• الموقع : مؤسسة التقى الثقافية .
        • القسم : التعارض - التعادل والترجيح (1437-1438هـ) .
              • الموضوع : 144- 7ـ الاظهرية هي ملاك التقدم لا المسالمة 8ـ النظر مع المخاصمة ملاك 9ـ النكتتان اعم من الحكومة والتنزيل والتقدم .

144- 7ـ الاظهرية هي ملاك التقدم لا المسالمة 8ـ النظر مع المخاصمة ملاك 9ـ النكتتان اعم من الحكومة والتنزيل والتقدم

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
مباحث التعارض: (التعادل والترجيح وغيرهما)
(144)
8- لسان المسالمة لا يصلح ملاكاً بل الأظهرية هي الملاك
 
ثامناً: أن لسان المسالمة لا يصلح أن يكون بما هو هو، الملاكَ في الحكومة والتقدم بحيث يكون عليه المدار سلباً وإيجاباً، بل الملاك هو الأظهرية، وقد أوضحنا فيما مضى وجه كون الملاك الأظهرية، ونضيف: أن اللسان لو كان لسان المسالمة ولو وجدت النكتتان اللغوية (أو الأدبية) والبلاغية حسب ما ذكر في هذا المبنى ولكن لم يكن الدليل رغم ذلك أظهر في مدلوله من الدليل الآخر الذي يدعى انه المحكوم، لما تقدم عليه بل ان تساويا في الظهور تعارضا وتساقطا كأصل أولي أو تخيّر بينهما حسب الأصل الثانوي في الاخبار، واما إن كان المدّعى كونه محكوماً أظهر تقدم على ذلك المدعى كونه حاكماً.
 
(أنت ومالك لأبيك) لا تنزيل فيه ولا هو حاكم
 
 ألا ترى أن قوله (صلى الله عليه وآله): "أَنْتَ وَمَالُكَ لِأَبِيكَ"([1]) رغم أن لسانه لسان المسالمة (إذ يتطرق للموضوع لا للمحمول الذي هو جواز التصرف وحرمته وشبههما) ورغم وجود النكتتين: التناسب والارتكاز على الخلاف (التناسب المصحح للقول بأنه وماله لأبيه هو كونه، أي الأب، واسطة الفيض والخلق للابن والعلة المعدة لأصل وجوده فناسب أن يكون مالكاً له ولأمواله أو أحق بها منه، وأما الارتكاز على الخلاف فلوضوح ارتكاز الناس على خلاف ذلك إذ لا يرون الولد مملوكاً لأبيه ولا أمواله ملكاً له ولو طولياً، ومع ذلك فانه ليس حاكماً على "لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِءٍ مُسْلِمٍ إِلَّا بِطِيبَةِ نَفْسٍ مِنْه"([2]) و(الناس مسلطون على أموالهم وأنفسهم) بل ولا تنزيل فيه (أي لا إنشاء لتنزيل الابن منزلة المملوك وأمواله منزلة أموال الاب) بل هو مجرد تعبير تشريفي لا أكثر، فلم يكن حاكماً ولا دليلاً تنزيلياً رغم كون لسانه لسان المسالمة وتحقق النكتتين فيه، وما ذلك إلا لأنه ليس أظهر من "لا يحل... " و(الناس مسلطون...) في مدلوله منه بل لعله لا ظهور له، بما اكتنفه،([3]) في التنزيل والحكومة ولذا لم يتقدم رغم كون مثل هذا التعبير ظاهراً – بنفسه – في التنزيل والحكومة..
والسر في ذلك: أن الظهور تارة يكون ذاتياً وأخرى عرضياً وقد يجتمعان فيغلب هذا ذاك أو العكس، والظهور الذاتي يراد به ما كان ناشئاً من اللفظ أو الجملة ذاتها والظهور العرضي يراد به ما كان ناشئاً من قرائن الحال والمقال ومنها فهم المشهور أو المجمع عليه أو خصوص فهم المتلقين للكلام من المحيطين بالإمام العارفين بلحن الكلام المشاهدين لقرائن الحال.
وفي المقام: فإن ظهور "لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِءٍ... " و(وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ)([4]) و(الناس مسلطون) كقاعدة مصطيدة أقوى من ظهور "أَنْتَ وَمَالُكَ لِأَبِيكَ" في تخصيصه ولو كان بلسان التنزيل والحكومة، أو يقال: أن المشهور بل كافة الفقهاء فهموا من (أنت ومالك لأبيك) التشريف، ولقرائن أخرى، وعليه فليس ظاهراً في مدلوله الأولي (وهو التنزيل) فلم يتقدم على لا يحل والناس مسلطون ولا أفاد التنزيل، بل حمل هو على خلاف ظاهره الذاتي وهو التنزيل، على انه تشريف.
فثبت أن الملاك هو الأظهرية وما عداها غاية الأمر انه علة معدة فتدبر.
 
