• الموقع : مؤسسة التقى الثقافية .
        • القسم : البيع (1436-1437هـ) .
              • الموضوع : 42- اشكالان على تعريف الشيخ (انشاء تمليك عين بمال) والجواب ـ وجه اضافة الشيخ كلمة (انشاء) للتعريف الشمول للبيوع الفاسدة .

42- اشكالان على تعريف الشيخ (انشاء تمليك عين بمال) والجواب ـ وجه اضافة الشيخ كلمة (انشاء) للتعريف الشمول للبيوع الفاسدة

 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
 (42)
إشكالان على تعريف الشيخ للبيع
 
وربما يورد على تعريف الشيخ للبيع بانه (إنشاء تمليك عين بمالٍ) بإيرادين:
 
1- الانشاء لفظ واللفظ لا يعقل إنشاؤه باللفظ
 
الأول: انه أشكل على من عرف البيع بانه (الإيجاب والقبول الدالان على الانتقال) بـ(ان البيع من مقولة المعنى دون اللفظ – مجرداً أو بشرط قصد المعنى، وإلا لم يعقل إنشاؤه باللفظ)([1]) فيرد على تعريفه (قدس سره) البيع بـ(إنشاء تمليك عين بمالٍ) انه عرفه باللفظ إذ الإنشاء إنشاء باللفظ في الأصل ولا يضرُّبه ان يكون الفعل قد نُزِّل منزلته، فلا يعقل إنشاؤه باللفظ، فقد وقع (قدس سره) في نفسه المحذور الذي رفضه إذ جعله من مقولة اللفظ دون المعنى واللفظ لا يعقل إنشاؤه باللفظ بل مطلقاً([2]).
 
الجواب: الانشاء من مقولة المعنى وليس لفظاً
 
والجواب: ان الإنشاء من مقولة المعنى وليس من مقولة اللفظ فإن الإنشاء هو (إيجاد اعتبارٍ في عالمه) على المنصور أو هو (إيجاد تنزيلي عرضي للمعنى باللفظ) والإيجاد ليس لفظاً بل هو من مقولة المعنى وكذا لو عرف بـ(الاعتبار المبرَز) فان الاعتبار من مقولة المعنى.
ويدلك على ذلك ان (الإنشاء باللفظ) فاللفظ آلة الإنشاء وليس الإنشاء نفس اللفظ فوزان (انشأت باللفظ) كوزان (ضربت باليد) فان اليد آلة الضرب وليست به.
 
الانشاء لا يُنشأ فكيف يؤخذ في تعريف البيع؟
 
الثاني: انه يرد عليه انه كما ان اللفظ لا ينشأ باللفظ فلا يصح تعريفه بـ(الإيجاب والقبول...) إذ اللفظ يوجد بأسبابه من الإرادة وتحريك النَفَس في مخارج الحروف كما سبق لا بلفظ اخر، كذلك الإنشاء لا يُنشأ بالإنشاء إذ الإنشاء إيجاد اعتبار في عالمه فكيف ينشؤه أي كيف يوجد اعتباراً يوجد هذا الاعتبار إيجاد اعتبار في عالمه؟ فلا يصح تعريف البيع بـ(إنشاء تمليك...) لبداهة ان البيع يُنشأ (فانه من الانشائيات كسائر العقود) فلو أخذ الانشاء في تعريفه لكان الإنشاء([3]) مما ينشأ وهو باطل.
والحاصل: ان الإنشاء إيجاد وهو يوجد بأسبابه وليس الإنشاء من أسباب وجود إنشاء آخر.
الملخص: حاصل الإشكال الأول: ان اللفظ لا ينشأ بالإنشاء والإنشاء لفظ فأجيب بان الإنشاء ليس لفظاً، وحاصل الإشكال الثاني: ان الإنشاء لا ينشأ بالإنشاء وقد عرف الشيخ البيع بانه (إنشاء تمليك...) فيلزم من قولك انشأت البيع انشأت إنشاء تمليك عين بمال وهو باطل.
 
