• الموقع : مؤسسة التقى الثقافية .
        • القسم : التعارض - التعادل والترجيح (1436-1437هـ) .
              • الموضوع : 86- الجواب الاخير عن مختار الاصفهاني: ادلة الترجيح والتخيير شاملة لموارد الجمع العرفي اما لصدق الاختلاف او للتحيّر البدوي او للتحيّر الواقعي المستقر او لغير ذلك .

86- الجواب الاخير عن مختار الاصفهاني: ادلة الترجيح والتخيير شاملة لموارد الجمع العرفي اما لصدق الاختلاف او للتحيّر البدوي او للتحيّر الواقعي المستقر او لغير ذلك

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
مباحث التعارض: (التعادل والترجيح وغيرهما)
(86)
الجواب الرابع عن مبنى المحقق الاصفهاني: أدلة التخيير والترجيح شاملة لموارد الجمع العرفي
 
الجواب الرابع: عن مدَّعى المحقق الاصفهاني من ان دليل الحجية، لأنه السيرة العملية، لا يشمل العام المعارَض لعدم معقولية وجود سيرتين عمليتين على الأمرين المتضادين، جواب بنائي وهو انه حتى لو كان الدليل هو بناء العقلاء العملي فان العام المعارض يمكن الالتزام بترجيحه على الخاص أو بالتخيير بينه وبينه بدعوى مشموليته لأدلة الترجيح والتخيير، وذلك بإحدى وجوه أربعة:
 
أ- لأن موضوع الروايات هو (المختلفان) وشبهه
 
الوجه الأول: ان موضوع الترجيح والتخيير في أكثر وإن لم يكن كل([1]) الروايات الدالة عليهما هو عنوان ينطبق على العام والخاص المتخالفين وعلى سائر الموارد التي كان الجمع فيها عرفياً؛ فان الموضوع هو "بِحَدِيثَيْنِ مُخْتَلِفَيْن‏"([2]) و"إِذَا سَمِعْتَ مِنْ أَصْحَابِكَ الْحَدِيثَ وَكُلُّهُمْ ثِقَةٌ فَمُوَسَّعٌ عَلَيْكَ حَتَّى تَرَى الْقَائِمَ فَتَرُدَّهُ عَلَيْه‏"([3]) وقوله (عليه السلام): "عَنْ ذَلِكَ حَدِيثَان"([4]) لوضوح ان الخاص النافي مخالف للعام المثبت في مورد الخاص وإن لم يتنافيا في سائر موارد العام بداهة اختلاف (أكرم العلماء) عن (لا تكرم زيداً العالم) وكونهما حديثين بل حديثين مختلفين وإن قيل بعدم انطباق عنوان التعارض عليه([5]).
وإذا شملهما (الحديثان المختلفان) كان الحكم في العام والخاص هو ترجيح الواجد منهما لاحدى المرجحات المنصوصة حسب المشهور، أو مطلقاً حسبما ذهب إليه الشيخ فان فقدت فالتخيير، أو الحكم بأفضلية الترجيح بها إن وجدت حسب الآخوند.
والحاصل: انه إن لم يدلّ بناء العقلاء العملي على حجية العام المعارض لعدم تحققه حينئذٍ، دلّت روايات الترجيح والتخيير على حكمه والخاص من التخيير والترجيح الدالين بدلالة الاقتضاء على كونهما حجة في الرتبة السابقة اقتضاءً وكون ذي المزية منهما الحجة الفعلية سواء أكان هو الخاص أم العام وكونهما حجة فعلية إن تساويا أو قلنا بان المرجحات محمولة على الافضلية.
 
ب- لأن موضوع التخيير والترجيح: التحيّر في الحكم الواقعي
 
الوجه الثاني: ان يقال بان موضوع التخيير والترجيح هو التحير في الحكم الواقعي؛ إذ لا شك انه مع ورود عام وخاص معتبري السند فانه وإن جمع العرف بينهما ظاهراً بتقديم الخاص على العام إلا انه لا شك في انه يبقى، بالنظر إليهما ومع قطع النظر عن قرينة خارجية مفيدة للعلم، تحيُّرُ المكلف في الحكم الواقعي إذ يحتمل حقاً ان الخاص وارد مورد التقية أو التورية كما يحتمل وجود معارض له خاص مثله لم يصل إلينا أو تعمد ترك القرينة على خلاف ظاهره أو شبه ذلك([6]) ومع وجود كل أو بعض هذه الاحتمالات في الخاص كما هي موجودة في العام فانه لا شك حينئذٍ في التحير في الحكم الواقعي فتشملهما أدلة التخيير والترجيح، بناءً على ورودها في مورد السؤال عن التحير في الحكم الواقعي لدى اختلاف الحديثين، أو الأعم.
 
