• الموقع : مؤسسة التقى الثقافية .
        • القسم : التعارض - التعادل والترجيح (1437-1438هـ) .
              • الموضوع : 181- من الثمرات ابتناء بحث (الاجزاء) على ان موضوع الصحة هو الوجود الماضوي او الممتد .

181- من الثمرات ابتناء بحث (الاجزاء) على ان موضوع الصحة هو الوجود الماضوي او الممتد

 
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
مباحث التعارض: (التعادل والترجيح وغيرهما)
(181)
 
ثمرة البحث المبنوي في مبحث (الإجزاء)
 
ثم أن ذلك المبحث المبنوي، من كون الموضوع هو الوجود الماضوي أو الممتدّ بقسميه أو المتجدد، تظهر إحدى ثمراته الهامة في مبحث الإجزاء([1]).
 
إجزاء المأمور به بالأمر الظاهري
 
فقد اختلف القوم في إجزاء المأمور به بالأمر الظاهري عن المأمور به بالأمر الواقعي كما جرى الكلام في إجزاء المأمور به بالأمر الاضطراري عن الأمر الواقعي، وموطن البحث والثمرة هنا هو: الأول.
والمقصود ههنا من الأمر الظاهري "غير المطابق للواقع" الذي كان الدالّ عليه أمارة فانكشف الخلاف بأمارة أخرى لا بالعلم، وليس الأصل وإن كان يمكن البحث فيهما إلا أن محل البحث هو الأول، وهو جارٍ في الامارات كلها ولكن يجري الآن تطبيقه، تبعاً للبحث السابق، على تخالف فتويي المرجعين في كل الصور الست السابقة باعتبار أن نظر المجتهد وفتواه أمارة للمقلد على حكم الشارع، فنقول:
 
لو اختلفت الفتويان
 
لو اختلفت الفتويان، فإن إجزاء العمل على طبق الفتوى السابقة وإن كانت ذات آثار حالية كما لو عقد بالفارسية على طبق رأي من يرى صحته ثم قلّد من يرى بطلانها أو طلق صحيحاً على الرأي الأول باطلاً على الثاني أو العكس أو وقف وقفاً عاماً دون قبول وكان الأول يرى الصحة عكس الثاني أو العكس.. إلى غير ذلك مما مضى، مبني على إجزاء الظاهري عن الواقعي وعدمه، ولكن الإجزاء وعدمه بدوره متوقف على تنقيح المبنى حسب التقسيم الرباعي الآنف:
 
الإجزاء بناء على أن الوجود الماضوي للفتوى موضوع للصحة
 
1- فإن قلنا (بأن (الفتوى) إذا كانت بوجودها الماضوي موضوعاً للحكم بالصحة والتنجيز والإعذار، صحّ العمل بها ولو بعد موت المقلَّد أو تغيير رأيه أو العدول عنه إلى غيره)([2]) فالإجزاء مبني على القول بكون الموضوع هو الوجود آناً ما في الماضي وأن وجوده سابقاً بمجرده علة محدثة ومبقية لصحة الاستناد إليها والاكتفاء بها وإجزائها عن المأمور به بالأمر الواقعي.
 
عدم الإجزاء بناء على أن وجودها الممتد هو الموضوع
 
2- (وأما إذا كانت بوجودها الممتد اعتباراً أو حقيقة (أو بوجودها المتجدد) هي الموضوع فقد اضمحلت الفتوى السابقة فلا وجود ممتد لها حالياً فلا يصح الاستناد إليها للحكم بالصحة فيجب ترتيب آثار العدم والبطلان والعمل حصراً برأي المجتهد الحالي أو برأيه الحالي في مستجدات الحوادث وفي آثار الحادثة السابقة دون أحكامها الماضية)([3]) فقد ابتنى القول بعدم الإجزاء على القول بكون الوجود الممتد للفتوى هو الموضوع للصحة والإجزاء أو عدمه.
 
