• الموقع : مؤسسة التقى الثقافية .
        • القسم : البيع (1436-1437هـ) .
              • الموضوع : 69- اشكال آخر على الميزار النائيني والجواب عنه وتحقيق الحال في مقام (الموضوع) بما هو هو و (الموضوع) بما هو موضوع لحكم الشارع، والشرائط .

69- اشكال آخر على الميزار النائيني والجواب عنه وتحقيق الحال في مقام (الموضوع) بما هو هو و (الموضوع) بما هو موضوع لحكم الشارع، والشرائط

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
 (69)
إشكالات أخرى على كلام المحقق النائيني
 
سبق كلام المحقق النائيني عن ان منشأ الاتفاق على كون المبيع عيناً لا يبعد ان يكون إنصراف الأدلة إلى ما هو المعهود خارجاً من جعل المعوض في البيع عيناً، كما سبق الإشكال بالخلط الحادث في بداية ونهاية كلامه بين الانصراف والتبادر.
وقد أشكل عليه بإشكالات أخرى:
 
الإشكال: المقام مقام معنى البيع لا مقام ما يعتبر فيه شرعاً
 
منها: (وأُورد عليه: نحن في المقام بصدد معرفة معنى البيع عرفاً، لا ما هو المعتبر شرعاً، فلا وجه للتمسّك بانصراف الأدلة عمّا إذا كان المعوّض منفعة، لأنّ الغرض هو استكشاف المعنى العرفي لا المستعمل الشرعي)([1]).
 
الرد: الميرزا بصدد المقام الثاني لا الأول
 
أقول: هذا الإشكال حسب التقرير الوارد في العقد النضيد غير وارد على الميرزا النائيني وذلك لأن كلام الميرزا ظاهر في انه ليس في مقام بيان معنى البيع عرفاً بل هو في مقام (اعتبار كون المبيع عيناً) أي اعتباره شرعاً لا اعتبار كونه عيناً في صدق عنوان البيع عليه فانه بعيد بحاجة إلى تقدير وتكلف، أي ان المراد من (اعتبار) هو الاشتراط ولذا اعتبر منشأ الاتفاق هو الانصراف مع وضوح ان الانصراف لا يستدل به في مقام الوضع وكشف المعنى الموضوع له أو المعنى العرفي كمرآة للمعنى الموضوع له، بل يستدل به على ان موضوع حكم الشارع هو حصة من الموضوع له الحقيقي أي ان موضوع حكمه بما هو حكم لموضوع خاص هو بعض الموضوع له.
وبعبارة أخرى: انه ذكر (انصراف الأدلة إلى...) فكلامه في مرحلة المحمول وثبوت الحكم لبعض حصص الموضوع لا في مرحلة الموضوع وتحديده لغةً أو عرفاً، بل ان كلامه يؤكد ان الموضوع له أعم إلا ان الأدلة انصرفت إلى الاخص وهو كون المثمن عيناً.
والحاصل ان قوله (لأنّ الغرض هو استكشاف المعنى العرفي لا المستعمل الشرعي) ليس هو غرض الميرزا ههنا – حسب ظاهر كلامه – وإن كان غرضاً للمستشكل ولبعض الأعلام إذ بدأوا بالعنونة بهذا البحث.
 
المقامات الأربع: المعنى اللغوي والعرفي والانصراف والاشتراط
 
بل نقول: ان المقامات أربعة: أ- مقام الوضع وتحديد المعنى الموضوع له لغةً، ب- ومقام معرفة المعنى المفهوم عرفاً فان متبادر العرف قد يتخالف مع الموضوع له اللغوي لهجران ونقل أو لكثرة استعمال فاجمال، ج- ومقام الانصراف، د- ومقام الاشتراط.
فمقام الوضع اللغوي ومقام المتفاهم العرفي الكاشف عنهما هو التبادر عند أهل اللسان ولو اختلف الفهم العرفي عن المعنى اللغوي كان لنقل أو شبهه.
واما مقام الانصراف فالكاشف عنه كثرة الاستعمال في بعض الموضوع له (أو في الأعم منه) الموجب للأُنس الذهني وليست كثرة الوجود كاشفة عنه، فهو متأخر عن المقامين الأولين رتبة.
واما مقام الاشتراط فهو متأخر عنها جميعاً([2]) إذ قد يشترط في الموضوع أمر بدليل خارجي مع ان اللفظ غير موضوع له ولا هو – أي الشرط - مفهوم عرفاً منه([3])أو منصرف إليه اللفظ.
فمثلاً: يشترط في (البيع) التنجيز على المشهور أو الماضوية حسب كثيرين أو البلوغ على رأي، فهذا شرط خارجي في إمضاء الشارع أو العقلاء للبيع أي في اعتباره نافذاً مؤثراً وهو بعد الفراغ عن ان الماضوية ليست من معناه اللغوي والعرفي ولا انه منصرف إليها، نعم لو انصرف اللفظ إلى ذي قيد كان هو الدليل على الاشتراط.
 
