• الموقع : مؤسسة التقى الثقافية .
        • القسم : التعارض - التعادل والترجيح (1437-1438هـ) .
              • الموضوع : 146- 3ـ والامارة مزيلة لموضوع الاصل (وروداً او حكومة على التنزيل) ـ التخالف بين كلامي الشيخ (قدس سره) ـ جواب شبهة حكومة الاصول على الامارات لانها ناظرة اليها ورافعة لدرجة التنجز من مؤدياتها .

146- 3ـ والامارة مزيلة لموضوع الاصل (وروداً او حكومة على التنزيل) ـ التخالف بين كلامي الشيخ (قدس سره) ـ جواب شبهة حكومة الاصول على الامارات لانها ناظرة اليها ورافعة لدرجة التنجز من مؤدياتها

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
مباحث التعارض: (التعادل والترجيح وغيرهما)
(146)
3- الامارة تزيل موضوع الأصل
 
ثالثاً: أن عدم التعارض بين الامارة والأصل إنما هو لأن الامارة تزيل موضوع الأصل حقيقةً بعناية التعبد إن قلنا بالورود بدعوى أن (لا يعلمون) كناية عن (ما لا حجة عليه) والامارة حجة، أو تنزيلاً إذا أبقينا لا يعلمون على ظاهره فتكون الامارة حاكمة عليه وذلك على حسب إحدى تقريرات حكومة الامارات على الأصول؛ لأن معنى صدّق العادل نزّل قوله منزلة العلم بالواقع فكن كأنك عالم وهو تقرير الميرزا الشيرازي الكبير للحكومة، أو لأن معنى جعل الامارة حجة أنه لا يعبأ باحتمال مخالفة مؤداها للواقع وهو تقرير الشيخ الانصاري للحكومة([1]).
 
وليس أن موضوع الامارة والأصل متعدد
 
فهذا هو وجه حكومة الامارات على الأصول، وليس الوجه تعدد موضوع الامارة والأصل وأن موضوع هذا أمر وموضوع ذلك أمر آخر كما هو ظاهر إن لم يكن صريح عبارة الشيخ في التعادل والتراجيح، والحاصل: ان هذا الوجه يستبطن وجودهما معاً وعدم تعارضهما لذلك وأما ذاك الوجه فمبني على أن أحدهما مزيل لموضوع الآخر فعدم التعارض على هذا الأخير من باب السالبة بانتفاء الموضوع (إذ لا موضوع للأصل إذ قد أزاله الدليل) لا لوجود الموضوعين وعدم تعاندهما.
 
تدافع كلامي الشيخ (قدس سره)
 
ومنه تعرف أن كلامي الشيخ (قدس سره) في التعادل وفي أصالة البراءة متدافعان وأن الحق هو ما قرره في البراءة وليس ما ذكره في التعادل.
قال في التعادل: (وكيف كان، فلا يتحقق([2]) إلا بعد اتحاد الموضوع وإلا لم يمتنع اجتماعهما. ومنه يعلم: أنه لا تعارض بين الأصول وما يحصله المجتهد من الأدلة الاجتهادية، لأن موضوع الحكم في الأصول الشئ بوصف أنه مجهول الحكم، وفي الدليل نفس ذلك الشيء من دون ملاحظة ثبوت حكم له فضلا عن الجهل بحكمه)([3]) فهو كالصريح في أن الوجه هو التعدد إذ قال (إلا بعد اتحاد الموضوع وإلا لم يمتنع اجتماعهما، ومنه يعلم...) (لأن موضوع الحكم في الأصول الشيء يوصف...). 
وقال في البراءة: (يظهر لك وجه تقديم الأدلة على الأصول، لأن موضوع الأصول يرتفع بوجود الدليل، فلا معارضة بينهما، لا لعدم اتحاد الموضوع بل لارتفاع موضوع الأصل - وهو الشك - بوجود الدليل)([4]) وهو صريح إذ قال (لا لعدم اتحاد الموضوع) و(بل لارتفاع موضوع الأصل).
ومنه ظهر أن المحقق اليزدي اشتبه حيث عدّ كلامي الشيخ بوزان واحد وأن الثاني كالأول في مفاده([5]).
 
4- تعدد الموضوع رافع للتعارض، لكنه غير مفيد للحكومة
 
ثم انه لو قلنا بتعدد الموضوع لزم أن لا تكون الامارات حاكمة على الأصول وإن أجدى ذلك في دفع التعارض بينها، فانه إذا كان موضوع كل منهما أمراً فكيف يكون أحدهما حاكماً على الآخر مع تعدد الموضوعين؟ لوضوح أن الحكمين وإن كانا متضادين فان من الممكن أن يترتبا على الموضوعين المتعددين فانه على التعدد ليس المصبّ واحداً كي يكون أحدهما حاكماً أو غيره([6])، فإن قال بوحدة الموضوع لأن أحدهما أخص والآخر أعم، كان هو الحق لكن ذلك هو ما ذكره في أصالة البراءة عكس ما ذكره في التعادل.
نعم وجّه ذلك المحقق اليزدي بما سيأتي إلا أنه لا يجدي أيضاً في رفع الإشكال عن الشيخ.
 
