• الموقع : مؤسسة التقى الثقافية .
        • القسم : التعارض - التعادل والترجيح (1436-1437هـ) .
              • الموضوع : 79- تتمة الاستدلال بـ(بِلِسَانِ قَوْمِهِ) ودفع اشكالات ومنها الدور بوجوه اخرى ـ الاستدلال بـ(وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ) .

79- تتمة الاستدلال بـ(بِلِسَانِ قَوْمِهِ) ودفع اشكالات ومنها الدور بوجوه اخرى ـ الاستدلال بـ(وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ)

 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
مباحث التعارض: (التعادل والترجيح وغيرهما)
(79)
الجواب عن شبهة الدور بوجوه:
 
من الممكن الجواب عن شبهة الدور السابقة بوجوه:
 
(بِلِسَانِ قَوْمِهِ) نص لمناسبات الحكم والموضوع
 
الأول: ما سبق من ان (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ)([1]) نص في المراد ببركة مناسبات الحكم والموضوع وكونه معللاً بالغاية المسلّمة بالضرورة من البعثة وهي الإبلاغ والتبشير والإنذار والدعوة والإرشاد.
 
وهو نص للتعليل بـ(لِيُبَيِّنَ لَهُمْ)
 
الثاني: ما سبق أيضاً من (لِيُبَيِّنَ لَهُمْ) مع إضافة: ان المراد من (لِيُبَيِّنَ لَهُمْ) هو: ليبين لهم الشرائع والأحكام والآداب والسنن وشبهها بلسان قومه فانه المتلقّى الارتكازي القطعي عرفاً من الآية، ولا معنى لأن يقال ان المراد: ليبين لهم لسان قومه! أو ليبين لهم كلماته وأقواله وعموماته حتى تكون العمومات هي المحتاجة إلى بيان آخر! فتدبر جيداً.
 
وهو نص استناداً إلى منفصلة حقيقية
 
الثالث: الاستناد إلى منفصلة حقيقية يمتنع شقها الأول فلا محالة ينحصر المراد من الآية – عقلاً – في الشق الثاني.
بيانه: ان الأمر يدور في قوله تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ) بين أن يراد من (لسان القوم) النصوص خاصة أو يراد بها الأعم من النصوص والظواهر من عمومات ومطلقات وأوامر ونواهي.. الخ وحيث لم يعقل الأول أو كان مستهجنا تعين الثاني، وجه عدم إمكان إرادة الأول: انه يلزم منه الكذب – تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً – لبداهة ان الرسل كان أكثر كلامهم بالعمومات والمطلقات والأوامر وسائر الظواهر فلو أريد من (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ) النص لكان كذبا، سلمنا([2]) لكنه يكون مبالغة مستهجنة([3]) إذ لا وجه لها في الآية أبداً خاصة مع قوله تعالى (لِيُبَيِّنَ لَهُمْ)([4])، فانحصر المراد من الآية في الشق الثاني وهو المطلوب فتكون الظواهر حجة لأن الله أرسل رسوله إلى قومه بها وجعلها البيان له ولأحكامه.
بعبارة أخرى: الثابت بالوجدان ان الرسل جاءوا بالظواهر إلى جانب النصوص بل هي الأكثر فقد أرسلهم الله بها فهي الحجة عليهم ولا مجال لإنكار حجيتها بعد الآية وإلا كان مكابرة بينة.
 
الصغرى وجدانية والكبرى قرآنية
 
وبعبارة جامعة: الصغرى وجدانية والكبرى قرآنية؛ اما الصغرى فلبداهة ووجدانية ان كلام الناس ولسان القوم يدور على الظواهر فبها التفهيم والتفهم والحجة والاحتجاج وهي الجسور للمرادات الواقعية عندهم، واما الكبرى فلصراحة الآية فيها كما سبق من الوجوه الثلاثة، إضافة للرابع الآتي.
 
