• الموقع : مؤسسة التقى الثقافية .
        • القسم : التعارض - التعادل والترجيح (1437-1438هـ) .
              • الموضوع : 201- دليل آخر على الوجه الرابع ثمرته: المودَع لدى الامام اللاحق امران ـ الوجه الخامس: الحاكم متصرف في الظهور و المخصص في الارادة الجدية .

201- دليل آخر على الوجه الرابع ثمرته: المودَع لدى الامام اللاحق امران ـ الوجه الخامس: الحاكم متصرف في الظهور و المخصص في الارادة الجدية

 
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
مباحث التعارض: (التعادل والترجيح وغيرهما)
(201)
 
من الأدلة على الوجه الرابع: تقدم هذا الخاص([1]) على العام وإن كان أضعف ظهوراً
 
ثم انه قد يستدل على الوجه الرابع([2])، إضافة إلى ما سبق، بوجود خواص الحكومة في المخصصات المنفصلة الصادرة ممن دأبه الاعتماد على المنفصلات، وقد سبق أن أهم خاصية للحكومة هي تقدم الحاكم على المحكوم ولو كان أضعف منه ظهوراً (وقد أوضحنا هناك أن الوجه هو كونه معتضداً بمقام التفسير والشرح فيكون بلحاظه أقوى ظهوراً وإن كان في حد ذاته أضعف ظهوراً، فراجع) عكس الخاص.
وفي المقام: فإن المخصصات المنفصلة حيث اقترنت عموماتها السابقة بقرينة عامة تفيد أن المولى دأبه الاعتماد على المنفصلات، تقدمت عليها وإن كانت أضعف ظهوراً لفرض دلالة القرينة العام على أن المخصصات اللاحقة هي القرائن على المراد، فيكون وزان القرينة العامة كوزان القرينة الخاصة فانه لو قال حين صدور العام منه بأنه سيُلحِقُه بمخصِّص له فإنه إذا جاء تقدم على العام وإن كان أضعف من العام ظهوراً لفرض تصريحه من قبل بأن الآتي قرينة على المراد من الماضي فيكون الخاص ببركة هذه القرينة الخاصة وبمعيتها أقوى وإن كان ذاتاً أضعف، فكذا حال القرينة العامة في تقوية ذويها، ومن الواضح أنه لا فرق بين القرينة الإجمالية العامة والقرينة التفصيلية الخاصة في تقوية ظهور ما هي مفيدة لأنه – كالخاص – قرينة على المراد من غيره – كالعام – فتدبر.
كما قد يُستدل بسريان إجمال الحاكم إلى المحكوم، عكس المخصص، على ما ذهب إليه المحقق العراقي، فانه مع وجود قرينة الدأب العامة فإنه يسري الإجمال كذلك فهو حاكم إذاً. فتأمل.
 
من ثمرات الوجه الرابع: إيداع مخصص الإرادة الجدية ومغيّر الاستعمالية، لدى الإمام اللاحق
 
ثم ان على الوجه الرابع فان النبي (صلى الله عليه وآله) ومطلق الإمام السابق يكون قد أودع لدى الإمام اللاحق أمرين:
الأول: مخصصَ الإرادة الجدية، وفي هذا يشترك الحاكم مع المخصّص مطلقاً (في صورة تعددهما([3]) وكذا في صورة القول بتعددهما عكس الوجه الرابع فالمخصص حاكم فيمن دأبه الاعتماد على المنفصلات) وهذا الأمر ذكره المشهور أيضاً، وإنما ينفرد الوجه الرابع الذي استحدثناه بالأمر الآتي:
الثاني: حاكماً مغيراً للظهور كما سبق تفصيله، فالخاص المتأخر متصرف في مرحلة الإرادة الاستعمالية للعام المتقدم.
لا يقال: الماضي لا ينقلب عما وقع عليه؟
إذ يقال: لا انقلاب إذ لا حدوث للظهور في ظرفه؛ إذ المدعى على هذا الوجه هو أن العام إذ صدر كان مراعى في ظهوره وفي إرادته الجدية معاً أو فقل كانا تعليقيين فإذا جاء المخصص بعد ذلك من الإمام اللاحق كشف عن أن العام لم يستعمل في العموم منذ حين صدوره ولا انه أريد منه، وإلا كشف عن انعقادهما في ظرفه.
بعبارة أخرى: إذا جاء النبي (صلى الله عليه وآله) بالعام وهو مريد للخاص وهو محيطٌ بان مخصصه الذي أودعه لدى الإمام اللاحق سيأتي به بعد كذا سنة، فانه لا يستعمله، في ظرف صدوره، إلا في ما عدا مورد الخاص، هذا ثبوتاً وأما في مرحلة الإثبات فإن انعقاد الظهور معلق على عدم مجيء مخصص لاحق.
 
