• الموقع : مؤسسة التقى الثقافية .
        • القسم : التعارض - التعادل والترجيح (1437-1438هـ) .
              • الموضوع : 195- بحث: العمومات المخصصة بمنفصلات بعد حضور وقت العمل هل انعقدت فيها الارادتان الجدية والاستعمالية؟ او لا مطلقاً؟ او بالتفصيل؟ ـ وعلى التفصيل يبتني الفارق بين الحاكم والمخصص ـ وهو محور البحث .

195- بحث: العمومات المخصصة بمنفصلات بعد حضور وقت العمل هل انعقدت فيها الارادتان الجدية والاستعمالية؟ او لا مطلقاً؟ او بالتفصيل؟ ـ وعلى التفصيل يبتني الفارق بين الحاكم والمخصص ـ وهو محور البحث

 
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
مباحث التعارض: (التعادل والترجيح وغيرهما)
(195)
 
تتمة بحث الفوارق بين الحاكم والمخصص
 
مضى بعض البحث عن الفوارق بين الحاكم والمخصص، وهناك فرق آخر هام يظهر في ضمن البحث الآتي والذي يُعد من أهم مباحث كتاب التعارض:  فصل الحكومة والورود،  كما هو من أهم مباحث العام والخاص وهو:
 
تحقيق الحال في العمومات المخصَّصة بمنفصلات فيمن دأبه ذلك
 
تحقيق الحال في العمومات التي جرى دأب المولى على تخصيصها بالمنفصلات، سواء أكان التخصيص بلسان المخصص أم بلسان الحاكم، فنقول:
البحث تارة يكون عن حال العمومات المخصَّصة بمنفصلات وردت قبل وقت العمل والحاجة، وأخرى عن المخصصة بمنفصلات وردت بعد انقضاء وقت العمل والحاجة.
كما أن البحث يجري بعينه في غير من كان دأبه ذلك، إذا جاء بعام ثم خصصه بمنفصل قبل أو بعد انقضاء وقت العمل.
وسنبحث عن الصورة الثانية إذ بها يتضح حال سائر الصور الأربع ولأن الأمر فيها أشد اعضالاً من سائر الصور وإن اختصت بأحكام خاصة لا تخفى على المتدبر، وصفوة القول هو:
 
الأقوال الأربعة في ذلك
 
ان المحتملات بل الأقوال في العام المخصص بمنفصل حضر بعد انتهاء وقت العمل، أربعة:
 
1- انعقاد الإرادتين الجدية والاستعمالية، بناء على النسخ
 
الأول: انعقاد الإرادة الجدية والاستعمالية معاً في مثل هذا العام، وذلك لا يكون إلا على القول بالنسخ إذ يكون العام بعمومه هو الحكم الواقعي منذ صدوره زمن النبي (صلى الله عليه وآله) مثلاً حتى مجيء المخصص – الناسخ زمن الإمام الباقر (عليه السلام) مثلاً.
والنسخ حيث أنه يعني انتهاء أمد الحكم لانتهاء المصلحة أو المفسدة لتحددها بتلك الفترة، لخصوصيات فترة التأسيس مثلاً، لا إشكال فيه عقلاً بل هو على القاعدة إذا كانت المصلحة أو المفسدة كذلك أي مؤقتة.
 
استبعاد الأعلام للنسخ والمناقشة
 
لكن الأعلام استبعدوه لاستبعاد كثرة النسخ في الشريعة نظراً لكثرة المخصصات الواردة بعد زمن العمل – كالواردة زمن الصادقين (عليهما السلام) ولذا قال الشيخ: (أما النسخ - فبَعْدَ توجيهِ وقوعِهِ بعد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بإرادة كشف ما بينه النبي (صلى الله عليه وآله) للوصي (عليه السلام) عن غاية الحكم الأول وابتداء الحكم الثاني - مدفوعٌ: بأن غلبة هذا النحو من التخصيصات يأبى عن حملها على ذلك)([1]).
لكنه قد يناقش فيه: بأن هذا الاستبعاد لا وجه له بعد الإذعان بأن ملاكات الأحكام مجهولة لنا لذا لا قياس ولا استحسان ولا مصالح مرسلة، فإذا أذعنوا بانها مجهولة لنا فكيف يستبعد كون كثير منها مؤقتة كي يستبعد النسخ؟ وعلى أي فصِرف الاستبعاد ليس دليلاً وليس ههنا محل تفصيل الأخذ والرد في ذلك فلنوكله لمبحث تعارض النسخ والتخصيص، على أن النسخ لعله أهون من التزامه قدس سره بالحكم الظاهري فيها جميعاً كما سيأتي.
 
2- عدم انعقاد أي من الإرادتين
 
الثاني: عدم انعقاد الجدية بل ولا الاستعمالية وذلك بأحد وجهين:
 
