• الموقع : مؤسسة التقى الثقافية .
        • القسم : التعارض - التعادل والترجيح (1437-1438هـ) .
              • الموضوع : 177- عدم معهودية ان يؤخذ الموضوع بما هو متجدد مفهوماً ـ اجوبة عن كون (التبين نسبياً) : 1ـ لا نسبية في بعض المفاهيم، 2ـ وان كان تبيناً كان منذ القِدَم كذلك، 3ـ ولا يبقى حينئذٍ مورد للايات الناهية عن الظن .

177- عدم معهودية ان يؤخذ الموضوع بما هو متجدد مفهوماً ـ اجوبة عن كون (التبين نسبياً) : 1ـ لا نسبية في بعض المفاهيم، 2ـ وان كان تبيناً كان منذ القِدَم كذلك، 3ـ ولا يبقى حينئذٍ مورد للايات الناهية عن الظن

 
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
مباحث التعارض: (التعادل والترجيح وغيرهما)
(177)
 
الجواب عن دعوى أن التبيّن مطلق ونسبي
لا يقال: التبيّن مطلق ونسبي، والتبيّن في حساب الاحتمالات ونظائره نسبي؟
 
أقسام المفاهيم
 
إذ يقال: أن المفاهيم من حيث كونها نسبية على ثلاثة أقسام:
 
1- ما لا يتصف بالنسبية
 
الأول: ما لا يتحمل النسبية أي ما لا يتصف بها، وذلك في المفاهيم البسيطة غير المركبة والفاقدة للمراتب والدرجات، وذلك كمفهوم الوصول إلى المسجد الحرام مثلاً فانه إما واصل إليه أو لا، ولا يصح أن يقال لمن قطع نصف الطريق أنه وصل نسبياً.
وكذلك المعادلات الرياضية؛ فإن حاصل ضرب كذا في كذا أو تقسيمه عليه أو جذره هو عدد محدد فلو زاد أو نقص ولو بعدد واحد([1]) كان خطأً محضاً ولا يقال أنه أصاب نسبياً.
وكذلك العلم المتعلق بأمر بسيط فانه إما مطابق فعلم أو لا فجهل بسيط أو مركب.
 
2- ما يتصف بها
 
الثاني: ما يتحملها ويتصف بها، وذلك في الكليات بالنسبة لجزئياتها والكل بالنسبة لأجزائه والحقيقة التشكيكية بالنسبة لمراتبها.
فالعدالة بناء على أنها الملكة نسبية([2]) لوجود مراتب لها لكنها من حيث أصل إتصاف صاحبها بها وعدمه، مطلقة دائرة بين النفي والإثبات، إما بناء على أنها الاستقامة على جادة الشرع فلا إذ أنه إما مستقيم الآن أو لا فلا نسبية مع قيد وحدة الزمن، وأما العدالة بالنسبة إلى بعض المعاصي دون بعض فهي عرفاً نسبية وأما شرعاً فلا إذ الشارع حدد العادل بضابط فإن أنطبق فعادل وإلا فلا، أما العرف فيراها متجزئة بحسب المتعلَّق بل وبحسب مجموع الأزمنة([3]).
ومن التكوين: (الحلاوة) مثلاً فانها نسبية بمعنى مشككية مراتبها.
 
3- ما هي نسبية من جهة أو بمرتبة دون أخرى
 
الثالث: ما هي نسبية من جهة أو درجة ومرتبة وغير نسبية في جهة أخرى أو بلحاظ حدّ آخر، ومنه (التبيّن) مورد البحث فان (العلمي) علم تنزيلي فالعلم تبيّن حقيقة والعلمي تبيّن نسبي ففي هذا الحد التبيّن نسبي، أما ما بعده من الحدود فلا يعد تبيّناً ولو في الجملة أو بدرجةٍ؛ ألا ترى أن الشك لا يعد تبيّناً؟ وكذا الوهم؟ بل وكذا الظن المطلق الذي لا دليل خاص على اعتباره ولم يكن الباب باب انسداد ليكون دليل الانسداد العام مفيداً اعتبارَه، فانه حينئذٍ ليس بتبيّن.
ومن التكوين (الظلام) فإنه نسبي في بعض مراتبه كالعتمة والظلمة الشديدة وصولاً إلى بعض أدنى درجات الظلام بعد الغروب أو حوالي الفجر، وليس بنسبي فيما غلبه الضياء وإن شابَهُ بعض الظلام أي إنه يصح عنه السلب ولا يقال له ظلام نسبي.
وكذلك (العلم) فانه بالنسبة إلى المتعلَّق البسيط المتواطئ إما مطابق فعلم أو لا فجهل بسيط أو مركب، وأما إذا كان المتعلَّق مركباً من أجزاء أو مشككاً ذا مراتب فانه قد يكون بالنسبة إلى جزء مطابقاً وإلى آخر غير مطابق فيطلق على المجموع أنه علم نسبي، على أنه مسامحة في التعبير من باب التغليب وحيث أنه انحلالي كان لكل حكمه ووصفه.
 
