• الموقع : مؤسسة التقى الثقافية .
        • القسم : التعارض - التعادل والترجيح (1437-1438هـ) .
              • الموضوع : ثمرات العنونة للعام بوجوده الماضوي او الممتد: 1ـ عدم الحاجة لاصالة عدم النقل 2ـ توجيه اعمق لقول المشهور بان عناوين الموضوعات تابعة للعرف 3ـ الفرق بين كون العنوان مشيراً او بوجوده الماضوي او الحالي موضوعاً ـ امثلة تطبيقية: (السقي) (الفقير) (التبيّن) .

ثمرات العنونة للعام بوجوده الماضوي او الممتد: 1ـ عدم الحاجة لاصالة عدم النقل 2ـ توجيه اعمق لقول المشهور بان عناوين الموضوعات تابعة للعرف 3ـ الفرق بين كون العنوان مشيراً او بوجوده الماضوي او الحالي موضوعاً ـ امثلة تطبيقية: (السقي) (الفقير) (التبيّن)

 
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
مباحث التعارض: (التعادل والترجيح وغيرهما)
(172)
 
فوائد وثمرات تحديد الباعث وأنه الوجود الماضوي أو الممتدّ أو...
 
ثم أن ثمرات ذلك المبحث المبنوي المستجد وهو أن مصب الأمر والنهي هل هو الوجود الماضوي لعنوان الموضوع أو هو الوجود الحالي له باحتمالاته الثلاثة، وأن الباعث الزاجر هو الوجود الماضوي والحالي للأمر والنهي، وأن القيود والشروط تَرِدُ على أيهما وأن الحاكم والمخصص (وغيرهما) يردان على أيهما أيضاً (فهذه مباحث أربع) متعددة:
 
الاستغناء عن أصالة ثبات اللغة بالتبادر الحالي
 
فمنها: الاستغناء عن أصالة ثبات اللغة أو أصالة عدم النقل (المسماة لدى بعضهم بالاستصحاب القهقري والذي نراه في اللغة وبعض آخر من الموارد حجة بناء على الاستناد لبناء العقلاء لا النقل مما يفصّل في محله) بناء على المباني الثلاث الأخيرة دون الأول؛ لوضوح أن تبادر معنىً من اللفظ، وكذا صحة الحمل بلا عناية وعدم صحة الحمل وصحة السلب والاطراء، دليل على أنه حقيقة فيه الآن لكن من أين أنه ليس بمنقول بوضع تعيّني أو تعييني؟ فبأصالة عدم النقل يثبت ذلك.
ولكنها محتاج إليها بناء على أن الباعث هو الأمر بوجوده الماضوي دونه بوجوده الحالي كما هو كذلك على المباني الثلاث الأخيرة، وكذلك الأمر في مصبّ الأمر والنهي والقيود والشروط وفي تحديد المحكوم والمخصص ونظائرهما.
 
شمول موضوعات الأحكام للمتجدد منها
 
ومنها: أن ذلك المبحث الرباعي المحتملات يوضح بشكل أدق وأعمق سر ما ذهب إليه المشهور من أن الأحكام تابعة للصدق العرفي للموضوع ففي أي زمن صدق الموضوع عرفاً لَحِقه الحكم، فقد يحكم على الأمر الواحد بالحرمة فالوجوب أو الصحة فالبطلان أو العكس؛ لتغير الموضوع، بحسب الأزمان، عرفاً، فإن (الأمر) و(الحكم) إذا صب على الموضوع بوجوده المتجدد أو الممتد حقيقة أو اعتباراً كان ذلك كذلك دون ما لو صبّ على الموضوع بوجوده الماضوي.
ويوضحه ما ذهب إليه مشهور المتأخرين من شمول (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ)([1]) للعقود المستأنفة كعقد التأمين، إذ من الواضح أنه لم يكن يعد عقداً في الأزمنة الغابرة لكنه يعد عقداً عُرفاً الآن فإذا كان الموضوع وهو (العقود) قد أخذ بوجوده الماضوي موضوعاً لـ(أَوْفُوا )لما شملها، لكنه حيث أخذ بوجوده الممتد شملها.
وكذا (أَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ)([2]) فإن الدم مثلاً حيث لم تكن له فائدة محللة عقلائية لم يكونوا يرون المعاوضة عليه بيعاً([3]) فلو أجري عليه العقد كان صورة بيعٍ وعقدٍ لديهم لا واقعه، لكنه حيث أصبح ذا فائدة الآن صدق عليه البيع فشمله (وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ)، دون ما لو قلنا بأن (البيع) بوجوده الماضوي أخذ موضوعاً لـ(أَحَلَّ) فانه، عليه، لا يحل الآن أيضاً، وكذا الحال في بيع الهواء الممكن الآن بضغطه في جهاز الأوكسجين وغيره، عكس السابق.. وهكذا.
وسيأتي في الفائدة الثالثة ما يعمق ما ذُكر ومناقشته مع ذكر توجيه آخر.
 
الالتزام بالعموم أو الانصراف، بناء على تلك المباني
 
ومنها: أن تحقيق المباني الأربع، ينفع في الالتزام بالعموم أو الانصراف في بعض المواطن دون بعض فإن بعض العناوين أخذت بوجودها الماضوي موضوعاً للحكم وبعضها بوجودها الممتد أو المتجدد، وبعضها مشكوك في أمره.
ولنذكر أنواعاً ثلاثة من الأمثلة، ثم نتطرق غداً بإذن الله تعالى، إلى ذكر الضابط في ذلك.
 
