بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
مباحث التعارض: (التعادل والترجيح وغيرهما)
(180)
من ثمرات البحثين المبنويين السابقين
وتتجلى ثمرة أخرى هامة ([1]) من ثمرات البحثين المبنويين السابقين ([2]) في صحة العمل وإجزائه لدى تخالف الفتويين السابقة واللاحقة، وتوضيحه في ضمن أمور:
لدى تخالف الفتويين في صور عديدة:
الأول: إن لتخالف الفتويين صوراً عديدة:
فمنها: ما لو مات مقلَّده فقلد آخر يخالفه في الفتوى.
ومنها: ما لو تغير نظر مقلَّده.
ومنها: ما لو عدل إلى المساوي أو الأعلم، أو إلى المفضول – بناء على عدم اشتراط الأعلمية - وكان رأيه مخالفاً لنظر المعدول عنه.
ومنها: ما لو تغير نظره بالنسبة إلى عمل نفسه، أي المجتهد.
ومنها: ما لو كان مقلداً فصار مجتهداً متجزياً أو مطلقاً وأختلف رأيه عن رأي مقلده السابق.
ومنها: عكس الصورة السابقة، لشيخوخة أو حادث أفقده الملكة.
الثاني: أنه قد يكون ذلك في العبادات وقد يكون في المعاملات.
الثالث: أنه قد يكون للعمل السابق أثر فعلاً وقد لا يكون ذا أثر فعلي.
الرابع: أنه قد يكون الأثر أثر التقليد نفسه وقد يكون أثر المقلَّد فيه.
مسائل كثيرة ونماذج من مختلف أبواب الفقه
الخامس: أن البحث عام لكل أبواب الفقه من الطهارة إلى الديات، ومن الأمثلة:
ما لو كانت الفتوى الأولى على طهارة أمر (كالمتنجس الثالث أو الغُسالة) والثانية على نجاسته فهل له أن يصلي في الثوب الذي كان ملاقياً للمتنجس الثالث؟ بل هل لو لاقاه الآن فهل له أن يعمل حسب الفتوى السابقة بالطهارة؟ ولو بني مسجد عليه فرضاً فهل يجب هدمه الآن إن تعذر تطهيره بدون ذلك؟
ولو صلى بتسبيحة واحدة أو اكتفى في التيمم بضربة واختلف النظران فما حكمه للماضي؟ وللمستقبل؟
ولو تزوج البالغة الرشيدة دون إذن الولي، حسب الفتوى السابقة فما حكمه الآن لو كان الحالي يرى البطلان؟، أو تزوج من ارتضعت معه عشراً حسب فتوى من لا يراه محرّمة والفتوى المستجدة ترى أنها أخت رضاعية؟
ولو طلق ثلاثاً مع تخلل الرجعة في مجلس واحد، أو قال أنتِ طالق ثلاثاً وكان باطلاً حسب رأي الأول وكان يقع واحدة حسب رأي الثاني أو العكس، وكذا لو طلق بشاهدين أحدهما الوكيل وكان ذلك مجزئاً حسب رأي الأول دون الثاني، أو العكس؟.
ولو باع العنب لمن يعمله خمراً، وكذا لو باع معاطاة أو اشترى من الطفل، أو بغير العربية والماضوية، وكان رأيا المرجع السابق واللاحق متعاكسين؟.
ولو ذبح بغير الحديد (أي المعدن) أي بالحديد الوصفي وتعاكس الرأيان.
ولو وقف من غير قبول في الوقف العام، بل عموم وضع الأوقاف والوصايا لو اختلف فيها رأي المجتهد السابق مع اللاحق، فعلى أيهما المدار؟
وكذا لو وضع الحقوق من خمس أو زكاة أو غيرهما في مواضع خاصة أو أراد وضعها فيها فلمن المرجعية؟.
وهكذا لو قسّم المواريث حسب رأي السابق، وكذلك الحكم في ضمان الطبيب وشبهه لو اختلف الرأيان.
السادس: إن باب الحكم غير باب الفتوى، لكن قد يجري فيه بعض ما جرى فيها من الكلام.
السابع: أنه يستثنى من القول بمرجعية اللاحق حصراً ما خرج بالدليل كما في (لا تعاد...) حتى لو اختلفت الفتوى، فانه يكتفى بما عمله في السابق وإن كانت فتوى المرجع الجديد هي البطلان؛ نظراً للدليل الخاص وهو قاعدة (لا تعاد...)، وإن كان يرد عليه بأن لا تعاد تفيد عدم لزوم الإعادة لدى اختلاف الاجتهاد في غير الخمسة، أما لو اختلف الاجتهاد في الخمسة نفسها (كالقبلة والطهور ([3])) فهو من المستثنى فتجب الإعادة.
وكما في تضاد اقراريه أو البينتين في المال الواحد حيث يعمل بقاعدة العدل والإنصاف أو شبهها.
ثمرة القول بأن الموضوع هو الوجود الماضوي للفتوى أو الوجود الممتد.
الثامن: أنه قد يستدل على أحد الطرفين بأدلة كثيرة تأتي الإشارة لها لاحقاً، فلنقتصر الآن على بيان ثمرة الالتزام بإحدى المحتملات الأربع السابقة في البحث المبنوي الأول.
فقد يقال: بأن (الفتوى) إذا كانت بوجودها الماضوي موضوعاً للحكم بالصحة والتنجيز والإعذار، صحّ العمل بها ولو بعد موت المقلَّد أو تغيير رأيه أو العدول عنه إلى غيره.
وأما إذا كانت بوجودها الممتد اعتباراً أو حقيقة (أو بوجودها المتجدد) هي الموضوع فقد اضمحلت الفتوى السابقة فلا وجود ممتد لها حالياً فلا يصح الاستناد إليها للحكم بالصحة فيجب ترتيب آثار العدم والبطلان والعمل حصراً برأي المجتهد الحالي أو برأيه الحالي في مستجدات الحوادث وفي آثار الحادثة السابقة دون أحكامها الماضية، وللبحث صلة.
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
====================
قال الإمام الباقر (عليه السلام): "إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ أَمَرَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى مُنَادِياً يُنَادِي بَيْنَ يَدَيْهِ: أَيْنَ الْفُقَرَاءُ؟ فَيَقُومُ عُنُقٌ مِنَ النَّاسِ كَثِيرٌ، فَيَقُولُ: عِبَادِي! فَيَقُولُونَ: لَبَّيْكَ رَبَّنَا، فَيَقُولُ: إِنِّي لَمْ أُفْقِرْكُمْ لِهَوَانٍ بِكُمْ عَلَيَّ وَلَكِنِّي إِنَّمَا اخْتَرْتُكُمْ لِمِثْلِ هَذَا الْيَوْمِ، تَصَفَّحُوا وُجُوهَ النَّاسِ فَمَنْ صَنَعَ إِلَيْكُمْ مَعْرُوفاً لَمْ يَصْنَعْهُ إِلَّا فِيَّ فَكَافُوهُ عَنِّي بِالْجَنَّةِ"
الكافي: ج2 ص264.
..............................................
|