• الموقع : مؤسسة التقى الثقافية .
        • القسم : المكاسب المحرمة (1433-1434هـ) .
              • الموضوع : 2- معاني (الحفظ) سته ـ شمول (باب الضلال) للجرائد والمجلات ، والمدارس والمنظمات و... ـ معنى (الظلال) .

2- معاني (الحفظ) سته ـ شمول (باب الضلال) للجرائد والمجلات ، والمدارس والمنظمات و... ـ معنى (الظلال)

بسم الله الرحمن الرحيم 

الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطاهرين واللعنة الدائمة على اعدائهم اجمعين ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. 

كان البحث حول حفظ كتب الضلال , وقلنا ان هنالك مباحث لابد من تنقيحها في المقام . 

المبحث الاول : وهو مبحث تنقيح الموضوع والمتعلق ومتعلق المتعلق , ولتحديد ذلك لابد من معرفة معنى كلمة ( حفظ ) , ومعنى كلمة (كتب), ومعنى كلمة (ضلال ) . 

اشارة مهمة في كلام صاحب الجواهر :وهنا اشارة مهمة وهي ان صاحب الجواهر قد ذكر في (الجواهر) ان هذا المصطلح , أي : (كتب الضلال) لم يرد في الروايات , كما انه ليس بموجود في ايات الذكر الحكيم كما هو واضح ؛ ولذا فان البحث لا يدور مدار هذا المصطلح وهذا اللفظ , ولا مجال للتمسك باطلاق هذه اللفظة او عمومها او غيرها, قال: (ليس في النصوص هذا اللفظ، كي يقتصر على المنساق منها من كونه معدّاً أو كون مجموعه ضلالاً أو نحو ذلك) وانما ندور مدار الادلة , وهذه الكلمة أي كتب الضلال بما هي هي عنوان فقهائي – لا قيمة له من هذه الجهة – إلا بمقدار الاشارة الى موطن البحث . 

تعليق وتعقيب على كلام صاحب الجواهر : ونقول في مقام التعليق والتعقيب على كلام صاحب الجواهر : بان مصطلح وعنوان (كتب الضلال) صحيح انه لم يرد في الروايات – بحسب استقراء شبه تام - ولكن هناك مصطلحا اخر قد ورد في الروايات ولم يذكره صاحب الجواهر, وهو اقوى في افادة المعنى المراد في التعميم لمصطلح ( كتب الضلال ) ؛ ولذا سنجري على ذلك المصطلح لاحقا , 

والعنوان الموجود في بعض الروايات هو كلمة ( باب ضلال ) , وهذا العنوان أي: (باب ضلال) هو اوسع من كتب الضلال , وهو اقرب للادلة وعمومها – ان لم يكن مطابقا لها - وتحقيقه يأتي ان شاء الله تعالى. 

تحليل المفردات الثلاث ( حفظ , كتب , الضلال ) المفردة الاولى : ( حفظ ) واما المفردة الاولى, فان المحقق الايرواني ذكر ان المراد من هذه الكلمة يحتمل معاني ثلاث , وبعض الفقهاء قد اضاف معنى رابعاً, و اما نحن فسنضيف ملحقين لذلك. 1) المعنى الاول :المعنى الاول لكلمة ( حفظ ) هو المعنى المتعدي بـ (عن) , فيكون المعنى المراد هو حفظ كتب الضلال عن ان تتلف أي حفظها عن التلف . 

توضيح كلام المحقق الايرواني :و المعنى الاول لكلمة ( حفظ ) هو ان كتب الضلال كالانجيل او كتاب يعلِّم السحر او غير ذلك كالكتب التي توجب الفتنة بين المسلمين، لو كان في معرض التلف من حرق او غرق او مطر او رياح , وكاد ذلك الكتاب ان يتلف فهنا حفظه حرام , 

و اما لو لم يكن الامر كذلك, كما لو كان الكتاب في مكتبة عامة او خاصة مثلا , وكان محفوظا فليس هذا الحفظ حرام . 

والمحقق الايراوني يقول : ان هذا هو المعنى الظاهر من كلمة حفظ , أي: حفظه عن التلف أقول: لكن تخصيص حرمة الحفظ هو بهذا المعنى ضعيف كما سيأتي وكما صرح به أيضاً. 

