• الموقع : مؤسسة التقى الثقافية .
        • القسم : البيع (1436-1437هـ) .
              • الموضوع : 40- تعريف الشيخ للبيع (انشاء تمليك عين بمال) ـ تضاد رأي الشيخ مع الرشتي في استحالة كون البيع من مقولة اللفظ او المعنى ـ البيع أقسام: افشائي وواقعي وتكويني ـ الاضافة بيانية او لامية في (انشاء تمليك...) .

40- تعريف الشيخ للبيع (انشاء تمليك عين بمال) ـ تضاد رأي الشيخ مع الرشتي في استحالة كون البيع من مقولة اللفظ او المعنى ـ البيع أقسام: افشائي وواقعي وتكويني ـ الاضافة بيانية او لامية في (انشاء تمليك...)

 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
 (40)
تعريف الشيخ (قدس سره) للبيع
 
عرّف الشيخ البيعَ بانه (إنشاء تمليكِ عينٍ بمال) مع انه كان قد أشكل على تعريفه بـ(الإيجاب والقبول الدالين على الانتقال) بـ(وحيث ان البيع من مقولة المعنى دون اللفظ مجرداً أو بشرط قصد المعنى وإلا لم يعقل إنشاؤه باللفظ...).
وتحقيق الحال في ذلك يقتضي بيان مطالب:
 
هل البيع من مقولة اللفظ أو المعنى؟
 
المطلب الأول: ان الشيخ والمحقق الرشتي ذهبا إلى مبنيين متضادين في كون البيع اسماً للفظ أو المعنى إذ ارتأى الشيخ عدم معقولية كون البيع من مقولة الألفاظ بينما ارتأى المحقق الرشتي استحالة كون البيع من مقولة المعاني وانه لا محالة من مقولة الألفاظ.
 
وجه دعوى استحالة كون البيع من مقولة الألفاظ
 
ووجه الأول: عدم معقولية إنشاء اللفظ باللفظ، والمراد الاستحالة الوقوعية العرفية لا الذاتية ولا الوقوعية الدقية المراد بها ما يلزم منه المحال وإن لم يكن في ذاته وبما هو محال، وذلك لأن الألفاظ معلولة للإرادة وتحريك النَفَس في مخارج الحروف في الحلق فان الحروف تنشأ من تشكّل الهواء وتموجه بأنحاء خاصة عندما يمرّ بتجاويف الحلق وتضاريسه التي توجب تموج الصوت وتشكله بأنواع الحروف، فاللفظ معلول لذلك وليس معلولاً للفظ آخر؛ ألا ترى ان كل كلمة في قولك (نصر زيد عمراً) معلولة للإرادة وخروج النَفَس بالكيفية الخاصة وليست كلمة زيد معلولة لكلمة نصر أو العكس؟.
وعليه فلا يصح تعريف البيع بـ(الإيجاب والقبول الدالين على الانتقال) لأن الإيجاب لفظ وكذا القبول، وإنشاء البيع يكون باللفظ (أو بالفعل أيضاً في المعاطاتي) فإنشاء البيع على هذا([1]) يستلزم إيجاد اللفظ([2]) باللفظ([3]) ونضيف: وفي المعاطاة يستلزم إيجاد اللفظ بالفعل وهو المصافقة([4]) أو الإشارة مع ان اللفظ لا يوجد بالإشارة أو المصافقة بل بالإرادة وتحريك الصوت في الحلق كما سبق.
ومن الأجوبة عن هذا الإشكال ان الإضافة – على هذا – بيانية فلا يلزم المحذور.
 
وجه دعوى استحالة كون البيع من مقولة المعاني
 
ووجه الثاني: ان البيع يوجد النقل، أي نقل الملكية، وحيث لا يوجد نقل خارجي، إذ النقل اعتباري وليس تكوينياً خارجياً فانه ليس النقل الخارجي جزء البيع ولا شرطه، فالنقل قلبي قائم بصقع نفس الناقل فلو كان البيع من مقولة المعنى لزم الكلام النفسي إذ يكون اللفظ موجداً للمعنى في صقع النفس، والكلام النفسي محال.
والجواب بيّن فان الكلام النفسي المستحيل هو كلام الله تعالى إذا أريد به كونه صفة الذات دون كونه من صفات الفعل كالخلق والرزق، إذ حيث كان الكلام ذاتيّه التدرج والتغير والتصرّم فلو كان من صفات الذات لزم تغير ذاته جل اسمه وكل متغير حادث وكل حادث لا بد له من محدث فلم يكن واجب الوجود، هذا خلف.
اما كلام من عدا الله تعالى فليس بمحال كما هو واضح ولا يستحيل ان يوجِد اللفظ معنى في صقع نفس اللافظ أو غيره، على ان الحق ان حقيقة البيع هي إيجاد اعتبارٍ في عالمه – وهو اذهان العقلاء أو أنفسهم أو ممن بيده إمضاء مثل ذلك – مسبوقٍ باعتبار نفساني قائم بصقع نفس المنشِئ.
 
