ان الشك المطلق هو الذي لا كشف فيه أصلاً([9])، ولذا كان هو موضوع أصالة البراءة وكان أصل البراءة أصلاً حقّاً، أما الشك المقيّد، وهو موضوع الاستصحاب والاحتياط والتخيير إذ كل منها قُيّد فيه الشك بقيد تكون له به الكاشفية في الجملة([10]) فانه بحيثيته التقييدية كاشف ولذا كان من المعقول ان يُعتبر، بل ارتأى المشهور، حسبما صرح به الشيخ بنفسه، ان الاستصحاب ظن اجتهادي وانه حكم عقلي وليس تعبدياً، وستأتي عبارته بإذن الله تعالى.
 
دفاع آخر عن الشيخ وجواب
 
نعم، يمكن ان يدافع عنه فنّياً بانه بنى التقسيم على مختاره كما صرح به آخر كلامه.
ولكن يرد عليه: بعد قطع النظر عن الإشكال المبنوي على مختاره كما سبق، بل والبنائي أيضاً في مثل العلم الإجمالي الذي هو موضوع الاحتياط كما سبق أيضاً، ان المفروض في الكتاب الأصولي الاجتهادي ان يجري تقسيم الحالات والمجاري العامة بحيث تضم جميع المباني والأقوال ثم اختيار بعضها لا ان يجري التقسيم حسب المختار إلا لو كان الكتاب مكتوباً للمقلَد؛ ألا ترى ان الاخباري مثلاً لو أراد التقسيم وجب ان يقسم كما قسم الشيخ بقوله (اعم ان المكلف إذا التفت إلى حكم شرعي فاما ان يحصل له به القطع أو الظن أو الشك) ثم يقول لكن القطع، عندي مبنىً، غير حجة في الشرعيات كما هو مبنى بعض الاخباريين وليست نسبة ذلك إليهم جميعاً صحيحة، لا ان يلغي ذكر القطع في التقسيم في الكتاب الأصولي المكتوب لينظر فيه المجتهدون فيقول (فاما ان يحصل له به الظن أو الشك) لمجرد انه لا يرى القطع حجة. فتدبر.
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
=====================
 
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): "لَا خَيْرَ فِي الْعَيْشِ إِلَّا لِرَجُلَيْنِ، عَالِمٍ مُطَاعٍ أَوْ مُسْتَمِعٍ وَاعٍ" الكافي: ج1 ص33.
................................................
 
 

  • المصدر : http://www.m-alshirazi.com/subject.php?id=2621
  • تاريخ إضافة الموضوع : الاربعاء 7 رجب 1438هـ
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 14