• الموقع : مؤسسة التقى الثقافية .
        • القسم : التعارض - التعادل والترجيح (1437-1438هـ) .
              • الموضوع : 214- فرق مبحثنا (الامر بالعام المودَع مخصصة لدى الامام اللاحق) عن مبحث الترتيب .

214- فرق مبحثنا (الامر بالعام المودَع مخصصة لدى الامام اللاحق) عن مبحث الترتيب

 
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
مباحث التعارض: (التعادل والترجيح وغيرهما)
(214)
 
الفرق بين مبحثنا ومبحث الترتّب
 
ثم انه قد يتوهم ان مبحث تأخير البيان عن وقت الحاجة في العمومات والمطلقات وغيرها، هو من صغريات بحث الترتب، بدعوى أنه يوجد في مطلق موارد تدرجية الأحكام مما أودّع مخصِّصها لدى اللاحقين وكان إبلاغه بعد وقت الحاجة، حكمان: الحكم الواقعي الذي أُودِع لدى الإمام اللاحق وهو مدلول الخاص أو المقيد، والحكم الظاهري الذي هو مقتضى عموم العام الـمُنشأ زمن الرسول (صلى الله عليه وآله) أو الإمام السابق (عليه السلام) فيقع البحث في أنه هل يصح الأمر بالحكم الظاهري مترتباً على عدم العلم بالحكم الواقعي نظراً لعدم إبلاغ الشارع له وإن كان مُنشأً قد أودعه الرسول (صلى الله عليه وآله) لدى الإمام اللاحق، فإن قيل بالترتب صح الأمر الظاهري بالعام وإلا لم يصح فكيف يخرّج عليه([1]) لزوم الامتثال لأوامر الشارع الظاهرية؟
ولكن هذا التوهم فاسد فان باب الترتب أجنبي عن باب الأمر بالعام وتأخير بيان مخصصه عن وقت الحاجة وليس هذا من صغرياته([2])، وتوضيحه في أمور:
 
الترتب من فروع الضد
 
الأول: ان باب الترتب هو من فروع مسألة الضد وهي انه هل يقتضي الأمر بالشيء النهي عن ضده الخاص؟ وهل يمكن الجمع في الطلب بين الضدين بأن يأمر بالضدين الوجوديين في وقت واحد رغم عدم قدرة العبد على الامتثال؟.
في الواجبين المضيقين
الثاني: ان مبحث الترتب جارٍ في الواجبين المضيقين، أما الموسعين فلا إذ لا تزاحم بين الواجبين ولا تنافي بين الأمرين ما داما موسعين إذ لا يُفوِّت الإتيان بالمهم، الأهم واما الموسع والمضيق ففيهما خلاف وكلام، على تفصيل ليس ههنا موضع بحثه.
إذا تساوى الضدان في الملاك فالتخيير وإلا فالترتب([3])
الثالث: ان الضدين قد يكونان متساويين في الملاك وقد يكون أحدهما أهم، والأول خارج عن بحث الترتب فانه لو تساوى أمران في الملاك وكان العبد غير قادر الجمع بينهما أو كان قادراً لكن كان أحدهما بتحقيق ملاكه رافعاً لمصلحة الإلزام بالآخر، فانه حينئذٍ يكون مقتضى القاعدة التخيير بينهما كما في خصال الكفارة وكما في الغريقين المتساويين من جميع الجهات والثاني([4]) من أبواب غير القادر والأول([5]) من أبواب القادر([6]). فتدبر.
 
