• الموقع : مؤسسة التقى الثقافية .
        • القسم : التعارض - التعادل والترجيح (1436-1437هـ) .
              • الموضوع : 64- كلام المحقق الشيخ الحلي عن قانون المحاورات المقتضي لكون اصالة الظهور اصلاً مستقلاً برأسه ـ توضيح تفصيل الاصفهاني بين احتجاج المولى بالغفلة عن نصب القرينة او بالحكمة، وبين احتجاجه بنصبها مع عدم وصولها .

64- كلام المحقق الشيخ الحلي عن قانون المحاورات المقتضي لكون اصالة الظهور اصلاً مستقلاً برأسه ـ توضيح تفصيل الاصفهاني بين احتجاج المولى بالغفلة عن نصب القرينة او بالحكمة، وبين احتجاجه بنصبها مع عدم وصولها

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
مباحث التعارض: (التعادل والترجيح وغيرهما)
(64)
مزيد توضيح للأمر الرابع([1]):
المحتملات في الأصول الوجودية والعدمية:
 
الأول: ان الأصول الوجودية هي بعينها الأصول العدمية، وهذا بظاهره ظاهر البطلان.
الثاني: ان الأصول الوجودية ترجع إلى الأصول العدمية، كما ذهب إليه الشيخ([2])، وذلك يعني ان الأصل الوجودي، كأصالة العموم والإطلاق والحقيقة، آلية مشيرة إلى الأصل العدمي وان الأصل العدمي هو المدرك والحجة الذي لولاه لما أمكن التمسك بعموم العام أو إطلاق المطلق فحجية العام والمطلق في الدلالة على ان المراد الجدي للمتلفظ بها هو عموم الأفراد تعود ظاهراً لما اصطلح عليه بأصالة الظهور والظن النوعي الحاصل من الغلبة أو غيرها لكن واقعها لدى التحليل انها تعود إلى أصالة عدم القرينة على الخلاف أي عدم القرينة على المخصص مثلاً.
الثالث: عكس ذلك بعودة الأصول العدمية إلى الأصول الوجودية، فأصالة عدم القرينة مشيرة إلى ظهور الكلام، بحسب بناء العقلاء من جهة الظن النوعي الحاصل من الغلبة أو غيرها، في العموم والحقيقة كلما شك في وجود مخصص أو مقيد من غير توقف على إعمال أصالة عدم القرينة بل التعبير بها كناية عن ظهور الكلام الآنف الذكر، وهذا ما ذهب إليه الآخوند في حاشيته على الرسائل قال: (ومما ذكرنا انقدح انه لا وجه لإرجاعه (قدس سره) تلك الأصول الوجودية إلى العدمية بل كما عرفت يكون الأمر على العكس).
الرابع: ان كلّاً منهما أصل برأسه، وان أصالة الظهور الوجودية تتكفل بالمقتضي للعموم([3]) وأصالة عدم القرينة على الخلاف العدمية تتكفل بنفي المانع، فكلاهما ركن يتوقف عليه الحجاج والاحتجاج على مراد المولى الجدي.
ثم انه على التعدد فما هو المحتاج إليه منهما؟ هل المحتاج إليه كلاهما مطلقاً كما هو ظاهر القول الرابع؟ أو بالتفصيل؟ ذهب المحقق الاصفهاني إلى التفصيل كما سبق في الأمر الخامس من الدرس السابق وكما سيأتي تفصيله ودليله عليه.
 
