• الموقع : مؤسسة التقى الثقافية .
        • القسم : التعارض - التعادل والترجيح (1437-1438هـ) .
              • الموضوع : 132- تحقيق كلام الشيخ في ان وجه تقدم الحاكم هو الناظرية ـ ومناقشة اليزدي لكلامه وان الوجه الاظهرية .

132- تحقيق كلام الشيخ في ان وجه تقدم الحاكم هو الناظرية ـ ومناقشة اليزدي لكلامه وان الوجه الاظهرية

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
مباحث التعارض: (التعادل والترجيح وغيرهما)
(132)
وجه تقدم الحاكم حسب نظر الشيخ
 
ذهب الشيخ إلى أن تقدم الحاكم على المحكوم إنما هو لناظريته إليه لا لأظهريته، وعليه فإنه حتى لو كان أضعف ظهوراً من المحكوم فإنه يقدم عليه لمكان الناظرية والشارحية.
 
وجود لحاظين في الحاكم ولحاظ واحد في المحكوم
 
والوجه في ذلك على ما يستفاد من كلماته مع إضافات توضيحية وعلى ما استفاده المحقق اليزدي منه: هو أن للناظر الحاكم جهتين ولحاظين أو فقل ظهورين، بينما لا يوجد للمحكوم إلا لحاظ وظهور واحد فيتقدم الحاكم عليه بذلك.
توضيحه: أن الحاكم له لحاظان: لحاظ دلالته على مدلوله وظهوره فيه، ولحاظ نظره وشارحيته للدليل الآخر وظهوره في ذلك، أما المحكوم فلا نظر له إلا إلى مدلوله ولا نظر له إلى الدليل الآخر (وإلا لكان كل منهما حاكماً على الآخر وهو خروج عن الفرض إن لم نقل بعدم تصوير له).
فحيث كان نظره – أي المحكوم – إلى مدلوله فقط عارض نظر الحاكم إلى مدلوله، فلو لم يكن للحاكم نظر وظهور آخر لكان مقتضى القاعدة تقديم أقوى الظهورين منهما فيكون حينئذٍ كالخاص والعام إذ لا نظر لأي منهما إلا إلى مدلوله؛ لذا يقدم الأقوى ظهوراً وهو الخاص عادة؛ ولذا لو فرض العام أقوى ظهوراً تقدم عليه، لكن الفرض أن الحاكم له لحاظ وظهور آخر من غير معارض فيتقدم الحاكم على المحكوم ببركة هذا الظهور أو اللحاظ غير المعارَض.
وعليه: فإذا أراد المحكوم أن يعارض الحاكم كان لا بد من قرينة خارجية تسنده ليكون صالحاً بدلالته الذاتية وبمعونة القرينة الخارجية لمعارضه الحاكم بدلالته الذاتية ومعونة ناظريته، فإذا لم توجد هذه القرينة تقدم الحاكم، بل إذا شك فيها تقدم الحاكم إذ الأصل عدمها.
والحاصل: أن اقوائية المحكوم من الحاكم من حيث دلالتهما المباشرة على مضمونهما لا تستلزم أقوائيته من الحاكم من حيث المجموع إذ الحاكم بلحاظ نظره يكون أقوى دائماً.
 
جواب اليزدي: الأقسام ثلاثة وقد يكون الناظر أضعف في ناظريته من المحكوم في دلالته
 
وقد أجاب المحقق اليزدي عن ذلك بأن كلام الشيخ صحيح في صورتين دون الثالثة وذلك بذهابه إلى التفصيل في (النظر) وإن ناظرية الحاكم على أقسام ثلاثة: إذ قد يكون الحاكم في ناظريته نصاً وقد يكون أظهر فحينئذٍ يتقدم على المحكوم قهراً (أقول: بل هذا عود إلى معادلة الأظهرية، والناظرية لا تكون إلا طريقاً لها، فمنشأ الأظهرية مختلف دون ملاكيتها فتدبر جيداً).
وقد يكون الحاكم في ناظريته أضعف من المحكوم في دلالته فيلزم أن تلاحظ مجموع دلالة الحاكم على مدلوله مع ضميمة ناظريته للدليل الآخر فإن كان من حيث المجموع أقوى ظهوراً تقدم على الدليل الآخر وإن تساويا تعارضا وإن كان الآخر أقوى تقدم هو على المدعى حكومته رغم ثبوت ناظريته.
هذا ملخص كلامه مع بعض الإضافة والتطوير والحذف أيضاً.
وإليك نص عبارته: (قلت: هذا إنما يتم بلا إشكال فيما إذا كان الحاكم نصَّاً في النظر إلى ذلك المحكوم وإن كان ظاهراً في أصل المدلول بل كان دلالته على أصل المدلول في غاية الضعف، أو كان نظره أقوى من دلالة المحكوم على مدلوله، فإنَّه حينئذٍ يصير بمنزلة النص في أصل المدلول أو بمنزلة الأظهر لتقوية المدلول بالنظر، وأما إذا فرض كون دلالة المحكوم على مدلوله أقوى من دلالة الحاكم في نظره بحيث يمكن صرفه عن نظره، فلا يتمُّ، إذ مدلول المحكوم في عرض مدلول الحاكم وفي عرض نظره أيضاً، بمعنى أنّ هذا الحاكم بلحاظ تمام مدلوله النظري والأصلي معارَضٌ بالمحكوم، فإذا كان([1]) أقوى يقدم عليه ولا يحتاج إلى قرينة أخرى، بل هو قابلٌ لصرفه عن النظر أيضاً كما هو قابل لصرفه عن مدلوله)([2]).
وقال: (فلو فرضنا إمكان صرف قوله (عليه السلام): (لا حرج..) مثلاً عن النظر إلى قوله (توضأ للصلاة..)، ولو بقرينة خارجية كما هو المفروض في كلامه (قدس سره) فنقول: يمكن أن يكون دلالة قوله: (توضأ...) على وجوب الوضوء، ولو كان حرجياً، في غاية القوة، بأن يكون الوضوء ممَّا يكون غالب أفراده حرجياً بحيث يظهر منه وجوب الفرد الحرجي أيضاً في خصوص المقام، فإذا فرضنا كونه أقوى من ظهور (لا حرج..) في شموله للوضوء ونظره([3]) إلى دليله، نمنع تقديم الأول بل يعكس الأمر، وإذا كانا متساويين نتوقف، فيكون حال الحاكم والمحكوم حال المتعارضين في أنّ المناط هو أظهرية الدلالة)([4]).
 