الخلط المتعدد بين تلك المقامات!
 
والظاهر ان الميرزا النائيني يستدل على المقام الرابع بالمقام الثالث، لا انه يستدل على المقام الأول بالثاني، ولا على المقامين الأولين بالثالث، ولا على (المعنى الشرعي) عبر (المعنى العرفي) – كما هو ظاهر نقد العقد النضيد الآتي للإشكال الآنف – ولا على الثاني بالثالث كما هو ظاهر العقد النضيد أيضاً.
ومن ذلك كله تعرف الخلط الحاصل في نقد العقد النضيد لذلك الإشكال بقول: (وفيه: إنّ ما قيل غير وارد على المحقق النائيني (رحمه الله)؛ لأن الفقيه يحاول أن يتوصل إلى المعنى الشرعي([4]) من خلال المعنى العرفي وموارد استعمال العرف، حيث أنّه موضوع الأدلة الشرعية وإلا فإنّه ليس من شأنه معرفة اللغة، ومن جملة طرق معرفة المعنى العرفي هو التبادر عند العرف وكذلك انصراف الأدلة، وبهما يحصل غرض الفقيه في معرفة موضوع الأدلة)([5]) فتأمل
 
توضيح وتوجيه كلام العقد النضيد
 
وعلى أية حال فلو كان مراد العقد النضيد بقرينة ذيل كلامه، مع قطع النظر عن خلط غيره به، هو: ان غرض الفقيه هو معرفة موضوع الأدلة لا الموضوع بما هو هو مجرداً، أي الموضوع – كالبيع – بما هو موضوع للأدلة ومصب لها لا بما هو هو من حيث وضعه اللغوي أو معناه العرفي؛ فان موضوع الدليل بما هو موضوع للدليل هو المهم؛ ألا ترى أن (أَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ) لو أريد بالبيع بمناسبات الحكم والموضوع أو بسائر أسباب الانصراف هو خصوص بيع الأعيان أو بيع غير الكالي بالكالي أو غير بيع البضاعة بالبضاعة – إذ اختلف انه بيع أو لا – فان المهم هو ما كان موضوعاً لدى الشارع لـ(احلّ) ولا يهم ان (البيع) مع قطع النظر عن كونه متعلقاً لأحلّ وعن مناسبات الحكم والموضوع، أعم أو أخص (اللهم إلا لدى الشك).
وحيث كان المهم هو معرفة المعنى الشرعي للبيع أي المراد شرعاً من البيع أي المراد منه بما هو موضوع لأحكامه أي المراد منه مع شرائطه فان المعنى العرفي يعدّ مرآة له وموارد الاستعمال تعد مرآة للمعنى العرفي الذي هو مرآة للمعنى الشرعي أو الذي([6]) هو مرآة للمعنى الشرعي المراد مباشرة، فكلام الميرزا عن الانصراف هو لانطلاقه من المعنى المستعمل فيه عرفاً لاستكشاف المعنى المراد شرعاً، لكان([7]) له وجه وجيه من غير حصول خلط وذلك هو غاية ما يمكن به توجيه أو توضيح كلامه دام ظله – فتأمل.
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
=====================
 

 


  • المصدر : http://www.m-alshirazi.com/subject.php?id=2067
  • تاريخ إضافة الموضوع : السبت 16 جمادى الآخرة 1437هـ
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 02 / 23