• الموقع : مؤسسة التقى الثقافية .
        • القسم : التعارض - التعادل والترجيح (1437-1438هـ) .
              • الموضوع : 168- الاستدلال على عنونة الحاكم التنزيلي للمحكوم، بتمهيد بحث عن ان (الاوامر) متجددة الوجود او ممتدة او منزلة منزلة المتجدد او ماضية نافذة .

168- الاستدلال على عنونة الحاكم التنزيلي للمحكوم، بتمهيد بحث عن ان (الاوامر) متجددة الوجود او ممتدة او منزلة منزلة المتجدد او ماضية نافذة

 
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
مباحث التعارض: (التعادل والترجيح وغيرهما)
(168)
 
تحقيق معنى (كلامهم (عليهم السلام) ككلام الواحد في المجلس الواحد)
 
ثم أن المراد بقولهم (كلامهم (عليهم السلام) ككلام الشخص الواحد في المجلس الواحد) إضافة إلى ما سبق([1]) هو أمرين:
الأول: دفع توهم النسخ حتى في مثل المخصص إذ انه كما يحتمل التخصيص يحتمل النسخ؛ بل قد يتوهم تعينه نظراً لتأخر البيان([2]) عن وقت العمل، وذلك هو المستظهر في المتكلم العادي إذ لو جاء المخصص منفصلاً بعد وقت العمل دلّ على نسخ هذا الفرد الخاص لا تخصيصه وإلا لوجب ذكره قبل وقت العمل وإلا لكان مغرياً بالجهل أو غافلاً، أما المعصومون (عليهم السلام) فلأن كلامهم ككلام الواحد في المجلس الواحد فلا يكون المخصص اللاحق ناسخاً في مورده بل مخصصاً قد أخّر عن وقت العمل لمصلحة ما([3]).
الثاني: أنه لدفع توهم التضاد أو التناقض في كلماتهم إذ لو تخالفت فلأنها ككلام الواحد في المجلس الواحد فتحمل أما على إرادة خلاف ظاهرها أو على عدم صدور أحدها فإما غير مراد وإما غير صادر، عكس الإنسان العادي الذي قد ينسى ما قاله فيكون ظاهره التناقض لولا النسخ.
 
عَنَونِة الحاكم التنزيلي للمحكوم وتصرفه في الظهور
 
سبق (5- الحاكم تنزيلاً يُعنوِن المحكوم فيتصرف في الاستعمالية
الميّزة الخامسة: للحكومة على سائر موارد الجمع العرفي كالتخصيص: أن الحاكم بالحكومة التنزيلية تضييقاً أو توسعةً يعنوِن المحكوم في ظرفه في مرحلة إرادته الاستعمالية فيكون ظهور المحكوم بالنسبة إلى الحاكم تعليقياً ويكون الحاكم كالشرط المتأخر لانعقاد ظهور المحكوم.
وبذلك يختلف الحاكم المنفصل عن المخصص المنفصل بأنه في مرحلة الإرادة الجدية يتقدم على العام لأنه أقوى منه وأظهر في الدلالة على المراد الجدي لكنه لا يتصرف في الدلالة الاستعمالية له إذ بالانفصال قد انعقد ظهوره واستقر، أما الحاكم تنزيلاً فانه يتصرف في موضوع المحكوم بتنزيل بعض أصنافه كـ(الربا بين الوالد والولد) منزلة العدم وحيث كان نظره وتصرفه لفظياً لا بحكم العقل كان ظهور المحكوم بالقياس إلى كل حاكم مستقبلي محتمل مراعىً فهو كالمتصل من هذه الجهة)([4]).
ومزيد توضيحه بما يتضمن برهنته بوجوه عديدة مع الأخذ والرد فيها:
 
المحتملات في الأمر الصادر في الزمن الغابر
 
إن المحتملات في الأمر الصادر في الزمن الغابر بنحو القضية الحقيقية، أربعة:
 
1- أنه بوجوده الماضي المنصرم متعلق بالمطلوب المستقبلي وباعث نحوه
 
الأول: أن يكون بوجوده القديم الماضي، متعلقاً بالمطلوب المستقبلي كالحالي فيكون الانبعاث عن الأمر المنصرم وجوداً، ولعل هذا هو المرتكز بدواً في بعض الأذهان.
 
2- أنه بوجوده المتجدد، باعث، لكونه انحلالياً
 
الثاني: أن يكون له أي للأمر بما هو وجود إنشائي من عالم الإثبات، وجود متجدد آناً فآناً ويكون الانبعاث في كل يوم أو ساعة عن هذا الأمر المتجدد أي الفرد الجديد منه لا عن الفرد القديم المنصرم وجوداً بانتهاء الكلام، وذلك لا بناء على الحركة الجوهرية للإشكال مبنى بل وبناءً بعدم كون المقام صغرى لها في الجملة على وجهٍ([5])، بل لوجه آخر وهو: أن العام، وكذا المطلق، انحلالي كما سبق، وكما أنه انحلالي افرادياً كذلك هو انحلالي ازمانياً فكما أن أكرم العالم ينحل من حيث (العالم) إلى هذا العالم وذاك وذياك كذلك ينحل من حيث (أكرم) إلى أطلب منك أو آمرك بإكرام هذا وآمرك بإكرام ذاك وذياك وهكذا، فقد تعدد أكرم بتعدد وبعدد متعلق الإكرام.
والحاصل: أن الوجودات المتكثرة للعالم وللإكرام ولطلبه جمعت في كلمة واحدة بوجود إجمالي واقعهُ هو الوجودات التفصيلية.
 
