• الموقع : مؤسسة التقى الثقافية .
        • القسم : البيع (1436-1437هـ) .
              • الموضوع : 54- تتمة المناقشات مع الميرزا النائيني ـ الجواب عن شبهة ان الملك عرض فلابد ان يكون معروضه موجوداً والكلي والدين ليسا موجودين فليسا مملوكين فلا يصح بيعهما .

54- تتمة المناقشات مع الميرزا النائيني ـ الجواب عن شبهة ان الملك عرض فلابد ان يكون معروضه موجوداً والكلي والدين ليسا موجودين فليسا مملوكين فلا يصح بيعهما

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
 (54)
تتمة المناقشات مع الميرزا النائيني
الملك هو السلطنة
وقال: (والمراد بالملك في قوله لا بيع إلا في ملك هو السلطنة على البيع، واستعمال الملك بمعنى السلطنة شايع عرفا قال الله تعالى (قَالُوا مَا أَخْلَفْنَا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنَا ([1])) وقوله عز من قائل (رَبِّ إِنِّي لا أَمْلِكُ إِلاَّ نَفْسِي وَأَخِي)([2]) ونظائرهما كثيرة، ولا شبهة أن الانسان مسلط على اعتبار شيء في ذمته وهذه السلطنة هي المصححة للبيع)([3])
ولكن قد يورد عليه:
 
الجواب: المتبادر منه المملوك، وللسلطنة صحة السلب
 
أولاً: ان المتبادر من الملك هو الملك([4]) لا السلطنة على البيع فإذا قيل لا تبع ما لا تملكه أو ما ليس ملكاً لك كان معناه الظاهر هو لا تبع ما ليس مملوكاً لك وليس لا تبع ما ليس لك عليه سلطة أو لا تبع ما لا سلطنة لك عليه، فانه بعيد جداً.
نعم يصح استعمال الملك في السلطنة مجازاً، ويستبعد ان يريد الميرزا انه مشترك لفظي بين الملك والسلطنة أو مشترك معنوي، بل لعل ظاهره تسليم المجازية ولذا لم يقل انه مشترك أو موضوع للسلطنة أو منقول بل عبّر بـ(استعمال الملك بمعنى السلطنة) مما ظاهره انه مجاز شائع سائغ له مصحح فهو كقولك استعمال الأسد في الرجل الشجاع شائع عرفاً ولا يقال استعمال الأسد في الحيوان المفترس شائع عرفاً، وعليه: فانه وإن صح لكنه يحتاج إلى مصحح وقرينة وهي مفقودة ولم يأتِ الميرزا بقرينة على المجاز، ومجرد الشياع دون النقل غير كاف كما لا يخفى.
وعلى أي فان صحة السلب وافية بدفع توهم الحقيقة إذ يصح ان يقال ليست السلطنة بما هي سلطنة ملكية.
 
الإجماع على ان الملك يعني المملوك
 
ثانياً: ان الذي كاد ان يكون اجماعياً هو ان لا بيع إلا في ملك تعني لا بيع إلا في المملوك([5]) فلا يصح بيع المباحات الأصلية مثلاً كما لا يصح ما ليس ملكاً لك، وليس معناها لا بيع إلا في سلطنة.
وقد ادعى الشيخ في المكاسب الإجماع على ذلك قال: (والأولى ان يقال انّ ما تحقّق انّه ليس بمال عرفاً، فلا إشكال ولا خلاف في عدم جواز وقوعه أحد العوضين إذ لا بيع إلا في ملك)([6]).
والظاهر ان فهم المشهور الذي كاد ان يكون إجماعياً، مورث للاطمئنان.
 
ثغرة في تعريف الميرزا للبيع
 
كما يرد على الميرزا في قوله: (والمعتبر في البيع ليس إلا مالية العوضين بحيث كانت المبادلة بين المالين)([7]) انه كان على هذا ينبغي إذ يأخذ المالية في تعريف البيع فانه عرّفه بعد صفحات بـ(فأجود التعاريف هو هذا التعريف لكن مع اسقاط كلمة الانشاء و تبديل لفظ التمليك بالتبديل فيقال أن البيع تبديل عين بمال)([8])
وذلك لوضوح ان العين قد تكون غير ذات مالية كما مثّل (قدس سره) به من المنّ من التراب إذ قال: (كمنّ من التراب مثلاً لا مالية له عند العرف) فكان عليه ان يقيد العين بذات المالية بان يقول (البيع تبديل عين ذات مالية بمال).
 
