• الموقع : مؤسسة التقى الثقافية .
        • القسم : التعارض - التعادل والترجيح (1436-1437هـ) .
              • الموضوع : 61- بحث تمريني ـ تطبيقي حول كلام (زبدة الاصول) حول الدلالة التصورية واستنادها للوضع او التعهد ... .

61- بحث تمريني ـ تطبيقي حول كلام (زبدة الاصول) حول الدلالة التصورية واستنادها للوضع او التعهد ...

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
مباحث التعارض: (التعادل والترجيح وغيرهما)
(61)
بحث تمريني - تطبيقي
 
قال في زبدة الأصول (وملخص القول فيه يستدعى قبل بيان وجه عدم التعارض بينهما وتقديم الخاص على العام تقديم مقدمات. الاولى: ان الظهور والدلالة على اقسام. منها: الدلالة التصورية وهى الانتقال من سماع اللفظ الى المعنى ولو كان اللافظ تلفظ به من غير شعور واختيار، وهذه الدلالة لا تستند الى الوضع بل منشأها الانس الحاصل من كثرة الاستعمال)[1]
وهنا مطالب بعضها تأكيدي وبعضها تأسيسي[2].
 
الدلالة التصورية خطورية
 
الأول: ان الدلالة التصورية يمكن ان تسمى بالدلالة الخطورية أي التي تخطر من اللفظ بمجرد سماعه من العام بالوضع أو التعهد، وليست بما هي هي دلالة إخطارية بانها متوقف على الالتفات والقصد.
 
الدلالة التصورية للمفردات والجملة
 
الثاني: ان الدلالة التصورية على قسمين: دلالة المفردات على مداليلها، ودلالة الجملة على المتحصّل منها فقد يوافق المدلول التصوري للجملة مدلول المفردة أو المفردات وقد يخالفها وحينئذٍ يكون هو الحاكم عليها، وذلك مثل (رأيت أسداً يرمي).
 
الدلالة التصورية قهرية
 
الثالث: ان الدلالة الخطورية أو التصورية بقسميها قهرية للعام، سواء أقلنا بالوضع أم بالتعهد، كما انها تحصل حتى لو كان اللافظ غير شاعر أو غير ذي شعور بالمرة.
 
خروج الدلالات التصورية عن باب التعارض
 
الرابع: ان الدلالات التصورية لا تندرج في دائرة التعارض – وهو مورد البحث – سواء الدلالة التصورية للمفرد أم للجملة فقولك (زيد) لا يعارض قولك (لا زيد) بل قولك (جاء زيد) لا يعارض قولك (لم يجئ زيد) في مرحلة الدلالة التصورية أي ما يفهم من الجملتين، وذلك إذا فسر التعارض بالتنافي فان أحدهما لا ينفي الآخر؛ لوضوح ان نفي احدهما للآخر إنما هو بلحاظ الوجود والعدم لا بلحاظ الماهية والمفهوم فان المفهومين بما هما مفهومان مع قطع النظر عن لحاظ حاكويتهما للخارج ووقوعهما أو وجودهما أو احدهما دون الآخر فيه، ليسا متناقضين أو متضادين إذ التضاد والتناقض وكذا سائر النسب كالتساوي مثلاً إنما هي بلحاظ الحمل الشائع والوجود لا بلحاظ الحمل الذاتي الأولي والمفهوم بل حتى الممتنعات فانها بلحاظ الوجود ممتنعة لا بلحاظ مفاهيمها فان شريك البارئ محال أي وجوده الخارجي لا مفهومه لوضوح ان المفهوم ذو وجود ذهني فهو شريك الباري بالحمل الذاتي دون الشائع.
والحاصل: ان التناقض بشروطه[3] إنهما مناطه ومحله الوجود، لا الماهية، والدلالة التصورية للجملة مادامت لم تلاحظ حاكويتها عن الخارج ومطابقتها وعدمها له فلا هي صدق ولا هي كذب ولا احداهما حق والآخر باطل ولا تنفي احداهما الأخرى، فان حكم بالتنافي كان خلفاً وانتقالاً من الدلالة التصورية إلى التصديقية.
وعليه: فالعام والخاص غير متنافيين في مرحلة الدلالة التصورية حتى في مورد الخاص حتى لجملتيهما.
نعم لو عُرّف التعارض بالتخالف، لكان كلا قسمي الدلالة التصورية متعارضين لوضوح تخالف زيد ولا زيد، عكس ما لو عرف بالتنافي فان احدهما مادام في مرحلة التصور لا التصديق بوجوده وعدمه ولا تحققه ثبوتاً وعدمه ليس نافياً للآخر إذ معنى نفي الآخر نفي تحققه ووجوده.
الخامس: ان قوله – دام ظله – (هذه الدلالة لا تستند إلى الوضع) مبني على مبناه من التعهد إذ نجدها متحققة حتى لو صدرت من النائم مع انه لا تعهد له حينئذٍ ثم ان صِرف التعهد لا يوجب دلالة الألفاظ على معانيها التصورية.
لكن قد يرد عليه:
 
