• الموقع : مؤسسة التقى الثقافية .
        • القسم : التعارض - التعادل والترجيح (1436-1437هـ) .
              • الموضوع : 106- اشكال آخر على النائيني ـ وجه آخر لتقدم الخاص على العام: ان العام موهون لكثرة تخصيصاته خاصة في مقام التشريع ـ والجواب: مرجع هذا لوجه الشيخ .

106- اشكال آخر على النائيني ـ وجه آخر لتقدم الخاص على العام: ان العام موهون لكثرة تخصيصاته خاصة في مقام التشريع ـ والجواب: مرجع هذا لوجه الشيخ

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
مباحث التعارض: (التعادل والترجيح وغيرهما)
(106)
مناقشة دعوى النائيني (الظهور الوضعي أقوى من الظهور الاطلاقي)
 
وقد يورد على المحقق النائيني في قوله: (والظهور الوضعي أقوى من الظهور الإطلاقي)([1]) انه لا إطلاق له؛ إذ قد يكون الظهور الوضعي موهوناً بكثرة التجوز، كما قد يكون الظهور الإطلاقي قوياً (أو أقوى) لاعتضاده بمناسبات الحكم والموضوع وغيرها وقد يكون المطلق منصرفاً إلى بعض حصصه بإحدى أسباب الانصراف السابقة([2]) وهي على درجات فقد يكون أقوى من الظهور الوضعي لِـمُعارضه وقد يكون مساوياً كما قد يكون أضعف.
 
مناقشة دعواه (ظهور أسد أقوى من ظهور يرمي)

هذا كله كبرى، وأما صغرى فان قوله (فانّه لا إشكال في كون ظهور «أسد» في الحيوان المفترس أقوى من ظهور «يرمي» في رمي النبل، لأنّه بالوضع و ذلك بالإطلاق، و الظهور الوضعي أقوى من الظهور الإطلاقي، و مع ذلك لم يتأمّل أحد في حكومة أصالة ظهور «يرمي» في رمي النبل على أصالة ظهور «أسد» في الحيوان المفترس» و ليس ذلك إلاّ لأجل كون «يرمي» قرينة على التصرّف في «أسد»)([3]) فيرد عليه:
1- ان (الأسد) موهون الظهور في المفترس لكثرة التجوز به عن الرجل الشجاع.
2- وان (يرمي)، بمناسبات الحكم والموضوع، منصرف إلى الحصة الخاصة، وهي الرمي بالنبل وشبهه، بما يجعله أظهر في مدلوله من (الأسد) في معناه الموضوع له. سلمنا، لكنه بملاحظة مجمل الجملة وتكرر بل كثرة إرادة المعنى المتداول منه([4]) أظهر في مدلوله([5]) من الأسد في مدلوله.
فليس ما ذكره دليلاً على مدعاه من (وليس ذلك إلاّ لأجل كون «يرمي» قرينة على التصرّف في «أسد») إذ قد يكون كون يرمي قرينة لأنه أظهر حسب ما ينتجه الأمران السابقان.

مناقشة دعواه: الخاص للعام كيرمي للأسد

واما قوله (ونسبة الخاصّ إلى العامّ كنسبة «يرمي» إلى «أسد». فلا مجال للتوقّف في تقديم ظهور الخاصّ في التخصيص على ظهور العامّ في العموم)([6]) فيرد عليه:
انه لا إطلاق لكون نسبة الخاص إلى العام كنسبة يرمي إلى الأسد، حتى لو سلمنا ما قاله عن يرمي والأسد؛ بل انه هو (قدس سره) لا يمكنه الالتزام به؛ ألا ترى ان العامّ الآبي لسانه عن التخصيص لا محيص حتى للميرزا النائيني من ان يوقع المعارضة بينه وبين الخاص إن لم نقل بتقدمه عليه، وليس له ان يقول بتقدم الخاص على العام حتى في هذه الصورة.
 
إشكال البعض على الشيخ

ثم انه قد أورد البعض على الشيخ الذاهب إلى ان وجه تقدم الخاص على العام هو الاظهرية بان وجه تقدم الخاص ليس هو الاظهرية بل هو كون العام مما تعارف تخصيصه وكَثُر، خاصة في محيط التقنينات فصارت أصالة الجد فيه موهونة بدرجة كبيرة حتى انه يرفع اليد عنه حتى بالقرينة الضعيفة، قال:

