بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
مباحث التعارض: (التعادل والترجيح وغيرهما)
(50)
النسبة بين الخاص و(العلماء) و(النكرة في سياق النفي) على مباني الآخوند
سبق ان الآخوند قال: (والتحقيق في الجواب أن يقال : إنّه لا يلزم من التخصيص كون العام مجازاً ، امّا في التخصيص بالمتصل ، فلما عرفت من إنّه لا تخصيص أصلاً ، وأنّ أدوات العموم قد استعملت فيه، وإن كان دائرته سعة وضيقاً تختلف باختلاف ذوي الأدوات ، فلفظة ( كلّ ) في مثل ( كلّ رجل ) و ( كلّ رجل عالم ) قد استعملت في العموم ، وإن كان أفراد أحدهما بالإضافة إلى الآخر بل في نفسها في غاية القلة) ([1])
وتحقيق الحال في ذلك بما يوضح العلاقة بين الخاص والعام وانها التخصص أو الورود أو غيرهما، يقتضي رسم أمور:
الآخوند: الجمع المحلى بأل مطلق
الأول: ان الآخوند ذهب إلى ان الجمع المحلى باللام لا يفيد العموم وضعاً بل هو من المطلقات وانه لا يفيد العموم إلا إذا اقتضته مقدمات الحكمة أو قرينة أخرى قال: (لكن دلالته على العموم وضعاً محلّ منع، بل إنّما يفيده فيما إذا اقتضته الحكمة أو قرينة أُخرى، وذلك لعدم اقتضائه وضعُ اللام ولا مدخولُه ولا وضع آخر للمركب منهما، كما لا يخفى) ([2])
وكذا النكرة في سياق النفي
كما ذهب إلى ان النكرة في سياق النفي أو النهي لا تفيد العموم وضعاً أيضاً بل عقلاً استناداً إلى مقدمات الحكمة إذ بها تكون مرسلة لا مهملة ولا مقيدة فتفيد العموم ببركة النفي أو النهي الوارد عليها بعد تمامية مقدماتها قال في الكفاية: (ربما عد من الألفاظ الدالة على العموم، النكرة في سياق النفي أو النهي، ودلالتها عليه لا ينبغي أن تنكر عقلاً؛ لضرورة إنّه لا يكاد يكون طبيعة معدومة إلّا إذا لم يكن فرد منها بموجود، وإلاّ كانت موجودة، لكن لا يخفى إنّها تفيده إذا أخذت مرسلة لا مبهمة قابلة للتقيد) ([3]) وقال في الهامش ([4]) (وإحراز الإرسال فيما اضيف إليه إنّما هو بمقدمات الحكمة، فلولاها كانت مهملة، وهي ليست إلّا بحكم الجزئية، فلا تفيد إلّا نفي هذه الطبيعة في الجملة ولو في ضمن صنف منها، فافهم فإنّه لا يخلو من دقة منه (قدس سره) ) فهي مطلقة أيضاً.
وعليه: يخرج من بحث العام والخاص ومن بحث نسبته إلى الخاص، لديه (قدس سره)، كلا الأمرين ولعلهما الأكثر في الآيات والروايات، ويبقي الأقل وهو أمثال كل وجميع فيكون البحث في كون العام مجازا أو حقيقة بعد التخصيص وكونه تخصصاً أو غيره، قليل الفائدة بالنسبة.
لا تناقض بين كلاميه ومبنييه
الثاني: انه لا تناقض بين ما ذكره ههنا وبين مبناه من ان اللام للتزيين إذ التناقض إنما هو لو ارتأى شمول ما ذكره هنا لمثل العلماء وان اللام أداة للعموم وقد استعملت فيه إلا ان دائرته سعة وضيقاً تختلف باختلاف ذوي الأدوات، لكنه كما ظهر لا يرى اللام من أدوات العموم ولا يرى العلماء من العمومات بل يرى استفادة العموم فيه من مقدمات الحكمة أو أية قرينة أخرى، وعليه فمثل العلماء خارج موضوعاً عما ذكره ههنا.
خروج مورد المخصص المتصل عن الجمع المحلى، تخصصاً
الثالث: ان المخصِّص للجمع المحلى لو كان متّصلاً فان مورده خارج تخصصاً لا تخصيصاً على مبنى الآخوند، نظير ما ذكره في كل وجميع وسائر أدوات العموم، لكن بوجه آخر لا لنفس الوجه إذ لا أداة للعموم ههنا.
