• الموقع : مؤسسة التقى الثقافية .
        • القسم : البيع (1436-1437هـ) .
              • الموضوع : 26- إشكال النائيني على الشيخ بصحة السلب وبمثل الاقرار، والجواب عنه ـ اشكال أعلام عليه: بأنه فكك بين النقل والانتقال، والجواب عنه ـ الاشكال عليه: بان النقل لم يحدث حتى بنظر البائع اذا لم يتعقبه القبول .

26- إشكال النائيني على الشيخ بصحة السلب وبمثل الاقرار، والجواب عنه ـ اشكال أعلام عليه: بأنه فكك بين النقل والانتقال، والجواب عنه ـ الاشكال عليه: بان النقل لم يحدث حتى بنظر البائع اذا لم يتعقبه القبول

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
البيع
(26)
الاشكال على الشيخ: ليس الايجاب بلا قبول بيعاً، والدليل الاقرار
ومنها: ما شكل به الميرزا النائيني على الشيخ بقوله (ولكن يرد عليه (قدس سره) ان محض الايجاب من دون تعقبه بالقبول ليس بيعاً، والذي يدل على ذلك هو انه لو اقر ببيع ماله ثم فسره بانشاء الايجاب فقط وانه لم يصدر القبول من المشتري لم يقبل منه وكان تفسيره بذلك انكاراً بعد الاقرار، ولو كان المفهوم من البيع هو نفس الايجاب الصادر عن البايع لما كان لعدم قبول قوله وجه)[1]
الجواب: الشيخ قد اجاب عن الاشكال وعن دليله
اقول: هذا الاشكال غير وارد على الشيخ فانه نفس كلام بعض من قارب عصر الشيخ ونفس استدلال الشيخ له والذي رده لا حقاً فكان ينبغي ردّ الردّ لا تكرار المردود؛ فان قول الميرزا ( ان محض الا يجاب دون تعقبه بالقبول ليس بيعاً) هو نفس استدلال الشيخ لهذا القول بصحة السلب، واستدلاله بـ( والذي يدل على ذلك هو انه لو اقرّ...) هو استدلال بالمشابه لما ذكره الشيخ من ( ولهذا لا يقال باع فلان ماله الا بعد ...)
والشيخ اجاب عن ذلك كله بقوله (أما البيع بمعنى الايجاب ...) وان (القيد مستفاد من الخارج...) و ( تحقق القبول شرط للانتقال في الخارج...).
والحاصل: ان الشيخ اجاب بان القبول له مدخلية في وجود البيع وتحققه خارجاً لا في مفهومه والبحث في المقام وهو مقام التعريف، انما هو عن مفهومه.
فاتضح بذلك ان عدم قبول انكاره للإقرار ليس لاجل دخول القبول في مفهوم البيع بل لكونه شرط وجوده وتحققه خارجاً، وان الدال على حدوث القبول هو القرينة وهي لحاظ الغرض العقلائي من امثال قوله بعت وغيره فانه بلحاظ الاثر من البيع اذ ليس البحث منطقياً او نحوياً كي تكون العناية على اللفظ نفسه مثلاً.
