• الموقع : مؤسسة التقى الثقافية .
        • القسم : البيع (1436-1437هـ) .
              • الموضوع : 82- تعريف آخر للعين ـ تعريف المنفعة .

82- تعريف آخر للعين ـ تعريف المنفعة

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
 (82)
تعريف آخر للعين
 
وقد عرّف البعضُ العينَ بـ(ما يبقى وتذهب منافعه) في مقابل المنفعة التي يراد بها بقرينة المقابلة -: (ما ينقضي وينصرم بالتدريج) فان سكنى الدار منفعة وهي لا تبقى بل تنصرم آنا فآناً أما عين الدار فتبقى ولا تنصرم بالسكنى.
وهذا التعريف يشمل – أو ينبغي ان يشمل هو وغيره من التعاريف - ثمرة البستان إذا آجره لأجلها إذ قد يشكل بان الثمرة هي من الأعيان والجواهر ولا تنقضي بمرور الزمن ولا تنصرم آنا فآنا فكيف تقع الإجارة – أي إجارة البستان - بلحاظها وهي مما يبقى ومما لا يتصرم([1])، والجواب: انها بالنسبة إلى البستان منفعة وإن كانت في حد ذاتها عيناً فانها منفعة البستان والبستان يبقى وثمراته تفنى بالأكل وشبهه فتعريف العين الآنف ينطبق على البستان وتعريف المنفعة السابق ينطبق على الثمرة منسوبةً للبستان.
والحاصل: ان المراد من المنفعة المنفعة العرفية ومن العين العين العرفية لا الدقية، وفي إجارة البستان تعد ثماره من المنافع عرفاً وتعد مقيسه للبستان مما يتصرم وينقضي وإن كانت في حد ذواتها أعياناً ولذا أجاز بيعها مستقلاً.
ولذا قال السيد الوالد: (وحيث ان الفاكهة والعيدان اليابسة والأوراد وما أشبه مما تذهب عينه في إجارة البستان، وماء البئر في إجارة الدار ونحوهما في مثلهما، تعد من المنافع عرفاً – لا الأعيان – كان من الإجارة)([2]) و(ثم الظاهر صحة كون المنفعة عوضاً من غير فرق بين ما له وجود خارجي كثمرة البستان واللبن والبيض ونحوهما أو لا، لوضوح ان العرف يطلق على الجميع المنفعة من غير عناية في الأول، ولذا جعل السيد الطباطبائي (قدس سره) بل وغيره الثمرة منها)([3]). هذا كله بعض الكلام عن تعريف العين([4]) فلننتقل لتعريف المنفعة:
 
(المنفعة)
تعريف بلغة الطالب للمنفعة
 
وأما المنفعة فقد عرّفها في بلغة الطالب([5]) بـ(ما به تكون الأموال أموالاً) فالدار والفاكهة والذهب والشاة والطائرة وغيرها تكون – على هذا التعريف والمبنى - أموالاً لما لها من المنافع ولذا لو فقدت منفعتها فرضاً بالمرة لم تكن حينئذٍ لدى العقلاء من الأموال، فقد ساوى هذا التعريف بين المنفعة والمالية.
ونضيف: انه على فرض الصحة فالمساواة هي في الأصل وفي الدرجة فكلما ازداد نفعاً ازداد ماليةً.
لكن الأمر بحاجة إلى تحقيق وأخذ ورد وجرح وتعديل فان المال، كالمنفعة، مما قد يتحير فيه بدواً ويحتاج إلى مزيد تدبر لمعرفة انه ما هو؟ وما هي حدوده؟
فمثلاً: عمل الحرّ غير المتعاقد عليه لم يعده المشهور من الأموال، فإذا تعوقد عليه عدوه من الأموال، وعمل العبد عدوه من الأموال، فما هو الضابط مع كونها كلها (عملاً) مقدوراً عليه وذا منفعة بالقوة فكيف تكون منسوبة للعبد مالاً ومنسوبة للحر غير مال؟
ثم إذا كانت القدرة والخبرة وعمل الحر المتعاقد عليه([6]) مالاً فلم لا يجب عليها الخمس؟ وإذا لم تكن مالاً فلِمَ يُعدّ المديون القادر على العمل الخبير به مكلفاً به؟ ولم لا يعدّ مستطيعاً للحج ويعدّ مستطيعاً على أداء الدين. وسيأتي بيان ذلك ووجهه عند بحث شرائط العوضين وان منها كونه مالاً أو ذا مالية بإذن الله تعالى.
 