رفع وهم: حكومة حديث الرفع على الامارات!
 
سبق (ولكن قد يقال: بأن حديث الرفع وشبهه يرفع مرتبة التنجز من مراتب الحكم الأربعة، ودليل الامارة مثبت للثلاثة الأولى([7])؟.
والجواب: أن دليل الامارة عام للمراتب الأربعة فيجتمعان ويتصادمان في مرتبة التنجز، وأما تقديم الأصل في هذه المرتبة وصرف الامارة إلى المراتب الثلاث الأولى مع الجهل بالحكم فمستلزم لحكومة الأصل على الامارة مع أن من البديهي أصولياً العكس فكيف يصار إلى ذلك؟
وبعبارة أخرى: كيف التوفيق بين أمرين مسلّمين لكنهما متصادمان: الأول: حكومة الامارات على الأصول مطلقاً، الثاني: تقدم الأصل في مرتبة التنجز على الامارة؟ وبعبارة أخرى: رفع ما لا يعلمون ناظر للأدلة أو الأحكام الأولية وصارف لها إلى غير مرتبة التنجز وهذا معنى الحكومة)([8]).
 
الامارة حاكمة إن وجدت، والأصل متقدم ان فقدت
 
والجواب: أن الامارة حاكمة على الأصل إذا وجدت إذ تزيل موضوع الأصل حقيقةً أو تنزيلاً، ولا مورد ههنا لتقدم الأصل على الامارة أبداً.
وأما إذا فقدت الامارة فإن الأصل رافع (أو فقل حاكم توسعاً) لمرتبة التنجز من الحكم الواقعي إذا كان مدلولاً عليه بامارة لم تصل إلينا بل حتى لو لم تكن عليه امارة من رأس بأن أنشأ المولى الحكم ولم يقم امارة عليه فرضاً([9]) فالأصل حاكم لا على الامارة أو دليلها بل على مؤداها والحكم الدالة هي عليه، وذلك إنما هو عند فقد الامارة دون وجودها.
والحاصل: حكومة الامارات على نفس الأصول حين وجود الامارة لازالتها موضوعها وتقدم (أو حكومة) الأصول على أحكام الامارات لا على الامارات نفسها، حين فقد الامارة.
أو فقل: إذا وجدت الامارة فهي حاكمة على الأصل نفسه وإذا فقدت الامارة فالأصل حاكم على حكمها إن كان وكانت لا عليها. فتدبر.                                                  
 
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
..............................................

عن بن أبي صفية قال: "نَظَرَ سَيِّدُ الْعَابِدِينَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ (عليه السلام) إِلَى عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فَاسْتَعْبَرَ، ثُمَّ قَالَ: مَا مِنْ يَوْمٍ أَشَدَّ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) مِنْ يَوْمِ أُحُدٍ قُتِلَ فِيهِ عَمُّهُ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَسَدُ اللَّهِ وَأَسَدُ رَسُولِهِ، وَبَعْدَهُ يَوْمَ مُؤْتَةَ قُتِلَ فِيهِ ابْنُ عَمِّهِ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، ثُمَّ قَالَ (عليه السلام): وَلَا يَوْمَ كَيَوْمِ الْحُسَيْنِ (عليه السلام) ازْدَلَفَ عَلَيْهِ ثَلَاثُونَ أَلْفَ رَجُلٍ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ كُلٌّ يَتَقَرَّبُ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بِدَمِهِ، وَهُوَ بِاللَّهِ يُذَكِّرُهُمْ فَلَا يَتَّعِظُونَ؛ حَتَّى قَتَلُوهُ بَغْياً وَظُلْماً وَعُدْوَاناً.
ثُمَّ قَالَ (عليه السلام): رَحِمَ اللَّهُ الْعَبَّاسَ فَلَقَدْ آثَرَ وَأَبْلَى وَفَدَى أَخَاهُ بِنَفْسِهِ حَتَّى قُطِعَتْ يَدَاهُ فَأَبْدَلَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَ‏ بِهِمَا جَنَاحَيْنِ يَطِيرُ بِهِمَا مَعَ الْمَلَائِكَةِ فِي الْجَنَّةِ كَمَا جَعَلَ لِجَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَإِنَّ لِلْعَبَّاسِ عِنْدَ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى مَنْزِلَةً يَغْبِطُهُ بِهَا جَمِيعُ الشُّهَدَاءِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ". الأمالي (للصدوق): النص، ص: 463.
===============
 
 

  • المصدر : http://www.m-alshirazi.com/subject.php?id=2310
  • تاريخ إضافة الموضوع : الاربعاء 1 صفر 1438هـ
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 15