• الموقع : مؤسسة التقى الثقافية .
        • القسم : التعارض - التعادل والترجيح (1436-1437هـ) .
              • الموضوع : 114- تقسيم آخر: الحاكم اما شارح للفظ باداة او بلا اداة او شارح للمراد، ويقابل المحدد للمراد ـ تقسيم: الشارع اما للفظ او للبّ .

114- تقسيم آخر: الحاكم اما شارح للفظ باداة او بلا اداة او شارح للمراد، ويقابل المحدد للمراد ـ تقسيم: الشارع اما للفظ او للبّ

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
مباحث التعارض: (التعادل والترجيح وغيرهما)
(114)
تقسيم آخر: الحاكم اما مفسر للفظ أو للمراد..
 
ثم ان الحاكم يقسم بتقسيم آخر إلى أقسام ثلاث:
 
المفسر للّفظ بالاداة
 
الأول: ان يكون مفسراً للّفظ - أي للفظ الدليل المحكوم - باداة، كتفسير كلامه بقوله أي وأعني أو بقوله: توضيحه أو بيانه وشبه ذلك.
 
المفسّر للّفظ لا باداة
 
الثاني: ان يكون مفسراً للّفظ لا بأداة، وذلك كقرائن المجاز مطلقاً فانها تبين المراد الاستعمالي من اللفظ المتجوَّز فيه على المسلك المشهور خلافاً للقول بالحقيقة الادعائية، ومن ذلك الخاص بالنسبة للعام على مبنى من يرى ان العام مستعمل حينئذٍ مجازاً في بعض أفراده؛ فان الخاص على هذا مفسر للفظ العام بانه أريد منه المجازي لا الحقيقي، عكس القسم الثالث الآتي.
وبعبارة أخرى: الخاص يتصرف – على هذا المبنى – في الإرادة الاستعمالية للعام فهو مفسّر للمستعمل فيه.
 
المفسر للمراد لا للّفظ
 
الثالث: ان يكون مفسراً للمراد لا للّفظ، وذلك كما لو قال أكرم العلماء ثم قال: (العالم هو غير المنجم أو النسابة أو النحوي أو غير الفاسق) أو قال: (النحوي ليس عالماً) فانه يفيد توضيح مراده من (أكرم العلماء)([1]) إذ نزّل المنجّم أو النحوي أو العالم الفاسق منزلة غير العالم أو الجاهل، واللسان لسان التفسير للمراد وإن كان واقعه التخصيص كما لا يخفى.
 
المحدد للمراد من الآخر لا المفسر له
 
ويقابل هذه جميعاً قسم آخر ليس من الحكومة نذكره لكي يتضح به حال الثلاثة وهو: ان يكون الدليل محدِّداً للمراد من الدليل الآخر دون أن يكون مفسّراً له، والفرق بين التحديد والتفسير كبير فإن التفسير تحديد بزيادة التفسير اما التحديد فالمراد به مع عدم كون لسانه لسان التفسير.
 
كالخاص بالنسبة للعام بناء على انه مستعمل في الكل
 
ويتضح ذلك بالمثال الآتي: فان الخاص مخصص للعام ومحدد للمراد منه لكنه ليس مفسراً له – على مبنى ان العام مستعمل في الموضوع له وهو العموم وليس مجازاً في بعض الأفراد عكس المبنى في القسم الثاني السابق – وذلك لأن الدليل الخاص يفيد ان مدلوله النفس الأمري هو كذا من غير ان يكون لسانه لسان التفسير للعام، فإذا كان مدلوله النفس الأمري كذا اصطدم بالمدلول النفس الأمري للعام فحيث كان أقوى منه ظهوراً تقدم عليه فحدده بغير مورده، لكنه حيث لم يكن لسانه لسان التفسير لم يكن مفسراً بل كان محدِّداً، فلاحظ الفرق البيِّن بين قولك بعد (أكرم العلماء) : (النحوي ليس بعالم) فان اللسان تفسيري وقولك (لا تكرم النحوي) فانه محدِّد للمراد دون ان يكون لسانه لسان التفسير.
ولذا قال الميرزا النائيني: (بل وظيفة الخاص والمقيد بيان الموضوع النفس الأمري وما تعلقت به الإرادة الواقعية، من دون أن يتصرف في لفظ العام والمطلق، بناءً على ما هو التحقيق: من أن التخصيص والتقييد لا يوجب التجوز في لفظ العام والمطلق)([2]) وقال: (وبالجملة: تحكيم قوله: (لا تكرم النحويّين) على قوله: (أكرم العلماء) لا يقتضي أزيد من أن الموضوع النفس الأمري لوجوب الإكرام هو العالم الغير النحوي، من دون أن يستلزم ذلك تصرفاً في لفظ العلماء، فلو فرض أنه كان هذا المعنى مدلول دليل آخر لا بلسان التخصيص والتقييد، كما لو قال عقيب قوله: (أكرم العلماء): (العالم هو غير النحوي) أو قال: (النحوي ليس عالماً) كان قوله هذا حاكماً على قوله: (أكرم العلماء) مع أنه ليس فيه شرح وتفسير لفظي)([3]).
وهذه الأقسام الثلاثة – في مقابل رابعها – استفدناها كما ترى منه (قدس سره) مع بعض التغيير والإضافة.
 