إما لوجود قرينة مقامية عامة على أن هذا المولى خارج عن طريقة أهل اللغة
 
أ- ما صار إليه الميرزا مهدي الاصفهاني (قدس سره) حسب المنقول عنه – من أن المولى إذا كان دأبه وديدنه الاعتماد على المنفصلات فيكون ذلك قرينة مقامية عامة على عدم إرادته العمومات الصادرة منه بالإرادة الجدية أولاً وعلى أنه ليس لعموماته ظهور في استعمالها في العموم أي لا تجري فيه أصالة الحقيقة([2])، والحاصل: انه لا إرادة استعمالية له كما لا إرادة جدية.
ويمكن توضيح كلامه: بأن حال العام لدى من كان ديدنه الاعتماد على المنفصلات يكون حال المطلق الذي لم يحرز، ولو بالأصل، كون المولى في مقام البيان أو وجدت ولو قرينة إجمالية عامة على الخلاف، فكما لا ينعقد للمطلق حينئذٍ إطلاق لا ينعقد للعام، فيمن اعتاد التخصيص بالمنفصلات، عموم؛ فإن ظهور العام ببركة الوضع في العموم اقتضائي فهو كظهور الأمر في الوجوب مثلاً وليس الوضع علة ولذا أمكن المجاز، فلو كثرت تخصيصاته المنفصلة دلّ ذلك على خروج المولى، لمصلحةٍ، عن طريقة أهل اللغة في استعمال العام، كأصلٍ، في العموم.
وذلك أعم من كونه مجازاً في الباقي وعدمه إذ الأمر مبني على المسالك في نحوِ استعمال العام في غير مورد الخاص مما فصل في محله وعلى جميع التقادير فان المولى الذي كان دأبه ذلك خارج عن طريقة أهل اللغة.
 
وإما لكشف المنفصلات عن وجود القرائن المتصلة في السابق
 
ب- ما نضيفه استناداً إلى ما ذكره الشيخ، وهو: أن التخصيصات الآتية في أزمنة الأئمة اللاحقين تكشف عن وجود قرائن متصلة بعمومات النبي (صلى الله عليه وآله) مثلاً وقد اختفت علينا فالباقران (عليهما السلام) مثلاً مُظهِران بمنفصلاتِهما المتصلاتِ النبوية (صلى الله عليه وآله).
وعلى هذا فتلك العمومات لم تنعقد لها الإرادتان الجدية والاستعمالية في ظرف صدورها؛ إذ الفرض انها كانت – حسب هذا الكلام – مقرونة بمتصلات ثم ضاعت وحيث اتصلت بها قرائنها انعقدت الجدية والاستعمالية ضيّقة لا على حسب ما للعموم بنفسه من السعة.
 
استبعاد احتمال وجود قرائن متصلة خفيت علينا
 
لكن الشيخ رد هذا الاحتمال بقوله: (وأما اختفاء المخصِّصات، فيبعِّده بل يحيله - عادة - عموم البلوى بها من حيث العلم والعمل، مع إمكان دعوى العلم بعدم علم أهل العصر المتقدم وعملهم بها، بل المعلوم جهلهم بها)([3]).
 
مناقشة الاستبعاد
 
وقد يناقش بعدم البعد في ذلك مع ما علمناه من كثرة الحروب والغزوات في عهد الرسول (صلى الله عليه وآله) من جهة وكثرة الأعمال والشواغل والمسؤوليات للعديد من الأصحاب لكونها مرحلة تأسيس دولة تتوسع باستمرار من جهة ثانية وانشغال كثير من المسلمين في غير أوقات الحرب وشبهها بأعمالهم من زراعة وصناعة وتجارة وشبه ذلك من جهة ثالثة.
إضافة إلى قلة المتفرغين للعلم ممن يمكنهم الحفظ والإحاطة بكافة المخصصات الواردة عنه (صلى الله عليه وآله)، بل ان المنذِرين الذين ذكروا في الآية (فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ)([4]) كان لبْثُهم في المدينة قليلاً فكيف كان لهم أن يستوعبوا([5]) كل المخصصات وغيرها التي ذكرها الباقران طوال سنين متمادية لألوف التلاميذ الذين ما كانت لديهم شواغل حرب ولا شواغل ومشاكل إدارة دولة ولا شبه ذلك؟ إضافة إلى أن المنذرين عندما كانوا يرجعون إلى أهاليهم وكانوا عادة قرويين أو من البدو أو من الاميين كم كان بمقدورهم بث كافة علومهم إليهم؟ ثم كم شخصاً منهم كان يسجل ويكتب؟
يضاف إلى ذلك منع عمر تدوين الحديث والذي استمر لفترة طويلة، وإتلافه كثيراً من الكتب والأوراق.
يضاف إليه تلف كثير من الكتب حتى في المراحل اللاحقة كمدينة العلم وغيره ومياه دجلة والفرات شاهدة، بل يضاف إلى ذلك كله ان المخصصات وشبهها بل وكافة الروايات المروية عن الصادقين (عليهما السلام) رغم طول فترتهما وتتلمذ ما بين 4 آلاف إلى 20 ألف عند الإمام الصادق (عليه السلام)، وحده لا تصل – فيما وصل إلينا منها – إلى تدريس الإمام باليوم 5 ساعات لسنة واحدة فقط([6]) فأين الباقي؟ والحاصل: أن عموم البلوى أعم من النقل والوصول إلينا، ولا وجه لتلك الدعوى بعد ذلك كله.
والأمر بحاجة إلى مزيد من التأمل فتأمل، وقد نتوقف عنده لاحقاً إذا شاء الله تعالى.
الثالث: انعقاد كلتا الإرادتين لكن لا على نحوِ الحكم الواقعي فانه الوجه الأول، بل على نحو الحكم الظاهري وسيأتي غداً بإذن الله تعالى.
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
====================
 
سُئِلَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عليه السلام) "أَيُّ ذَنْبٍ أَعْجَلُ عُقُوبَةً لِصَاحِبِهِ؟، فَقَالَ: مَنْ ظَلَمَ مَنْ لَا نَاصِرَ لَهُ إِلَّا اللَّهُ، وَجَاوَرَ النِّعْمَةَ بِالتَّقْصِيرِ وَجَاوَرَ بِالْبَغْيِ عَلَى الْفَقِيرِ"
الاختصاص: ص234.
...........................................
 
 

  • المصدر : http://www.m-alshirazi.com/subject.php?id=2530
  • تاريخ إضافة الموضوع : السبت 20 جمادى الاولى 1438هـ
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 15