• الموقع : مؤسسة التقى الثقافية .
        • القسم : التعارض - التعادل والترجيح (1437-1438هـ) .
              • الموضوع : 187- تتمة البحث السابق ـ نسبة ادلة الامارات مع ما دل على اشتراط العلم .

187- تتمة البحث السابق ـ نسبة ادلة الامارات مع ما دل على اشتراط العلم

 
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
مباحث التعارض: (التعادل والترجيح وغيرهما)
(187)
 
النسبة بين أدلة الامارات والأدلة الدالة على لزوم تحصيل العلم
 
ومما سبق تظهر النسبة بين أدلة الامارات، كأدلة حجية الفتوى وحجية خبر الواحد، والأدلة الدالة على لزوم تحصيل العلم في لزوم الإتباع ومبرئية الذمة وفي أنه المنجز والمعذر([1]) وهل انها الحكومة أم التخصيص أم غير ذلك. توضيحه:
 
البحث في نسبة عناوين ثلاثة مع أدلة الأمارات
 
إن ههنا ثلاث عناوين وقع الأول والثاني منها مورد بحث الأعلام في نسبتها مع أدلة الامارات دون الثالث وكان ينبغي أن يفرد للثالث بحث أيضاً، وهي:
1- النسبة بين أدلة الامارات وأدلة الأصول كأصل البراءة والاستصحاب والتي أخذ الشك موضوعاً لها أو ركناً، فقيل هي الحكومة وقيل التخصيص وقيل غير ذلك، وسنفرد لذلك، تبعاً للقوم، بحثاً خاصاً بإذن الله تعالى.
2- النسبة بين أدلة الامارات والأدلة الناهية عن إتباع الظن كـ(اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنْ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ)([2]) و(إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ)([3]) وشبهها وقد بحثها القوم أيضاً.
3- النسبة بين أدلة الامارات والأدلة التي نصت على اعتبار العلم واشتراطه في براءة الذمة أو التي ردعت عن إتباع غيره مثل قوله تعالى: (وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ)([4]) وقوله (عليه السلام): "مَنْ أَفْتَى النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ النَّاسِخَ مِنَ الْمَنْسُوخِ وَالْمُحْكَمَ مِنَ الْمُتَشَابِهِ فَقَدْ هَلَكَ وَ أَهْلَكَ"([5]) فان الفتاوى عادة، أو كثيراً ما، ليست عن علم بل عن الظواهر والحجج الظنية المسماة بالظنون المعتبرة.
وهذه الطائفة أشمل دلالة من الطائفة الثانية إلا لو عُمِّم الظن لمطلق غير العلم.
وهنا يقع البحث عن نسبة أدلة الامارات كقوله (عليه السلام): "فَمَا أَدَّى إِلَيْكَ عَنِّي فَعَنِّي يُؤَدِّي"([6]) و"اجْلِسْ فِي مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ وَأَفْتِ النَّاسَ فَإِنِّي أُحِبُّ أَنْ يُرَى فِي شِيعَتِي مِثْلُكَ"([7]) مع هذه الطائفة الثالثة، وإجماله:
 
1- أدلة الامارات حاكمة والحكومة تنزيلية
 
1- أما على أن مفاد هذه الأدلة هو التنزيل وهو الاحتمال الأول الماضي([8]) فإن هذه الأدلة حاكمة بالحكومة التنزيلية الموسِّعة لدائرة العلم (والمضيقة لدائرة الظن المردوع عنه).
 
2- أدلة الامارات حاكمة بالناظرية
 
2- وأما على أن مفاد هذه الأدلة مجرد بيان المرآتية والإخبار عن الكاشفية وضرب القانون، فقد يقال بالحكومة وقد يقال بالتخصيص.
 
