• الموقع : مؤسسة التقى الثقافية .
        • القسم : البيع (1436-1437هـ) .
              • الموضوع : 66- تفصيل الفارق بين التبادر الاطلاقي والانسباق الاطلاقي وامثلة تطبيقية هامة فقهية وعرفية .

66- تفصيل الفارق بين التبادر الاطلاقي والانسباق الاطلاقي وامثلة تطبيقية هامة فقهية وعرفية

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
 (66)
الفرق بين التبادر الإطلاقي والانسباق الإطلاقي
 
ثم ان كلّا من التبادر والانسباق قد يكون حاقّياً وقد يكون إطلاقياً، والحاقّيان كلاهما أمارة الوضع لكن بفارق ان التبادر الحاقّي امارة الوضع بنفسه اما الانسباق الحاقي فهو أمارة على الأعم من الوضع والنقل([1]).
وعلى أي فلا يهمنا الآن التعرض لبيان حال هذين، بل المهم التعرض لبيان حال التبادر، والتبادر الإطلاقي، والانسباق الإطلاقي فنقول:
 
الانسباق الإطلاقي
 
أما الانسباق الإطلاقي فيراد به نفس ما يراد بالانصراف، أو لنصطلح عليه بذلك منعاً لتداخل الأقسام الأربعة، وهو من علائم الحقيقة في الطرف الآخر أي في الحصة المنصرف عنها فهو طارد للمجاز عن المنصَرف عنه كما عن المنصرف إليه؛ ألا ترى إنصراف (الفقهاء) مثلاً إلى العلماء بالفقه مع انه حقيقة في الفقيه بالأصول أو التفسير أو الكلام إذ الفقه في اللغة الفهم وإرادة الفقهاء خاصة منه اصطلاح.
وعلى أي فانه لو قيل منصرف إلى كذا دل على انه موضوع للأعم إلّا انه انصرف إلى حصة خاصة من الموضوع له لكثرة الاستعمال أو لكثرة الوجود أو لمناسبات الحكم والموضوع وشبه ذلك وحينئذٍ فان أوجب انس اللفظ بالمعنى كان مستقراً وإلا فبدوي.
 
التبادر
 
أما التبادر فانه من علائم المجاز في غير المتبادَر إليه كما هو علامة الحقيقة فيما تبادر منه، ولذا أرجع بعضٌ صحة السلب إليه لابتنائه عليه وإن كان خلاف الظاهر المنصور.
 
التبادر الإطلاقي
 
أما التبادر الإطلاقي: فانه أجنبي عن الحقيقة والمجاز أي عن الدلالة على احدهما فانه بما هو هو أعم منهما، إلا لو دل، بوجهٍ، على عدم وجود تبادر حاقي وذاك خروج عن محل الكلام.
والتبادر الإطلاقي موسِّع أحياناً ومضِّيق أحياناً أخرى أي انه قد يتبادر ما هو أوسع من الموضوع له وقد يتبادر ما هو أضيق منه، وحيث كان ناشئاً من الإطلاق لا من الحاقّ لم يكن امارة الحقيقة، والمراد من الناشئ من الإطلاق: اما النشوء من مقدمات الحكمة كما في المطلق، واما النشوء من صِرف الاستعمال الذي هو المراد من الإطلاق في وجهه الثاني([2]).
 
شواهد فقهية وأدلة
 
والتدبر في الشواهد الفقهية التالية كفيل بتوضيح المراد بل وبرهنة الحاجة إلى التفريق بين التبادرين:
 
