بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
(47)
بيع العين بلا شيء، بيع فاسد أو مجاز أو...؟
المطلب التاسع: ان بيع العين بلا شيء هل هو بيع فاسد كفساد بيع العين بما لا مالية له كالرماد مع كونه شيئاً؟ أو ليس ببيع أصلاً؟ أو هو مجاز يحتاج لعلاقة مصححة؟ أو هو كناية ككونه كناية عن الهبة مثلاً، بناءً على مغايرة الكناية للمجاز وكونها قسيماً له كما اخترناه وصار إليه بعض البلغاء ([1]).
التبديل مقوم لمفهوم البيع، فليس بيعاً
الظاهر انه ليس ببيع، حتى على الأعمي، وذلك لأخذ التبديل والمبادلة في مفهوم البيع، ومن الواضح ان التبديل عنوان متقوم بطرفين: المبدل منه والبدل، واللاشيء ليس شيئاً ليصلح لأن يكون بدلاً أو مبدلاً منه.
وبعبارة أخرى: التبديل متعلَّقه ([2]) الإضافة ([3]) والإضافة قائمة بالمضاف وقد تكون قائمة بطرفيها كالمقام فلا يعقل وجودها مع كون طرفها لا شيء محضاً.
للتبديل التكويني أنواع وللاعتباري نوع
قال السيد الوالد: (وحيث ان البيع تبديل وهو قد يكون في الجوهر كتحول الكلب ملحاً أو الخشب رماداً، وقد يكون في الوصف – من كل المحسوسات الخمسة كتحول الحامض حلواً، وغير ذلك – وقد يكون في الإضافة، فالبيع من الثالث لوضوح عدم الأولين فيه)([4]).
وتوضيحه بعبارة أخرى: ان التبديل التكويني على أنحاء ثلاثة كما ذكره (قدس سره) أما التبديل الاعتباري فليس إلا من النحو الثالث وهو في الإضافة والإضافة – كما سبق – قائمة – وجوداً – بطرفها أو طرفيها فلا يعقل تحققها مع كون طرفها (وهو الثمن أو المثمن) عدماً محضاً.
تنزيل اللاشيء منزلة الشيء بلا مصحح، لغو
لا يقال: له ان يُنزِّل اللاشيء منزلة الشيء؛ ألا ترى الشارع نزَّل ما ليس بقين منزلة اليقين والمشكوك منزلة المتيقن في الاستصحاب؟ وألا ترى إمكان وصحة تنزيل لفظ الأسد وكتابته منزلة صورته وصورته منزل واقعه في ترتيب بعض الآثار أو كلها؟
إذ يقال: لا بد للتنزيل من منشأ عقلائي، وفي كلا الشاهدين السابقين، كسائر نظائرهما، المنشأ عقلائي، عكس تنزيل اللاشيء المطلق منزلة الشيء فانه ليس إلا وهماً محضاً.
سلمنا: لكنه على هذا فهو شيء اعتباراً فيخرج عن كبرى البحث وهي بيع العين بلا شيء إذ انه بعد التنزيل – بعد التسليم – شيء.
واما السكوت إذا قوبل بالمال كأن يقول له ادفع لك كذا مقابل ان تسكت مع انه عدم فسيأتي جوابه، كالجواب عن مقابلة عدم إيذائه له بالمال، فانتظر.
هل يصح التعويض بالأجر والثواب؟
لا يقال: له ان يعوّض العين بالأجر كأن يقول بعتك الكتاب بماَلك من الأجر والثواب على صلاتك بالليل؟.
إذ يقال: فليس بلا عوض، إذ ليس الأجر لا شيء محضاً، نعم ليس شيئاً مادياً فان المعنويات والغيبيات ذات وجود حقيقي لكنها غير مشهودة أو غير مادية ([5]) فيجري البحث في انه هل يصح كون العوض من المعنويات أو الغيبيات، وسيأتي، كالبحث عن صحة كون العوض من الغير ان قلنا بان الأجر من الغير فتأمل ([6]).
حكم ما لو كانت عوضية العوض بالبيع نفسه
المطلب العاشر: لو كانت عوضية العوض بالبيع نفسه، كما لو كان قبل البيع لا شيء محضاً، أو كان غير مملوك أو مما لا مالية له أو مما لا يعدّ مالاً لكنه بوقوع البيع عليه صار شيئاً أو ملكاً أو مالاً أو ذا مالية، فهل هو بيع صحيح؟ أو بيع فاسد؟ أو ليس ببيع؟ وهل تصح بعض العقود الأخرى كالمصالحة عليه؟
سبق ان المعوض والعوض والشيئية والملك والمال والعين والمنفعة، بناءً على اشتراطها في العوض أو المعوض، لا بد ان تكون كذلك قبل تعلق البيع بها لا بعده وإلا للزم تقدم الشيء على نفسه للزوم كون المتأخر عن البيع لكونه معلولاً له هو المتعلَّق له، والمتعلَّق سابق رتبةً فكيف يكون معلولاً لما هو سابق عليه؟
بيع وشراء الأسهم التي بالعقد تكون ذات قيمة
وعلى أي فقد يمثل للأول ببيع بعض أنواع الأسهم، فان الشخص الحقيقي أو الحقوقي، كالشركة، لو طرح أسهماً افتراضية للبيع، من دون تجسيدها في أوراق أو شبهها، فان الأوراق حينئذٍ شيء وذات مالية عرفية اعتبارية، بل كان الأمر مجرد اعتبارٍ مبني على الثقة، وقدّر قيمة كل سهم بألف فباع أسهماً لأفراد ([7]) فان المثمن هنا هو أمر وهمي محض وكذا لو اشترى سهماً فانه أمر وهمي أو فقل اعتباري صرف، فقد باع أو اشترى بلا شيء؟
فهل هو كذلك ([8]) أو هو شيء اعتباري لكن ماليته تكون بالبيع لا قبله فيرد إشكال تقدم المتأخر المحال ذاتاً؟ أو هو غير ذلك؟ سيأتي غداً بإذن الله تعالى
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
====================
|