رد دعوى البعض بطلانَ الإفتاء والتقليد
 
وذلك مقابل ما ذهب إليه بعض الإخباريين من حرمة الفتوى والتقليد استناداً إلى الأدلة الناهية عن قَفْوِ ما ليس بعلم وأن هذه الأدلة "وَأَفْتِ النَّاسَ..." وشبهها يراد بها صورة العلم بقول الإمام (عليه السلام) وأن الفتوى لا يراد بها المعهود لدينا من الاجتهاد الحدسي المعتمد على خلط الحدس بالحس، بل المقصود بالفتوى الحكم على طبق نص كلام الإمام (عليه السلام) فهي، على هذا، نقل لقول المعصوم (عليه السلام) لا إبداء للرأي.
ولكنه غير صحيح لوضوح أن الفتوى غير نقل الرواية فإن الرواية حسية والفتوى حدسية فان الفتوى ما كانت عن إعمال نظر وفكر ورأي، ولو أراد الإمام (عليه السلام) صِرف النقل لقال: أجلس في مسجد المدينة وإروِ أخبارنا، واستعمال الفتوى في النقل أحياناً أعم من الحقيقة، إضافة إلى أن الناقل للخبر للعمل به لا يسوغ له ذلك إلا أن يكون مفتياً مُعمِلاً نظره إذ لا بد أن يلاحظ سند الرواية ودلالتها ومعارضاتها ومخصصاتها ومزاحماتها.. الخ مما يتوقف كله على النظر، وعلى أي فليس هذا محل بحث ذاك وقد فصلناه في مباحث الاجتهاد والتقليد فليراجع.
 
وجه دعوى الناظرية
 
فأما وجه الحكومة فـ(الناظرية) فإنه وإن لم نقل بالتنزيل، إلا أن الظاهر أن مثل "فَمَا أَدَّى إِلَيْكَ عَنِّي فَعَنِّي يُؤَدِّي" ناظر إلى مثل (وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ) إذ الإمام (عليه السلام) يفيد بأنه ليس مما ليس لك به علم بل هو علم، فهو مخصِّص بلسان الحكومة والناظرية، والمراد بـ(يفيد) كونه مخبراً، لا منشأ وإلا كان من التنزيل. فتأمل
ثم ان الناظرية هنا قد يدعى كونها فعلية فإن شكك فيها فلا شك في الناظرية الشأنية بمعنى أنه عند وضع احداهما إلى جوار الأخرى نجد أن هذه تصلح للاعتماد عليها كمفسرة لتلك مبينة للمراد منها.
والحاصل: أن الحكومة هنا كحكومة (لا ضرر) ونظائره من العناوين الثانوية على أدلة العناوين الأولية فانه لا تنزيل فيها لوضوح عدم تنزيل في ما فيه الضرر منزلة ما لا ملاك له في عدم الوجوب في مثل الصوم، بل ملاك الحكومة هي الناظرية الفعلية وإلا فالشأنية، كذلك المقام. وهذا هو الأقرب.
وأما التخصيص، فإنه إن نوقش في الحكومة والناظرية كان الوجه تقدم أدلة الامارات على الأدلة الناهية عن إتباع غير العلم، بالتخصيص لكونها أخص منها مطلقاً.
 
3- أدلة الامارات تفيد انها علم عادي
 
لا يقال: الامارات علم عادي فهي داخلة في العلم حقيقةً؟
إذ يقال: كلا، بل هي مجرد ظن معتبر، نعم بعض أفرادها قد يفيد لبعض الأفراد العلم العادي لكن التمسك بذيل كونها علماً عادياً يستلزم التفصيل في حجية الامارات والاقتصار على موارد قليلة منها لأن الأكثر عدم إفادتها العلم العادي المراد به المتاخم للعلم. هذا.
 
4- أدلة اشتراط العلم منصرفة عن الطرق العقلائية
 
وقد يقال بانصراف مثل (وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ) عن الطرق العقلائية فالخروج، على هذا، تخصّصي.
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
===================
 
قال الإمام زين العابدين (عليه السلام): "مِنْ أَخْلَاقِ الْمُؤْمِنِ الْإِنْفَاقُ عَلَى قَدْرِ الْإِقْتَارِ، وَالتَّوَسُّعُ عَلَى قَدْرِ التَّوَسُّعِ، وَإِنْصَافُ النَّاسِ وَابْتِدَاؤُهُ إِيَّاهُمْ بِالسَّلَامِ عَلَيْهِمْ" الكافي: ج2 ص241.
..........................................
 
 

 


  • المصدر : http://www.m-alshirazi.com/subject.php?id=2493
  • تاريخ إضافة الموضوع : الاحد 30 ربيع الاخر 1438هـ
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 15