• الموقع : مؤسسة التقى الثقافية .
        • القسم : التعارض - التعادل والترجيح (1437-1438هـ) .
              • الموضوع : 150- خصائص الحكومة 1ـ انه لا تدافع بين الحاكم وسند المحكوم مطلقاً ـ تفصيل كلام المحقق العراقي .

150- خصائص الحكومة 1ـ انه لا تدافع بين الحاكم وسند المحكوم مطلقاً ـ تفصيل كلام المحقق العراقي

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
مباحث التعارض: (التعادل والترجيح وغيرهما)
(150)
خواص الحكومة: 
 
بعد الفراغ عن تعريفات الحكومة على المباني المختلفة، وعن أنواعها وأقسامها، والنكتة في تقدم الحاكم على المحكوم، لا بد من البحث عن خواص الحكومة فنقول: الخواص التي ذكرت أو التي يمكن أن تذكر للحكومة قد تقارب العشرة وفي بعضها مناقشة بل مناقشات، وهي:
 
الحاكم لا يزاحم([1]) سند المحكوم أبداً أما غيره (كالخاص) فقد يزاحم سند العام
 
أولاً: الحاكم لا يتدافع مع المحكوم في سنده مطلقاً بينما قد يتدافع الخاص مثلاً سنداً مع العام، وذلك هو ما صار إليه المحقق العراقي في مقالات الأصول.
وتوضيحه([2]): أن من المسلّم أن الخاص لا يعارض سند العام إذ لا تدافع بينهما إنما يعارض ظهوره على مبنى المجازية وحجيته على غيرها فانه لاقوائية ظهوره منه يكون قرينة على إرادة الخاص من العام أي على التجوز فيه على مبنى، وعلى مبنى آخر فانه يتقدم عليه في مرحلة إرادته الجدية وإن لم يتصرف في مرحلة إرادته الاستعمالية كما عليه المشهور فانه يبقى العام على ظهوره ولا يكون المتكلم به إلا مستعملاً له في ما وضع له لكن إرادته الجدية هي التي تكون مقهورة ومغلوبةً بالخاص.
فعلى هذا فقد يتوهم أنه كما أن الحاكم لا يزاحم سند المحكوم كذلك الخاص لا يزاحم([3]) سند العام، لكن الفرق يظهر في بعض الصور ولذا عقدنا عنوان البحث بما مضى من (الحاكم لا يتدافع مع المحكوم في سنده مطلقاً بينما قد يتدافع الخاص سنداً مع العام)([4]).
مزاحمة الخاص لسند العام في صورتين
بيان ذلك: أن التخصيصات لو كثرت فبلغت مرحلة تخصيص الأكثر المستهجن، فكيف لو شملت جميع أنواع العام، فهنا يقع التدافع بين سند العام وسند التخصيصات بمجموعها إذ لا يمكن الحكم بصدورها وصدقها جميعاً مع تضادها فيكون مجموع التخصيصات مع العام بمنزلة عام مباين لعامٍ آخر إذ التخصيص ببعضها ترجيح بلا مرجح وبها جميعاً يعارضه العام الآخر.
وذلك عكس الحاكم فانه لو أخرج موارد المحكوم كلها عن ظاهره([5]) واستأثر بها لنفسه فانه لا يعارضه سنداً لأنه بمنزلة الشارح له والمفسر فهو كالقرينة المتصلة، فكما أن (يرمي) الصارفة لظهور (أسد) عن معناه الحقيقي لا تزاحم سنده إذ قد فسرته بتفسير عرفي مقبول وأفادت أن المراد به معنى آخر فلا تدافع، فكذلك الحاكم كـ"لَيْسَ بَيْنَ الرَّجُلِ وَوَلَدِهِ رِبًا وَلَيْسَ بَيْنَ السَّيِّدِ وَعَبْدِهِ رِبًا"([6]) تضييقاً للموضوع و"الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ صَلَاة"([7]) توسعةً له و"لَا ضَرَر"([8]) تضييقاً للحكم.
 
