• الموقع : مؤسسة التقى الثقافية .
        • القسم : التعارض - التعادل والترجيح (1437-1438هـ) .
              • الموضوع : 204- الجواب عن اشكال انهم (عليهم السلام) لم يوصلوا منهجهم في تأخير المنفصلات لعامة الناس، بوجوه: 1ـ قد اوصلوا ذلك 2ـ التعليميات لم تكن للعوام 3ـ الايصال اعم من الايصال للفقهاء ـ اشكال: السيرة على العمل بالعمومات فوراً، الجواب: هناك سيرتان ـ اشكال: انهم (عليهم السلام) حرضوا على العمل باخبارهم فوراً ـ الاجوبة : 1ـ لا تحريض 2ـ وانما ذلك اذا وصل بارادته الجدية 3ـ بل الثابت عكسه .

204- الجواب عن اشكال انهم (عليهم السلام) لم يوصلوا منهجهم في تأخير المنفصلات لعامة الناس، بوجوه: 1ـ قد اوصلوا ذلك 2ـ التعليميات لم تكن للعوام 3ـ الايصال اعم من الايصال للفقهاء ـ اشكال: السيرة على العمل بالعمومات فوراً، الجواب: هناك سيرتان ـ اشكال: انهم (عليهم السلام) حرضوا على العمل باخبارهم فوراً ـ الاجوبة : 1ـ لا تحريض 2ـ وانما ذلك اذا وصل بارادته الجدية 3ـ بل الثابت عكسه

 
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
مباحث التعارض: (التعادل والترجيح وغيرهما)
(204)
2- ليست العمومات التعليمية للعوام فلا حاجة لإيصال قرينة الدأب لهم
 
ثانياً: إن العمومات، ونظائرها، التعليمية لم تكن للعوام كي يقال بانه كيف فصل الشارع عنها مخصصاتها ولم يوصل لهم أن دأبه على الفصل.
والحاصل أن العمومات والمطلقات ونظائرهما على قسمين: ما صدر في مقام الفتوى، وما صدر في مقام التعليم:
والأول: قد يكون المخاطب به عامياً وقد يكون من الخواص وعلى كلا التقديرين فالأصل فيه أن يُلاحظ المولى كافة المخصصات والمقيدات والشروط والمزاحمات وغيرها ثم يعطى النتيجة النهائية كفتوى، فلا يوجد والحال هذه عامٌ فُصِل عنه مخصِّصه، على أنه لو لم يذكر له شرط فرضاً، وكان مما اعتبر فيه واقعاً، فلخصوصية المورد أي لكونه متحققاً فيه مثلاً فلم تكن حاجة لبيانه. فتأمل([1])
والثاني: هو الذي تلحقه المخصصات لأن شأن مقام التعليم هو ذلك، لكن مقام التعليم ليس للعوام، على أن عامياً لو دخل في هذا السلك لَعَلِم أن المبنى هو التدرج([2])؛ ألا ترى أن سيرة العقلاء طرّاً في مقام التعليم على ذلك؟
 
