• الموقع : مؤسسة التقى الثقافية .
        • القسم : البيع (1436-1437هـ) .
              • الموضوع : 53- تتمة مناقشات مع النائيني ـ الاشكال بان الكلي ليس ملكاً ـ جواب النائيني والمناقشات .

53- تتمة مناقشات مع النائيني ـ الاشكال بان الكلي ليس ملكاً ـ جواب النائيني والمناقشات

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
 (53)
تتمتان توضيحيتان
الأموال في حد نفسها مع قطع النظر عن الوجود، لا شيء
الأولى([1]): انه يرد على قوله (قدس سره) (المراد من المال هو ما كان كذلك في حد نفسه، ولا اشكال في أن ألف مَنّ مِن الحنطة مال عرفا إلا أنه لم يكن له اعتبار الوجود قبل البيع لا أنه ليس بمال قبل اعتبار وجوده وانه كمنّ من التراب مثلا لا مالية له عند العرف)([2]) ان المنّ مِن الحنطة والمنّ من التراب من حيث ذاتهما مع قطع النظر عن وجودهما، لا شيء؛ إذ ملاك الشيئية هو الوجود، بناءً على (أصالته)، فان الوجود والشيء والتشخص والوحدة متساوقة والماهية منتزعة عن الوجود فحيث لا وجود لا ماهية ولا نفس كي يكون (في حد نفسه) والمفهوم مفهوم ببركة وجود الذهني ولولاه لما كان([3]) مفهوم، فالفارق بين الحنطة والتراب، من حيث المالية وعدمها منوط بوجودهما الخارجي أو الاعتباري لا ماهيتهما أو مفهومهما.
وكذلك الحال على ما ذهبنا إليه من (أصالة المصداق)، لا الوجود ولا الماهية ولا أصالتهما معاً كما ذهب إلى الأخير جمع، فان الفارق بين التراب والحنطة من حيث المالية بمصداقهما([4]) لا بمفهومهما أو ماهيتهما.
 
ثبوت شأنية المالية للشيء في حد نفسه
 
الثانية([5]): ان المراد من المال والمالية لو كان ما له الشأنيةُ ان يكون مالاً أو ذا مالية حالاً وفعليته إذا وجد، لأمكن ان يصحح به قوله (ما كان كذلك – أي مالاً – في حد نفسه) أي ما كان ذا شأنية لأن يكون مالاً والشأنية تعني ان هذه الماهية صالحة لأن تكون مالاً إذا وجدت، وعلى أي فهذا المعنى هو ما التزمه البعض كصاحب العروة كما لعله ظاهر حاشيته على المكاسب الآنفة الذكر في درس سابق وظاهر قوله([6]) (فانه لا دليل على اعتبار أزيد من كون العوضين مما له مالية بمعنى صحة مقابلته بالمال). فتأمل
 
عدم صحة التفريق بين اعتبار الوجود قبل البيع وبعده
 
وقال الميرزا النائيني (وأما كون الطرفين مما لهما اعتبار الوجود قبل البيع فليس بمعتبر ولا دليل على اعتباره أصلا)([7])
وقد يورد عليه: ان الملاك – لو كان لاعتبار الوجود مدخلية، كما هو كذلك – اعتبار الوجود – أي وجود المبيع – حين حلول أجل التسليم في السَلَم مثلاً، ولا فرق بين اعتبار الوجود قبل البيع وبين اعتباره بعده في ان كليهما غير معتبر إلا ان تكون البعدية مقيدة بحين حلول الأجل فظاهر عبارته (واما كون الطرفين مما لهما اعتبار الوجود قبل البيع فليس بمعتبر) مما مفهومه ان اعتبار الوجود بعد البيع هو المعتبر، ليس على إطلاقه، إلا ان يحمل على ما ذكرناه لكن بيان المراد لا يدفع الإيراد.
 