5- عدم انعقاد الإرادتين في المحكوم، وانعقاد الظهور في المخصَّص
 
الوجه الخامس: ما ذهب إليه الميرزا الشيرازي في ظاهر كلامه حسب تقريرات المحقق الروزدري: من الفرق بين المخصص المنفصل وبين الحاكم المنفصل بأن العام ينعقد له الظهور والإرادة الاستعمالية حين صدوره ثم إذا جاء المخصص المنفصل بانَ وظهر عدم انعقاد الإرادة الجدية في وقتها، هذا ثبوتاً وأما إثباتاً فإن ظهور العام في الإرادة الجدية معارض بظهور الخاص فيها في مورده – أي مورد الخاص – وحيث كان أقوى تقدم عليه، فالاستعمالية غير منثلمة على كل تقدير إنما الجدية هي المنثلمة نظراً لمجيء الأقوى.
وأما الحاكم المنفصل فانه مغيِّر للظهور نفسه ومتصرف في الإرادة الاستعمالية لأنه وإن انفصل زمناً إلا أنه حيث كان مفسراً للمحكوم كان بمنزلة القرينة المتصلة، فكما أن القرينة المتصلة تمنع انعقاد الظهور من رأس وتجعل العام ينعقد ضيقاً نظير ضيّق فم الركيِّة كذلك الحاكم المنفصل فانه حيث كان لسانه لسان الشرح والتفسير كان كأنه والمحكوم قد قيلا في مجلس واحد، وعليه يكون ظهور العام حين صدوره معلَّقاً على عدم مجيء حاكم متأخر.
 