الوقف
 
أ- (الوقف) فهل ان وقف الأعيان دون المنافع متبادر من الوقف تبادراً حاقياً أو تبادراً إطلاقياً؟ فان كان الأول كان استعمال الوقف في وقف سكنى الدار مثلاً مجازاً فلا تشمله الأدلة ولا يصح وقفها، أو الثاني فحقيقة فتشمله ويصح([3])، فقد يقال انه تبادر إطلاقي والمراد به الوجه الثاني أي انه لكثرة إطلاق الوقف على وقف الأعيان بل لإطباق الفقهاء في كافة استعمالاتهم على استعمال الوقف في وقف الأعيان فلعل تبادر وقف الأعيان من الوقف ناشئ من سماعنا منذ قراءة الرسالة العملية أو التبصرة مثلاً من الأعلام ان الوقف هو وقف الأعيان لا المنافع فيكون التبادر ناشئاً من الإطلاق بنحوه الثاني فلا يكون حجة على الوضع فتكون – عليه – روايات الوقف شاملة لوقف المنافع كأن يقف سكنى الدار كما ارتآه السيد الوالد صناعياً اما فتوى فانه مخالف للمشهور شهرة عظيمة حتى لعله كاد ان يكون إجماعياً.
وعلى أي فلا بد من تحقيق ان التبادر في كل مورد أدّعي أو حصل، انه من قسم الحاقّي أو الإطلاقي لتحديد كونه حجة على الوضع أو لا.
 
الفرسخ
 
ب- (الفرسخ) في مبحث قطع المسافة فان المتبادر منه هو الدقي على ما ذهب إليه المشهور الذي كاد ان يكون إجماعياً فلو نقص عنه بمقدار عرض أصبع أو أقل كمللي متر لم يكن مسافراً ولا يقصر صلاته وعليه الصوم، فقد يقال ان هذا التبادر إطلاقي وليس حاقّياً وانه لا يستفاد من حاقّ اللفظ بل حاقّه موضوع للمسافة المسامحية العرفية([4]) فلا بد من إحراز انه حاقّي كي نحكم بما حكم به المشهور انه حاقّي وان تسامح العرف في الموضوعات مما لا تبنى عليه الشريعة، فأجيب بانه ليس تسامحاً بل انهم يرون الموضوع بذاته، في نفس وضعه، قد وضع للأعم من الدقي. فتأمل
 
البيع
 
ج- ومنها (البيع) وهو مورد الكلام، فهل تبادر بيع الأعيان منه حاقّي فغيره يكون مجازاً؟ أو إطلاقي فيكون بيع المنافع حقيقة فتشمله الأدلة كـ(أحل الله البيع).
كما ان التدبر في بعض الشواهد العرفية أيضاً؛ كفيل بالأمرين السابقين:
 
الخادم
 
أ- (الخادِم) فهل تبادر غير الاستاذ الحوزوي أو الجامعي أو إمام الجماعة أو المرجع، منه حاقّي أو إطلاقي؟ أي هل تبادر خصوص من يقدم خدمة مِهنية لا خدمة علمية أو روحية حاقّي فيكون إطلاقه على الاستاذ مجازاً؟ أو هو إطلاقي أي لكثرة إطلاق الخادم على الخادم المهني فليس مجازاً فلو قال أكرم الخدم شمله حقيقة لولا دعوى الانصراف فانها أمر لاحق بحاجة إلى دليل لو ثبت الأصل.
ب- (المخطِّط) فهل تبادر الشاعر أي ذو الشعور منه، حاقي أو إطلاقي؟ فمثلاً لو صنعوا رجلاً آلياً([5]) ذكياً([6]) قادراً على التخطيط لدفع اللصوص أو لغير ذلك، كما صنعوا ذلك بالفعل، بل ستكون الروبوتات هي التي تقود المعارك الميدانية وتدبّر المنازل في غضون سنين، فهل يصح إطلاق المخطِّط عليه وهل هو على نحو الحقيقة أو المجاز؟ فان قيل ان تبادر الشاعر أي ذي الشعور من المخطِّط حاقّي فإطلاقه على الروبوت مجاز ولو قيل انه إطلاقي أي ناشئ من عدم وجود غير المخطِّط الشاعر سابقاً([7]) وإطلاقه على الشاعر دوماً، كان إطلاقه عليه حقيقياً. وللبحث صلة.              
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
=====================

  • المصدر : http://www.m-alshirazi.com/subject.php?id=2060
  • تاريخ إضافة الموضوع : الاحد 10 جمادى الآخرة 1437هـ
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 02 / 23