الإشكال على بيع الكلي بانه معدوم والمعدوم لا يكون مملوكاً فلا يكون مبيعاً
 
كما أورد على بيع الكلي بان الكلي معدوم والمعدوم لا يقع موضوعاً، والمبيع يجب ان يكون مملوكاً أي متصفاً بالمملوكية فلا يمكن ان يكون الكلي في الذمة أو الدين في الذمة مملوكاً إذا كان معدوماً فلا يصح بيعه.
 
الجواب: الملكية أمر اعتباري ومعروضها اعتباري
 
والجواب: بان الملكية أمر اعتباري([9]) وليست صفة من مقولة الكيف أو من أي من الاعراض التسعة فان العرض هو ما وجوده في نفسه لغيره بغيره عكس الجوهر الذي وجوده في نفسه لنفسه لغيره وفوقهما الواجب الذي وجوده في نفسه لنفسه بنفسه وتحتهما المعاني الحرفية والانتزاعية التي وجودها في غيرها لغيرها بغيرها.
فلو كانت الملكية من الاعراض الخارجية صح الإشكال إذ العرض كما سبق ما وجوده في نفسه لغيره وحسب فإذا كان الكلي معدوماً استحال ان تكون الملكية أو المملوكية عارضة عليه إذ وجودها في نفسها هو لغيرها فالغير إذا كان معدوماً فكيف تكون صفةً وعرضاً له؟.
لكنها أمر اعتباري والاعتباري أمر افتراضي رَتّب عليه العقلاء الأثر، عكس الافتراضي الذي لم يرتبوا عليه الأثر فانه يبقى صِرف افتراض ووهم فالاعتباري – ومنه الملكية - قسم من الافتراض، وافتراض الملكية لا يستدعي إلا افتراض معروضها فكما نفترض الملكية نفترض الكلي في الذمة والدين في الذمة ونفترضهما معروضين لها، وبعبارة أخرى: الملكية صفة اعتبارية يكفيها الموصوف الاعتباري.
 
أقسام الملكية الأربعة
 
قال الميرزا النائيني (أما إشكال عدم وجود المعروض في باب الدين والسَّلَم فلما عرفت أن الملكية من الجِدة الاعتبارية، فلا تحتاج إلى معروض خارجي)([10])
ومزيد التوضيح: ان الملكية على أقسام أربعة:
1- الملكية الحقيقية القيومية، وهي منحصرة بالله تعالى فان كل شيء قائم به بمعنى انه يحتاج في حدوثه وبقائه آناً فآناً إليه بحيث لو قطع الفيض عنه آناً واحداً انعدم تماماً([11])، وهذا هو معنى الفقر الحقيقي الذاتي في مقابل الغنى الذاتي، قال تعالى: ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمْ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ)([12]) وهذه الملكية هي فوق المقولات العشرة فلا هي جوهر ولا هي عرض كما لا يخفى([13]).
2- الملكية الحقيقية التكوينية، كملكية الإنسان لجوارحه ولأفعاله فانه مالك لها بمعنى انه واجد لها حقيقة كما له السلطة عليها تكويناً وان أمكن سلب سلطته عليها منه لكونها اقتضائية، عكس الملكية القيومية.
3- الملكية بمعنى مقولة الجِدّة وهي:
(هيئة ما يحيط بالشيء جِدة               بنقله لنقله مقيدة)
وذلك كالتعمم والتقمص، فان هيئة التعمم جِدة (اما غير المتعمم أو المتقمص فليست له هذه الهيئة) وبعبارة أدق: الهيئة الحاصلة للجسم بسبب إحاطة جسم به هي الجِدة وهي مقيدة بنقله (أي المحيط وهو العمامة) لنقله (أي المحاط وهو الإنسان المتعمم مثلاً).
فكلما انتقل الجسم انتقلت العِمّة فالهيئة معه، عكس الكون في المكان فان المحيط، وهو المكان، لا ينتقل بانتقال المحاط به وهو الإنسان.
4- الملكية الاعتبارية، وهي محل البحث، كملكيتنا للدار وغيرها، فانها ليست صفة خارجية ولا هي ملكية تكوينية حقيقية ولا هي هيئة حاصلة من إحاطة زيد بداره مثلاً أو العكس، بل هي مجرد اعتبار وفرض وحيث انها اعتبار متعلق بالغير (إذ الملكية إضافية إذ لا ملكية للّاشيء) كان لا بد من الغير والمتعلَّق، وحيث كانت اعتبارية كفى كون المتعلَّق والموصوف بها اعتبارياً، والكلي في الذمة والدين في الذمة أمران اعتباريان كما هو بيّن.
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
====================
 

 


  • المصدر : http://www.m-alshirazi.com/subject.php?id=2015
  • تاريخ إضافة الموضوع : الثلاثاء 7 جمادى الأولى 1437هـ
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 02 / 23