الملخص: الحكومة للكيفية بحسب اليزدي وللكمية بحسب الشيخ
 
أقول: وبعبارة أخرى بنحو آخر([5]): ملخص كلام الشيخ أن (الكمية) هي المرجع في الحكومة، وملخص كلام اليزدي أن (الكيفية) هي المرجع النهائي وان الكمية إذا انتجت الكيفية تقدمت وإلا فلا؛ إذ الشيخ حيث رأى وجود لحاظين قدمهما على ما فيه لحاظ واحد نظراً لأن اللحاظ الثاني (الناظرية) يبقى من غير معارض فيتقدم، أما اليزدي فرأى أن اللحاظ الثاني في الحاكم حيث كان عضداً لمدلوله قوّاه فأنتج الكمُّ الكيفَ فإذا كان كيفُ المحكوم بذاته([6]) أو ببركة قرينة خارجية كأكثرية كون أفراد الوضوء، في مثاله، حرجية، أقوى كان هو المقدم ولذا قال: (إذ مدلول المحكوم في عرض مدلول الحاكم وفي عرض نظره أيضاً، بمعنى أنّ هذا الحاكم بلحاظ تمام مدلوله النظري والأصلي معارَضٌ بالمحكوم، فإذا كان أقوى يقدم عليه، ولا يحتاج إلى قرينة أخرى).
وببيان آخر: كأن الشيخ عزل اللحاظ الثاني عن الأول لطوليته، واليزدي ضمّه إليه لوحدته عرفاً مع الأول ولأنه يصب فيه.
وبعبارة أخرى: حيث جعل الشيخ قرينة النظر بها يترجح الحاكم على المحكوم، قابله اليزدي بقرينة في جانب المحكوم فقد تعادلا كمياً أيضاً والغلبة للأقوى.
 
اقوائية دلالة المحكوم إن لزم من تقدم الحاكم عليه خروج الأكثر
 
ثم إن السر في قوة دلالة مثل (توضأ للصلاة) إذا كان أغلب أفراد الوضوء ضررياً أو حرجياً، مما جعله يتقدم على (لا حرج) فيصرف لا حرج عن الشمول لمثله، هو ان استثناء الأكثر قبيح فإذا كان غالب موارد الوضوء مثلاً حرجياً وورد (توضأ) دلّ على أنّ وجوب الأفراد الحرجية مرادٌ ومقصودٌ حتماً وإلا لكان من جعل الحكم للعنوان الذي أكثر أفراده خارجة عنه (أو مما ستخرج عنه) واستثناء الأكثر كنظيره([7]) قبيح، هذا كله على المبنى المعروف الذي يلتزم به الطرفان (الشيخ واليزدي) وقد سبق منّا أنه لا إطلاق له وأن هناك وجوهاً راجحة في الحكمة تقتضي جعل الحكم على ما أكثر أفراده خارجة عنه أو مما ستخرج عنه فراجع. وسيأتي الكلام عن ما عبرنا عنه بالسر في قوة الدلالة إذ فرّق البعض في هذه الجهة بين الحاكم والخاص فأنتظر.
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
.......................................
قال الإمام الباقر (عليه السلام): "كان الإمام علي بن الحسين (عليه السلام) إِذَا جَاءَهُ طَالِبُ عِلْمٍ، فَقَالَ مَرْحَباً بِوَصِيَّةِ رَسُولِ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله)، ثُمَّ يَقُولُ: إِنَّ طَالِبَ الْعِلْمِ إِذَا خَرَجَ مِنْ مَنْزِلِهِ لَمْ يَضَعْ رِجْلَهُ عَلَى رَطْبٍ وَ لَا يَابِسٍ مِنَ الْأَرْضِ إِلَّا سَبَّحَتْ لَهُ إِلَى الْأَرَضِينَ السَّابِعَة"
الخصال: ج2 ص518
====================
 
 

  • المصدر : http://www.m-alshirazi.com/subject.php?id=2216
  • تاريخ إضافة الموضوع : الاثنين 3 ذو الحجة 1437هـ
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 15