مناقشات مع الميرزا النائيني
 
ثم ان الميرزا النائيني ذكر إشكالاً ثانياً على بيع الكلي بان الكلي قبل البيع لا يكون مملوكاً فكيف يباع؟ قال: ( - وتقريب الثاني - أن الكلى قبل البيع لا يكون مملوكا إذ لا يملك الانسان في ذمته شيئا مع أن المعتبر في البيع مملوكية العوضين لكل من انتقل عنه على ما هو مفاد "لا بيع الا في ملك" وهذا الاشكال أيضا كما ترى مختص ببيع الكلى في الذمة، ضرورة اعتبار ملكية الدين في ذمة الغير السابق على وقوع البيع عليه)([8])
أقول: قبل التطرق لجوابه على هذا الإشكال لا بد من إيضاح مرامه وتعليله، وذكر إشكال يرد على تفصيله في الإشكال:
 
الذمة أمر وهمي فكيف يملك فيها؟
 
اما التوضيح فهو ان الذمة ليست إلا أمراً وهمياً فكيف يملك الإنسان شيئاً فيها؟ إذ ليست الذمة من الجواهر ولا من الاعراض التسعة كي تصلح لأن تملك أو يملك فيها، ولذا قال (إذ لا يملك الإنسان في ذمته شيئاً) وقد يعلل بضرورة التغاير الوجودي بين المالك والمملوك وإذا ملك الإنسان في ذمته شيئاً إتّحدا، وهو كما ترى.
ثم ان جوابنا عن هذا الإشكال واضح وهو ان الذمة أمر اعتباري والملكية أمر اعتباري فلا غرابة في ان يملك الإنسان في ذمته شيئاً إذ معناه ان العقلاء يعتبرون الملكية لأمر فيما اعتبروه ذمة له ويعتبرون ذمته ظرفاً فرضياً للممتلكات المعتبرة المفترضة.
 
لا فرق بين الكلي في الذمة والدين في الذمة
 
واما الإشكال فهو: انه (قدس سره) فصّل بين الكلي في الذمة والدّين في الذمة فقال: (وهذا الاشكال أيضا كما ترى مختص ببيع الكلى في الذمة، ضرورة اعتبار ملكية الدين في ذمة الغير السابق على وقوع البيع عليه) لكن هذا التفصيل غير تام إذ: ان لم يمكن ان يملك الإنسان في ذمته شيئاً لأن الذمة أمر وهمي لم يمكنه ان يملك في الذمة الغير ديناً لأن ذمته وهمية أيضاً.
وبعبارة أخرى: إذا كانت الذمة مما لا يصح ان يوجد فيها شيء يُملك، فلا فرق بين ذمة البائع أو ذمَة المدين، بل الأمر كذلك حتى على إشكال ضرورة عدم الاتحاد إذ حيث لم يكن المدين مالكاً؛ لعدم صحة الاتحاد، فكيف يكون الدائن مالكاً لأمر على ذمة المدين مع انه ليس مملوكاً للمدين نفسه ولا يمكنه ان يملكه، فتأمل.
 
كفاية السلطة على ذمة المدين عن ملكية ما في ذمته
 
كما يرد على قوله (ضرورة اعتبار ملكية الدين في ذمة الغير السابق على وقوع البيع عليه) انه لا ضرورة بل قد يقال كما قال لاحقاً حول الملكية المعتبرة في البيع، بـ(ضرورة وجود سلطة للدائن على ذمة المدين) لا (ضرورة اعتبار ملكية الدين في ذمته) فان هذا([9]) هو الذي لا ترد عليه شبهة، دون الملكية إذ لا شبهة في ان للدائن على المدين سلطة تُلزمه بردّ الدين له، اما ملكيته لما في ذمته فهي أول الكلام وهي مصادرة.
 
استدلاله على ان الملكية تعني السلطنة، بالولي، أعم من المدعى
 
وقال: ( - والجواب عنه - أن الملكية المعتبرة في البيع عبارة عن السلطنة على البيع ولذا يصح بيع الولى لما له الولاية على بيعه مع أنه ليس ملكا له).
أقول: استدلاله أعم من المدعى فان صحة بيع الولي، وكذا الوكيل، أعم من كون الشارع نزّله منزلة المالك في صحة البيع بالدليل الخاص([10])، ومن عدم اشتراط مملوكية الشيء في صحة بيعه، فكيف يستدل بالأعم على الأخص؟
وبعبارة أخرى: قد يقال بان الملكية المعتبرة في البيع هي مملوكية الشيء للبائع ويكون صحة بيع الولي والوكيل استثناءً للدليل الخاص وهو([11]) موجود فلا دلالة لصحة بيعهما على (ان المملوكية للبائع ليست معتبرة وإلا لما صح بيعهم وان المعتبر هو مجرد السلطة على البيع وان تجردت عن الملكية كما الأمر فيهما – الولي والوكيل – كذلك).
وللحديث صلة
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
====================
 

  • المصدر : http://www.m-alshirazi.com/subject.php?id=2013
  • تاريخ إضافة الموضوع : الاثنين 6 جمادى الأولى 1437هـ
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 02 / 23