• الموقع : مؤسسة التقى الثقافية .
        • القسم : التعارض - التعادل والترجيح (1437-1438هـ) .
              • الموضوع : 219- تفصيل الكلام عن حكومة الادلة الاجتهادي على الاصول العملية او ورودها عليها او تخصيصها لها .

219- تفصيل الكلام عن حكومة الادلة الاجتهادي على الاصول العملية او ورودها عليها او تخصيصها لها

 
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
مباحث التعارض: (التعادل والترجيح وغيرهما)
(219)
 
سبق (وقطعية الحجية لا تنافي ظن ية المدلول إن أريد به الحكم الواقعي، وهذه القاعدة مغايرة لما ذكروه من ان ظنية الطريق لا تنافي قطعية الحكم كما انه لا تنافي بينهما إذ ارادوا الحكم الظاهري وأردنا الحكم الواقعي)([1]) وتوضيحه:
 
معنى قاعدة ظنية الطريق لا تنافي قطعية الحكم
 
اما القاعدة الثانية فان المراد من ظنية الطريق هو مطلق الظنون المعتبرة كخبر الثقة وفتوى الفقيه فانها طرق ظنية إذ ليست بعلم بل هي ظنون غالبة الايصال للواقع وقد امضى الشارع حجيتها أو اعتبرها حجة وقد يعبر عنه بمتمم الجعل([2])، وكون الطريق ظنياً لا ينافي قطعية مؤداه وهو الحكم إذ المراد به ليس الحكم الواقعي فانه ظني أيضاً إذ لا يعقل ان يكون الطريق ظنياً والمؤدى قطعياً فانه كزيادة الفرع على الأصل أو المعلول على العلة بل المراد به الحكم الظاهري الأعم من المطابق وغيره([3]) كما سبق([4]) في ضمن مصطلحات الحكم الظاهري، وهذا قطعي إذ هو بعبارة أخرى: نفس مؤدى الدليل أي نفس الحكم المستفاد من الدليل، وكونه مؤداه قطعي.
 
معنى قاعدة ظنية المدلول لا تنافي قطعية الحجية
 
وأما القاعدة الأولى فان ظنية المدلول واضحة إذ قد أريد منه الحكم الواقعي إذ الفرض انه لا علم به بل مجرد الظن وإن كان معتبراً، لكن ظنية المدلول لا تنافي قطعية الحجية إذ حجية خبر الثقة وفتوى المجتهد قطعية، والمراد بالحجية لزوم الإتباع أو المنجزية والمعذرية فانهما لازما الاتباع قطعاً ومنجِّزان لدى الإصابة معذِّران لدى الخطأ، ووجه قطعية حجيتهما: ان ما بالعرض لا بد ان ينتهي إلى ما بالذات فالعلم حجية ذاتية فلا يكتسبها من غيره أما الظن فحجيته اكتسابية إذ يمكن ان يجعل حجة ويمكن أن لا يجعل ولا يمنح الحجية فلا بد من دليل يدل على حجية الظني أي ما كان من قبيل خبر الثقة وفتوى المجتهد.
وهذا الدليل الدال على حجيته أ- إن كان قطعياً فهو المطلوب كما لو دل النص الصحيح السند عليه أو دلّ بناء العقلاء المسلّم عليه فقد دلّ دليل قطعي على حجية خبر الثقة فكانت حجية خبره قطعية وهو ما ذكرناه من ان ظنية المدلول لا تنافي قطعية الحجية.
ب- وإن كان ظنياً نقلنا الكلام إليه إذ انه مادام ظناً فليس بحجة فلا بد من دليل يدلّ على حجيته فننقل الكلام إلى الثالث والرابع وهكذا فان وقف عند حجة بالذات فهو وإلا تسلسل ويلزم منه عدم حجية خبر الثقة والفتوى (وغيرهما من الظنون) أبداً إذ لو لم ينته ما بالعرض إلى ما بالذات لاستحال وجوده أو صح التسلسل والثاني باطل بالضرورة فيبقى الأول.
 
الوجوه المحتملة في تقدم الأدلة على الأصول
 
وأما تتمة الكلام عن الوجه في تقدم الأدلة الاجتهادية على الأصول العملية فنقول:
1- ان الوجوه المحتملة هي ثلاثة: الحكومة والورورد والتخصيص فالمحتملات بدواً ثلاثة:
الحكومة
1- (الحكومة): وقد ذكرنا لها في البحث الماضي وجهاً فراجع، أما الشيخ فقد رجّحها استناداً إلى ان الشك (المأخوذ موضوعاً في الاستصحاب) يراد به التحير في العمل وعدم الدليل والطريق، والتحير لا يرتفع حقيقة بمجيء الدليل الظني وإن كان معتبراً فليس الدليل وارداً بل هو حاكم؛ إذ دليل حجية الحجج والامارات يفيد إما: (الغِ احتمال الخلاف) والخلاف هو استصحاب الحالة السابقة فيفيد دليل حجية الحجج (رغم وجودها حقيقة) لزوم إلغائه رغم وجوده واقعاً فلا ورود بل الحكومة، أو يفيد: نزّل الحيرة منزلة اللاحيرة فكأنّ الحيرة حينئذٍ لا حيرة رغم وجودها حقيقة.
 