2) المعنى الثاني : واما المعنى الثاني والذي يحتمل ارادته من كلمة ( حفظ ) هو ( الاقتناء ) , ويكون معنى حفظه : ( اقتناؤه ) , أي : وضع اليد عليه , والحفظ على هذا المعنى متعد بنفسه بخلاف المعنى الاول والذي يتعدى بـ ( عن ) 

النسبة بين المعنيين : أقول: واما النسبة بين المعنى الاول والمعنى الثاني فهي العموم والخصوص من وجه, فان مادة افتراق الاول عن الثاني هي ما لو كان كتاب الضلال او غيره ( كالقرص الليزري المضل مثلا ) في معرض التلف ولم يكن تحت سلطته , كما في انجيلٍ مطروح في الشارع او غيره ثم اتحرك لأحفظه عن التلف , فهذا العمل محرم لا غير على المعنى الاول, او كان هناك كتاب ضلالة مثلا ملكاً للغير وعلى وشك ان يتلف فاتحرك كذلك لحفظه, 

واما مادة افتراق المعنى الثاني عن المعنى الاول هو ان يكون الكتاب مقتنى لي من غير أن يكون في معرض التلف وما اكثر ذلك ككتاب سحر او انجيل في مكتبة وليس هو في معرض تلف فإن نفس حفظه في المكتبة حرام على المعنى الثاني 

3) المعنى الثالث: واما المعنى الثالث لكلمة حفظ فهو (المراد من الحفظ عدم التعرض للإتلاف) انتهى، وهذا معنى مجازي ,وهو اعم من المعنيين الاولين, إذ تفسير الحفظ بعدم الإتلاف , هو تفسير مجازي ؛ لأن للحفظ معنى ايجابي, والتفسير الثالث تفسير بالمعنى السلبي الاعم، فكلما لم تتلف كتب الضلال فإنك حافظ لها , وهذا المعنى اعم ؛ لانه قد لا يكون كتاب الضلال او باب الضلال في معرض التلف , كما ولا يكون مقتنى, ولكن تركه وعدم اتلافه حرام كما في كتاب ضلال ككتاب سحر مثلا وهو موجود في مكان عام كحديقة لكنه في ركن محفوظ منها ولم يكن ملكا لي ولا كان في معرض التلف فان نفس عدم اتلافه حرام . 

4) المعنى الرابع : و اما المعنى الرابع لكلمة ( حفظ ) فهو الحفظ في الصدور, كما في حفظ اشعار فيها هجاء للمؤمن و كما في النكات التي تنتهك او تهين امة معينة, فحفظ هذه النكات على هذا المعنى هي حرام , وكذلك الحال في بعض الكلمات البذيئة لمن يحفظها , وكذلك في حفظ الاشعار ام الكلمات الفلسفية او العرفانية الباطلة كقول قائلهم (ليس في جبتي سوى الله) او حفظ بعض الروايات التي جاءت في كتاب البخاري مثل ان الله تعالى يدخل رجله في النار حتى تمتلئ فتقول قط قط وهكذا (إلا ما كان للنقض والرد). 

ملحقان لمعاني كتب الضلال : (معنيان اخران) 5) المعنى الخامس : وهذا المعنى هو بلحاظ الادلة لا بلحاظ كلمة حفظ إلا تجوزا نظير ما صنع المحقق في المعنى الثالث , فانه كنى بالحفظ عن عدم الاتلاف أو تجوز به والمعنى الخامس هو مختلف التقلبات في كتب الضلال مثل المطالعة والمدارسة لهذه الكتب وغيرها , وصاحب الجواهر ينقل عن مفتاح الكرامة التمثيل لكتب الضلال بكتب قدماء الحكماء والتي اشتملت على القول بقدم العالم , 

واما السيد علي القزويني في ينابيع الأحكام فيمثل لهذه الكتب ببعض كتب العرفاء والصوفية التي تقول بمقتضى ظاهر ألفاظها بجبر الانسان , وأنه مجبور واقعا ولكنه في قالب مختار أو تقول بدعوى الالوهية أو الولاية, او بمثل من يقول بوحدة الوجود او الموجود وهي مقالة بعض الفلاسفة , 

والمتحصل : ان المعنى الخامس هو مختلف التقلبات , وعبارة صاحب الجواهر صريحة في ذلك حيث يقول : " بل يحرم مطالعتها وتدريسها " ونلحق بذلك ( تحقيقها وتهميشها وطباعتها وغير ذلك ) . 

