• الموقع : مؤسسة التقى الثقافية .
        • القسم : المكاسب المحرمة (1434-1435هـ) .
              • الموضوع : 233- توضيح الوجوه السابقة والاستدلال على المقدمية 4ـ يجب كسرها من باب ( سنّ القانون ) .

233- توضيح الوجوه السابقة والاستدلال على المقدمية 4ـ يجب كسرها من باب ( سنّ القانون )

 بسم الله الرحمن الرحيم 

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم 
 
كان الكلام حول انه هل يجوز في الدراهم المغشوشة سائرُ الانتفاعات بها اولا ؟ قلنا ان مرجع ذلك والحَكَم فيه هو الروايات، وقد بينا وجوها للجمع بين طوائف منها بدت متعارضه للوهلة الاولى، وكذلك ذكرنا كلام السيد الخوئي إذ استظهر كون (اكسرها) في الرواية ارشادية؛ اذ لو كانت مولويه لما انسجم الحصر بذلك مع تعليل الرواية، واجبنا عن ذلك ايضا، ووصلنا الى فقه حديث هذه الرواية وقلنا ان المحتملات في رواية (اكسرها...) هي اربعة([1]): اما المحتمل الاول فهو ان الامام ( عليه السلام ) قد ذكر احد افراد الواجب التخييري ولم يكن في مقام الحصر، واما المحتمل والوجه الثاني فهو ان الظاهر من كلام الامام هو المقدمية، وان الكسر المأمور به في الرواية إنما هو للمنع عن الوقوع في الحرمة والفساد([2]) لا لموضوعيته, واما الوجه الثالث فهو ان الرواية في مقام ذكر الحكمة لا التعليل. 
 
وقد مضى كل ذلك. 
 
دليلان آخران من الروايات على (المقدمية)([3]): 
 
اوضحنا فيما مضى عرفية وجه (المقدمية) الذي ذكرناه ردا على اشكال السيد الخوئي، ونذكر الان دليلين من روايتين تثبت ما ذكرناه: 
 
اما الدليل الاول فهو خبر موسى بن بكر قال كنا عند ابي الحسن ع فاذا دنانير مصبوبة بين يديه فنظر الى دينار فأخذه بيده ثم قطعه نصفين ثم قال : القه في البالوعة حتى لا يباع شيء فيه غش )، وهذه الرواية صريحة في ان الامر او النهي هو من باب المقدمية او الطريقية كي لا يباع شيء فيه غش فلو أحرز عدمه لما وجب الكسر. 
 
جواب شبهة الاسراف: 
 
ومن هنا اتضح ايضا جواب شبهة قد وقع فيها البعض فتخلص منها بعدم اعتبار الرواية من خلال الضعف السندي ولكن ظهر بما مضى وجه مضموني للجواب، والشبهة هي: 
 
ان ما أمر الامام ( عليه السلام ) برمي الدينار في البالوعة هو وجه من وجوه الاسراف؛ ذلك ان مادة الدرهم بعد كسره لها القيمة فيمكن الاستفادة منها، وجوابه قد اتضح حيث ان الالقاء في البالوعة والتخلص من الدرهم طريقي؛ اذ الغش اكثر مفسدة من الاسراف فيكون الاسراف مرجوحا، أي الأولى تجنب الغش وإن لزم منه([4]) الإسراف لا العكس([5]). 
 
واما الدليل الثاني فهو الرواية التي ذكرها الشيخ الطوسي - والتي سبقت –، وهي (...اذا بيّن ذلك فلا بأس) فالمدار هو الغش وعدمه فانه إذا بيّن فلا غش وإلا فالغش متحقق. 
 