الإجزاء بناء على الحكومة وتنزيل الحكم الظاهري منزلة الواقعي
 
3- اللهم إلا أن يقال بأن ذلك وإن كان كذلك، إلا أنه تخرج منه صورة تنزيل الشارع الحكم الظاهري (وهو مؤدى فتوى المقلَّد السابق) منزلة الحكم الواقعي توسعةً إذ انه وإن لم يكن موضوع الصحة، وهو الفتوى، موجوداً (لفرض كون الموضوع هو الوجود الممتد المستمر لها والفرض انها اضمحلت بموت الأول كما عليه المشهور أو زالت بتغير رأي مقلّده) إلا أن للشارع التوسعة أو التضييق موضوعاً من باب الحكومة كما وسّع في "الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ صَلَاةٌ"([4]) وضيّق في "لَيْسَ بَيْنَ الرَّجُلِ وَ وَلَدِهِ رِباً..."([5]) فيوسِّع في موضوع الصحة ليشمل الفتوى الظاهرية، أي الفتوى التي قامت الأمارة الحالية، وهي فتوى المرجع الحالي، على خلافها وكشفت عن خطأها، بالعلمي، ولذا عدّ حكماً ظاهرياً.
 
النائيني: الإجزاء يستلزم التصويب
 
وتوضيحه: أن الميرزا النائيني أشكل على (الإجزاء) باستلزامه التصويب، قال السيد العم دام ظله: (رابعها: ما عن المحقّق النائيني قدس سره: من أنّ القول بالإجزاء يلازم التصويب المحرّم ولا نقول به، فلا إجزاء.
بيان الملازمة: أنّ التصويب المحرّم قسمان:
أحدهما: ما التزمه الأشاعرة من خلو الوقائع عن الأحكام، وتبعية الأحكام لآراء المجتهدين.
ثانيهما: ما ينسب إلى المعتزلة من أنّ لكلّ واقعة حكماً واقعياً ولكنّه مراعى بعدم أداء نظر المجتهد إلى خلافه، فلو أدّى نظره إلى الخلاف وقع التزاحم بين الحكمين وترجّح جانب الحكم الظاهري.
والإجزاء إمّا مبني على أنّ الحكم الواقعي غير موجود فهو الأوّل، أو على أنّ الحكم الظاهري يقلب الحكم الواقعي حتى مع انكشاف الخلاف وهو الثاني، إذ في غير هذين القسمين لا إجزاء، فلو قلنا بوجود الحكم الواقعي وعدم قلب الظاهري للواقعي مع انكشاف الخلاف فلا محلّ للإجزاء.
إذن: فالقول بالإجزاء يلازم التصويب المحرّم ولا نقول به، فلا إجزاء)([6]).
أقول: الاحتمالات لدى التدقيق ثلاثة وليس اثنين:
الأول: أنه لا حكم في الواقع أبداً بل يُوجِد الله تعالى الحكم على طبق فتوى المجتهد، وهذا تصويب باطل بالضرورة ولو قال به قائل كان هو المستند للإجزاء إذ – على هذا – فان  كل ما أدى إليه نظر المجتهد (القديم أو الجديد) فهو حكم الله فيكتفى به، وفي الحقيقة ليس هذا من الإجزاء إذ لا حكم ظاهري وآخر واقعي ليجزئ هذا عن ذاك، بل تسميته للمشاكلة.
الثاني: أن هناك حكماً واقعياً إلا أنه يرتفع بمجيء فتوى على خلافه. وهذا تصويب قطعاً أيضاً.
الثالث: أن هناك حكماً واقعياً ولا يرتفع بمجيء الفتوى على الخلاف إلا أنه يُزاحم به وحيث كانت المصلحة (السلوكية أو غيرها) في إتباع الأمر (والفتوى) الظاهري أقوى كفى إتباعه.
وهذا أهون من سابقيه، بل لعله لا يعد تصويباً بل لا دليل على بطلانه غاية الأمر أنه بحاجة إلى دليل لإثباته، وعلى هذا يتم تصوير الإجزاء وحيث أنكر الميرزا النائيني الأول وأحد الأخيرين([7]) أنكر الإجزاء. وعلى أي فمن أنكر الثلاثة أنكر الإجزاء.
 