6) المعنى السادس : و اما المعنى السادس لكلمة حفظ فهو ايجادها , والبعض فرق بين الحفظ و الايجاد , فرأى ان الحفظ حرام , إلا ان الايجاد ليس كذلك , فان احدهم لو كتب كتاب ضلال فليس بحرام , أي: ان نفس الكتابة ليست محرمة , لكنه لو حافظ عليها فقد ارتكب محرماً , كما لو ان احدهم فاضت قريحته الشعرية باشعار كفرية او غرامية , اذاً : لابد من ملاحظة هذه العناوين والمعاني الستة عند التطرق للادلة لمعرفة مدى دلالة الأدلة، وعلى أي حد؟ المفردة الثاني : كلمة ( كتب ) قلنا فيما سبق بان الكتب ليس المراد بها هي خصوص هذا العنوان , بل ان المراد بها الاعم بلحاظ (الأدلة) وبلحاظ (باب الضلال) , ولذا فان نطاق هذا البحث سيشمل مدارس الضلال المسخرة لتربية الوهابيين او الارهابين فانه باب من ابواب الضلال , فحفظ هذه المدرسة وعمل الشخص كحارس فيها هل هو جائز او لا ؟ - بالنسبة للفقه الشخصي – وحفظ الحكومة لها وحمايتها جائز او حرام ؟ - بالنسبة لفقه الدولة -وكذلك يشمل هذا البحث المزار والمقبرة المتخذة للضلالة، وهكذا. والبحث يتسع اكثر ليشمل المنظمات والاحزاب والمؤسسات الضالة فكل هذه هل يجوز ايجادها ؟ ثم الحفاظ عليها ؟ ثم التقلب فيها ؟ والحال نفسه في الجرائد والمجلات والاذاعات وغيرها 

عودا الى كلام صاحب الجواهر : ولنعد الى كلام صاحب الجواهر فانه يرى ان الحرمة تعم دائرة واسعة جداً تشمل كل ما ذكرناه؛ لانه يستند الى دليل عام , وسنتوقف عنده لاحقا, فانه يستند إلى عنوان قد ورد في الروايات وهو ( ما وضع للحرام ) ,وكذلك ورد في الروايات ايضا كلام يمكن الاستناد اليه وهو ( ما ينشأ منه الفساد ) والبحث يتسع مرة اخرى ليشمل مثلاً ما لو اسس حزب او مؤسسة للمرأة تدعو للمساواة مع الرجل في الإرث وما أشبه بهذا المعنى وبهذا التوجه فانها ,أي : هذه المؤسسة قد وضعت للضلال وانشأت للفساد , وهذا محرم. 

المفردة الثالثة : كلمة ( الضلال ) و اما المفردة الثالثة وهي كلمة الضلال ففيها نقاش موضوعي طويل حول المراد منها , ونذكر الان بعض العناوين حول ذلك , فانه توجد للضلال اربعة احتمالات , منها ان المراد من الضلال هو خصوص ما كان كله ضلالاً او يشمل حتى ما اشتمل على بعض الضلال ومثاله (صحيح البخاري ) –كما يطلق عليه – فان ليس كل ما فيه ضلالاً , ولكنه اشتمل على البعض منها , 

و مرة اخرى يوسع صاحب الجواهر فتواه فيقول : ان كتب الضلال يشمل حتى القليل أي ما فيه سطر واحد مثلاً من الضلال ومن اراد بيعه فلابد عليه من محوه , إلا ان البعض الاخر في (شرح القواعد) يقول: ان كتب الضلال هي الكتب التي فيها الضلال بالجملة لا في الجملة؛ وعليه لابد من الرجوع الى الادلة – كما ذكرنا سابقا – لنرى انها عندما تذكر كلمة ( باب ضلال ) فهل هي تشمل ما فيه الضلال وان لم يكن متمحضا فيه او لا ؟ 

وللكلام تتمة وصلى الله على محمد واله الطاهرين ... 


  • المصدر : http://www.m-alshirazi.com/subject.php?id=24
  • تاريخ إضافة الموضوع : الاثنين 22 شوال 1433هـ
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 02 / 23