توقف الدلالة التصورية، بكل مناشئها، على العلم
 
أ- ان الدلالة التصورية لا تستند إلى الوضع حتى لدى القائل به، ولا إلى التعهد حتى لدى القائل به بل انها مستندة إلى العلم بهما فالوضع والتعهد مجرد علة معدة لا تجدي في انتقال الذهن من اللفظ إلى المعنى وفي دلالة اللفظ على معناه لدى السامع إلا بعلمه بهما، نعم الانس احد المناشئ لهذه الدلالة، فالدلالة تابعة اما للعلم بالوضع بالمعنى المعهود أو للعلم بالتعهد أو للانس بل حتى الأخير فانه متوقف على العلم بالاستعمال بل بكثرته. فتدبر
 
العلل الأربع للدلالة التصورية
 
ب- ان الدلالة معلولة لاحدى أمور أربعة على سبيل البدل:
1- الوضع التعييني، بأي تفسير من التفاسير السابقة.
2- الوضع التعيّني الموجب للانس الحاصل من كثرة الاستعمال.
3- الوضع بالاستعمال، وهو ما أضافه الآخوند، على انه نوع من الوضع التعييني لكنه غير معهود.
4- الوضع بالتعهد بمعنى كون التعهد وضعاً فيدل اللفظ على معناه للعالم بالتعهد وكل هذه الأربعة متوقفة على العلم بها[4] أي لولا العلم بها فلا دلالة تصورية.
فقوله (وهذه الدلالة لا تستند الى الوضع بل منشأها الانس الحاصل من كثرة الاستعمال) غير تام؛ فان الأربعة ممكنة بل وواقعة[5].
 
إشكال على مسلك التعهد وجواب
 
ج- انه قد يعترض على مبنى كلامه من التعهد بانه يلزم ان لا يُفهم المعنى التصوري من اللفظ إذا صدر من الأجهزة غير العاقلة كالحاسوب والمسجلة أو إذا صدر من النائم والغافل والمغمى عليه وشبههم؛ إذ لا تعهد لهم حينئذٍ، وحيث ان من البديهي حصول الخطور والانتقال للمعنى والتصور فانه برهان إنّي على بطلان مسلك التعهد.
ولكن يمكن الجواب عنه بان العلة المحدثة لحدوث التصور والدلالة هو التعهد اما العلة المبقية له فهو التعهد أيضاً في الملتفت، أو – على سبيل البدل – الانس الذهني الحاصل من كثرة الاستعمال في غير الملتفت فان هذا هو المتحقق في الغافل والنائم وغير العاقل إذ حدوث التصور لدى تلفظهم أو صدور اللفظ من الجهاز ليس حينئذٍ ناشئاً من التعهد بل من الانس الذهني الحاصل من كثرة تكرر إعمال التعهد والالتزام به ولعله لذلك أشار بقوله (بل منشأها الانس الحاصل من كثرة الاستعمال) فتأمل[6].
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
====================

  • المصدر : http://www.m-alshirazi.com/subject.php?id=1997
  • تاريخ إضافة الموضوع : الثلاثاء 29 ربيع الثاني 1437هـ
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 15