• الموقع : مؤسسة التقى الثقافية .
        • القسم : التعارض - التعادل والترجيح (1437-1438هـ) .
              • الموضوع : 170- ادلة اخرى على ان الاوامر بوجودها الحالي الممتد او الاعتباري، باعثة ـ ومنها: ظاهر الروايات .

170- ادلة اخرى على ان الاوامر بوجودها الحالي الممتد او الاعتباري، باعثة ـ ومنها: ظاهر الروايات

 
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
مباحث التعارض: (التعادل والترجيح وغيرهما)
(170)
 
الاستدلال لرد الاحتمال الأول بأن القضايا الشرعية حقيقية
 
وقد يستدل لنفي الاحتمال الأول وإثبات احدى الثلاثة الأخيرة على سبيل البدل، بأن الأحكام الشرعية هي قضايا حقيقية وليست خارجية إلا النادر منها المتوقف على قيام دليل خاص، والحقيقية هي ما صب الحكم فيها على الطبيعي بما هو هو من غير مدخلية للزمان فيها إلا كظرف أما الخارجية فهي المرتهنة باحدى الأزمنة الثلاثة وما كان الحكم منصباً على الأفراد الخارجية([1]).
فإذا كان العام بنحو القضية الحقيقية كان الزمان ظرفاً ولم يكن مفرّداً فكان الحاكم المتأخر مجتمعاً معه في أفق النفس ومنصباً على بعض ما أنصب عليه العام المحكوم من غير مفرّقية للزمن بينهما فكان الحاكم مُعنوِناً له.
 
رد الاستدلال بوجوه
 
ولكن يرد عليه: إضافة إلى لزوم كون سائر موارد الجمع العرفي كالمخصص للعام، كذلك وإضافة إلى أن ذلك كله لو صح فرضاً فانه أعم من كونه معنوناً لنفس الدليل، أن الحقيقية والخارجية صفة للمدلول وهو الحكم لا الدال وهو لفظ العام المحكوم وأشباهه فلا يعقل أن يكون معنوِناً مع أن الحكومة نحوُ لسانٍ للدليل فهي من صفات الدال كلما كان الحاكم من الأدلة اللفظية. فتأمل([2])
 
الاستدلال لاحدى الاحتمالات الثلاث بأن الظهور مفهوم قائم بالسامع وهو حالي
 
وقد يستدل لإثبات إحدى الاحتمالات الثلاثة الأخيرة، على سبيل البدل، بأن الظهور إذا كان قائماً باللفظ كما هو المشهور كان اللفظ منصرماً (إذا كان شفوياً) فلم يكن الانبعاث عن أمر حالي، وإن كان قائماً باللافظ؛ بدعوى أن التعبير بظهور الأمر في الوجوب مجاز في الإسناد والصحيح هو أن يقال بظهور حال اللافظ عند استعماله صيغة الأمر مثلاً في أنه أراد الوجوب وقد مضى الكلام على ذلك وأن المختار هو التفصيل فراجع، فكذلك فان اللافظ يغفل أو ينام أو يموت فيكون الانبعاث حينئذٍ عن ظاهرِ حالِ لافظٍ منقضٍ([3]).
وأما إذا كان قائماً بالفهم أي بفهم المكلف المتلقي والسامع بدعوى أن المكلَّف إنما ينبعث عن فهمه أي عن ما يفهمه من الإطلاقات والعمومات والأوامر والنواهي لا عنها هي؛ ولذا لو فهم من الأمر الإباحة (كما في ما كان عقيب الحظر) لم ينبعث ولو فهم منه الاستحباب، مبنىً في الأمر أو لقرينةٍ، فانه يرى رجحان الانبعاث لا لزومه ولو فهم الوجوب انبعث.
ولأن المكلف لا ينفعل إلا عن فهمه لا عن الواقع الخارجي أبداً إلا بتوسطه، فحينئذٍ يكون الانبعاث عن شيء حاضر في الذهن حاليٍّ وهو فهمه من العام فانه وإن عدم العام الشفوي لكن فهمه عنه موجود، فيكون الحاكم معنوناً للمفهوم الموجود حالاً في الذهن من الدليل المحكوم.
 
الجواب: الفهم معلول الظهور لا العكس
 
ويرد عليه: وضوح أن الفهم معلول الظهور الثبوتي وليس علة ولا ملازماً، ألا ترى أنه يقال: حيث كان الأمر ظاهراً في الوجوب والنهي ظاهراً في الحرمة فهمنا ذلك وعلمناه ولا يقال العكس؟ كما لا يتوهم عدم الربط بينهما وإلا لوجب أن يكون فهم الزجر من الأمر وِزانُه كوِزان فهم الطلب منه وليس كما لا يخفى.
وقد فصلنا نقد هذا الرأي الهرمنيوطيقي بوجوه عديدة في كتاب (نقد الهرمنيوطيقا) و(نقد النظرية الحسية) فليراجع.
 
