بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
مباحث التعارض: (التعادل والترجيح وغيرهما)
(54)
تفصيل المسلك المختار
ومزيد التحقيق يقتضي رسم أمور:
العام المخصَّص اما معلَّق أو مجاز أو مجمل
الأول: ان اللفظ العام من حيث ظهور استعماله في الموضوع له، وكونه هو المراد في مرحلة الإرادة الاستعمالية، على أقسام فقد يكون مجملاً أو مهملاً، وقد يكون مراعى بل معلقاً، وقد يكون ظاهراً في المخصَّص أي الباقي مجازاً فيه.
الكلام اما في مقام الثبوت واما في مقام الإثبات
الثاني: ان البحث تارة يكون في مقام الثبوت وأخرى في مقام الإثبات، والمراد من مقام الثبوت هو ما يجري في أفق نفس وذهن المستعمل للعام، والمراد من عالم الإثبات هو ما يفهمه السامع منه وما يدل كلامه الصادر منه عليه بحيث يصلح للاحتجاج به عليه أو له.
التفصيل بين الملتفت وغيره
فأما عالم الثبوت: فينبغي التفصيل فيه بين الملتفت تفصيلاً إلى التخصيص اللاحق وعزمه على تخصيص عمومه، بمخصص منفصل، وغيره الأعم من الملتفت إجمالاً أو احتمالاً ومن غير الملتفت بالمرة.
حال غير الملتفت
اما غير الملتفت بالمرة، كالغافل عن هذا الاحتمال تماماً فأمره واضح إذ انه يستعمل حينئذٍ العام في الموضوع له فتنعقد له الإرادتان الجدية والاستعمالية.
اما الملتفت فإما تفصيلا أو إجمالاً أو احتمالاً:
حال الملتفت تفصيلاً: الاستعمال المجازي
أ- اما الملتفت تفصيلاً، كما لو انشأ (أكرم جميع علماء البلد) كتابةً أو بلفظ، وهو ناوٍ ان يخصص ما كتبه أو قاله غداً مثلاً بـ(العدول أو إلا الفساق)، فان الظاهر انه حين الاستعمال لا يستعمل (جميع) في معناها الحقيقي؛ لما سبق من برهان الغرض وأصالة التطابق ولغيره، بل يستعملها في معناها المجازي وهو الأكثر بان يريد بجميع معنى أكثر أو شبه ذلك.
حال الملتفت احتمالاً
ب- أما الملتفت احتمالاً أي المحتمل في هذا المورد الخاص أنه سوف يخصص (جميع) أو (العلماء) بالعدول أو شبهه، فالظاهر انه لا يستعمل لفظ العموم في عمومه ولا في بعضه وأفرادٍ منه لفرض عدم علمه، بل الظاهر انه يستعمل اللفظ بأحد الأنحاء الآتية فانه:
أ- الاستعمال بنحو اللابشرط
اما ان يستعمله بنحو لا بشرط عنهما – أي عن المعنى الحقيقي والمجازي – والمراد به اللابشرط القسمي الذي هو لا بشرط بالإضافة للقيود لا المقسمي الذي هو لا بشرط بالنسبة للحاظات الثلاثة، فيكون مهملاً.
وبعبارة أخرى: يستعمله في المهمل بعد إلغاء خصوصية كل من المعنى الحقيقي والإضافي.
ب – الاستعمال في الجامع
واما انه يستعمله في الجامع بين المعنى الحقيقي والمجازي، وعلى أي فيكون بحكم المهملة وهي بحكم الجزئية، فيكون الخروج عنه كالتخصّص وليس به إذ هو بحكم الجزئية وليس بها ليكون الخروج تخصصاً.
ج- الاستعمال بنحو المنفصلة
واما انه يستعمله بنحو القضية الشرطية المنفصلة والفرد المردد.
وسيأتي الكلام غداً بإذن الله تعالى عن هذه الوجوه الثلاثة
الملتفت إجمالاً: معلق أو مشروط
ج- واما الملتفت إجمالاً كالمقنن العرفي الذي يستظهر إجمالاً انه سوف تنكشف مصالح في التخصيص أو التقييد أو مفاسد في عدم ذلك، في بعض أحكامه وإنشاءاته أو تجدد مصالح ومفاسد، أو كمن علم بتخصيصٍ مّا دون علمه بماهيته ونوعه وحده، فقد يقال ان الظهور الأول فيما قال، لديه معلق وليس مراعى ولا منجر.
وقد ذكرنا في بحث البيع ان المراد بالمراعى الظهور الفعلي الذي هو منوط في علته المبقية بشرط آت أو هو منوط حتى في صورته بذلك الشرط المتأخر بناءً على عدم استحالته ولو لأن الشرطية اعتبارية والاعتبار خفيف المؤونة كما فصلناه وغيره في البيع فراجع، واما المعلق فالمراد به حدوث ظهور في ظرفه المستقبلي معلولاً لمجموع استعمال العام مع عدم تجدد قرينة منفصلة لاحقاً. وههنا تأملات فتأمل ([1])
وبذلك يظهر وجه التفصيل السادس الآنف الذكر.
هذا كله في عالم الثبوت، واما في عالم الإثبات والدليل على ماهية مراده الاستعمالي فهو ما يظهر بذكر حال التفصيلين الرابع والخامس:
التفصيلات الثلاث في التفصيل الرابع: المكثر والمقل من المنفصلات
فاما وجه التفصيل الرابع: وهو المكثر من المنفصلات، فان فيه تفصيلاً وهو انه على أقسام ثلاثة:
أ- فقد يكون مكثراً إلى درجة قلب الظهور إلى الظهور في المخصَّص، كما لو كانت منفصلاته خمساً وتسعين بالمائة مثلاً، فان الظهور حينئذٍ ينعقد في غير العموم أي في ما عدا الخاص المنفصل المحتمل أي المظنون به بتلك الدرجة.
ب- وقد يكون مكثراً لا إلى ذلك الحد، فانه يكون مجملاً فلا ينعقد ظهور أصلاً، فيكون مورد المنفصل الخاص ([2]) خارجاً لا تخصصاً بل بما هو في قوّته.
ج- وقد يكون مقلاً، وحينئذٍ تنعقد الإرادة الاستعمالية بحسب ظاهر حال المستعمل للألفاظ عرفاً، ويكون المخصص المنفصل متقدماً على ظهوره للاظهرية في مرحلة التمانع، لا للورود أو نظائره، لكن ذلك في غير مثل الشارع الأقدس الملتفت لكافة مخصصاته المنفصلة، لما سبق من حديث الاتصال في أفق النفس. وللحديث صلة بإذن الله تعالى
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
====================
|