تقسيم آخر: الحاكم إما موسع في اللب أو في اللفظ أيضاً
 
ويمكن تقسيم الحاكم بوجه آخر إلى: ما يتصرف في لفظ المحكوم بالتنزيل أو الرفع، وما لا يتصرف في لفظه بل في لبه فقط فيكون نظير التعميم إطلاقاً والتعميم ملاكاً.
وإلى ذلك أشار المحقق اليزدي بقوله: (وأيضاً قد يكون بتضييق دائرته، وقد يكون بتوسيعها إما في اللب فقط أو في اللفظ أيضاً؛ على الوجهين السابقين في التنزيل الصريح.
فالأول كالأدلة والأصول والثاني كما إذا قال: (لا صلاة إلا بوضوء) وقال: (يجوز الصلاة بالتيمم عند عدم الماء) ناظراً بسياقه إلى الأول، وكاستصحاب الطهارة بالنسبة إلى قوله (لا صلاة إلا بطهور) بناءً على كون مؤدى الاستصحاب حكماً شرعياً ظاهريّاً لا عذريّاً، بحيث يكون مجزياً عند كشف الخلاف فإنه على هذا يتصرف قوله "لَا صَلَاةَ إِلَّا بِطَهُورٍ"([4]) بتعميمه لبَّاً أو لفظاً إلى الطهارة الإستصحابية)([5]).
 
مثال الموسع اللبي واللفظي
 
أقول: توضيح كلامه مع بعض الإضافة: انه لو قال "لَا صَلَاةَ إِلَّا بِطَهُورٍ" ثم قال: (التراب أحد الطهورين) فانه توسعة في اللفظ (لفظ الظهور) حكومةً لأنه نزل التراب منزلة الطهور مع انه عرفاً ليس كذلك، هذا إن قلنا بالتنزيل وإلا كان من الورود ان وسّعه حقيقة بان أفاد ان (الطهور) هو([6]) الأعم من الطهور الترابي والمائي، واما لو قال (يجوز الصلاة بالتيمم عند عدم الماء) ناظراً بسياقه إلى (لا صلاة إلا بطهور) فانه يفيد تعميم الطهور لبّاً إلى التيمم من غير مساس له بلفظه.
وذلك يكشف عن انه (قدس سره) يرى الحكومة أعم من كون اللفظ بنفسه ناظراً ومن كون السياق ناظراً، ولعله يأتي وجهه وبحثه.
واما قول (وكاستصحاب الطهارة...) فسيأتي بإذن الله تعالى بيانه مع دفع دخل قد يرد عليه.
 
من فوائد البحث عن إدراج دليل في الحكومة
 
تنبيه: قد يتوهم انه حيث لم يرد مصطلح الحكومة في الروايات فلا وجه للبحث عن أقسام الحكومة وتمييز ما هو مندرج فيها عن غيره إذ لا يهم كون دليل حاكماً أو مخصصاً أو وارداً على الآخر مع تقدمه على الآخر مآلا بعد عدم ورود مصطلح الحكومة في الروايات وعدم ترتيبها عليه أثراً خاصاً.
لكنه توهم باطل: إذ للحكومة آثار هامة تختص بها وقد سبق بعضها وسيأتي الكلام حول ذلك تفصيلاً، ومنها: ان الحاكم مقدم على المحكوم عليه مطلقاً أي وإن كان أضعف ظهوراً عكس الخاص مثلاً فانه لو لم ندرجه في الحكومة([7]) فانه لا يتقدم على العام إلا لو كان أظهر أما لو ساواه لعارضه ولو كان([8]) أظهر منه لتقدم عليه.
فتحقيق ان هذا داخل في الحكومة أو لا إنما هو بلحاظ ترتيب آثارها وعدمه. فتدبر جيداً.
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
====================
 

  • المصدر : http://www.m-alshirazi.com/subject.php?id=2146
  • تاريخ إضافة الموضوع : الاحد 7 شعبان 1437هـ
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 14