• الموقع : مؤسسة التقى الثقافية .
        • القسم : التعارض - التعادل والترجيح (1437-1438هـ) .
              • الموضوع : 134- تتمة كلام اليزدي ـ والناظرية قد تكون في طول المدلول ـ فهنا صورتان: مشككية الدلالة او تواطيها، فيختلف الحكم .

134- تتمة كلام اليزدي ـ والناظرية قد تكون في طول المدلول ـ فهنا صورتان: مشككية الدلالة او تواطيها، فيختلف الحكم

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
مباحث التعارض: (التعادل والترجيح وغيرهما)
(134)
الجواب الثاني: ولو كان النظر تبعياً فقد يكون حاكماً رغم أظهرية مدلول المحكوم من مدلوله
 
وهو ما أشار إليه بقوله: (بل يمكن فرض الثمرة في النظر التبعي أيضاً، كما فيما إذا كان الحاكم عاماً إذا فرض تساوي أفراد المحكومات في مشموليتها لأدلتها، وتساوي أفراد الحاكم في مشموليتها، فإنّ نصوصيَّته في أصل النظر أو أظهريته فيه يثمر حينئذٍ، إذ بعد كونه نصاً أو أظهر في أصل النظر، لا يرفع اليد عن أصل نظره، والمفروض تساوي المحكومات وأفراد الحاكم، فيكون كالنص في النظر إلى كل واحدٍ منها، إذ لو خرج واحد منها دون البقيَّة يلزم الترجيح بلا مرجح، ومعها([1]) يلزم رفع اليد عن أصل النظر، مع فرض كونه نصاً أو أظهر)([2])
وتوضيحه يعتمد على مقدمة مطويّة وأخرى لم يذكرها مما تعتمد عليها الثمرة.
 
العام إما متواطئ أو مشكك
 
أما المطويّة فهي: أن العام([3]) تارة يكون من قبيل الكلي المتواطي بالنسبة لأفراده وأخرى يكون من قبيل الكلي المشكك؛ إذ الحقائق على قسمين فإنها إما مشككة ذات مراتب كالنور والحلاوة والسرعة أو لا كالماء والحديد مثلاً، وكذلك العمومات فيما تدل عليه من المفاهيم.
وعليه: فالحرج مثلاً مفهوم مشكك فالعام الدال عليه مشكك غير متساوي الاقدام بالنسبة إلى مصاديقه لاختلاف مراتبها، أما خبر العادل فمتواطئ إذ الخبر خبر ولا تشكيكية فيه فالعام الدال عليه كقوله مثلاً: (خبر العدول حجة) متساوي الاقدام في الدلالة على المصاديق.
 
والثمرة تظهر في المتواطئ دون المشكك
 
والثمرة بين النظر التبعي والتخصيص تظهر في المتواطئ دون المشكك ولذا مثّل له بقوله: (وذلك مثل الأدلة الاجتهادية بالنسبة إلى الأصول، إذ لو قلنا إنَّ قوله صدِّق العادل ناظر إلى أدلة الشكوك([4])، فنظره بالنسبة إلى كل واحد من أفراد الأصول وإن كان بنحو العموم إلا أنَّها([5]) متساوية في مشموليتها لأدلتها ولا تفاوت بينها في ذلك بحسب القوة والضعف، كما أنَّ شموله لأفراد الأخبار وإن كان بنحو العموم إلا أنّها متساوية في القوة والضعف، فلا يمكن أن يقال إنَّ بعض الأخبار داخل تحته دون بعض، ولا أن يقال بعض الأصول مقدَّم عليها دون بعضٍ، وحينئذٍ تقدم الأخبار كليَّة على الأصول كذلك.
وهذا بخلاف مثل قوله (عليه السلام): (لا حرج...) بالنسبة إلى أدلة التكاليف، فإنَّ شموله لها وإن كان بنحوٍ واحد إلا أنَّ شمول تلك الأدلة للفرد الحرجي يمكن أن يكون متفاوتاً، لأنها عمومات متعددة يمكن أقوائية ظهور بعضها في شمول الفرد الحرجي من بعض آخر بأن يكون شمول قوله (توضأ...) للفرد الحرجي في غاية القوة وشمول قوله (اغسل ثوبك) أو نحو ذلك للفرد الحرجي في غير تلك المرتبة أو في غاية الضعف، فيمكن أقوائية بعضها من قوله: (لا حرج..) في شموله لذلك البعض فيخصّص([6]) بذلك، ويبقى عمومه ونظره بالنسبة إلى سائر التكاليف.
نعم؛ لو فرضنا أنَّ نسبة تلك العمومات في شمول الفرد الحرجي بنسبة واحدة يكون حالها حال الأدلة الاجتهادية والأصول، لكن ليس الأمر كذلك)([7]).
 