ليس وجه تقدم الخاص اظهريته، بل لكون العام موهوناً
 
(نعم كل من الجملتين([7]) موضوع لأصل عقلائي وهو عبارة عن أصالة تطابق جدّه مع استعماله، والتصرّف إنما هو في هذا المقام، حيث إنه يتصرف في الأصل الجاري في طرف العموم بسبب الأصل الجاري في طرف المخصّص. ووجه التصرّف في الأول دون الثاني كثرة تخلّف الجدّ عن الاستعمال في الأول وشيوعه، بحيث يرفع اليد عن الأصل فيه بمؤونة خفيفة.
وبالجملة تعارف تخصيص العمومات خصوصاً في التقنيات وكثرة تخلّف الجدّ عن الاستعمال فيها صار موهناً للأصل فيها بحيث يرفع اليد عنه بقرينة ضعيفة، وهذا هو السر في تخصيص العمومات بأيّ مخصّص كان، وليس الوجه في التخصيص هو الأظهرية والظاهرية حتى يرد بانه يمكن أن يكون العامُّ في مقامٍ أظهرَ)([8]).

الجواب: الإشكال مؤكد لكلام الشيخ وليس نافياً!

ولا يخفى ما فيه فانه مثبت لكلام الشيخ وقد زعمه نافياً! فان الشيخ يرى ملاك تقدم الخاص على العام هو أظهريته في المراد الجدي من العام في مراده الجدي، وهذا الإشكال بطوله لم يزد على ان يثبت كلام الشيخ ببيان وجه الاظهرية([9]) فكيف يستشكل بـ(وهذا هو السر في تخصيص العمومات بأيّ مخصّص كان، وليس الوجه في التخصيص هو الأظهرية والظاهرية حتى يرد بانه يمكن أن يكون العام في مقام أظهر)؟
 
ترقي المستشكل من الإرادة الجدية إلى الاستعمالية، غريب باطل

والأغرب منه ان يمهد لذلك بقوله: (بل لا وجه لأظهرية الخاص أصلاً، إذ قوله: "أكرم كل العلماء"، وقوله: "لا تكرم كل الفساق من العلماء" سيّان فيما يرتبط بالظهور اللفظي فإن قوله: "أكرم" ظاهر في الطلب الحتمي، كما ان "لا تكرم" ظاهر في الزجر الحتمي من غير مزيّة في ظهور أحدهما، وكذا قوله: "كل" في كليهما ظاهر في معناه وهو الشمول بل نصّ فيه، إذ ليس معناه إلا الجميع ولا يمكن أن يستعمل ويراد به البعض بحسب مقام الاستعمال، وكذلك العلماء والفسّاق كل منهما ظاهر، بل نص فيما وضع له. وعلى هذا فتقديم الخاص على قوله: "أكرم كل العلماء" ليس بتصرف في ألفاظ هذه الجملة وظهوراتها، بل يكون كلّ منهما مستعملاً فيما وضع له من غير ادعاء في البين أصلاً)([10]).
فانه لا محل لهذا الكلام أصلاً لوضوح ان مدار البحث عن الإرادة الجدية لا الاستعمالية، والغريب انه أدار البحث قبل هذا وبعده على الإرادة الجدية: اما بعده فلما سبق من قوله: (نعم، كل من الجملتين)([11]): واما قبله فقد قال: (واما العام والمخصّص فتحقيق المقام فيهما أنّ استعمال العامّ وإرادة الخاص إنما يكون بطريقين:
الأول: أن يكون استعماله في الخصوص على نحو الاستعمالات المجازية بأن يستعمل في غير ما وضع له أو يستعمل فيما وضع له ولكن بادعاء كون الخاص جميع ما وضع له بأن يقال: "أكرم العلماء"، ويراد بهم خصوص الفقهاء بادعاء انحصار العلم في الفقه).
(الثاني: أن يكون استعماله فيه لا بهذا النحو، بل بأن يستعمل في العموم من غير ادعاء ويراد به جداً بعضهم ويعلم ذلك بالاستثناء ونحوه. أما الأول، فحكمه حكم المجاز، وأما الثاني، فليس التصرّف في العموم تصرّفاً في ظهوره حتى يقال: بأنه بسبب أظهرية الخاص، بل هو تصرّف في الأصل العقلائي؛ أعني به أصالة الجدّ، بل لا وجه...)([12]).
ومع الالتفات إلى ان الكلام وموطن البحث والتصرف هو الإرادة الجدية، فانه لا وجه للترقي أبداً إلى مقام الإرادة الاستعمالية ولا وجه لاظهرية الخاص فيها([13]) من العام فانه أجنبي عنه([14]) بالمرة كما ظهر من سابق كلامه ولاحقه. فتدبر.
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
======================
 

  • المصدر : http://www.m-alshirazi.com/subject.php?id=2120
  • تاريخ إضافة الموضوع : السبت 22 رجب 1437هـ
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 14