تعريف (الفقه) للمنفعة
 
أما (الفقه) فقد عرّفها بـ(وعلى أي، فالمنفعة قسمُها([7]) المقابل للعين عبارة عن: حيثية قائمة بالعين ليست لها فعلية إلا بالاستيفاء، فمنفعة الدابة والدار حيثية قائمة بهما، قيام انتزاع لا قيام اعتبار، إذا سُكنت وُركبت صارت فعلية بعد ان كانت شأنية في قبال انه ليس هذا الحيث للقلم والقرطاس مثلاً، بينما لهما حيثية الكتابة به وعليه وهي منفعتهما)([8]).
أقول: توضيح ذلك في ضمن بيان أمور:
 
المنفعة ليست من المقولات ولا الاعتباريات
 
الأول: المنفعة ليست من المقولات العشر؛ فان سكنى الدار مثلاً أو منفعة العلم([9]) ليست جوهراً ولا كمّاً ولا كيفاً ولا أي واحد من الاعراض التسعة التي جمعها قوله:
كمٌّ، وكيفٌ، وضعٌ، أينٌ، لهْ، متى     فعلٌ، مضافٌ، وانفعالٌ ثبتا
 
الثاني: وليست من الاعتباريات، إذ سكنى الدار ومنفعتها ليست أمراً مرتهناً باعتبار العقلاء، فان ساكن الدار منتفع بها (إن كان منتفعاً بها) سواءً ءإعتبره العقلاء منتفعاً بها أم لا، وغير المنتفع بسكناها (فكيف بالمتضرر كالمحبوس فيها كي لا يمكنه الذهاب لمدرسته أو لمتجره) غير منتفع بها وإن اعتبره العقلاء منتفعاً بها فرضاً، ولا يتوهم النقض بالمنتفع من جهة دون أخرى فان الكلام في نفس جهة الانتفاع سلباً وإيجاباً فتدبر.
 
بل هي من الانتزاعيات
 
الثالث: بل انها من الانتزاعيات القائمة بالوضع أو الإضافة.
لا يقال: الانتزاعي هو ما ينتزع من حاق ذات الشيء كالزوجية للأربعة ولا تفارقه أبداً والمنفعة كالسكنى لا تنتزع من حاق ذات الدار مثلاً وقد تفارقها؟
إذ يقال: الانتزاعيات على نوعين: فأولها ما سبق، وثانيها ما ينتزع من اتصاف شيء بصفة لا من حاق ذات الشيء وذلك كالفوقية للسقف فانه ليس باعتباري بل هو انتزاعي لكنه من القسم الثاني إذ ينتزع من السقف بوصف (وضعه)([10]) أي من حيث كونه بحالة خاصة بالنسبة للأرض فهو انتزاعي من الشيء بلحاظ مقولة الوضع فيه أي بلحاظ كونه في وضع كذا.
 
والمنفعة من قبيل الثاني.
 
الرابع: ان المنفعة فعلية وشأنية، فانها قبل الاستيفاء شأنية أي من شأن هذه الدار أن ينتفع بها وحين الاستيفاء فعلية.
الخامس: انه على ما سبق فقد يضاف إلى التعريف قيد آخر بان يقال: ( (المنفعة) حيثية قائمة بالعين ليست لها فعلية "ولا مالية" إلا بالاستيفاء) فهل هو كذلك أو نقول بالتفصيل كما هو المنصور؟ ظهر الجواب عنه في الجملة مما مضى([11]) وسيأتي تفصيله في بابه بإذن الله تعالى.
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
====================
 

  • المصدر : http://www.m-alshirazi.com/subject.php?id=2116
  • تاريخ إضافة الموضوع : الاثنين 17 رجب 1437ه
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 02 / 23