• الموقع : مؤسسة التقى الثقافية .
        • القسم : البيع (1436-1437هـ) .
              • الموضوع : 49- تفصيل وتوضيح وجوه اربعة لتصحيح بيع المعدومات (الكلي في الذمة وغيره) .

49- تفصيل وتوضيح وجوه اربعة لتصحيح بيع المعدومات (الكلي في الذمة وغيره)

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
 (49)
تتميم وتقييم
 
سبقت وجوه أربعة لتصحيح شراء وبيع المعدومات، من حيث الامكان، تحتاج إلى مزيد إيضاح وجرح أو تعديل بعدها يتم التطرق إلى وجوه وأجوبة أخرى عن إمكان وكيفية وقوع المعدومات، كالكلي في الذمة أو الكلي في المعين، ثمناً ومثمناً ومتعلقاً للبيع والشراء، فنقول:
 
المعدومات المعلَّلة والمتعلَّقة مشيرة إلى الموجودات

الوجه الأول: الأعدام المؤثرة والمتأثرة عناوين مشيرة إلى وجودات عينية.
وتطبيقه على المقام بان يقال: ان بيع الكلي في الذمة أو الكلي في المعين كمنّ من صبره، يرجع في جوهره وواقعه إلى بيع وجوده العيني الخارجي في ظرفه المستقبلي، أي حين تمصدقه بالتسليم. فقد باعه الموجود في ظرفه لكنه، في مرحلة اللفظ والإنشاء صبَّ البيع على الكلي الذي لا وجود له إلا في الذهن.
وبعبارة أخرى: الكلي في الذمة إذا صار متعلقاً للبيع فانه بما هو عنوان مشير لما تعلق به الغرض واقعاً، يقع متعلقاً له لا بما هو هو، بل ما هو المبيع واقعاً هو العين الخارجية لكن الموجودة في دعاء تحققها وهو المستقبل.
ولتصحيح تعلق البيع بأمر مستقبلي معدوم حالاً، تجري الوجوه التي ذكرناها لتصحيح الشرط المتأخر أو المتقدم، بل الأمر في المقام أهون.
وبذلك يتضح وجه الجواب عن بيع الاسهم التي لا مالية لها الآن بل ولا وجود، فيما لو لم يكن إلا الاعتبار دون أي مظهر متجسد؛ فانه بلحاظ تحقق واقع لغطائها([1]) في المستقبل.
 
المؤثر والمتعلَّق هو الصورة الذهنية
 
الوجه الثاني: ان المؤثر في الموجودات من([2]) المعدومات هو الوجود الذهني لا العيني، وكذا متعلق البيع إذا كان من المعدومات فان متعلق البيع هو وجوده الذهني لا العيني ليقال انه معدوم، فالاسهم مثلاً وكذا الكلي في الذمة، لها وجود ذهني، والمدار عليه كما سبق فهو المبيع.
 
المناقشة
 
لكن هذا الوجه واضح الضعف وذلك لأن الصورة الذهنية أو الوجود الذهني بما هو هو ليس قابلاً للنقل والانتقال ولا هو مما تتعلق به الرغبة وليس هو منشأ الأثر فهل تَرى مثلاً المنزل الذهني يُكِنُّ من الحر والبرد والوحش واللص؟
بل ليس الوجود الذهني للمنزل أو السيارة بما هو مرآة للخارج هو المتعلق للبيع أي انه لا يجدي لتصحيح البيع؛ وذلك لوضوح أجنبيته عن المبيع فلا هو جزء ولا هو شرط ولا هو قيد بل غاية الأمر كونه مشيراً للبيع، فإذا كان صرف مشير وليس هو المتعلق لبّا يعود المحذور وهو ان المتعلق لبّا معدوم فكيف يكون ثمنا أو مثمنا وكيف يقع عوضاً أو مملوكاً وكيف يباع أو يشترى ولا يجدي لتصحيحه وجود مرآته.
 
الموجود الاعتباري هو متعلق البيع
 
الوجه الثالث: ما سبق من (الثالث: ان متعلَّق البيع هو الوجود الاعتباري العقلائي أي الموجود اعتباراً، وليس هو الصورة الذهنية كما هو مؤدى الوجه الثاني فيشكل عليه بانه ليس المبيع هو الصورة الذهنية قطعاً فانها غير نافعة ولا هي قابلة للنقل والانتقال بل ليست ثمناً ولا عوضاً ولا ملكاً ولا تجري المعاملة عليها أبداً.
اما الكلي في الذمة وكذا الاسهم فهي موجودات اعتبارية لها وجود في أذهان العقلاء، وكذلك السكوت في المثال السابق أو كف الأذى فان له تقرراً اعتبارياً وقيمة اعتبارية)([3]).
 
فرق هذا الوجه عن سابقه
 
وهذا الوجه يختلف عن الوجه السابق تماماً فان الصورة الذهنية والوجود الذهني قائم بالشخص منعدم بغفلته أو نومه فكيف بموته، اما الموجودات الاعتبارية فقائمة بأنفس العقلاء وليست مرتهنة بذهن شخص معين ولذا لا تنعدم الاعتبارات العقلائية كزوجية هذه لهذا بموت العاقد أو غيره ولا تنعدم إلا بزوال موضوعها كموت أحد الزوجين مثلاً.
والملكية من هذا القبيل وكذا الكلي في المعين؛ فان له تقرراً في أنفس العقلاء ولذا لا يرونه منعدماً بغفلة المالك أو البائع للكلي أو المشتري أو بنومه أو إغمائه أو شبه ذلك.
لا يقال: الكلي في الذمة ليس منشأ الأثر بل المصداق الخارجي له هو المنشأ؟
إذ يقال: بل إنه منشأ الأثر في الجملة؛ فان المالك له أي الكلي في الذمة أو الذمم([4]) اعتباراً، يكون قادراً على البيع والشراء والاستدانة حيث يقرضه الآخرون بمقدار ما لَهُ من الملكيات الاعتبارية والكليات في ذمم الآخرين التي أصبح مالكا لها.
وستأتي تتمة لهذا الوجه مع دفع ما يورد عليه فانتظر.
 
الوجودات ليست عللاً فكيف بالاعدام؟
 
الوجه الرابع: ان الوجودات، فكيف بالأعدام، ليس عللاً حقيقية، بل العلة هي الله تعالى.
 
المناقشة: أجنبية ذلك عن تصحيح متعلّقية المعدوم
 
وهذا الوجه وإن التزم به من يلتزم به، إلا انه لا يجدي لدفع الإعضال في المقام وذلك لأن الكلام ليس عن عِلِّية معدوم لموجود، ليقال بان المعدوم ليس علةً وانه حتى لو كانت العلة ظاهراً هي الأمر الوجودي فليس بعلة بل الله تعالى، بل الكلام عن متعلَّق البيع وانه كيف يقع البيع على المعدوم والمعدوم معدوم فلا هو مثمن ولا هو عوض ولا هو شيء ليصح بيعه ونقله وانتقاله، وهذا كما ترى أجنبي عن تحقيق حال العلة الحقيقية للأشياء فان كونه تعالى علة للأشياء لا يرتبط ولا يصحح كون متعلق البيع عدماً كما لا يخفى.
وللبحث تتمة بإذن الله تعالى.
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
====================

 


  • المصدر : http://www.m-alshirazi.com/subject.php?id=1995
  • تاريخ إضافة الموضوع : الاثنين 28 ربيع الثاني 1437هـ
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 02 / 23