كلام الميرزا الشيرازي، السرّ في الوجه الخامس
 
قال: (و المراد من كونه مفسرا له أولا: أنه يكون بحيث لا يفهم التنافي بينه و بين المحكوم عليه من أول النّظر، بل يكون كالقرائن المتصلة من حيث كونه موجبا لظهور المحكوم عليه في اختصاص الحكم الّذي تضمنه بغير مورد الحاكم ابتداء.
و بعبارة أخرى: ميزانه أن يكون بحيث يوجب ظهور المحكوم عليه في إرادة اختصاص الحاكم المعلق على الموضوع المذكور فيه بغير مورد الحاكم مع صدق ذلك الموضوع على ذلك المورد بنفسه، و ذلك بأن يكون ذلك الدليل الحاكم بمنزلة قول المتكلم (أعني) غير هذا المورد.
و من هنا ظهر الفرق بينه و بين المخصص المنفصل، فإنه ليس بحيث يوجب ظهور العام في اختصاص الحكم المعلق عليه بغير مورد التخصيص، بل العام معه- أيضا- ظاهر في تعميم الحكم بالنسبة إلى ذلك المورد، و إنما يقدم الخاصّ لترجيح ظهوره على ظهور العام، فالعام و الخاصّ متعارضان إلا أن الترجيح للخاص، فيقدم عليه لذلك.
بخلاف الحاكم و المحكوم عليه، فإن المحكوم عليه لا ظهور له في عموم الحكم بالنسبة إلى مورد الحاكم حتى يتعارضا، بل ظاهر في اختصاصه بغير ذلك المورد)([4]). أقول:
أ- قوله: (من أول النّظر) أي لا تنافي حتى بدوي بينهما (الحاكم والمحكوم)، وعليه: فالأدلة على ثلاثة أنواع:
ما بينهما تعارض مستقر كالعامين من وجه والمتباينين.
وما بينهما تعارض بدوي – في بادئ النظر – لكنه غير مستقر كالعام والخاص.
وما لا يوجد حتى تعارض بدوي بينهما وهو الحاكم والمحكوم.
ب- قوله: (كالقرائن المتصلة) فان الفرض أن الحاكم منفصل لكنه لأنه كان شارحاً كان كالمتصل.
ج- قوله: (موجباً لظهور...) فقد أوجب انقلاب الظهور والإرادة الاستعمالية في ظرف الصدور (والدقيق أنه أبانَ ذلك أي ابانَ انه لم ينعقد ثبوتاً ظهور للعام الصادر سابقاً) وذلك لأن الفرض في الحاكم انفصاله إذ المتصل لا فرق فيه بين المخصص والحاكم وغيرهما من حيث منع انعقاد الظهور أي كونه موجباً لظهور المخصَّص والمحكوم عليه في اختصاص الحكم الذي تضمنه بغير مورد الحاكم أو الخاص ابتداء ما دام قرينة متصلة.
ثم قال: (و الحاصل: أن الحاكم من حيث هو مقدم على المحكوم عليه كذلك دائما، بخلاف الخاصّ، فإنه لا يقدم على العام من حيث هو، بل بملاحظة رجحان ظهوره على ظهوره، فعليه يدور مدار تقديمه عليه.
و السر في ذلك: ما مر من أن الحاكم مع ظهوره مفسر للمحكوم عليه، و موجب لظهور المحكوم عليه في اختصاص الحكم الّذي تضمنه بغير مورده، فيدور تقديمه عليه مدار بقاء ظهوره من دون توقف على أمر آخر.
بخلاف الخاصّ، فإنه بمجرد ظهوره لا يوجب صرف العام، حتى يكون بنفسه مقدما عليه، بل مع رجحان ظهوره- أيضا- لا يوجب صرفه، و إنما يوجب ذلك تقديم ظهوره على ظهوره)([5]).
وبعبارة أخرى: تقدم الحاكم على المحكوم متوقف على أمر واحد فقط وهو ظهوره، إذ لو كان مهملاً أو مجملاً لما كان معنى للقول بتقدمه على المحكوم غاية الأمر سراية إجماله حينئذٍ إليه، أما تقدم الخاص على العام فمتوقف على أمور ثلاثة: 1- ظهوره في مدلوله 2- كون ظهوره أرجح من ظهور العام 3- كون الرجحان بدرجةٍ توجب تقديم ظهوره على ظهور العام.
وسيأتي غداً بإذن الله تعالى الإشارة إلى أن بعض عبارات الميرزا الشيرازي ربما تتدافع مع بعضها الآخر وتفيد غير ما استظهرناه حتى الآن، فانتظر.
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
=====================
 
قال الإمام الباقر (عليه السلام) يا جابر أوصيك بخمس: "إِنْ ظُلِمْتَ فَلَا تَظْلِمْ، وَإِنْ خَانُوكَ فَلَا تَخُنْ، وَإِنْ كُذِّبْتَ فَلَا تَغْضَبْ، وَإِنْ مُدِحْتَ فَلَا تَفْرَحْ، وَإِنْ ذُمِمْتَ فَلَا تَجْزَع‏"
تحف العقول عن آل الرسول (صلى الله عليه وآله): ص284.
............................................
 
 

  • المصدر : http://www.m-alshirazi.com/subject.php?id=2551
  • تاريخ إضافة الموضوع : الاحد 28 جمادى الاولى 1438هـ
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 14