• الموقع : مؤسسة التقى الثقافية .
        • القسم : التعارض - التعادل والترجيح (1437-1438هـ) .
              • الموضوع : 125- مناقشات اخرى: الخلط بين حكومة الادلة وحكومة الاحكام ـ لا يتوقف تعقل الدليل على تعقل حكم مخالف، بل هو اعم منه ـ التعريف الخامس للحكومة: ان يكون احد الدليلين متعرضاً لما لم يتعرض له الدليل الآخر .

125- مناقشات اخرى: الخلط بين حكومة الادلة وحكومة الاحكام ـ لا يتوقف تعقل الدليل على تعقل حكم مخالف، بل هو اعم منه ـ التعريف الخامس للحكومة: ان يكون احد الدليلين متعرضاً لما لم يتعرض له الدليل الآخر

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
مباحث التعارض: (التعادل والترجيح وغيرهما)
(125)
الاشكال الثامن: الخلط بين حكومة الدليل وحكومة الحكم
 
توضيحه: انه تارة يقال بحكومة الأدلة على سائر الأدلة وأخرى يقال بحكومة الاحكام بعضها على بعض، وقد خلط التعريف بينهما؛ والفرق بينهما كبير.
 
حكومة الأدلة بعضها على بعض
 
والظاهر حكومة الأدلة – لا الأحكام - بعضها على بعض؛ فان الحكومة من عالم الإثبات والأدلة كالتخصيص والتقييد والورود لا الثبوت؛ ألا ترى أنّ الورود يعني ان يزيل الدليل الوارد موضوع الدليل المورود عليه حقيقة لكن بعناية التعبد؟ وأنّ التقييد تقييد للمطلق الذي يتوقف انعقاد اطلاقه على المقدمات الثلاث وكلها من عالم الاثبات([1]).
وكذا الخاص؛ فانه مخصص لما وضع للدلالة على العموم، والدلالة إثبات، فكذا الحكومة فانها علاقة بين الدليلين لا الحكمين.
 
ولا حكومة للأحكام بعضها على بعض
 
 واما الاحكام فالعلاقة بينها التضاد أو التخالف أو التشابه: فالوجوب مضاد للحرمة([2]) في نفس الموضوع ومخالف له إذا كان في موضوع آخر، وهو مشابه لوجوب آخر في موضوع آخر كما يمتنع اجتماعهما في الموضوع الواحد للزوم اجتماع المثلين وهكذا، وقد خلط التعريف بينهما فلاحظ قوله: (كل دليل كان تعقّله في الذهن مستلزماً لتعقل دليل آخر ينافيه، سواء كانت المنافاة بلحاظ نفسه أو بلحاظ دليل اعتباره، ولم يكن تعقل الآخر مستلزماً لتعقل الأول، فهو حاكم عليه، من غير فرقٍ بين أن تكون المنافاة بينهما بالمباينة أو بالعموم المطلق أو من وجه)([3]) فانه جرى على حسب ما جرى عليه المشهور ثم استدل عليه بغيره إذ نَقَل الكلام للحُكمين نفسهما فقال (فإن تعقل عدم الضرر والحرج مستلزمٌ لتعقلِ دينٍ مشتمل على التكاليف، وكذا تعقل وجوب البناء على الحالة السابقة، مستلزم لتعقل أنه لولاه لكان له حكمٌ آخر بخلافه وهو البراءة الثابتة بأدلّتها، وهكذا).
وبعبارة أخرى: الحكمان الثبوتيان لا اطلاق فيهما ولا شارحية ولا شبه ذلك([4]) لذا لا يعقل تعارضهما أو الناظرية والشارحية أو الورود بهذا اللحاظ نعم، يمكن كونهما عامين بمعنى([5]) شمولهما لكافة أفراد الطبيعي تبعاً لما هو في صقع النفس في مرحلة الإرادة والطلب فهما حينئذٍ على امتناع اجتماع الأمر والنهي متدافعان([6]) وليس متعارضين وإلا فمتزاحمان ولكن ههنا كلام سيأتي بإذن الله.
والحاصل: انه لا حكومة بل اما تدافع أو تزاحم.
تنبيه: يمكن التمثيل للمباينة في كلامه([7]) بـ(يرمي) بالنسبة لـ(الأسد) فإن مدلولهما متباين لكن القرينة، حسب مبنى النائيني إذ يظهر من كلامه انه عدّ القرينة المتصلة من أظهر مصاديق الحكومة([8]) خلافا لما سيأتي منّا, حاكمة عليه.
ومثال العموم المطلق: ((لا ربا بين الوالد وولده))([9]) و((لا شك لكثير الشك)) ونظائرها.
ومثال من وجه: (لا ضرر) بالنسبة للأدلة الأولية.
 