الحلي: قانون المحاورة يتكفل بأصالة الظهور
 
ثم ان المحقق الشيخ حسين الحلي أوضح المراد بكون أصالة الظهور هي أصل مستقل برأسه من الأصول الوجودية، ببيان لطيف وهو: أن مقتضى قانون المحاورة هو (لزوم الأخذ بظاهر الكلام إذا كان في مقام بيان مراده ما لم يكن في البين قرينة على إرادة خلافه) وأن احتمال وجود قرينة على الخلاف ملغاة استناداً للقانون المحاوري الذي حاصله: (ان على المتكلم إذا كان في مقام بيان مراده ان يذكر كل ما له دخل فيه) فاحتمال اعتماده على القرينة المنفصلة يكون غير معتنى به لدى العقلاء من غير توقف لذلك على الاستناد للحكمة وان إرادته خلاف ظاهر كلامه بدون نصب قرينة على الخلاف مناف للحكمة بل السبب لإلغائهم احتمال الخلاف هو جري قانون محاوراتهم على ذلك.
أقول: وجري القانون غير محتاج إلى وجود حكمة خاص في كل مورد مورد فهو كتواضع العقلاء على كون الضوء الأحمر دليلاً على منع حركة السيارات فانه لا يشترط فيه وفي صحته وحجيته في الدلالة على المنع وجود حكمة خاصة فيه وحكمة مضادة في اللون الأخضر بل تكفي الحكمة في الجامع، بل انه لا توقف حتى على أصل وجود الحكمة مادام الأمر تحت سلطتهم فان للمالك أمراً ان يفعل به ما يشاء من غير حاجة إلى مرجح.
قال: (وإن قلنا بأنّه غير مناف لحكمة المتكلّم، لأنّه لم يكن إلاّ لغرض صحيح، إلاّ أنّه على كلّ حال يكون على خلاف مجرى قانون المحاورة.
وبالجملة : أنّ قانون المحاورة قاض بأنّ المتكلّم الذي هو في مقام الافادة يندفع إلى ذكر كلّ ما له دخل في مراده ولا يُخفي شيئاً منه ولو اعتماداً على قرينة لاحقة إلّا لمانع يمنعه من إظهاره فعلاً ، وهذا الاحتمال ـ أعني احتمال وجود المانع من الاظهار ـ منفي بما تقدّم ذكره ، كما أنّ احتمال الاعتماد في عدم البيان فعلاً على قرينة سابقة أيضاً منفي بنفس ذلك الأصل العقلائي ، وكلّ ذلك لا دخل له بالتوقّف على الحكم بعدم القرينة سابقة أو لاحقة. وحينئذ فلا تكون حجّية أصالة الظهور موقوفة على أصالة عدم القرينة فضلاً عن كونها عبارة عنها)([4]).
وقد يقال: ان كلامه رغم بسطه ولطافته غير وافٍ بنفي استبطان أصالة الظهور لدى العقلاء، ارتكازاً لبنائهم على أصالة عدم القرينة حينئذٍ في محاوراتهم([5])
 
تفصيل الاصفهاني: احتجاج العبد تارة بظهور كلام المولى وأخرى بأصالة عدم القرينة
 
واما وجه تفصيل الاصفهاني الآنف في الأمر الخامس فيتضح بملاحظة انه انطلق في الاحتجاج على تفصيله من مرتكز (الحجة) و(الاحتجاج) وانه بماذا للعبد ان يحتج على المولى إذا ادعى المولى انه أراد خلاف الظاهر؟ فهذا برهان إنّي على ان المرجع هو أصالة الظهور في الصورة الأولى وإن المرجع هو أصالة عدم القرينة في الصورة الثانية.
فمرتكز تفصيله هو (بماذا يحتج العبد على المولى([6]) هل بظهور كلام المولى؟ أو بأصالة عدم القرينة؟) فليدقق فيه فانه بنفسه سيكون مفتاح مناقشتنا له بإذن الله تعالى([7]).
قال في نهاية الدراية (٨٣ ـ قوله([8]) (قدس سره): لا أنه يبني عليه([9]) بعد البناء على عدمها([10])... الخ.
بل هذا هو الظاهر إذ الحجة لا بد من أن تكون مناسبة لمورد المحاجّة والمخاصمة: فاذا ادعى المولى إرادة خلاف الظاهر مع الاعتراف بعدم نصب قرينة لحكمة أو لغفلة كانت الحجة عليه ظهور كلامه.
وإذا ادعى إرادة خلاف ظاهر ما وصل من الكلام لمكان نصب القرينة وإن لم تصل كانت الحجة عليه أصالة عدم القرينة، والمراد بناء العقلاء على العدم عند الشك في الوجود.
وأما ظهور الكلام فلا مساس له بالمقام، إذ المولى لا يحتج عليه بارادته الواقعية كي يحتج العبد عليه بظهور كلامه في خلاف مرامه([11])، بل يحتج بنصب ما يوافق مرامه من كلامه، فلا بد من دفعه ببناء العقلاء في مثله على عدمه ، ولعله أشار إليه بقوله فافهم)([12]).
وستأتي غداً المناقشة بإذن الله تعالى، كما ستظهر الثمرة على تفصيل الاصفهاني وغيره في وجه تقدم الخاص على العام.
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
====================
 

 


  • المصدر : http://www.m-alshirazi.com/subject.php?id=2010
  • تاريخ إضافة الموضوع : الاحد 5 جمادى الأولى 1437هـ
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 15