مناقشتان مع الشيخ
 
ولكن يرد عليه أولاً: ان تفسير الشك بالحيرة لا وجه له كما سبق.
وثانياً: ان المراد من الحيرة، الحيرة العرفية (وكذا المراد من الشك: العرفي) لا الدقية الفلسفية وهي ترتفع حقيقة بمجيء خبر الثقة أو فتوى المجتهد ونظائرهما مما دلّ الدليل القطعي على حجيته، نعم الحيرة الدقية لا ترتفع لوجود احتمال الخلاف بنسبة خمسة بالمائة مثلاً فهو متحير بهذه النسبة لكن ذلك حسب الدقة أما عرفاً فانه ليس بمتحير ومن ذلك يظهر وجه القول بـ:
 
الورود
 
2- (الورود) وهو مبني:
إما على القول بان المراد من الشك الشك العرفي ومن الحيرة الحيرة العرفية وإن كان المتعلق هو الحكم الواقعي، ومع مجيء الحجج الظنية بالظن المعتبرة لا شك عرفياً كما لا حيرة عرفية.
واما مبني على القول بان المراد بالشك ليس الشك في الحكم الواقعي (ولا المراد بالحيرة الحيرة في الحكم الواقعي) بل المراد الشك أو الحيرة في الحجة، والحجة موجودة قطعاً (وهي خبر الثقة أو الفتوى) لما سبق من ان حجيتها قطعية وإلا للزم التسلسل، فالدليل الاجتهادي وارد على الأصل إذ موضوع الأصل الشك في الحجة والدليل الاجتهادي حجة قطعاً فمجيئه أزال موضوع الأصل حقيقة لكن بعناية التعبد.
واما مبني على ان المراد الشك في الوظيفة، ولا شك فيها مع مجيء الدليل إن أريد منها الأعم من الواقعية والظاهرية.
واما مبني على وجه آخر من الخروج التخصصي سيأتي بإذن الله تعالى.
 
التخصيص
 
3- (التخصيص) إذ قد يقال: بأن أدلة حجية خبر الثقة والفتوى مخصصة للاستصحاب (وسائر الأصول العملية) إذ مفاد الاستصحاب "فَلَيْسَ يَنْبَغِي لَكَ أَنْ تَنْقُضَ الْيَقِينَ بِالشَّكِّ أَبَدا"([5]) أي سواء أكانت هناك حجة أو امارة على الخلاف أو لا، وخبر الثقة حجة على الخلاف فيخصصه.
وفيه: ان النسبة بين خبر الثقة والاستصحاب هي العموم والخصوص من وجه لوجود مادة الافتراق من الطرفين مع ثبوت مادة الاجتماع في البين فلا يصح القول بتقدم خبر الثقة على الاستصحاب بالتخصيص، بل لا بد من اللجوء إما إلى الحكومة فان الناظر مقدم على المنظور إليه وإن كانت النسبة من وجه أو إلى الورود.
وبذلك يظهر اندفاع إشكال التعارض بينهما كما سيجيء إن شاء الله تعالى.
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
=======================

قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): "الْمُؤْمِنُ إِذَا مَاتَ وَتَرَكَ وَرَقَةً وَاحِدَةً عَلَيْهَا عِلْمٌ تَكُونُ تِلْكَ الْوَرَقَةُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ سِتْراً فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّارِ، وَأَعْطَاهُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى بِكُلِّ حَرْفٍ مَكْتُوبٍ عَلَيْهَا مَدِينَةً أَوْسَعَ مِنَ الدُّنْيَا سَبْعَ مَرَّاتٍ.
وَمَا مِنْ مُؤْمِنٍ يَقْعُدُ سَاعَةً عِنْدَ الْعَالِمِ إِلَّا نَادَاهُ رَبُّهُ عَزَّ وَجَلَّ جَلَسْتَ إِلَى حَبِيبِي، وَعِزَّتِي وَجَلَالِي لَأَسْكَنْتُكَ الْجَنَّةَ مَعَهُ وَلَا أُبَالِي"
الأمالي (للصدوق): ص37.
........................................................
 
 

  • المصدر : http://www.m-alshirazi.com/subject.php?id=2605
  • تاريخ إضافة الموضوع : الاثنين 28 جمادى الاخرة 1438هـ
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 14