بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
مباحث التعارض: (التعادل والترجيح وغيرهما)
(182)
المحتملات الخمس في التصويب:
سبقت احتمالات أربع في التصويب ([1])، وسبق الفرق الأول بين الثالث والرابع، وأما الفرق الثاني فهو:
الفرق بين الثالث والرابع
ثانياً: أن مصب النوع الثالث هو المتعلَّق نفسه، أما مصبّ النوع الرابع فهو غيره مما يشابهه أو يرتبط به بوجه، ويظهر ذلك بوضوح في الحكومة بالتوسعة؛ فان تنزيل غير الموضوع (كالطواف) منزلة الموضوع (كالصلاة) في "الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ صَلَاةٌ" ([2]) هو مصداق النوع الرابع وليس أن الحكم الجديد زاحم الحكم القديم (أو الفتوى للفتوى) في نفس المتعلَّق، وقد سبق: (وعليه فان فتوى السابق لو كانت محرّمية الـ15 رضعة فتزوجها وكانت قد ارتضعت معه 12 رضعة مثلاً صح الزواج في علته المبقية أيضاً وإن كان فتوى من قلده لاحقاً أن الـ10 رضعات محرّمة فقد نزّل الدليل الـ12 منزلة الـ9 ([3]) في الحلّية ([4]) فهي موسعة رغم مجيء الفتوى الجديدة) ([5]).
بل حتى في التضييق فإن الأمر كذلك وقد سبق (وكذا العكس لكن في التضييق بأن كان يقلد من يرى أن المحرِّم 10 رضعات فتزوجها رغم ذلك وكان قد ارتضع معها 12 رضعة، ثم قلد من ارتأى أن المحرم 15 رضعة فلا يزال باطلاً تنزيلاً لـ10 رضعات السابقة منزلة الـ15 رضعة) ([6]). فتأمل ([7]).
والحاصل: أن الرابع يفيد حكم الضميمة أما الثلاثة الأولى فالكلام فيها عن المتعلَّق نفسه وأنه لا حكم فيه أو انه ارتفع حكمه أو زوحم بحكم آخر.
نعم، لا يجري الرابع في المتباينين بالتناقض أو التضاد كما لا يخفى.
صور التصويب في المصلحة والمفسدة
كما يمكن تصوير التصويب في المرحلة السابقة على الحكم وهي المصلحة والمفسدة فتكون الأقسام كالتالي:
1- أن لا تكون مفسدة أو مصلحة في متن الواقع أبداً بل توجِدها الأمارة أو الفتوى.
2- أن تكون موجودة ولكن الأمارة ومنها الفتوى تعدمها وتُوجد أخرى محلها.
3- أن تكون موجودة ولا تعدمها الفتوى لكنها توجد غيرها معها فتزاحمها.
4- أن تكون موجودة ولا تعدمها الفتوى ولا تزاحمها بل توجد مصلحة أو مفسدة، في الضميمة، بالتوسعة مثلاً، ويضاف لذلك القسم الخامس وهو:
5- أن تكون المصلحة أو المفسدة في سلوك الطريق وإتباع الامارة، ومنها الفتوى، بنفسها لا في المتعلَّق، وهذا هو ما طرحه الشيخ ونسبه الميرزا النائيني إلى بعض علماء الإمامية، وفرقه عن الأربعة السابقة بيِّن إذ المصلحة هنا في سلوك الطريق لا في المؤدَّى وفي السوابق كانت في المؤدى والمتعلق نفسه.
ويتفرع على هذا الخامس من أنواع حدوث المصلحة، النوع الخامس من أنواع الحكم السابقة وهو.
الخامس: أن يكون الحكم وليد المصلحة السلوكية لا وليد الفتوى نفسها ([8]). فتأمل
من أدلة الإجزاء: كلتا الفتويين واجدة لشرائط الحجية ولا تميّز لأحداهما على الأخرى
ثم إنه قد يستدل على الإجزاء أيضاً، مما يعود حسب تحليلنا إلى أن الموضوع هو الوجود الماضوي وأن تحققه (كالفتوى موضوعاً للصحة والتعذير والتنجيز أو الإجزاء) آناً ما كافٍ لثبوت الحكم والمحمول في مرحلتي العلة المحدثة والمبقية معاً، بأنَّ الحجة المستجدة، كفتوى الحي أو فتوى المعدول إليه، لا تتميز على الفتوى القديمة بشيء؛ نظراً لأن كلتيهما واجدة لشرائط الحجية من جهة وأن احتمال الخلاف موجود في كلتيهما معاً وأن كلتيهما محتمل الإصابة وأنه لا فرق بينها بالمرة إلا أن هذه متأخرة وتلك متقدمة فكل منهما مجزيء، فلا بد أن تكون النتيجة التخيير بينهما كأصل ثانوي بل وأولي حسب المنصور.
وبعبارة أخرى: (وربما يقال ([9]) بالإجزاء، بدعوى أن العمل قد وقع على طبق الحجّة في ظرف وقوعه ولم ينكشف كونه مخالفاً للواقع لاحتمال كون الحجة الفعلية مخالفة للواقع، نعم يجب العمل بالحجة الفعلية في الاعمال اللاحقة، وأمّا وجوب إعادة الأعمال السابقة الواقعة على طبق الحجة حين وقوعها، فلا وجه له) ([10]) و: (والمقام من هذا القبيل، فإنّ اتصاف الحجة الفعلية بالحجية لا يوجب عدم اتصاف الحجة السابقة بالحجية في ظرف تحققها، لأنّ حجّية الحجة السابقة إنّما تسقط من حين وصول الحجة اللاحقة لا قبله.
وبعبارة أخرى: الحجة الأولى كالحجة الثانية في أنّ المتعيّن على المكلّف العمل بها في ظرف تحقّقها، واحتمال مطابقة الواقع موجود في الحجة الأولى كالثانية كما أنّ احتمال مخالفة الواقع في الحجة الثانية موجود كالأولى، فلا وجه لوجوب إعادة الأعمال السابقة الواقعة على طبق الحجّة الأولى، هذا غاية ما استدلّ به على الإجزاء) ([11]).
وستأتي مناقشته في ذلك والجواب عنها غداً بإذن الله تعالى.
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
====================
قال الإمام الباقر (عليه السلام): "وَاللَّهِ مَا تَرَكَ اللَّهُ أَرْضاً مُنْذُ قَبَضَ آدَمَ (عليه السلام) إِلَّا وَفِيهَا إِمَامٌ يُهْتَدَى بِهِ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ حُجَّتُهُ عَلَى عِبَادِهِ، وَلَا تَبْقَى الْأَرْضُ بِغَيْرِ إِمَامٍ حُجَّةٍ لِلَّهِ عَلَى عِبَادِهِ" الكافي: ج1 ص178.
............................................
|