إشكال ثان على كون حساب الاحتمالات تبيّناً متجدداً في مفهومه
 
كما يرد على دعوى أن حساب الاحتمالات تبيّن وأنه من الموضوع المتجدد مفهوماً والذي هو بتجدده وقع موضوعاً، أنه لا تجدد في مفهوم التبيّن بالنسبة إلى حساب الاحتمالات بل ولا في مصداقه، وذلك لأن حساب الاحتمالات سواء في صورة الدوران بين المتباينات.
كما سبق التمثيل له أم في صورة خطورة المحتمل مع كون الاحتمال ضعيفاً أم غير ذلك، إن كان تبيّناً وحجة كان كذلك منذ قديم الأيام وإلا فلا منذ القدم فلم يحدث تطور في مفهومه أبداً، وتراكم الاحتمالات إن أورث الظن النوعي فحجة أو لا فلا من غير فرق بين الأزمنة.
والحاصل: أن مرور الزمان لم يغير من مفهوم التبيّن شيئاً ولا وضع بوضع جديد تعييني أو تعيني للأوسع والأضيق، ولو فرض أنه غيرّ فإن حساب الاحتمالات وكذا ضعف الاحتمال مع قوة المحتمل الخطير ليس مصداقاً له إذ كانا ولا يزالان وسيبقيان كذلك وقد سبق أن العقلاء يعدونها حجة لكنهم لا يعدونها تبيّناً بل يرونها احتمالاً معتبراً معتداً به لازم الاتباع أو الاحتياط على طبقه ولا يرونها تبين بدليل صحة السلب، وإن قيل بأنهم يرونها تبيّن فهي كذلك لديهم منذ القدم، فلا تغيُّرَ في مفهوم التبيّن ولا تطوُّرَ، أولاً، كما لا تغير في مصداق حساب الاحتمالات والمحتمل الخطير بل ما كان فلا يزال وما لم يكن فليس بكائن، ثانياً.
وكذلك الحال في مبحث العنوان والمحصِّل فإن الأمر إذا تعلق بالعنوان وجب الإتيان بكل ما يحتمل مدخليته في حصوله ووجب سد باب العدم من جهة أي محتمل يؤدي إليه([4]) سواء أكان شرطاً أم مانعاً أو مُعِدّاً([5])، وليس ذلك من التبيّن للواقع بل هو من الاحتياط على العنوان أو الغرض، وعلى أي فسواء قيل أنه تبيّن أو قيل بالعدم فانه كان كذلك منذ القدم فلا تغير في المفهوم ولا تطور فيه ولا في المصداق.
 
إشكال ثالث: لو كان تبيّناً لما بقي للآيات الناهية عن الظن مورد
 
ويرد أيضاً على تلك الدعوى أنه لو صح أن حساب الاحتمالات وسائر النظائر تبيّنٌ للزم أن لا يبقى مورد لـ(اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنْ الظَّنِّ)([6]) و(إِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنْ الْحَقِّ شَيْئاً)([7]) أو للزم تخصيص الأكثر بحمل الآيات والروايات الناهية عن إتباع الظن على الاحتمال البدوي غير المقترن بأمثال تلك العناوين([8]). فتأمل؛ فانه لا يلزم من استثناء تلك الموارد تخصيص الأكثر، على أنه ليس بقبيح على إطلاقه على ما فصلناه سابقاً.
لا يقال: الآيات محمولة على الظن المردوع عنه كالقياس([9])؟
إذ يقال: فيلزم لغوية قوله: (كَثِيراً) إذ يجب الاجتناب، على هذا، عن كل أفراد الظن المردوع عنه لا كثيراً منه ولا بعضه.
والحاصل: الظاهر أن (الظن) في الآية ليس للعهد المراد به المردوع عنه، بل هو جنس يشمل أنواع الظنون وقد خرج منه المعتبر تخصصاً أو تخصيصاً أو حكومة (حسب ما حقق في محله) فبقي تحته الظن المطلق والمردوع عنه فأشير بـ(كثيراً) إليهما([10]) أو الأول([11]) منهما باعتبار استثناء بعض أفراده لكن القسيم السابق أظهر. فتأمل وتدبر. وللبحث صلة
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
====================
 
قال الإمام الحسن العسكري (عليه السلام): "قُولُوا لِلنَّاسِ كُلِّهِمْ حُسْناً مُؤْمِنِهِمْ وَمُخَالِفِهِمْ، أَمَّا الْمُؤْمِنُونَ فَيَبْسُطُ لَهُمْ وَجْهَهُ، وَأَمَّا الْمُخَالِفُونَ فَيُكَلِّمُهُمْ بِالْمُدَارَاةِ لِاجْتِذَابِهِمْ إِلَى الْإِيمَانِ" مستدرك الوسائل: ج9 ص36.
.............................................
 
 

  • المصدر : http://www.m-alshirazi.com/subject.php?id=2461
  • تاريخ إضافة الموضوع : الاحد 16 ربيع الاخر 1438هـ
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 15