9- وليس لسان المسالمة ملاكاً، بل النظر 
 
تاسعاً: بل أن الملاك على رأي الشيخ ومن تبعه ولعلهم المشهور هو (النظر)، لو عدونا عن ملاك الأظهرية([5])، والناظر يتقدم على المنظور إليه حتى لو كان بلسان المصادمة، فليس الملاك لسان المسالمة بل الناظرية ولها نوعان: الناظرية باستعمال لسان المسالمة والناظرية باستعمال لسان المصادمة؛ ألا ترى أن (لا ضرر...) بناء على كونه نفياً للحكم الناشئ منه الضرر كما ذهب إليه الشيخ أو كونه أسماً وعنواناً للحكم الضرري كما هو رأي الميرزا النائيني باعتباره مسبباً توليدياً عنه، لسانه لسان المصادمة إذ تعرض لحال الحكم نفسه مباشرة لا لحال الموضوع على ما هو مبنى الرأي الآخر الذاهب إلى أنه نفي الحكم بلسان نفي موضوعه، ومع ذلك هو حاكم عليه؟
 
10- التناسب وارتكاز الخلاف أعم من التنزيل والحكومة والتقدم
 
عاشراً: ان التناسب والارتكاز على الخلاف أعم من التنزيل ومن الحكومة ومن التقدم([6]) فلا يصلحان نكتة للتنزيل ولا للحكومة ولا للتقدم.
أما أنه أعم من التنزيل فانه كذلك في الاخباريات وفي الإنشائيات:
أما في الإخباريات، فكقوله (عليه السلام): "يَا أَشْبَاهَ الرِّجَالِ وَلَا رِجَالَ"([7]) فان (لا رجال) ههنا إخبار وليس إنشاءً لظهور كون الإمام (عليه السلام) مخبراً عن حالهم بأنهم ليسوا رجالاً نظراً لعدم وجود أبرز خصائص الرجال فيهم، وليس مُنشِئاً أي ليس المراد أنه (عليه السلام) يُنزّلهم منزلة اللارجال مع أنهم رجال!
فلا تنزيل رغم وجود الخصيصتين: أما التناسب فلمناسبة من كان حُلُمه وعقله "حُلُومُ الْأَطْفَالِ وَعُقُولُ رَبَّاتِ الْحِجَال‏" لغير الرجال وأما النكتة على الخلاف فلوضوح ارتكاز أنهم رجال خاصة من كان منهم ذا قوة وسطوة أو مال وغنى وثروة، ورغم وجود النكتتين نجد أنه لا تنزيل (وكذا لا حكومة له على الأدلة الدالة على ثبوت مختلف الأحكام الشرعية للرجال).
وأما في الإنشائيات، فكما لو قال (الربا مع الضميمة حرام) وقلنا فرضاً بشموله حتى للضميمة المعتنى بها([8]) فانه مؤكد للحكم المطلق (حرم الربا) الشامل بإطلاقه حتى ما كان مع الضميمة أيضاً، فهنا نجد انه، على هذا الفرض، لا تنزيل رغم وجود النكتتين: أما التناسب فلأنه يناسب أن يجعل الربا مع الضميمة كلا ربا لكونها معتنى بها أو العكس: إذ يناسب أن يعتبرها ربا لكونها عرفاً كذلك.
واما الارتكاز على الخلاف فلأنه قد يقال أن الناس يرون الربا مع الضميمة المعتنى بها لا ربا من جهة انه لا يحمل نفس مفاسد الربا العامة([9]) فقوله: (الربا مع الضميمة حرام) وإن كان فيه التناسب لكي لا يحرم وكان الارتكاز على الخلاف، إلا انه ليس من التنزيل في شيء بل هو بيان لصغرى تلك الكبرى ومؤكد لحكمها لا غير فلا تنزيل ولا حكومة ولا تقدم على (حرم الربا) أبداً. فتأمل
وكذا لو قال (الطواف بالبيت كأنه طواف) فقد شبّه ولم ينزّل رغم وجود النكتتين ولسان المسالمة.
وأما انه أعم من التقدم، فلما سبق من أن ملاكه الأظهرية أو الناظرية فلو وجد لسان المسالمة بدون أظهرية له في مدلوله من الدليل الآخر في مدلوله لما تقدم عليه.
وأما أنه أعم من الحكومة، فيظهر من الأمثلة السابقة أيضاً ومنها (الربا مع الضميمة حرام) فانه ليس بحاكم وإن كان لسانه لسان المسالمة بل وإن كان ناظراً بل هو مؤكد فتدبر. ثم ان هذا الإشكال يمكن دمجه ببعض ما سبق فلاحظ. 
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
..............................................

قال الإمام الرضا (عليه السلام): "لَا يَكُونُ الْمُؤْمِنُ مُؤْمِناً حَتَّى تَكُونَ فِيهِ ثَلَاثُ خِصَالٍ سُنَّةٌ مِنْ رَبِّهِ وَسُنَّةٌ مِنْ نَبِيِّهِ (صلى الله عليه وآله) وَسُنَّةٌ مِنْ وَلِيِّهِ (عليه السلام) فَأَمَّا السُّنَّةُ مِنْ رَبِّهِ فَكِتْمَانُ السِّرِّ وَأَمَّا السُّنَّةُ مِنْ نَبِيِّهِ (صلى الله عليه وآله) فَمُدَارَاةُ النَّاسِ وَأَمَّا السُّنَّةُ مِنْ وَلِيِّهِ (عليه السلام) فَالصَّبْرُ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ"
تحف العقول عن آل الرسول (صلى الله عليه وآله): ص442.
=================
 
 

  • المصدر : http://www.m-alshirazi.com/subject.php?id=2305
  • تاريخ إضافة الموضوع : الاثنين 29 محرم 1438هـ
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 15