الوجه الرابع: المعلّل بلحاظ سنّ القانون مساوٍ للعلة 
 
اما الوجه الرابع فهو ان يقال : 
 
انه حتى لو قلنا بان (فانه لا يحل بيع هذا ولا انفاقه) هو علة، إلا ان اشكال السيد الخوئي لا يرد من استلزام الاعم للأخص؛ ذلك ان العلة قد تكون اعم والمعلل المتفرع عليها اخص إلا انه قد اطلق الحكم فيه, أي: في المعلل سناً للقانون فيكون المراد (اكسرها بقول مطلق) لمزيج من العلة وسنّ القانون فانها وان تخلفت (في الكسر) لكن سنّ القانون يبقي الحكم بحاله. 
 
ونوضح ذلك بمثال ان الاشارة الحمراء المنصوبة في الشارع لتنظيم حركة المرور لا يجوز تجاوزها حتى في منتصف الليل ومع القطع بعدم وجود مارة او سيارات أخرى بل ان القانون يحاسب المخالف والغرامة ثابتة في هكذا مورد, ولا يستشكل بان العلة اعم والمعلل اخص إذ يجاب ان المعلل اخص بما هو هو ولكنه بلحاظ سنّ القانون لا يكون أخص بل مساويا. 
 
وفيما نحن فيه فان الامر من هذا القبيل فان (اكسرها) بلحاظ سنّ القانون([6]) هي مساوية فالامام ( عليه السلام ) عمم الحكم بقول مطلق لمزيج من العلة وسن القانون، وبتعبير اخر: ان افضل البدائل في المقام هو الكسر فعممه الامام سناً للقانون وان كان اخص([7]) بذاته. 
 
اذن : هذه الوجوه اربعة مضافة الى الوجه الخامس الذي ذكره صاحب مصباح الفقاهة والمستظهر ان الوجوب في الرواية هو وجوب تخييري مقدمي وان الامام ( عليه السلام ) خص احد افراده بالذكر باعتباره الفرد الأسهل والأقرب للتخلص من الغش من سائر الطرق، ولندرة الانتفاع بالمغشوش فيما ذكر من التزيين أو نظائره. وهو مقبول عرفا. وللكلام تتمة 
 
وصلى الله على محمد واله . 
 
 
 
 
([1]) ومع الإرشادية خمسة. 
 
([2]) تنبيه وموعظة : وهنا ننبه الى خطر الاجهزة الحديثة ومنها الاجهزة النقالة والتي تتضمن برامج الوات ساب واليوتيوب وغيرها فالأفضل للشخص الذي ليس لديه الحصانة الكافية بل الاحتياط يقتضي حذفها او تقنينها ان امكن فان الغرب وضمن منهجه التخريبي دائما ما يعد العدة للتسلل إلى المجتمع والفرد المسلم من خلال ادخال الفساد عليه من كل باب وفي كل باب , واحد هذه الابواب برامج اليوتيوب وتوتير والفيس بوك وغيرها اذ انهم يعمدون الى دس البرامج الفاسدة تعمدا ضمن قائمة خيارات البرامج العلمية او الدينية التي يتصفحها المشاهد فكلما انتهى من برنامج في اليوتيوب وإن كان علمياً أو دينياً فانه تنفتح له فوراً صفحة بها أفلام عديدة احداها فاسد أخلاقيا عادة تكريسا وترويجا لمنهجهم الانحرافي. 
 
([3]) وهو الوجه الثاني الماضي. 
 
([4]) أي من التجنب. 
 
([5]) أي تجنب الإسراف حتى إذا لزم من تجنبه الغش، مع تتميم ان المستظهر انه كان مما لو أبقى الدينار لديه وإن كان مكسوراً ان يستعمله في البيع والشراء – بعد ترميمه ووصله مثلاً -. 
 
([6]) الذي عبّر عنه القوم بضرب القانون. 
 
([7]) وهذا وجه ممكن ثبوتا الا انه اثباتا ليس بمستظهر إذ لا دليل عليه.

  • المصدر : http://www.m-alshirazi.com/subject.php?id=255
  • تاريخ إضافة الموضوع : الاثنين 3 شعبان 1435هـ
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 02 / 23