• الموقع : مؤسسة التقى الثقافية .
        • القسم : التعارض - التعادل والترجيح (1436-1437هـ) .
              • الموضوع : 80- تتمة الاستدلال بـ(وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ) دفع شبهة الدور بوجه خامس ـ تتمة توضيح لكون العام نصاً في الدلالة على المراد الجدي .

80- تتمة الاستدلال بـ(وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ) دفع شبهة الدور بوجه خامس ـ تتمة توضيح لكون العام نصاً في الدلالة على المراد الجدي

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
مباحث التعارض: (التعادل والترجيح وغيرهما)
(80)
(وَمَا آتَاكُمْ الرَّسُولُ) غيرُ معارَض فيشمل العام المعارض!
 
ومن الممكن الجواب عن شبهة الدور بوجه خامس حتى بناءً على مبنى المحقق الاصفهاني من عدم شمول دليل الحجية في عالم الإثبات للعام المعارض بالخاص، وذلك استناداً إلى قوله تعالى: (وَمَا آتَاكُمْ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا )وذلك عبر استفادة أصل الحجية من دليل وحجية بعض حدودها المدعى عدم الحجية فيها من دليل آخر، بان يقال: ان معنى ان العام المعارض ليس بحجة هو انه لم يشمله الدليل على الحجية وهو بناء العقلاء العملي كما عليه المحقق الاصفهاني، لا ان الدليل قائم على عدمه كالقياس، وحينئذٍ نقول: على هذا المبنى فان العام غير المعارَض حجة كما هو حجة على المبنى الآخر([1]) وذلك لأن (وَمَا آتَاكُمْ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) عام غير معارض لبداهة انه لا يوجد دليل قرآني أو روائي يعارض مفاده بالقول مثلاً: ما آتاكم الرسول فلا تأخذوا به أو بعض ما آتاكم الرسول فلا تأخذوه([2]) فيكون حجة حتى على مبنى الاصفهاني فإذا كان حجة كان العام المعارض حجة؛ لأنه من صغرياته عرفاً قطعاً بالوجدان فان العامّ المعارَض من صغريات (وَمَا آتَاكُمْ الرَّسُولُ) لوضوح انه إذا جاء عام، سواء وجد خاص معارض له أم لا، فانه – أي العام – اقتضاءً مما آتاناه الرسول غاية الأمر ان الخاص يتقدم عليه للاظهرية أو الحكومة أو الورود أو شبه ذلك لا انه من رأس ليس مما آتاناه الرسول.
وبعبارة أخرى يشمله في مرحلة المقتضي ما آتاه الرسول لكنه يرفع اليد عنه للمانع الأقوى وهو الخاص على خلافه.
وبعبارة أخرى: ههنا إذاً عموم لفظي يشمله، وهو الذي افتقده المحقق الاصفهاني، وقد سلّم انه لو وجد لعم العام المعارض اقتضاءً إذ سبق قوله (وبيانه: بأن معنى التنافي في الدليلية والحجية عدم إمكان اجتماعهما في الحجية فعلاً، وتزاحمهما فيها، وذلك لا يكون إلا مع تمامية المقتضي للحجية في مقام الإثبات، فكل منهما حجة بالذات ويتمانعان ويتزاحمان في الفعلية، فإذا كان لأحدهما خصوصية معينة كان هو الحجة بالفعل، وإلا سقطا معاً عن الحجية الفعلية مع بقائهما على الحجية الذاتية.
وهذا إنما يعقل فيما إذا كانت حجية الحجة بعموم أو إطلاق لفظي كالخبر الثابت حجيته بالآيات أو الروايات. وأما الدلالة فلا دليل على حجيتها إلا بناء العقلاء عملاً، ولا يعقل بناءان منهم: عموماً وخصوصاً، إطلاقاً وتقييداً، ليكون أحد البناءين مخصصاً أو مقيداً للآخر) ([3])
وربما تأتي تتمة في الأخذ والرد في الاستدلال بالآية الكريمة.
 