3- تصريح الأئمة (عليهم السلام) بمنهجهم في فصل المخصصات وغيرها
 
ثالثاً: أن الأئمة (عليهم السلام) صرحوا في روايات متعددة واردة في أصح مصادرنا كالكافي والعيون، بان منهجهم هو كمنهج القرآن الكريم وأن في كلامهم عاماً وخاصاً وناسخاً ومنسوخاً ومحكماً ومتشابهاً... الخ
ويدل على الأول والثاني معاً: ما ورد في الكافي الشريف عن عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ هَاشِمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُمَرَ الْيَمَانِيِّ عَنْ أَبَانِ بْنِ أَبِي عَيَّاشٍ عَنْ سُلَيْمِ بْنِ قَيْسٍ الْهِلَالِيِّ "قَالَ: قُلْتُ لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عليه السلام) إِنِّي سَمِعْتُ مِنْ سَلْمَانَ وَالْمِقْدَادِ وَأَبِي ذَرٍّ شَيْئاً مِنْ تَفْسِيرِ الْقُرْآنِ وَأَحَادِيثَ عَنْ نَبِيِّ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) غَيْرَ مَا فِي أَيْدِي النَّاسِ، ثُمَّ سَمِعْتُ مِنْكَ تَصْدِيقَ مَا سَمِعْتُ مِنْهُمْ وَرَأَيْتُ فِي أَيْدِي النَّاسِ أَشْيَاءَ كَثِيرَةً مِنْ تَفْسِيرِ الْقُرْآنِ وَمِنَ الْأَحَادِيثِ عَنْ نَبِيِّ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) أَنْتُمْ تُخَالِفُونَهُمْ فِيهَا وَتَزْعُمُونَ أَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ بَاطِلٌ، أَفَتَرَى النَّاسَ يَكْذِبُونَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) مُتَعَمِّدِينَ وَيُفَسِّرُونَ الْقُرْآنَ بِآرَائِهِمْ قَالَ: فَأَقْبَلَ عَلَيَّ فَقَالَ: قَدْ سَأَلْتَ فَافْهَمِ الْجَوَابَ؛ إِنَّ فِي أَيْدِي النَّاسِ حَقّاً وَبَاطِلًا وَصِدْقاً وَكَذِباً وَنَاسِخاً وَمَنْسُوخاً وَعَامّاً وَخَاصّاً وَمُحْكَماً وَمُتَشَابِهاً وَحِفْظاً وَوَهَماً وَقَدْ كُذِبَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) عَلَى عَهْدِهِ حَتَّى قَامَ خَطِيباً فَقَالَ أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ كَثُرَتْ عَلَيَّ الْكَذَّابَةُ فَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّداً فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ ثُمَّ كُذِبَ عَلَيْهِ مِنْ بَعْدِهِ وَإِنَّمَا أَتَاكُمُ الْحَدِيثُ مِنْ أَرْبَعَةٍ لَيْسَ لَهُمْ خَامِسٌ.
رَجُلٍ مُنَافِقٍ يُظْهِرُ الْإِيمَانَ مُتَصَنِّعٍ بِالْإِسْلَامِ‏ لَا يَتَأَثَّمُ وَلَا يَتَحَرَّجُ أَنْ يَكْذِبَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) مُتَعَمِّداً فَلَوْ عَلِمَ النَّاسُ أَنَّهُ مُنَافِقٌ كَذَّابٌ لَمْ يَقْبَلُوا مِنْهُ وَلَمْ يُصَدِّقُوهُ وَلَكِنَّهُمْ قَالُوا هَذَا قَدْ صَحِبَ رَسُولَ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) وَرَآهُ وَسَمِعَ مِنْهُ وَأَخَذُوا عَنْهُ وَهُمْ لَا يَعْرِفُونَ حَالَهُ وَقَدْ أَخْبَرَهُ اللَّهُ عَنِ الْمُنَافِقِينَ بِمَا أَخْبَرَهُ وَوَصَفَهُمْ بِمَا وَصَفَهُمْ فَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ (وَإِذا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ)([3]) ثُمَّ بَقُوا بَعْدَهُ فَتَقَرَّبُوا إِلَى أَئِمَّةِ الضَّلَالَةِ وَالدُّعَاةِ إِلَى النَّارِ بِالزُّورِ وَالْكَذِبِ وَالْبُهْتَانِ فَوَلَّوْهُمُ الْأَعْمَالَ وَحَمَلُوهُمْ عَلَى رِقَابِ النَّاسِ وَأَكَلُوا بِهِمُ الدُّنْيَا وَإِنَّمَا النَّاسُ مَعَ الْمُلُوكِ وَالدُّنْيَا  إِلَّا مَنْ عَصَمَ اللَّهُ فَهَذَا أَحَدُ الْأَرْبَعَةِ.
وَرَجُلٍ سَمِعَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ شَيْئاً لَمْ يَحْمِلْهُ عَلَى وَجْهِهِ وَوَهِمَ فِيهِ وَلَمْ يَتَعَمَّدْ كَذِباً فَهُوَ فِي يَدِهِ يَقُولُ بِهِ وَيَعْمَلُ بِهِ وَيَرْوِيهِ فَيَقُولُ أَنَا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) فَلَوْ عَلِمَ الْمُسْلِمُونَ أَنَّهُ وَهِمَ لَمْ يَقْبَلُوهُ وَلَوْ عَلِمَ هُوَ أَنَّهُ وَهِمَ لَرَفَضَهُ.
وَرَجُلٍ ثَالِثٍ سَمِعَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) شَيْئاً أَمَرَ بِهِ ثُمَّ نَهَى عَنْهُ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ أَوْ سَمِعَهُ يَنْهَى عَنْ شَيْ‏ءٍ ثُمَّ أَمَرَ بِهِ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ فَحَفِظَ مَنْسُوخَهُ وَلَمْ يَحْفَظِ النَّاسِخَ وَلَوْ عَلِمَ أَنَّهُ مَنْسُوخٌ لَرَفَضَهُ وَلَوْ عَلِمَ الْمُسْلِمُونَ إِذْ سَمِعُوهُ مِنْهُ أَنَّهُ مَنْسُوخٌ لَرَفَضُوهُ.
وَآخَرَ رَابِعٍ لَمْ يَكْذِبْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) مُبْغِضٍ لِلْكَذِبِ خَوْفاً مِنَ اللَّهِ وَتَعْظِيماً لِرَسُولِ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) لَمْ يَنْسَهُ بَلْ حَفِظَ مَا سَمِعَ عَلَى وَجْهِهِ فَجَاءَ بِهِ كَمَا سَمِعَ لَمْ يَزِدْ فِيهِ وَلَمْ يَنْقُصْ مِنْهُ وَعَلِمَ النَّاسِخَ مِنَ الْمَنْسُوخِ فَعَمِلَ بِالنَّاسِخِ وَرَفَضَ الْمَنْسُوخَ؛ فَإِنَّ أَمْرَ النَّبِيِّ (صلى الله عليه وآله) مِثْلُ الْقُرْآنِ نَاسِخٌ وَمَنْسُوخٌ وَخَاصٌّ وَعَامٌّ وَمُحْكَمٌ وَمُتَشَابِهٌ قَدْ كَانَ يَكُونُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) الْكَلَامُ لَهُ وَجْهَانِ كَلَامٌ عَامٌّ وَكَلَامٌ خَاصٌّ مِثْلُ الْقُرْآن‏"([4]).
 