ووجهه: ان العلماء مطلق لا عام ولا ينعقد له عموم إلا بعد تمامية مقدمات الحكمة ومنها عدم وجود قرينة على الخلاف والمخصص المتصل قرينة على الخلاف فمع وجوده لا ينعقد للعلماء إطلاق وعموم، في مرحلة المقتضي، لا انه انعقد واسعاً ثم ضيق كما في الموارد التي دل فيها العام على العموم وضعاً ([5]) ثم أخرج لا لتضيقه بتضيق مدخوله ([6])، فإذا لم ينعقد للعلماء عموم لفساقهم، إذ قال أكرم العلماء العدول، خرج الفساق عنه بالتخصص لا بالتخصيص أي بالتقيّد لا بالتقييد لفرض عدم عموم العلماء للفساق في علته المحدثة بعد ان اتصلت القرينة على الخلاف وفرضنا ان مقدمات الحكمة بها يتم اقتضاء الإطلاق لا أنّ فَقْدَ أي منها مانع بعد تمامية مقتضي الإطلاق.
والحاصل: ان وزان العلماء لديه هو وزان أي مطلق آخر.
نعم إشكالنا عليه صغروي وهو ان العلماء عام وليس مطلقاً وذلك للارتكاز ووضوح الفرق بين العالم والعلماء، كما سبق، وأيضاً وضوح الفرق بين العلماء وعلماء فان عموم الثاني بدلي عكس الأول وان العلماء لو كان غير عام لكانا متساويين أو مترادفين إذا تمت مقدمات الحكمة فيهما، وليس كذلك بالوجدان فتأمل، ولغير ذلك مما محله مباحث العام والخاص.
وكذلك مورد المخصص عن النكرة في سياق النفي
الرابع: ان المخصص للنكرة في سياق النفي أو النهي لو كان متصلاً فان مورده أيضاً خارج تخصصاً لا تخصيصاً إذ بعد القول بتوقف العموم على إرسال النكرة وتوقف إرسال النكرة على مقدمات الحكمة، فانه لا ينعقد للنكرة في سياق النفي عموم لمورد التخصيص أي لمورد القرينة على الخلاف، لا انه انعقد فاخرج ليكون الخروج تخصيصاً.
أقسام الطبيعة بما هي متعلَّقة للنفي، وأحكامها من حيث التخصص أو التخصيص
مزيد توضيح:
ان النكرة – أو فقل الطبيعة – التي دخلت عليها لا النافية أو الناهية في مثل (لا ضرر ولا ضرار) على أقسام ثلاثة:
المهملة
1- فاما ان تكون مهملة بان أريد بها الطبيعة في الجملة أي طبيعةٌ مّا أي ضرر مّا – في الرواية – فلا إطلاق ههنا لمثل (لا ضرر) والإهمال يُتصوّر إذا لم يكن المولى في مقام البيان من هذه الجهة، كجهة كونه ضرراً وحكماً وارداً مورد الضرر كالجهاد أو الخمس والزكاة ([7])، وذلك إن لم نقل بالانصراف إلى غيره ([8]).
وعلى أية حال فان المهمل ينعقد ضيقاً إذ لا يفيد إلا في الجملة والقضية الجزئية فلو لحقه منفصل كان مورده خارجاً تخصُّصاً ([9]) لا تخصيصاً، بل ولو لحقه متصل – وهو مورد الكلام الآن – فانه، حيث فرض إهماله في ذاته، يعقده ضيقاً لا انه يُخصّصه إذ لم يُعقد واسعاً ليُضيَّق تخصيصاً.
وبعبارة أخرى: القيد المتصل بيان للعدم فيرتفع الإهمال بالتقييد وتوجد الطبيعة ضيقةً فتدبر.
المقيدة
2- وإما ان تكون مقيدة كما لو قال لا ضرر كثيراً أو لا ضرر في الإسلام ان كان قيداً للضرر لا ظرف ([10]) ومن الواضح هنا انه حيث وجدت القرينة على الخلاف فان الطبيعة لم تنعقد في مرحلة المقتضي إلا ضيقة.
المرسلة
3- وإما ان تكون مرسلة، بان تمت مقدمات الحكمة الثلاثة فهنا تكون النكرة مطلقة ويفيد النفي الوارد عليها العموم عقلاً فلو ورد مقيد، ولا بد من فرضه منفصلاً وإلا لما كانت قد تمت مقدمات الحكمة هذا خلف، فانه يهدم الإرادة الجدية حينئذٍ ([11]) لا الاستعمالية، على مبناه من ان الملاك حين التخاطب ([12]) لا مطلقاً ([13])، اما الاستعمالية فبفوات وقت التخاطب تكون قد انعقدت فلا يخدش بها المنفصل ([14]). فتأمل وللحديث صلة
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
=======================
|