الاستدلال بـ(إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا)
 
ومن الممكن الاستدلال بقوله تعالى: (إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا) على حجية الظواهر بقول مطلق؛ فان القوم استدلوا به على حجية خبر الثقة، ونضيف: انه يمكن الاستدلال به على حجية الظواهر أيضاً بكلا وجهي الاستدلال هنالك وان نوقش في الثاني، وهما:
 
عموم التعليل في آية النبأ، للظواهر
 
1- التعليل في الآية الكريمة؛ فان العمل بالظواهر من عمومات وغيرها ليس بجهالة عرفاً قطعاً؛ ألا ترى سيرة المتشرعة والعقلاء من كل الملل والنحل على امتداد التاريخ عليها؟ بل ومع قطع النظر عن السيرتين فان العقلاء يرون العمل بالعمومات وشبهها من العمل بدلالةٍ لا بجهالة، إذا علم بصدورها من المولى ولو بحجة، إذ البحث بعد الفراغ عن هذه الجهة وكون البحث فقط عن حجية الظاهر بما هو ظاهر.
 
الظاهر نصٌّ، لكن الفرق نظري
 
ويؤكده ما سبق من: ان الظاهر من مراتب النص، ونضيف: ان الظاهر نص إذ لا قصور له في مرحلة المقتضي للدلالة على انه المراد الجدي للمتكلم، وإنما عُبّر عنه بالظاهر بلحاظ مرحلة المانع وانه لو وجد نص أقوى لتقدم عليه لا انه ليس نصاً.
وهذا الفرق نظري لا ثمرة عملية له في المقام أو مطلقاً، أي سواء أقلنا بان الظاهر نص أم قلنا – كالمشهور – بانه كاسمه ظاهر فقط، فانه من حيث الأثر الخارجي لا فرق؛ إذ على كلا القولين يتقدم الخاص على العام ومطلق النصوص المعهودة على المسميات بالظواهر وذلك لما سبق من ان النص مراتب ودرجات وان الظاهر من الدرجات الدنيا أو المتوسطة منه فيتقدم النص المعهود – كالخاص – عليه لاقوائيته من غير تعارضٍ فتساقطٍ أو تخيير أو ترجيح على المباني.
وبعبارة أخرى: العام نص نسبي فانه وضع للعموم وهو مرآة للمراد الجدي، بما هو هو دون كلام؛ ألا ترى ان العام بالنسبة إلى الخاص ظاهر وبالنسبة إلى العام الفوقاني – أي الذي فوقه – هو نص يتقدم عليه؟
بل نضيف ان الوارد في الروايات مثل "إِنَّ فِي أَيْدِي النَّاسِ... وَعَامّاً وَخَاصّاً"([4]) ومثل "وَمُحْكَماً وَمُتَشَابِها" ومن الواضح ان العام وسائر ما سمي بالظواهر هو من المحكم لا المتشابه. فتأمل.
 
إطلاق النبأ شامل للظواهر
 
2- إطلاق (النبأ) في الآية الكريمة: فانه كلي طبيعي ينطبق على الظواهر كلها فانها نبأ دون شك؛ ألا ترى انه لو جاء بأمرٍ من المولى أو بعام كان جائياً بنبأ؟ بل يشمل بإطلاقه العام المعارَض لبداهة انه نبأ جاء به الفاسق أو الثقة، وهو – إذا جاء به الثقة مشمول للإطلاق لكن المعارِض الخاص يتقدم عليه.
 
توقف الاستدلال على التعليل أوالوصف
 
نعم، مآل هذا الاستدلال لا بد انه يعود للاستدلال بالتعليل أو بمفهوم الوصف في (فاسق)([5])، وهو على المشهور غير حجة، إلا ان يقال بانه لا يراد من عدم حجيته إلا عدم حجيته من حيث هو وصف أو لقب فلا يمنع حجيته لاحتفافه بقرينة كمناسبات الحكم والموضوع فان العرف عندما تلقى إليه هذه الآية الشريفة يرى بوضوح لها المفهوم ولو ببركة اللغوية لو لم يكن إذ الآية مسوقة في مقام العمل واللاعمل ولو لم يكن للفاسق مدخلية عدماً والثقة مدخلية وجوداً، لما كان وجه للتخصيص بذكر الفاسق.
لا يقال: اللغوية مندفعة بان الفاسق أُتي بها للإشارة إلى فسق الوليد؟
إذ يقال: ذلك وان صح إلا انه لا يرفع اللغوية نظراً لأن المسلّم ان الآية في صدد بيان الحكم بنحو القضية الحقيقية([6]) لا الخارجية فقط([7]) لتكون تلك الإشارة رافعة للغوية فتأمل، وتمام تحقيق ذلك في مباحث المفاهيم،
ولعله تأتي له تتمة في البحث القادم إن شاء الله تعالى.
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
======================
 

 


  • المصدر : http://www.m-alshirazi.com/subject.php?id=2055
  • تاريخ إضافة الموضوع : الاربعاء 6 جمادى الآخرة 1437هـ
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 14