منهج القرآن الكريم فصل المحكمات والمخصصات والحواكم...
 
فأما الأول (وهو أن منهج القرآن الكريم هو ذلك وأن منهج النبي (صلى الله عليه وآله) ثم الأئمة (عليهم السلام) هو ذلك أيضاً) فقد دل عليه آخر الرواية بضميمة أن من الواضح أن القرآن الكريم منهجه منهج فصل المحكمات عن المتشابهات والعمومات عن المخصصات والآيات الحاكمة عن الآيات المحكومة:
أ- أما المحكمات والمتشابهات فكفصله قوله تعالى: (يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ)([5]) و(الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى)([6]) ونظائرها عن قاله تعالى: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ)([7]).
ب- وأما العمومات والمخصصات فكقوله: (وَيُحِلُّ لَهُمْ الطَّيِّبَاتِ)([8]) و(أُحِلَّ لَكُمْ الطَّيِّبَاتُ)([9]) عن قوله: (وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرْ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ)([10]) وغيره و(وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ)([11]) مع (إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوْ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا)([12]) وغيرها كـ(فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ)([13]) و(ثُمَّ أَفِيضُوا...)([14]) إلى غيرها وكقوله (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ)([15]) مع قوله (لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ)([16]).
ج- وأما الحواكم عن المحكوم عليه فكقوله: يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمْ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمْ الْعُسْرَ)([17]) ووَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ)([18]) بالنسبة لقوله (ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ)([19]) فكذا منهج النبي (صلى الله عليه وآله) ومنهج الأئمة (عليهم السلام).
 