إشكال وجواب: الأمر متجدد لا صرف الطلب
 
لا يقال: ذلك من خلط الأمر والإنشاء بالـمُنشَأ والطلب فان الطلب متعدد متجدد لا (الأمر) فانه واحد؛ وذلك بناء على حققناه سابقاً من أن الإنشاء غير المنشأ كما أن الإيجاد غير الوجود.
إذ يقال: بل أن اللفظ والأمر بوجوده الاثباتي منحل لا المنشأ به فقط، إذ عندما يقال (العالم) انحلالي لا يقصد به المدلول فانه الوجودات الخارجية للافراد وهي متعددة وغير موجودة بوجود إجمالي أبداً، بل المقصود أن نفس لفظ العالم وجود إجمالي للفظ العالم والعالم والعالم فبدل أن يقول أكرم هذا العالم وهذا العالم وهذا العالم يقول أكرم العلماء فالدال ينحل إلى وجودات متعددة وهو مجمع لها أو وجود إجمالي أو اختزالي لها كذلك حال (أكرم) فان أكرم ينحل إلى أكرم وأكرم وأكرم ويتعدد مادةً وهيئةً بتعدد المتعلق، نعم الوحدة نوعية والتعدد شخصي متضمن في وجود إجمالي فتأمل([6]).
ويتضح ذلك أكثر بملاحظة أنه يوجد في قولك (أكرم العالم) أمور ثلاثة([7]): دالّ هو هذا اللفظ نفسه وهو المسمى بالأمر، ومتعلَّق وهو العالم، ومدلول وهو المنشأ بالأمر وهو الطلب، وأكرم العالم كأمر هو وجود إجمالي لسائر الأوامر في مرتبة كونها أوامر ودوالّ.
ولا يخفى أن الطلب الـمُنشَأ بالأمر غير الطلب النفسي القائم بنفس الآمر، فأن الأخير من العلل المعدة للأمر والأول معلول للأمر نفسه والأخير صفة حقيقية والأول أمر اعتباري فتدبر.
 
3- أنه بوجوده الممتد، باعث
 
الثالث: أن يقال بأن للأمر وجوداً واحداً ممتداً عكس الأول إذ يرى انصرامه والثاني إذ يرى تعدده وتجدده، لكن الثالث يرى وجوداً واحداً ممتداً كامتداد النهر الواحد لا كاتصال الأشخاص في صف الجماعة مثلاً.
وقد يؤكد الثالث ويوضحه: أن (الأوامر المكتوبة) كالموجودة في القرآن الكريم والروايات الشريفة المذكورة في الأصول الأربعمائة ثم في أمثال الكافي والتهذيب ثم في الوسائل والمستدرك وجامع أحاديث الشيعة وغيرها، لا شك أنها غير معدومة بل هي موجودة الآن أيضاً، وعليه – وبناء على الاحتمال الثالث - يكون الصائم مثلاً منبعثاً عن (أَتِمُّوا الصِّيَامَ)([8]) لا باعتبار صدوره حين الوحي، بل باعتبار وجوده الحالي حقيقة.
وقد يقال: بأن الوجه الثاني مبني على أن الزمان مفرّد أما الوجه الثالث فمبني على أن الزمان ظرف، وقد يعود البحث في جوهره إلى تحقيق حقيقة القول في الزمان وأنه أمر اعتباري؟ أو انتزاعي؟ أو حقيقي وهو مقدار حركة الفلك أو غيره؟ أو هو البعد الرابع؟ أو غير ذلك من الأقوال([9]).
لكن الأصح عدم ابتناء البحث على شيء من ذلك فتدبر.
 
4- أنه متجدد تنزيلاً واعتباراً وباعث بلحاظه
 
الرابع: أن الأمر متجدد متعدد بتعدد الأفراد والأزمان، لكن بالتنزيل والاعتبار لا بالحقيقة، فكل امتثالٍ في الأزمنة اللاحقة فهو امتثال لأمر موجود اعتباراً مماثل للأمر الصادر أولاً بل هو نفسه اعتباراً.
ثم يقع البحث في أن هذا الاعتبار – كسائر الاعتبارات – هل هو قائم بأنفس المعتبرين؟ أو بالعقل الفعّال على فرض القول به؟ أو بنفس ولي الله الأعظم (عجل الله تعالى فرجه الشريف) في هذا الزمن وبمن سبقه منهم (عليهم السلام) في الزمن السابق عليه؟ أو في اللوح المحفوظ؟ أو غير ذلك؟ وللبحث تتمة.
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين...
======================
 
عن الإمام الصادق (عليه السلام) قال: "اعْمَلْ لِدُنْيَاكَ كَأَنَّكَ تَعِيشُ أَبَداً وَاعْمَلْ لآِخِرَتِكَ كَأَنَّكَ تَمُوتُ غَداً" من لا يحضره الفقيه: ج3 ص156.
...............................................
 
 

  • المصدر : http://www.m-alshirazi.com/subject.php?id=2409
  • تاريخ إضافة الموضوع : الاحد 2 ربيع الاخر 1438هـ
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 15