الجواب: بالوجه الرابع نلتزم بالإجزاء ولا تصويب
 
ولكن يوجد وجه رابع يصحح الاجزاء بدون الالتزام بأحد الوجوه الثلاثة وهو:
الرابع: الالتزام بأن أدلة حجية الفتوى، وإن كان موضوع الحجية هو الوجود الممتد لها مما يستلزم بدواً لولا التنزيل عدم الإجزاء، تفيد التوسعة التنزيلية في موضوعية الفتوى للصحة والإجزاء، وعليه فلا يلزم التصويب وصح الإجزاء، إذ التوسعة والتضييق ليست من التصويب في شيء؛ أفترى "الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ صَلَاةٌ" و"لَيْسَ بَيْنَ الرَّجُلِ وَوَلَدِهِ رِباً..." تصويباً؟ وعليه فان فتوى السابق لو كانت محرّمية الـ15 رضعة فتزوجها وكانت قد ارتضعت معه 12 رضعة مثلاً صح الزواج وإن كان فتوى من قلده لاحقاً أن الـ10 رضعات محرّمة فقد نزّل الدليل([8]) الـ12 منزلة الـ10 في الحلّية فهي موسعة رغم مجيء الفتوى الجديدة، وكذا العكس لكن في التضييق بأن كان يقلد من يرى أن المحرِّم 10 رضعات فتزوجها رغم ذلك ثم قلد من ارتأى أن المحرم 15 رضعة فلا يزال باطلاً تنزيلاً لـ10 رضعات السابقة منزلة الـ15 رضعة.
وقد تبنى ذلك الآخوند فيما لو كان مفاد الأمر الظاهري جعل الحكم الظاهري في ظرف الشك – كما سيأتي.
ولذا قال السيد العم: (وقد يؤخذ عليه بما مرّ: من أنّ ظاهر جعل الشارع شيئاً أمارة هو الاكتفاء به مطلقاً، سواء انكشف الخلاف أم لا، وليس معنى ذلك كون أحكام الله مراعاة بعدم أداء نظر المجتهد إلى خلافها، بل معنى ذلك هو توسعة دائرة الأحكام الظاهرية تسهيلاً على العباد في تحصيل الأحكام، ومثله ليس تصويباً، ولا محرماً)([9]).
 
فرق الثالث عن الرابع
 
لا يقال: لا فرق بين الثالث والرابع؟
إذ يقال: أولاً: الفارق في اللسان فإن تقديم أحد المتزاحمين على الآخر ليس من التنزيل والحكومة في شيء؛ أفترى تقديم وجوب إنقاذ الغريق على حرمة استعمال الحبل المغصوب في إنقاذه للتزاحم([10]) من التنزيل في شيء؟ عكس الصورة الرابعة. وللبحث صلة.
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
=====================

قال الإمام الصادق (عليه السلام): "مَا مِنْ رَهْطٍ أَرْبَعِينَ رَجُلًا اجْتَمَعُوا فَدَعَوُا اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ فِي أَمْرٍ إِلَّا اسْتَجَابَ اللَّهُ لَهُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونُوا أَرْبَعِينَ فَأَرْبَعَةٌ يَدْعُونَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ عَشْرَ مَرَّاتٍ إِلَّا اسْتَجَابَ اللَّهُ لَهُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونُوا أَرْبَعَةً فَوَاحِدٌ يَدْعُو اللَّهَ أَرْبَعِينَ مَرَّةً فَيَسْتَجِيبُ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ لَهُ"
الكافي: ج2 ص487.
.................................................
 
 

  • المصدر : http://www.m-alshirazi.com/subject.php?id=2473
  • تاريخ إضافة الموضوع : السبت 22 ربيع الاخر 1438هـ
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 15