ج- لأن الموضوع المتحير الاعم من البدوي
 
الوجه الثالث: ان يقال بان موضوع روايات التخيير والترجيح هو التحير([7]) الأعم من البدوي والمستقر، ولا شك في ان العرف لدى مواجهتهم مخالفة الخاص للعام كسائر موارد الجمع العرفي، يتحيرون بدواً وفي النظرة الساذجة الأولى إلا انه ترتفع حيرتهم بعد ذلك، فقد يدعى بان الموضوع في روايات (بحديثين مختلفين) الأعم منهما.
 
د- لأن سيرة العقلاء على الجمع وروايات الترجيح والتخيير رادعة
 
الوجه الرابع: ان يقال: بان سيرة العقلاء وإن جرت على الجمع في مواطن الجمع العرفي – ومنها العام والخاص – إلا انه يحتمل ان لا تكون مرضية لدى الشارع، كالقياس، هذا ثبوتاً واما إثباتا فتكفي أدلة الترجيح والتخيير للردع، لكنّ هذا الوجه مبني على احدى الوجوه السابقة وليس وجهاً مستقلاً برأسه فتأمل.
 
مناقشة الآخوند لتلك الوجوه
 
وهذه الوجوه مناقش فيها بما سيأتي في محله ومنها ما ذكره الآخوند بقوله: (اللهم إلا ان يقال: ان التوفيق في مثل الخاص والعام والمقيد والمطلق كان عليه السيرة القطعية من لدن زمان الأئمة عليهم السلام وهي كاشفة إجمالاً عما يوجب تخصيص أخبار العلاج بغير موارد التوفيق العرفي لولا دعوى اختصاصها به، وانها سؤالا وجواباً بصدد الاستعلاج والعلاج في موارد التحير([8]) والاحتياج، أو دعوى الإجمال وتساوي احتمال العموم مع احتمال الاختصاص. ولا ينافيها مجرد صحة السؤال لما لا ينافي العموم ما لم يكن هناك ظهور انه لذلك، فلم يثبت بأخبار العلاج ردع عما عليه بناء العقلاء وسيرة العلماء من التوفيق وحمل الظاهر على الأظهر والتصرف فيما يكون صدورهما قرينة عليه – فتأمل)([9]) وسيأتي التعليق على كلامه وغيره بإذن الله تعالى.
 
خلاصة الأقوال الثلاثة وفروقها
 
إلا ان موطن الشاهد هنا هو ان ما ذكر هنالك يصلح ان يعدّ إحدى الوجوه على الجواب عن مختار المحقق الاصفهاني مع بعض التعديل الذي أجريناه فانه منتزع من كلمات الآخوند لكن مع تطويره بما يلائم المقام فلاحظه:
والحاصل: ان مورد الكلام تارة يكون: المتعارضان متساقطان كأصل أولي لكن موارد الجمع العرفي ليست من المتعارضين بل يتقدم الخاص على العام بالاظهرية([10])، وهذا مسلك الآخوند.
وأخرى يكون: انهما من المتعارضين، او من المتخالفين كما سبق، فيخير بينهما أو يتقدم احدهما على الآخر بالترجيح، وهذا ما ذكرناه كإشكال على الاصفهاني وقد التزم بهذا المبنى صاحب الحدائق وإن كنا لا نرتضيه تبعاً للمشهور.
وحاصله([11]) بعبارة أخرى: حتى لو فرض ان العام المعارَض غير مشمول لدليل الحجية لكنه مع ذلك مشمول لاخبار الترجيح والتخيير، أي لنفرض ان السيرة على العمل بالخاص فقط لكن يحتمل ان نظر الشرع غير ذلك فالسؤال جرى استنطاقاً لنظره والجواب كان عاماً لموارد الجمع العرفي وانه الترجيح فالتخيير.
وثالثة يكون: موارد الجمع لا هما متعارضان ولا هما مشمولان لأدلة الحجية، وهذا هو مسلك الاصفهاني.
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
=====================
 

 


  • المصدر : http://www.m-alshirazi.com/subject.php?id=2068
  • تاريخ إضافة الموضوع : السبت 16 جمادى الآخرة 1437هـ
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 14