أنواع الترتب الثلاث
 
الرابع: ان ترتب أمر على أمر([7]) تتصور فيه أنحاء ثلاثة:
 
1- الأمر بالمهم على تقدير عصيان الأهم

النحو الأول: أن يأمر بالضد المهم على تقدير عصيان الأمر بالأهم([8]) أو على تقدير ان يهمّ به - على القولين – فيقول له مثلاً يجب عليك الذهاب للمدرسة فان عصيت فاكنس البيت، أو يقول له أزل النجاسة من المسجد فوراً فإن عصيت فصلّ ، فهل يصح الأمر الثاني أي الأمر بالمهم المترتب على عصيان الأمر الأول أي الأمر بالأهم مع فرض بقاء القدرة على الأهم حين العصيان أو حين همّ به وإلا دخل في الصورة الثانية؟.
ذهب الشيخ([9]) والكثير ممن تأخر عنه إلى الامتناع إذ الأمر بالأهم لا يسقط بالعصيان عن لزوم امتثاله، فلو أمر حينئذٍ بالمهم إلزاماً كان من طلب المحال إذ كيف يأمر بالضدين في وقت واحد مع عدم قدرة العبد عن الامتثال بالجمع بين الأمر بالأهم لأنه أهم وان العصيان أو الهم به لا يسقطه وبين الأمر بالمهم لأن الفرض القول بأن الأمر بالمهم يحدث عنه عصيان الأهم.
بينما ذهب الميرزا الكبير وأكثر تلامذته إلى الإمكان بدعوى فطرية ذلك وعرفيته وان أدل دليل على الشيء وقوعه وانه من الجمع بين الطلبين لا من طلب الجمع بينهما، وغير ذلك. والمستظهر الثاني والمحاكمة بين الأدلة ليس هذا محلها.
 
2- الأمر بالمهم على تقدير العجز عن الأهم
 
النحو الثاني: ان يأمر بالمهم على تقدير العجز عن الأهم، ولا شك في إمكان ذلك وصحته بل وقوعه فان القدرة من الشرائط العامة للتكليف فإذا عجز عن الأهم سقط أمره فتفرغ الساحة للأمر بالمهم، نعم لو كان العجز ناشئاً عن تعجيزه نفسه عمداً كان عاصياً إن كان الواجب بالنسبة للقدرة مطلقاً([10]) عكس مثل الاستطاعة قبل حصولها أو بعده قبل أشهر الحج أو أول السنة أو غير ذلك على الأقوال.
 
3- الأمر بالمهم على تقدير الجهل بالأهم

النحو الثالث: ان يأمر بالمهم على تقدير عدم العلم بالأهم بأن يوجب عليه الأهم فان لم يعلم به، عن قصور وإلا كان آئماً، سقط عن التنجز وأوجب عليه المهم، وهذا ممكن واقع وهو([11]) الذي يعلل به جريان الأصول العملية.
والمقام من هذا القبيل فان الأمر بالعام بعمومه الشامل لمورد الخاص المودَع لدى الإمام اللاحق إنما كان على تقدير عدم علم المكلف بالخاص، الذي فرض انه الأهم، وذلك بناء على انه من الصورة الثانية الآنفة في الدرس السابق([12]) لا من صورة التزاحم وكون المصلحة المزاحمة هي مصلحة التربية أو كون المزاحم هو المصلحة السلوكية الأهم كربط الأمة بالإمامة([13])، فراجع ما سبق.
وبهذا البيان ظهر كون المقام أجنبياً عن بحث الترتب إذ الترتب هو الأمر بالمهم على تقدير عصيان الأهم والكلام ههنا عن الأمر بالمهم على تقدير عدم العلم بالأهم، ومع العصيان تبقى القدرة ويعد آثماً به اما مع عدم العلم فلا قدرة في مثل المقام([14]) ولا إثم إذ انه لم يكن بتسبيب من العبد بل كان منهم (عليهم السلام) لمصلحة ما.
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
======================
 
عن علي بن الحسين (عليهما السلام) انه سُئل: "مَا بَالُ الْمُتَهَجِّدِينَ بِاللَّيْلِ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ وَجْهاً، قَالَ: لِأَنَّهُمْ خَلَوْا بِاللَّهِ فَكَسَاهُمُ اللَّهُ مِنْ نُورِه‏" وسائل الشيعة: ج8 ص157.
...................................................
 
 

  • المصدر : http://www.m-alshirazi.com/subject.php?id=2591
  • تاريخ إضافة الموضوع : الاثنين 21 جمادى الاخرة 1438هـ
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 14