المقياس النص العرفي والاحتمال غير مخلّ به

الرابع: ان هذا التشكيكات غير عرفية أبداً، والمقياس هو النص العرفي وكونه مفيداً للاطمئنان ولا شك ان الظواهر غير المحتفة بمحتمل القرينية المتصل أو شبهها، عند العرف تفيدهم الاطمئنان بل القطع كثيراً مّا بمراد المتكلم الجدي؛ ألا ترى ان المولى لو قال أكرم العلماء ولم تكن قرينة على الخلاف ولا محتمل القرينية المتصل لم يشكُّوا في العموم بل لم يخطر في بالهم أبداً غيره؟
 
الظاهر من مراتب النص
 
بل نقول: ان الظاهر ظاهر في مقابل النص، إلا انه في حد ذاته نص عرفاً؛ وذلك لمشككية (النص) أيضاً كما ان (العلم) مشكك ذو مراتب لذا يشمل علم اليقين وحق اليقين وغيرهما.
والحاصل: ان الظاهر يراد به الظاهر لو قوبل بالنص فيكون هو القرينة على احتمال إرادة خلافه منه([5])، لكنه في حد ذاته مرتبة من مراتب النص ولا يقدح فيه ورود الاحتمال لكونه عقلياً غير عقلائي إذا لم محتفاً بمحتمل القرينية المتصل كما سبق؛ ألا ترى أن الترديد والشك لدى الكثيرين في أبده البديهيات كوجود الباري تعالى ووحدانيته لا يقدح وفي كونه بديهياً؟ فتأمل
 
الاستدلال بـ(لِيُبَيِّنَ لَهُمْ الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ)
 
كما يمكن الاستدلال بقوله تعالى (لِيُبَيِّنَ لَهُمْ الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ)([6]) لوضوح ان أكثر بيان الرسل لموارد اختلاف الناس كان بالظواهر لا بالنصوص؛ ولذا أمكن لكل طرف ان يتسلح لرأيه فهذا بالظاهر وذاك باحتمال الخلاف، لكنه لا وجه لتسلح المخالف بالاحتمال لالغاء العقلاء له وكون سيرتهم، وظهور الآية([7])، على البيان بالطرق المتعارفة وهو الظواهر.
وبعبارة أخرى: الوجداني ان الرسل في أغلب الأحيان بيّنوا حكم الذين يختلفون فيه بما هو ظاهر، وقد عدّه الشارع والقرآن الكريم بياناً، فالعام وسائر الظواهر بيان قرآني كما هو بيان عرفي قطعي.
 
الاستدلال بـ(وَمَا آتَاكُمْ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ)
 
ويمكن أيضاً الاستدلال بقوله تعالى: (وَمَا آتَاكُمْ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا)([8]) فانه غير قابل للتخصيص والاستثناء.
لا يقال: هو ظاهر من جهتين:
الأول: (ما) فانها موصول والموصول ظاهر في العموم لا نص.
الثاني: (فخذوه) فانه صيغة أمر وهي ظاهرة في الوجوب.
إذ يقال: ذلك وإن صح، لكن الآية نص في العموم والوجوب معاً بمناسبات الحكم والموضوع وهو كون الرسول (صلى الله عليه وآله) قد آتاه؛ أترى يحتمل – بعد ذلك – ان يكون مفاد الآية: بعض ما آتاكم الرسول فخذوه دون بعض؟ أو يكون مفادها: ما آتاكم الرسول فيستحب الأخذ به؟
لا يقال: المستحب مما آتاناه الرسول (صلى الله عليه وآله) ولا يجب الأخذ به، خلافاً لظاهر (فخذوه)؟.
إذ يقال: الأخذ بكل شيء بحسب ما جاء، فان آتاناه الرسول وجوباً وجب الأخذ به كذلك أو ندباً استحب كذلك، فخصوص كون المأتي به مندوباً قرينة قطعية على ان الأخذ به مستحب كذلك.
والحاصل: ان الآية نص غير قابل للتخصيص أو الاستثناء ببركة القرينة الداخلية القطعية. وللحديث صلة
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
=====================
 

 


  • المصدر : http://www.m-alshirazi.com/subject.php?id=2053
  • تاريخ إضافة الموضوع : الثلاثاء 5 جمادى الاولى 1437هـ
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 14