وجود الناسخ والمخصص والمحكم في كلامهم (عليهم السلام) مما لا يناله العامي
 
وأما الثاني([20]): فكما ورد في نفس الرواية من قوله (عليه السلام) "إِنَّ فِي أَيْدِي النَّاسِ حَقّاً وَبَاطِلًا وَصِدْقاً وَكَذِباً وَنَاسِخاً وَمَنْسُوخاً وَعَامّاً وَخَاصّاً وَمُحْكَماً وَمُتَشَابِهاً وَحِفْظاً وَوَهَماً وَقَدْ كُذِبَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) عَلَى عَهْدِهِ حَتَّى قَامَ خَطِيباً فَقَالَ أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ كَثُرَتْ عَلَيَّ الْكَذَّابَةُ فَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّداً فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ ثُمَّ كُذِبَ عَلَيْهِ مِنْ بَعْدِهِ وَإِنَّمَا أَتَاكُمُ الْحَدِيثُ مِنْ أَرْبَعَةٍ...".
قوله (عليه السلام): "حَقّاً وَبَاطِلًا..." ومن الباطل: التقية أي مضمونها والحكم المذكور فيها لا نفسها لكن هل العامي يعرف ذلك وهل أوصلوه (عليه السلام) له؟ كلا إلا عبر الفقهاء ولذا ورد "أَعْطَاكَ مِنْ جِرَابِ النُّورَةِ"([21]) وذلك هو ما كان يعرفه فقهاء الأصحاب كما سبق.
وقوله: (صدقاً وكذباً) وهل العامي يعرف صادق الأخبار من كاذبها وهل أوصلوا له ذلك إلا عبر الفقهاء العارفين بمعادلات وثاقة الصدور أو وثاقة الصادر (أي اعتبار الراوي أو الرواية) وأن ضابط اعتبار السند ما هو فهل يصح الرواية عن أهل العامة؟ وهل يشترط فيه النقل باللفظ أو يكفي النقل بالمضمون؟ وهل يشترط فيه العدالة أو تكفي الوثاقة؟ إلى غير ذلك مما لو عرفه لكان مجتهداً متجزياً فقد وصل إليه ببركة اجتهاده، أما العامي بما هو عامي فلا يعرف شيئاً من ذلك إلا عن تقليد وهو المطلوب.
وقوله: (قَدْ كَانَ يَكُونُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) الْكَلَامُ لَهُ وَجْهَانِ (و)([22]) كَلَامٌ عَامٌّ وَكَلَامٌ خَاصٌّ) وهل يعرف العامي الوجهين بل الوجوه فيما ورد من "أَنْتُمْ أَفْقَهُ النَّاسِ إِذَا عَرَفْتُمْ مَعَانِيَ كَلَامِنَا إِنَّ الْكَلِمَةَ لَتَنْصَرِفُ عَلَى وُجُوهٍ فَلَوْ شَاءَ إِنْسَانٌ لَصَرَفَ كَلَامَهُ كَيْفَ شَاءَ وَلَا يَكْذِبُ"([23])
 
الإشكال: بأن سيرة أصحاب الأئمة (عليهم السلام) على العمل بالروايات فوراً
 
ومما قد يورد على دعوى قرينة الدأب: أن سيرة أصحاب الأئمة كانت على العمل بالروايات فور صدورها من الأئمة (عليهم السلام) من غير ينتظروا ويتريثوا ساعات وأياماً وأسابيع وأكثر ريثما يصدر المخصص المنفصل المحتمل؟
 
الجواب: كانت لهم سيرتان
 
والجواب: انه لم تكن هناك سيرة واحدة بل كانت لهم سيرتان:
ففي العمومات الفتوائية كانت السيرة على العمل فوراً لفرض أن كلام الإمام (عليه السلام) كان فتوى.
وأما في العمومات التعليمية فكانت السيرة على الانتظار والتريث حتى يكتمل مقام التعليم وربما كان ذلك في أيام وأسابيع أو حتى سنيناً متمادية..
ولا حاجة إلى برهنة ذلك فان سيرة العقلاء في الموردين على ذلك وسيرة المتدينين حتى الآن على ذلك فإذا سألوا عن الفتوى عملوا وإن كانوا طلاباً سمعوا كليات في مقام التعليم المستمرة انتظروا.
 