التوقف قد يكون على مجرد احتمال الحكم بل على مجرد عدم العلم
 
الاشكال التاسع: انه لا توقف، في الفروض التي ذكرها كأمثلة وشواهد([10])، على تعقل حكم آخر لولاه كما ادعاه، بل الامر اعم اذ قد يكون التوقف عليه، وقد يكون على مجرد تصور احتمال وجود حكم آخر، وقد لا يكون إلا في صورة الجهل المطلق وعدم العلم بما يصنع كما يحدث لكثير من الناس، وكثير من الرواة منهم، إذ العلماء أو الملتفتون فقط هم من يخطر ببالهم تصورعن الحكم الاخر المضاد او المخالف واما غيرهم فكثيراً ما تكون حالته مجرد انه لا يعرف ما يصنع. فتأمل
 
المحتملات الخمس في (لا شك لكثير الشك)
 
ولنمثّل لذلك بمثال لطيف مفيد في حد ذاته: فان )لاشك في النافلة) أو (لا شك لكثير الشك)([11]) مثلا يحتمل فيه خمس احتمالات:
أ- أن يكون ناظراً لحكم الشكّيات المذكور في سائر الروايات وعليه فلا يجب البناء على الأكثر والإتيان بركعة من قيام احتياطا.
ب- ناظريته للاستصحاب المقتضي للبناء على الأقل.
ج- ناظريته لاحتمال البناء على الأكثر فقط.
د- ناظريته للتخيير بين البناء على الأقل أو الأكثر.
هـ - او انه يفيد بطلان النافلة رأسا.
وعلى الخامس فانه لا ناظرية([12]) اذ يفيد بطلانها فيكون من السالبة بانتفاء الموضوع فتأمل.
وعلى غير الاول فإن الأمر ليس كما هو المعروف من الحكومة عليه للناظرية إليه([13]) خاصة فان ذلك مما يفهم من دليل خارج([14]) لا من الحاكم نفسه؛ لتردّد الأمر كما ذكر بين احتمالات خمس نعم بعض الأحاديث ظاهر في نفي الاحتمال الأول والخامس. فتأمل.
والحاصل: انه لا حكومة بل اما تدافع أو تزاحم. وللبحث صلة بإذن الله تعالى..
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
..........................................
 
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ((الْعُلَمَاءُ رَجُلَانِ رَجُلٌ عَالِمٌ آخِذٌ بِعِلْمِهِ فَهَذَا نَاجٍ وَعَالِمٌ تَارِكٌ لِعِلْمِهِ فَهَذَا هَالِكٌ وَإِنَّ أَهْلَ النَّارِ لَيَتَأَذَّوْنَ مِنْ رِيحِ الْعَالِمِ التَّارِكِ لِعِلْمِهِ وَ إِنَّ أَشَدَّ أَهْلِ النَّارِ نَدَامَةً وَحَسْرَةً رَجُلٌ دَعَا عَبْداً إِلَى اللَّهِ فَاسْتَجَابَ لَهُ وَقَبِلَ مِنْهُ فَأَطَاعَ اللَّهَ فَأَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ وَأَدْخَلَ الدَّاعِيَ النَّارَ بِتَرْكِهِ عِلْمَهُ وَاتِّبَاعِهِ الْهَوَى وَطُولِ الْأَمَلِ أَمَّا اتِّبَاعُ الْهَوَى فَيَصُدُّ عَنِ الْحَقِّ وَطُولُ الْأَمَلِ يُنْسِي الْآخِرَةَ))
الخصال: ج1 ص 51.
=====================
 
([11]) عَنْ زُرَارَةَ وَأَبِي بَصِيرٍ قَالا: ((قُلْنَا لَهُ الرَّجُلُ يَشُكُّ كَثِيراً فِي صَلَاتِهِ حَتَّى لَا يَدْرِيَ كَمْ صَلَّى وَ لَا مَا بَقِيَ عَلَيْهِ قَالَ يُعِيدُ قُلْنَا لَهُ فَإِنَّهُ يَكْثُرُ عَلَيْهِ ذَلِكَ كُلَّمَا عَادَ شَكَّ قَالَ يَمْضِي فِي شَكِّهِ ثُمَّ قَالَ لَا تُعَوِّدُوا الْخَبِيثَ مِنْ أَنْفُسِكُمْ بِنَقْضِ الصَّلَاةِ فَتُطْمِعُوهُ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ خَبِيثٌ يَعْتَادُ لِمَا عُوِّدَ فَلْيَمْضِ أَحَدُكُمْ فِي الْوَهْمِ وَ لَا يُكْثِرَنَّ نَقْضَ الصَّلَاةِ فَإِنَّهُ إِذَا فَعَلَ ذَلِكَ مَرَّاتٍ لَمْ يَعُدْ إِلَيْهِ الشَّكُّ قَالَ زُرَارَةُ ثُمَّ قَالَ إِنَّمَا يُرِيدُ الْخَبِيثُ أَنْ يُطَاعَ فَإِذَا عُصِيَ لَمْ يَعُدْ إِلَى أَحَدِكُمْ)) (الكافي (ط – الإسلامية): ج13 ص358).
 

 


  • المصدر : http://www.m-alshirazi.com/subject.php?id=2195
  • تاريخ إضافة الموضوع : السبت 23 ذو القعدة 1437هـ
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 15