مبنى الكلام على ان المحكوم أظهر في مدلوله من العام
 
وأما المقدمة التي يعتمد الكلام عليها وكان عليه ذكرها، وقد يكون أعتمد على نباهة القارئ في الالتفات إليها، فهي أن مبنى كلامه فيهما لو كان المحكوم في مدلوله أظهر من الحاكم في مدلوله فإنه على حسب كلامه السابق ينبغي أن يقدم على الحاكم فيخرج هذا الصنف أو النوع من المدلول، من عموم الدال الحاكم فإذا خرج لم يكن مدلولاً له كي يكون ناظراً كما سبق، لكن الفذلكة الفنية ههنا في استثنائه (قدس سره) أن مدلول المحكوم وإن كان أظهر لكنه لا يتقدم على مدلول الحاكم نظراً لوجود المحذور والمعارض له؛ إذ:
 
تقديم الكل يردّه مسلمية النظر وتقديم البعض بلا مرجح
 
أ- تقدم كافة مداليل المحكوم على كافة مداليل الحاكم، وإن كانت آحاده أظهر من آحاده جميعاً([8])، غير ممكن لفرض تسليم أن الدليل العام الحاكم ناظر فتقديم كافة أنواع المحكوم عليه خلف لا يجتمع مع فرض كونه مسلّم الناظرية.
ب- وأما تقديم بعض مداليل المحكوم على الحاكم فإنه وإن كان في حد ذاته يبدو لا بأس به لفرض انه أظهر لكن تقديمه ترجيح بلا مرجح إذ لم لا يقدم ذلك النوع الآخر من أنواع المحكوم؟ فإن الفرض أنه من الكلي المتواطئ فترجيح أي منها بمفرده وتقديم بعضها دون البعض الآخر ترجيح بلا مرجح، وتقديم جميعها مخالف للفرض من أن العام الحاكم ناظر حتماً، إذ يلزم من تقديمها جميعاً القول بأنه غير ناظر.
وهذا على عكس الكلي المشكك فإن بعض مداليل المحكوم لو كانت أقوى وكان المحكوم أظهر في الشمول لها (كشمول توضأ فرضاً للوضوء الحرجي لأن أكثر أفراده حرجية فدلّ على أنه حتى الحرجي منه واجب) تقدم على الحاكم (لا حرج) وله مرجح من دون وجود محذور في تقديمه عليه، اما مرجحه فهو أقوائية دلالته في شموله لمدلوله (الحرجي) من سائر العمومات في شمولها لمدلولها (الحرجي)، كالصوم الواجب لو صار حرجياً مع فرض عدم كون أكثر أفراده حرجياً فان دلالة (صم إلى الليل) على الشمول للصوم الحرجي تكون حينئذٍ ضعيفة فحتى لو كانت أقوى فرضاً من دلالة (لا حرج) لا تتقدم عليه إذ تقدمها مع فرض تقدم (توضأ) (ولنفرض أن الواجبات الحرجية هما هذان الأثنان لتتضح المقارنة وإلا فسنجريها بين كل الواجبات البدائل) يستلزم إلغاء الحاكم من رأس والفرض انه في الناظرية، إجمالاً، أقوى، فلا بد من تقديم بعض الأنواع على (لا حرج) وهو (توضأ) وتقديمه عليه مع مرجح وبدون محذور لأولوية تقديمه على (لا حرج) من تقديم (الصوم) عليه.
 
المناقشة في المثال: صدق العادل والاستصحاب مشككان
 
أقول: ويمكن أن يناقش في المثال بأن صدّق العادل أو صدّق الثقة أيضاً من المشكك لا المتواطئ لوضوح أن العدالة والوثاقة على درجات فـ(صدق الثقة أو العادل) يكون نظير (لا حرج) أقوى في بعض أفراده من البعض الآخر وذلك ما دلت عليه المقبولة "الْحُكْمُ مَا حَكَمَ بِهِ أَعْدَلُهُمَا وَ أَفْقَهُهُمَا وَ أَصْدَقُهُمَا فِي الْحَدِيثِ وَ أَوْرَعُهُمَا..."([9]) بل وعليه بناء العقلاء.
بل والأمر في الاستصحاب أيضاً كذلك إذ أين الشك في المقتضي من الشك في الرافع؟؛ فإن الاستصحاب في الأخير مسلَّم أما في الأول فقد ذهب البعض فيه إلى عدم جريانه، وعلى أي فهو أضعف في المدلولية لـ"لِأَنَّكَ كُنْتَ عَلَى يَقِينٍ مِنْ طَهَارَتِكَ ثُمَّ شَكَكْت‏... "([10]) فهو من المشكك.
ولكن الإشكال في الأمثلة لا يضر بأصل الكبرى والمدعى (فلا بد من عطف الكلام عليها كما سيأتي) اللهم إلا لو أدعي أنه لا يوجد متواطئ أصلاً فيكون كبروياً حينئذٍ، وفيه نظر على أنه قد يكون متواطئاً بالنسبة لأنواع ومشككاً بالنسبة لأنواع، فتدبر جيداً وسيأتي الكلام عن أصل كلامه (قدس سره) بإذن تعالى.          
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
...................................................
 
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): "مَا مِنْ شَيْ‏ءٍ أَثْقَلَ فِي الْمِيزَانِ مِنْ حُسْنِ الْخُلُقِ" وسائل الشيعة: ج12 ص152.
======================
 
 

  • المصدر : http://www.m-alshirazi.com/subject.php?id=2223
  • تاريخ إضافة الموضوع : الاربعاء 5 ذو الحجة 1437هـ
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 15