أقسام الملك  
 
المطلب الثاني: ان الملك والتمليك على أقسام ثلاثة – على الخلاف المبنائي في بعضها –
1- الانشائي
أ- الملك – وكذلك التمليك – الإنشائي، وهو القائم بنفس المنشِئ والموجَد بلفظه، سواء اعتبره العقلاء أو الشارع أم لا وذلك كملك الغاصب وتمليكه مما لا يعتبره العقلاء، وكملك حائز الخمر والخنزير وتمليكه للغير مما لا يعتبره الشارع.
2- الواقعي
ب- الملك الواقعي، وهو ما اعتبره الشارع أو العرف وهو الحكم الوضعي المجعول والحقيقة الاعتبارية، ثم ان الشارع والعقلاء جعلوا إنشاء البيع من الجامع للشرائط بنظرهم ذريعةً وسبباً لاعتبارهم أو لاعتباره – أي الشارع – فإنشاؤه سبب لاعتبارهم، بمواضعتهم.
3- التكويني
ج- الملك التكويني، وهو الذي صار إليه الشيخ وخالفه اليزدي وآخرون حيث ارتأى الشيخ ان الملكية حقيقة تكوينية وصفة واقعية أي هي ربط ثبوتي واقعي بين المالك والمملوك وقد كشف عنها الشارع وليست مجرد حكم مجعول وحقيقة اعتبارية صِرفة.
وذلك نظير الخلاف في ان النجاسة هي من الحقائق الواقعية الثبوتية وقد كشف عنها الشارع أو انها لا حقيقة لها إلا اعتبار الشارع، وقد يقرب الثاني الطهارة بالتبعية في يد الغسّال وأدوات الغسل بل وفي ثيابه أيضاً حسب رأي الوالد وكذا طهارة اناء الخمر المنقلب خلّا وطهارة غُسالة الحمام وشبه ذلك فتأمل.
 
من المقربات لكون الملكية صفة واقعية تكوينية
 
وعلى أية حال فان ما ذكره الشيخ من كونه حقيقة تكوينية وصفة واقعية مما لا ريب في إمكانه إنما الكلام في تمامية الأدلة عليه، ويقرّبه للذهن ما وصل إليه العلم الحديث في مباحث الطاقة والأمواج والذبذبات والجاذبية وغيرها إذ لا بُعد في ان يكون بين المالك والمملوك طاقةً رابطةٌ خاصة، ولعلها تكتشف كما اكتشفت الجاذبية وأنواع الطاقات الكهرومغناطيسية وغيرها، لكن هذا مجرد تقريب لدفع الاستبعاد وليس دليلاً فهو كتقريب كون النجاسة أمراً واقعياً باحتمال كونها نوعاً من البكتريا أو الفيروسات التي لا تتطهر إلا بالماء والتي لا تقتلها حتى أقوى المطهرات والمعقمات([5]) وعلى أي فان هذا مجرد تقريب للذهن للاستئناس بهذا الرأي وليس دليلاً كما لا يخفى ولعل مستقبل العلم يأتينا بأدلة نافية أو مثبتة، بل لعل في بعض ظواهر الأدلة دلالات مما نتركه لبحث الطهارة وبحث قادم عن الملكية بإذن الله تعالى.
 
القول بالتفصيل
 
وقد يقال بالتفصيل: وان الملكية صفة واقعية إذا كان سببها تكوينياً كالحيازة وهي اعتبارية محضة إذا كان سببها اعتباريا كالبيع والهبة وغير ذلك، ولعله يأتي تفصيل أكثر لذلك إذا شاء الله تعالى.
وحينئذٍ: فهل يراد بـ(إنشاء تمليك عين بمال) إنشاء الملك الواقعي؟ أو التكويني؟ أو صرف الانشائي؟ وللحديث صلة
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
 
=====================

 


  • المصدر : http://www.m-alshirazi.com/subject.php?id=1973
  • تاريخ إضافة الموضوع : الاحد 13 ربيع الثاني 1437هـ
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 02 / 23