شمول سقي الماء لماء البئر وعدمه
 
أ- فلو قال: "لكُلِّ كَبِدٍ حَرىَ أَجْرٌ"([4]) أو "مَنْ سَقَى الْمَاءَ فِي مَوْضِعٍ يُوجَدُ فِيهِ الْمَاءُ كَانَ كَمَنْ أَعْتَقَ رَقَبَةً، وَمَنْ سَقَى الْمَاءَ فِي مَوْضِعٍ لَا يُوجَدُ فِيهِ الْمَاءُ كَانَ كَمَنْ أَحْيَا نَفْساً، وَمَنْ أَحْيَا نَفْساً فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً"([5]) و"إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يُحِبُّ إِبْرَادَ الْكَبِدِ الْحَرَّى وَمَنْ سَقَى كَبِداً حَرَّى مِنْ بَهِيمَةٍ أَوْ غَيْرِهَا أَظَلَّهُ اللَّهُ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ"([6]) فانه يشمل ماء البئر عندهم فيصح سقيه إياهم وله ذلك الأجر لكنه لا يشمله في بعض الأزمنة اللاحقة حيث ينصرف الماء عن البئر لديهم؛ لندرة الاستعمال أو لغيره من وجوه الانصراف السبعة التي ذكرناها سابقاً، فمنه قد يستظهر أن (الماء) بوجوده الممتد كان هو الموضوع لا بوجوده الماضوي فقط ولذا يكون لكل زمان ومكان حكمه إثر تغير موضوعه ولو للانصراف.
 
شمول الفقير للفقير بالمعنى الأعم المستجد
 
ب- إذا قال المولى: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ)([7]) فإن الفقير بما له من المفهوم في ذلك الزمان هو الموضوع لجواز أخذ الزكاة، لا بما له من المفهوم في هذا الزمان، إذ أن الفقير توسَّع معناه بالوضع التعيني فشمل حالياً، في الكثير من الأعراف، بعض من لم يكن يعدّ سابقاً فقيراً كمن لا يمتلك سيارة أو وسائل الرفاه المعهودة أو ما يكفي من السعرات الحرارية والفيتامينات فأنه يعد فقيراً الآن مع أنه لم يكن فقيراً عُرفاً بل ولا شرعاً، حسب المشهور([8])، فإنه من لا يملك قوت سنته، والفقير بالمعنى الحالي قد يملك قوت سنته.
نعم ذلك مبني على عدم تدخل الشارع وتحديده بنحو الحقيقة الشرعية([9]) للفقير بمن لا يملك قوت سنته كما دلت عليه جملة من الروايات، وأما عليه فمصبّ البحث والفائدة سيكون هو معنى القوت لا معنى الفقير إذ القوت الآن أخص من القوت عندهم سابقاً لاشتراطهم فيه ما يغذي البدن لكل متطلباته من فيتامين وطاقة وسعرات وغيرها.
 
شمول (فَتَبَيَّنُوا) للتبين بالطرق العلمية الحديثة وعدمه
 
ج- قوله تعالى: (فَتَبَيَّنُوا)([10]) وفي الحديث "كُلُّ شَيْ‏ءٍ هُوَ لَكَ حَلَالٌ حَتَّى تَعْلَمَ أَنَّهُ حَرَامٌ بِعَيْنِهِ فَتَدَعَهُ مِنْ قِبَلِ نَفْسِكَ وَذَلِكَ مِثْلُ الثَّوْبِ يَكُونُ عَلَيْكَ قَدِ اشْتَرَيْتَهُ وَهُوَ سَرِقَةٌ أَوِ الْمَمْلُوكِ عِنْدَكَ وَلَعَلَّهُ حُرٌّ قَدْ بَاعَ نَفْسَهُ أَوْ خُدِعَ فَبِيعَ أَوْ قُهِرَ أَوِ امْرَأَةٍ تَحْتَكَ وَهِيَ أُخْتُكَ أَوْ رَضِيعَتُكَ وَالْأَشْيَاءُ كُلُّهَا عَلَى هَذَا حَتَّى يَسْتَبِينَ لَكَ غَيْرُ ذَلِكَ أَوْ تَقُومَ بِهِ الْبَيِّنَةُ"([11]) فإن التبيّن سابقاً، بناء على عدم ثبوت الحقيقة الشرعية فيه كما استظهره صاحبا الجواهر والفقه وآخرون، لم يكن يشمل مثل تحديد السارق عبر البصمة على الباب مثلاً ولا مثل تحديد النَّسَب عبر الدّنا([12]) ولا تحديد الكاذب في الاقرار عبر جهاز كذب الكذب (المتطور منه طبعاً) ولكنه الآن عُرفاً كله تبيّن إن لم يكن من أوضح أنواعه ومصاديقه.
فهل (فَتَبَيَّنُوا) أمر بالتبيّن بما للتبيّن من المعنى بوجوده الماضوي؟ أو بما له من المعنى الممتد أو المتجدد؟ فإن كان الأول لم يشملها أو الثاني شملها.
وسيأتي غداً الضابط وبه يتضح بعض الإشكال والتسامح فيما قررناه، متقصدين، في هذا البحث تمريناً فتدبر وتفكر وتأمل والله الهادي.
 
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
====================

عن الإمام الباقر (عليه السلام) أنه قال لخيثمة: "أَبْلِغْ شِيعَتَنَا أَنَّهُ لَنْ يُنَالَ مَا عِنْدَ اللَّهِ إِلَّا بِعَمَلٍ وَ أَبْلِغْ شِيعَتَنَا أَنَّ أَعْظَمَ النَّاسِ حَسْرَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنْ وَصَفَ عَدْلًا ثُمَّ يُخَالِفُهُ إِلَى غَيْرِهِ" الكافي: ج2 ص300.
............................................
 
 

  • المصدر : http://www.m-alshirazi.com/subject.php?id=2441
  • تاريخ إضافة الموضوع : الاحد 9 ربيع الاخر 1438هـ
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 15