كلام المحقق العراقي
 
قال المحقق العراقي: (وبواسطة ذلك ربما [تظهر] جهة فارقة اخرى بينهما، و[هي] ان في باب الحكومة لا يخرج سند المحكوم عن الاعتبار حتى لو فرض اقتضاء دليل الحاكم طرح ظهور المحكوم رأسا بحيث لا يبقى تحت [ظهوره] شيء من مدلوله، لأنه بعد شرح مراده بمفاده كان بحكم [القرينة] المتصلة في تعيين مراد الظهور، ودليل التعبد بسنده لا يُلغى عن الاعتبار؛ إذ ينتهي الأمر إلى العمل بمراده ولو بتوسيط شارحه. وهذا بخلاف باب الجمع فإن دليل الأظهر لا يكون شارحا لمراد العام، بل العام الظاهر باقٍ بعد على ظهوره في المراد منه مع احتمال كون المراد الواقعي على طبق ظهوره، غاية الأمر يجب رفع اليد عن حجيته عند قيام حجة أقوى على خلافه)([9])
وكلامه (بل العام الظاهر باقٍ...) مبني على أحد المبنيين([10]) كما سبق وأما على المبنى الآخر فسيأتي بيان حاله.
وقال([11]): (ولازمه حينئذ بقاء مقدار من الدلالة بحاله لزوما بلا [لزوم طرحه] أجمع، وإلا يلزم طرح سنده أيضا لعدم انتهاء أمر سنده إلى العمل، بل يصير حال الظاهر بعد عدم حجية ظهوره وطرحه رأسا حال المجمل المعلوم عدم معنى [للتعبد] بسنده).
وقال: (ومن [الممكن] دعوى كون موارد الجمع من التخصيص والتقييد والمجاز في الأمر والنهي ليس مما يطرح ظهورها رأسا، بل يبقى تحت ظهور العام والمطلق والأمر والنهي و [أمثالها] مقدارا من الدلالة، فيبقى مقدار من مدلوله على وجه يكون ظهوره حجة فيه، وهو المصحح أيضا للتعبد بسنده).
وتوضيحه: أما في التخصيص والتقييد غير المستهجن فواضح إذ تبقى سائر الموارد، وأما في الأمر والنهي فهو مبنيّ على أن الأمر له ظهوران: رجحان متعلَّقه والإلزام به؛ إذ بعد الذهاب إلى انه ظاهر في الوجوب مجاز في الندب فإذا دل دليل على (اغتسل للجمعة) مثلاً وجاء دليل آخر مفادة (لا بأس بترك غسل الجمعة) تقدم على اغتسل لكونه نصاً في عدم الوجوب، لكن بعض دلالة (اغتسل) تبقى إذ الأمر يدلّ على أمرين: أ- مطلق الرجحان، ب- الإلزام والمنع من الترك، والثاني منتفٍ بالمعارض([12]) فيبقى اغتسل دالاً على الأوِّل؛ ولذا قال: (بل يبقى تحت ظهور الأمر والنهي مقدار من الدلالة).
 
الثمرة
 
الثمرة: ويترتب على الفارق الذي ذكره انه لا نرجع في الحاكم والمحكوم إلى المرجحات السندية مطلقاً([13]) ولا بعد فقدها إلى التساقط كأصل أولي والتخيير كأصل ثانوي أبداً، إذ لا تزاحم كما سبق في مرحلة السند أبداً بل الحاكم شارح ومفسر فلا معنى للرجوع للمرجحات أو التخيير بعد فقدها والتكافؤ.
وللبحث صلة بإذن الله تعالى.
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
====================
 
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله): "إِنَّ أَعْظَمَ النَّاسِ مَنْزِلَةً عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَمْشَاهُمْ فِي أَرْضِهِ بِالنَّصِيحَةِ لِخَلْقِهِ" 
الكافي (ط – الإسلامية): ج2 ص208.
...........................................
 
 

  • المصدر : http://www.m-alshirazi.com/subject.php?id=2330
  • تاريخ إضافة الموضوع : السبت 3 ربيع الاول 1438هـ
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 15