الاستدلال على أحد الوجهين الأخيرين بالروايات
 
وقد يستدل على أحد الوجهين الأخيرين (الوجود الممتد للأمر أو للعام حقيقة أو اعتباراً) بالأدلة النقلية من آيات وروايات:
فمنها قوله (صلى الله عليه وآله): "أَنَّ هَذَا الْقُرْآنَ مَأْدُبَةُ اللَّهِ فَتَعَلَّمُوا مَأْدُبَتَهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ، إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ حَبْلُ اللَّهِ وَهُوَ النُّورُ الْبَيِّنُ وَالشِّفَاءُ النَّافِعُ عِصْمَةٌ لِمَنْ تَمَسَّكَ بِهِ وَنَجَاةٌ لِمَنْ تَبِعَهُ‏"([4]).
 
القرآن حبل الله الآن
 
وهو ظاهر في أنه الآن حبل الله لا انه بوجوده الماضوي حبل! وإلا لقال كان حبل الله، على أن كون ما هو ماضٍ بما هو ماضٍ حبلاً في المستقبل وإن أمكن تصويره فرضاً إلا أنه خلاف الظاهر.
لا يقال: مدلوله ومحتواه ومضمونه حبل الله وليس الدال والألفاظ؟.
إذ يقال: بل الدال حبل الله أيضاً؛ ألا ترى أن نفس (بسم الله الرحمن الرحيم) كألفاظ هي حبل الله وبها يُعتصم وأن لها أحكاماً كحرمة مسها مثلاً، نعم غاية الأمر أن المحتوى والمضمون حيثية تعليلية لثبوت الحبلية للألفاظ نفسها.
ويدلك على ذلك أيضاً أن القرآن بمعنى المقروء وهو الألفاظ، وأن كثيراً من الآثار كالشفاء وكصحة الصلاة، تترتب على قراءة الألفاظ نفسها وإن لم يلتفت لمحتواها.
 
القرآن نور بيِّنُ الآن
 
"وَهُوَ النُّورُ الْبَيِّنُ" الظاهر في أنه نور حالاً، وليس انه كان نوراً في الماضي فانطفأ لكن شعاعه امتد – بوجهٍ - للحاضر فنحن نستضئ بنورِ سراجٍ منعدمٍ!([5])
 
وعصمةٌ لمن تمسَّك به
 
"وَالشِّفَاءُ النَّافِعُ عِصْمَةٌ لِمَنْ تَمَسَّكَ بِهِ" وليس لمن تمسك بالقرآن الماضي فمرجع الضمير في (به) هو القرآن بوجوده الكتبي الحالي.
 
لا يعوَجُّ فيُقوَّم
 
"لَا يَعْوَجُّ فَيُقَوَّمَ" وهو ظاهر إن لم يكن صريحاً في العلة المبقية وإلا لقال (صلى الله عليه وآله): (لم يكن فيه عوج) أو (ما كان أعوج) فقوله (لا يعوج) دليل على صلاحيته([6])، في حد ذاته لولا حفظ الله، لأن يعوَّج بعد أن كان مستقيماً وذلك لا يعقل إلا لو كان له وجود مستمر ممتد حقيقةً أو اعتباراً وإلا لاستحال أن يعوّج بل أما كان مستقيماً أو كان أعوج ولا غير؛ إذ الماضي لا ينقلب عما وقع عليه.
ويشهد له قوله تعالى (غَيْرَ ذِي عِوَجٍ)([7]) فان (لا يعوج) فيه إضافة عليه، إلا أن يقال بأن (غَيْرَ ذِي عِوَجٍ) يفيد الأعم.
 
ولا تنقضي عجائبه
 
(وَ لَا يَزِيغُ فَيُسْتَعْتَبَ وَ لَا يَنْقَضِي عَجَائِبُهُ) ومن الواضح أن القرآن الكريم لا تنقضي عجائبه داّلاً ومدلولاً ومن حيث الألفاظ والمضامين جميعاً؛ فان من الواضح أن إعجاز القرآن ليس في مضمونه فقط بل في ألفاظه ونظمه وترتيبه وفصاحته وبلاغته أيضاً. وللبحث صلة.
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
=====================
 
سئل الإمام الصادق (عليه السلام): "عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ (إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ) قَالَ: الْقَلْبُ السَّلِيمُ الَّذِي يَلْقَى رَبَّهُ وَلَيْسَ فِيهِ أَحَدٌ سِوَاهُ قَالَ وَكُلُّ قَلْبٍ فِيهِ شِرْكٌ أَوْ شَكٌّ فَهُوَ سَاقِطٌ وَإِنَّمَا أَرَادُوا الزُّهْدَ فِي الدُّنْيَا لِتَفْرُغَ قُلُوبُهُمْ لِلْآخِرَةِ" الكافي: ج2 ص16.
............................................
 
 

  • المصدر : http://www.m-alshirazi.com/subject.php?id=2415
  • تاريخ إضافة الموضوع : الثلاثاء 4 ربيع الاخر 1438هـ
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 15