الإشكال بأن الأئمة حرّضوا على العمل باخبارهم بمجرد وصولها
 
وقد يشكل بأن دعوى لزوم الفحص عن المخصصات المنفصلة المعتمدة على جريان دأبهم (عليهم السلام) على الفصل، تدفعها تصريحاتهم (عليهم السلام) بلزوم العمل بأخبارهم فوراً!.
 
الأجوبة:
 
1- لا رواية تصرح بذلك
 
أولاً: لا توجد رواية تصرح بلزوم العمل فوراً قبل الفحص، والبديهي المسلّم هو أصل لزوم العمل، إنما الكلام في لزومه فوراً قبل الفحص عن المخصصات.
لا يقال: يدل على ذلك مثل "لَا عُذْرَ لِأَحَدٍ مِنْ مَوَالِينَا فِي التَّشْكِيكِ فِيمَا يُؤَدِّيهِ عَنَّا ثِقَاتُنَا"([24]).
إذ يقال: المراد بالتشكيك في الرواية التشكيك السندي ومن حيث الصدور ويدل عليه قوله (يؤديه عنا) فكونه اداءً عنهم هو مورد البحث والتشكيك([25]) كما يدل عليه قوله (ثقاتنا) فان الوثاقة لدفع احتمال الكذب أما الخبروية فهي المرتبطة بالمضمون والدلالة، على أنه لو أريد المضمون  والدلالة لورد عليه الجواب الآتي.
 
2- لزوم العمل فوراً بعد معرفة مرادهم الجدي
 
ثانياً: لا شك في لزوم العمل بما يرويه عنهم ثقاتهم وفي لزوم العمل بأوامرهم، لكن من البديهي أيضاً أن ذلك بعد إحراز مرادهم (عليهم السلام) الجِدّي؛ فانه إذا ذكر الإمام (عليه السلام) عاماً وقال بانه سيخصصه فهل يجوز لنا العمل بعمومه متذرعين بلزوم العمل بعموماتهم فوراً؟ فكذلك لو أقاموا  دليلاً إجمالياً على أنهم سيخصصون كثيراً من أحكامهم، فيجب الفحص عنها جميعاً في ما عدا ما يقطع بأن لا يشمله التخصيص.
 
3- لزوم العمل بدون الفحص يستلزم هدم الدين
 
ثالثاً: أن لزوم العمل بالآيات والروايات فوراً ودون البحث عن المنفصلات يلزم منه هدم أساس الدين؛ ألا ترى أن قوله تعالى: (ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ) واضح الدلالة على الوجوب فإذا أوجب العمل بها فوراً كان على الحائض أن تصوم وكذلك على المجنب([26]) وعلى من يضره  الصوم... الخ ممن سمع هذه الآية إذ يجب عليه فوراً العمل دون الفحص عن المخصص والشرط وغيرهما؟ وكذا من سمع (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ) قبل أن يبحث عن الشروط والموانع.. الخ
 
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
====================
 
قال أمير المؤمنين (عليه السلام): "مَنِ اسْتَطَاعَ أَنْ يَمْنَعَ نَفْسَهُ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْيَاءَ فَهُوَ خَلِيقٌ بِأَنْ لَا يَنْزِلَ بِهِ مَكْرُوهٌ أَبَداً، قِيلَ وَمَا هُنَّ، قَالَ: الْعَجَلَةُ وَاللَّجَاجَةُ وَالْعُجْبُ وَالتَّوَانِي" تحف العقول عن آل الرسول (صلى الله عليه وآله): ص206.
...............................................
 
 

  • المصدر : http://www.m-alshirazi.com/subject.php?id=2562
  • تاريخ إضافة الموضوع : الاحد 6 جمادى الاخرة 1438هـ
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 14