الوجه في إضافة الشيخ لكلمة الانشاء
 
ثم ان المحقق اليزدي وجّه إضافة الشيخ (قدس سره) كلمة (الإنشاء) في تعريف البيع، مع ان مقتضى القاعدة ان لا يأتي بها (مما لزم منه المحذور الثاني الآنف) بل ان يعرفها بـ(البيع: تمليك عين بمال) بانه دعته إلى ذلك ضرورة ان التعاريف هي تعاريف للماهيات([4]) الأعم من الصحيح والفاسد – كما سبق بيان هذه الكبرى في الدرس السابق – فلو عرّف الشيخ البيع بـ(تمليك عين بمال) لما شمل المعاملات الفاسدة شرعاً كبيع الخمرة أو الفاسدة عرفاً كبيع المحقرات أو كبيع الغاصب؛ إذ لا تمليك فيها، عكس ما لو عرفها بـ(إنشاء تمليك...) لوضوح وجود الإنشاء في تينك المعاملتين فانه([5]) قد انشأهما.
قال (أقول: لا يخفى أنَّ الأولى إسقاط لفظ الإنشاء؛ إذ الغرض من زيادته بيان أنَّ البيع ليس تمليكاً خارجياً، بمعنى إيجاد الملكية الواقعية، بأن يكون مما أمضاه العرف أو الشارع، بل هو تمليك إنشائي من الموجب وإن لم يحصل به الملكية عند العرف كما في بيع الأشياء المحقّرة التي يعدُّ بيعها سفهاً، وكذا إن لم يحصل به الملكية عند الشارع كبيع الخمر، فإنَّه في الصورتين بيع، غاية الأمر أنَّه فاسد عرفاً أو شرعاً، وذلك كما في الطلب الوجوبي، فإنَّه إيجاب إنشائي لا واقعي، فإيجاب الفقير لاعطاء الدرهم طلب وجوبي وإن لم يحصل به الوجوب عند العقلاء والشارع)([6]).
 
مناقشة اليزدي لهذا الوجه
 
ثم أجاب اليزدي عن هذا الوجه بقوله (وحينئذٍ فنقول: لا حاجة إلى ذكر هذا اللفظ لبيان هذا المطلب، بل هو معلوم من لفظ التمليك، وعلى فرض الحاجة إليه لا ينبغي جعله جنساً للحد، بل الأولى أنّ يقال: إنَّه تمليك إنشائي)([7]).
وتوضيحه مع بعض المناقشة في ضمن أمرين:
 
التمليك كالإنشاء أعم
 
الأول: ان لفظ التمليك، كالإنشاء، أعم فان التمليك أعم من التمليك الصحيح والفاسد([8]) فان البائع للمحقّرات يملّك، بزعمه، كما انه يُنشِأ اعتباراً في عالمه وإن لم يُتبعه العقلاء أو الشارع باعتبارهم فلا يعتبرون مُنشَأَه فكذلك يملّك في أفق اعتباره الشخصي لكنهم لا يُتبعونه باعتبارهم.
والحاصل: ان التمليك على نوعين: إنشائي وواقعي فيشمل التمليك ما شمله إنشاء التمليك فيغني عنه.
هذا كله حسب تصويرنا للأمر، أما ظاهر كلامه فهو ان البيع تمليك إنشائي وليس تمليكاً خارجياً كما ان الإنشاء إنشاء للتمليك فكلاهما متكفل لذلك المطلب (الشمول لبيع ما يعدّه الشارع أو العقلاء بيعاً فاسداً) وحيث ان المختار تعدد الإطلاقات – كما فصّلناه سابقاً – ذهبنا إلى ان التمليك والإنشاء والبيع هي أعم من الإنشائي والواقعي والصحيح والفاسد. فتدبر
 
الفرق بين إنشاء التمليك والتمليك الإنشائي
 
الثاني: ان تمامية قوله (لا ينبغي جعله جنساً...) مبني على الفرق بين إنشاء التمليك والتمليك الإنشائي، ولتوضيح مغزى كلامه لا بد من التدبر في الفرق بين النظائر فهل هناك فرق – مثلاً – بين افتراض الملكية والملكية المفترضة؟ أو افتراض الأسد والأسد المفترض؟ أو رسم الأسد والأسد المرسوم؟ أو قول الحق والحق المقول؟([9]) سيأتي الكلام حول ذلك بإذن الله تعالى.
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
======================
 

 


  • المصدر : http://www.m-alshirazi.com/subject.php?id=1977
  • تاريخ إضافة الموضوع : الثلاثاء 15 ربيع الثاني 1437هـ
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 02 / 23