ويؤكد الإشكال عليه – أي على الميرزا – وعدم ورود اشكاله على الشيخ انه اجاب بـ ((ولا ينقض) بباب الشرط والنذر (لما تقدم) من ان تعلق النذر والشرط به قرينة على كون المراد من متعلقهما هو نفس الايجاب ولو لم يتعقبه القبول من جهة عدم تعلقهما الا بالمقدور وان تعقبه بالقبول ليس مقدوراً للبايع)[2] فانه نفس جواب الشيخ عن وجه انصراف اللفظ الى الايجاب المتعقب بالقبول وهو وجود وعدم وجود القرينة على ذلك فالقرينة على العدم في باب النذر والشرط ما ذكره والقرينة على الوجود في المقام ما ذكره الشيخ من: (قيام القرينة على ارادة الايجاب المثمر) والحاصل انه في كل الموردين كانت القرينة هي الدالة على مدخلية القبول او عدم مدخليته، لا نفس لفظ البيع فليس في حد ذاته، دالّاً على اشتراط القبول ومدخليته في مفهومه ولا دالّاً على العدم فتدبر
الاشكال بان الايجاب والوجوب والنقل والانتقال متحدان ذاتاً فكيف فكك الشيخ بينهما؟
ومنها: ما نقل عن السيد اليزدي وغيره من (أنّ التمليك والتملّك والايجاب والوجوب والكسر والانكسار كلّها من قبيل الايجاد والوجود ولا يعقل الانفكاك بينهما ابداً لما برهن عليه في محلّه من أنّ الايجاد والوجود متّحدان ذاتاً وإنّما يختلفان بالاعتبار وذلك لأنّ التمليك عبارة عن إيجاد التملّك والتملّك وجود له، وكذلك الايجاب ايجاد للوجوب والوجوب وجود له، وكذا الكسر والانكسار، غاية الأمر أنّ التمليك والتملّك والايجاب والوجوب امور اعتبارية وكيف ما كان لا يعقل الانفكاك بينهما، فالآمر الذي يوجِد الايجاب في نظره يوجد الوجوب ايضاً في نظره، وامّا من لا يحصل عنده الوجوب فانه لا يحصل عنده الايجاب ايضاً. وكذا الحال في التمليك فانّ من يوجده عند نفسه يوجد التملّك ايضاً ومن لا يوجد في نظره التملّك فلا يوجد عنده التمليك ايضاً. وبالجملة انّ كلّ من حصل عنده احدهما فقد حصل عنده الآخر ايضاً، ومن لم يحصل في نظره احدهما لم يحصل عنده الآخر ايضاً، فلا يعقل التفكيك بينهما، فلا معنى لتفكيكه (قدس سره) بين الايجاب والكسر، مع انّ كليهما من باب واحد وكلاهما من قبيل الايجاد والوجود.
ففي المقام كما اعترف به (قدس سره) التملّك والوجوب لا يحصلان عند العقلاء والشارع بمجرد الايجاب، فلا يحصل عنده التمليك والايجاب ايضاً لما عرفت من برهان الاتّحاد بينهما )[3]
الجواب: الشيخ فكك بين النقل بنظر البائع والانتقال بنظر الشارع
اقول: هذا الاشكال غير وارد ايضا على الشيخ فانه حتى وان قبلنا المبنى من انها صغريات الايجاد والوجود وان الايجاد والوجود متحدان ذاتاً مختلفان اعتباراً[4]، فانه غير وارد اذ ان الشيخ لم يفكك بين الايجاد والوجود او بين النقل والانتقال والتمليك والتملك في نظر الآمر نفسه او البائع نفسه، أو العقلاء والشارع بنفسه، ولو كان فكك لورد عليه الاشكال (على المبنى) لكن الشيخ فكّك بين الايجاب والنقل والتمليك بنظر البائع من جهة وبين الوجوب والانتقال والتملك بنظر الشارع من جهة أخرى، ولو كان فكك بين الايجاب والوجوب، وكذا أخويه، بنظر البائع، او فكّك بينهما بنظر الشارع لورد عليه الاشكال بانه لا يعقل التفكيك بين الايجاب والوجوب.
