بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
مباحث التعارض: (التعادل والترجيح وغيرهما)
(98)
الانواع الاربعة لاستعمال العام:
إن استعمال العام على أنواع أربعة :
الاول: ان يستعمل في نفس الموضوع له وهو العموم.
الثاني: ان يستعمل في بعض أفراده بنحو البشرط لا.
الثالث: ان يستعمل في بعضها بنحو اللابشرط.
الرابع: ان يستعمل في الموضوع له مع ادعاء ان البعض هو الموضوعله له حقيقة.
استعماله في العموم، وحاله بالنسبة الى مخصصه
وعلى الأول فان الاستثناء منه استثناء حقيقي فقد يقال: انه تخصيص في مرحلة الإرادة الاستعمالية إذ قد استعمل في العموم ثم اخرج منه حقيقة.. ولكن يأتي هنا ما ذكرناه من ان التفصيل فانه ان خصّص بالمتصل المعنوِن فان الإرادة الاستعمالية لا تنعقد إلا ضيقة فلا يكون من القسم الأول، وإنما يكون منه لو خصص بالمنفصل أو بالمتصل غير المعنون إذ يهدمان الإرادة الجدية حينئذٍ دون الاستعمالية، وسيأتي كلام حول ذلك.
استعماله في البعض بنحو بشرط لا :
وعلى الثاني فانه استعمال في المباين للموضوع له، فهو مجاز لو كان بعلاقة مصححة وإلا فغلط، إذ ان البعض بشرط لا عن الباقي مبائنللكل فانه بشرط شيء.
استعماله في البعض بنحو لا بشرط:
وعلى الثالث: فانه قد يقال بانه مجاز لأنه استعمال للفظ في غير الموضوع له فان الموضوع له هو الكل لا البعض وقد يقال بانه حقيقة لان غير الموضوع له هو الخارج لا البعض الداخل فانه من الموضوع له وقد استعمله في بعض الموضوع له، وسيأتي بعض الكلام حوله.
استعماله في الكل مع ادعاء ان البعض هو الكل:
وعلى الرابع: فانه لم يجرِ التصرف في مرحلة الاستعمال لأنه استعمل اللفظ - على الفرض - في نفس الموضوع له وهو الجميع، بل جرى التصرف في الامر التكويني بادعاء ان هذا البعض هو الكل حقيقة
وذلك نظير الحقيقة الادعائية التي تبناها السكاكي في الاستعارة بدعوى انه في قولك(زيد أسد) لم يجر التصرف في مرحلة الاستعمال بل انه استعمل لفظأسد في نفس الموضوع له وهو الحيوان المفترس ثم ادعى - بعد ذلك ([1]) - ان زيداً هو فرد (أوهو فيه حقيقة وهما نحوان)للأسد المفترس المستعمل فيه حقيقة لكن هذا الرأي يرى تعميم الحقيقة الادعائية لكل أنواع المجاز بمختلف علائقه ، وفي المقام يرى انه لو قال أكرم العلماء قاصداً خصوص الفقهاء فانه قد استعمل العلماء في جميع العلماء لكنه تصرّف ادعاءً في مرحلة الواقع وعالم الثبوت بدعوى ان الفقهاء هم كل العلماء فقد أراد من العلماء الفقهاء لكن بدعوى انهم هم العلماء لاغير.هذا.
الفرق بين الاطلاق والانطباق:
ويمكن التفريق بين الثاني والثالث بما اصطلح عليه من الإطلاق والانطباق.
توضيحه: انه تارة يقال: (زيد إنسان)وأخرى يقال (أكرم الإنسان) قاصداً زيداً خاصة، والأول حقيقة لبداهة ان زيداً إنسان حقيقة والثاني اما مجاز أو حقيقة ادعائية فانه لو ادعى ان زيداً هو الإنسان لا غير واستعمل الإنسان في الموضوع له مع هذا الادعاء (بان زيداً هو تمام الموضوع له) كان حقيقة ادعائية ، ولو لم يدّعِ ذلك بل انه استعمله مريداً زيداً باحدى علائق المجاز المصححة له وأقام قرينة فانه مجاز.
ان قولك (زيد إنسان) من باب الانطباق والانطباق حقيقي دون ريب ، واما قولك (اكرم الإنسان) مريداً زيداً فهو من باب الإطلاق، أي إطلاق اللفظ الموضوع للكلي على أحد أفراده وهو بين مجاز وحقيقة إدعائية.
الادق : المرجع الاستعمال لا بشرط أو بشرط لا
الأدق هو ما ذكرناه فان مرجع الانطباق إلى الإطلاق بنحو اللابشرط ومرجع الإطلاق إلى الإطلاق بنحو البشرط لا ([2])، كما يتضح من المثالين السابقين، فعلى البشرطلائيةواللابشرطية المدار، اما الإطلاق والانطباق فانهما، إن لم يصرح برجوعهما إلى ما ذكرناه فانهما موهمان إذ كل إطلاق لا يخلو من انطباق وكل انطباق فان ملزومه الإطلاق فتدبر تعرف.
محتملات (ان الانسان لفي خسر)
ولنمثل لشحذ الذهن بقوله تعالى: (ان الإنسان لفي خسر) فان (الانسان):
تارة يراد به الطبيعة أي ان طبيعة الإنسان هي في خسر فهذا الاطلاق حقيقي ويراد به الاقتضاء أو الفعلية بلحاظ بعض الجهات كانقضاء العمر فانه يخسر ويفقد حقيقة كلما مر الزمن آنات عمره إلا لو آمن وعمل صالحاً فيه كما قال تعالى: (وَالْعَصْرِ* إِنَّ الإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ*إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَتَواصَوْا بِالْحَقِّ وَتَواصَوْا بِالصَّبْرِ*)([3])
واخرى يراد به بعض الأفراد كالإنسان الكافر أو الفاسق فانه لو أريد هذا كان من المجازعلى أحد الرأيين السابقين إذ لم يستعمله في الموضوع له بل في بعضه.
اما الحقيقة الادعائية فلا مجال لها ظاهراً ههنا إذ انها في الفرد أو الصنف الأكمل لا الأردأ الأدنى فتدبر.
إذ اتضح ذلك كله، يتضح حال الخاص بالنسبة للعام وانه على نحو الحكومة أو الورود، في مرحلة الإرادة الاستعمالية أو الجدية، كما سيأتي بيانه بإذن الله تعالى.
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
=======================
|