توضيحه: ان ههنا اموراً اربعة: الايجاب والتمليك بنظر الآمر و البائع و الوجوب و التملك بنظرهما[5] ثم الايجاب و التمليك بنظر الشارع (او العقلاء) والوجوب والتملك بنظره أي الشارع ايضاً، وقد ذكر الشيخ الاول والرابع وطوى ذكر الاوسطين فخفي على الاعلام مراده فاشكل عليه بانه فكك بين الايجاب والوجوب والفعل والانفعال والتفكيك محال، والحال انه إنما فكك بين الاول والرابع (أي الايجاب والتمليك بنظر البائع والوجوب والتملك بنظر الشارع)[6] مع التزامه بالتلازم بين الاول والثاني بنظر البائع، وبين الثالث والرابع بنظر الشارع فكأنه قال: انه يمكن التفكيك بين تحقق البيع والتمليك والنقل بنظر البائع (وتحقق الانتقال والتملك والشراء بنظره ايضاً ، وهذا هو المطوي في كلامه والمبني عليه كلامه ايضاً) وبين تحقق الشراء والتملك والانتقال في الخارج أي بنظر الشارع لانه المرآة له حقيقة فلا يتحقق بنظره (ويلزمه عدم تحقق البيع والتمليك والنقل ايضاً بنظره – أي بنظر الشارع ايضاً – وهذا هو المطوي ايضاً في كلام الشيخ والمبني عليه كلامه ايضاً.)
وهذا هو مفاد كلامه وهو واضح جداً لمن تدبّر في قوله (نعم تحقق القبول شرط للانتقال في الخارج لا في نظر الناقل) بل تعليله بـ(اذ التأثير لاينفك عن الاثر) صريح فيما ذكرناه اذ كيف يصرح بان التأثير لا ينفك عن الاثر ثم يفكك؟ بل مراده التأثير بنظر البائع لا ينفك عن الاثر بنظره ففي نظره كلاهما قد حصل (التأثير المساوي للنقل والبيع والتمليك والاثر المساوي للانتقال والشراء والتملك) كما انه في نظر الشارع لم يحصل أي منهما.
النقل لم يحصل، ولا الانتقال، حتى بنظر البائع، لعدم حصول القبول
ومنها: - وهذا هو الذي يرد على الشيخ ظاهراً – ان النقل لم يحصل حتى بنظر البائع اذ انه هو ايضاً يراه متوقفاً على القبول وهو الذي – لعله – اشار اليه الشيخ بقول فتأمل.
والحاصل: انه سواء أقلنا بانه يصح التفكيك بين الايجاب والوجوب (أي الايجاب بنظر الناقل والوجوب بنظر الشارع) ام قلنا بانه لا يصح التفكيك بينهما في النظرين فكيف في النظر الواحد، الا ان ذلك كله غير مجدي اذ انه اجنبي عن جهة البحث أي عن وجه دفع الاشكال اذ الفرض في المقام ان البائع ايضاً يرى انه لا يحدث نقل ولا انتقال ما لم يحدث القبول فحدوث القبول شرط لحدوث النقل والانتقال معاً بنظر الشارع كما هو شرط لحدوث النقل والانتقال بنظر البائع فالبحث في عالم الوقوع اذاً وليس في عالم الامكان والامتناع.
نعم، يستثنى من ذلك صورة نادرة – حيث كان البحث عن الوقوع لا الامكان – وهي ما لو كان الناقل يرى تحقق النقل والانتقال حتى من دون تحقق القبول بان كان يرى انشائه علة للتمليك والتملك، أي كان يرى العقد ايقاعاً، فانه، بنظره لا يشترط القبول في الانتقال لكنه في نظره ايضاً لم يفكك بين النقل والانتقال بل رأى حدوثهما معاً لأنه لا يرى مدخلية القبول حتى في وجود و تحقق البيع والنقل والانتقال، لكن هذا نادر الا انه ممكن ولعله واقع فانه نظير الغاصب والسارق الذي يعلم بانه غير مالك لكنه مع ذلك يبيع المغصوب والمسروق ويُنشأ البيع ويرى حصول النقل والانتقال حقيقة[7] ولا يفكك بينهما ، فانه قد بنى على عدم اشتراط المالكية الشرعية او العقلائية في صحة نقله وصحة الانتقال بنقله. فتأمل جيداً.
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
========================

 


  • المصدر : http://www.m-alshirazi.com/subject.php?id=1923
  • تاريخ إضافة الموضوع : الثلاثاء 3 ربيع الاول 1437هـ
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 02 / 23